وكان الشيخ مبارك رحمة الله يخشي أن لا يرجعوا للكويت وان يتبعهم تجار آخرين ممن لهم علاقة بهم وعندها يصعب التحكم في ذلك و أراد أن يتدارك الخطأ و لذلك أرسل الوفدين لشملان ومن معه يطلب منهم العودة إلي وطنهم الكويت فوافق الجميع العودة مع المرحوم شملان الذي كان موقفة فيه الكثير من الحرج حيث ان من ضمن الوفد أخيه الكبير حسين بن على آل سيف رحمه الله وهو من وجهاء الكويت ولكن شملان أراد استشارة إخوانه إبراهيم وهلال في البحرين فذهب للبحرين مع الشيخ سالم المبارك رحمه الله .
وفي البحرين طلب المرحوم هلال أن يكون الاجتماع أن يكون في مجلس حاكم البحرين المرحوم الشيخ عيسي بن علي آل خليفة رحمه الله وطلب أن يتعهد له الشيخ عيسي بأن لن يتعرض له احد عند العودة للكويت فوافق الشيخ عيسي رحمه الله وأن لا يجري له شي واشترط هلال رحمه الله شرط كبيراً ألا وهو "أن الذي يرشني بماء ترشونه بدم " أي من يتعرض لي ويؤذيني في الكويت يتم إنزال فيه اقسي العقوبات وتردد الشيخ سالم رحمه الله وقال اذهب للكويت و استشير والدي.
الشيخ سالم المبارك رحمه الله
فعاد الوفد ومعه شملان بن على آل سيف وإبراهيم المضف ولما وصل الكويت ابلغ الشيخ سالم والده الشيخ مبارك رحمهم الله جميعا الذي لامة في عدم البت فيها ثم أمر الشيخ مبارك لابنه أن يكتب رسالة لهلال يخبره فيها موافقته على شرط هلال في مجلس الحاكم في البحرين وكان الشرط أراد منه هلال رحمة الله الحيطة والحذر خشيته أن يمكر به الشيخ مبارك رحمه الله وان يهان فور وصولة الكويت .
وكانت رسالة قد وصلت للشيخ جابر ابن الشيخ مبارك رحمهم الله جميعاً من المرحوم هلال إثناء كتابة الشيخ سالم للرسالة يعتب بها على الشيخ مبارك لإصغائه لكلام خدامة وذمهم له ويقول هلال في انه وهب كل ما يملك من ابل وغنم وحلال للشيخ جابر وانه سوف يكلف أحد من أصحابة بنقل عائلته للبحرين للسكن فيها ، وأستاء الشيخ مبارك من رسالة هلال واتسعت شقة الخلاف بينهما وكان مبارك رحمه الله لم يمنع عائلة هلال من السفر إليه وهنا تدخل المرحوم شملان بن علي رحمه الله وقال للشيخ مبارك رحمه الله "انك مخطئ بالسماح لعائلة هلال بالسفر إليه المفروض أن تمنع عائلته من السفر إليه لكي يعرف أهل الكويت انك ترغب في عودة هلال للكويت" وتبين له أن وجود هلال في البحرين له ضرر على الكويت فثروة هلال رحمه الله كبيرة فالكويت تنتفع من ثروته في ذاك الوقت حيث كانت ثروة ثمانية ملايين روبية وهي مبلغ خيالي في ذاك الوقت هذا غير زكاة أمواله رحمه الله التي تخرج كل عام وهي خمسين ألف روبية هذا بالإضافة إلي أن بقائه في البحرين قد يكون مبرر لمن يريد الهجرة لها من تجار الكويت مستقبلا وأن لا يتم التفريط بالمرحوم هلال مهما كان السبب وقال شملان للشيخ مبارك أكتب لهلال رسالة رقيقة رد على رسالته يطلب فيها العودة اللي الكويت.
وافق الشيخ مبارك رحمه الله ورأي أن وجهة نظر شملان صائبة وقال له " ما مضي فات فيما بعد سأبحث بحل مرضي " وقرر الشيخ مبارك أنة لا يتم ما يريد ألا بالسفر بنفسه اللي البحرين على يخته الخاص(مشرف) وكان ذلك في سنة 1911 ميلادي برفقت كلن من:
1. المرحوم إبراهيم المضف رحمه الله.
2. المرحوم شملان بن على آل سيف رحمه الله.
ومن ضمن الوفد وجهاء من الكويت وكانت مهمة الوفد الرسمية هي زيارة أمير البحرين المرحوم عيسي بن على آل خليفة رحمه الله ووصلوا إلي البحرين وقال الشيخ مبارك لشملان وإبراهيم إجتمعا مع هلال وهل له الرغبة في العودة لوطنه الكويت أم لا ؟
ووافق هلال رحمه الله ولكن بشرط أن يرضيه الشيخ مبارك عند الشيخ عيسي بن على آل خليفة وقبل الشيخ مبارك رحمه الله بالشرط فاجتمعا في مجلس الشيخ عيسي الخاص وحضرة المرحوم أبناء أمير البحرين و شملان وإبراهيم ووجهاء الكويت الذين كانوا برفقة الشيخ مبارك وقال رحمه الله الشيخ مبارك :-
لا بد أن تعود للكويت وستجد كل تقدير وإكرام ، وعاد الشيخ مبارك رحمه الله إلي الكويت وكان في انتهاء موسم الغوص في أغسطس 1911 ميلادي وقد مضي على هلال خارج الكويت سنة وشهراً وبعد ذلك إنطوت أزمة رحيل تجار اللؤلؤ حيث أن الكويت في ذلك الوقت تعتمد اعتماد كلي على تجار الؤلؤ في تقديم المساعدات المادية والمعنوية للحاكم في ذاك الوقت .
المرحوم هلال والمرحوم شملان رحمهم الله
*عندما وصلت رسالة مبارك لهلال فجحان المطيري قيلت هذه الأبيات المشهورة وصاغها المرحوم عبدالله بن هــولان المطيري الجبلي يمدح فيها الشيخ عيسي والشيخ مبارك رحمهم الله جميعاً وهي علي النحو التالي:
*حي الكتاب اللي به الوشم ممهور حيّه وحي الطارشا اللي لفابه
من شيخنا اللي بالأقطار مشهورالشيخ أبو جابر عدو الحرابه
*جاني وحطيته على الرأس ما بور ولا عندي الا قولة مرحبا به
أدناالقلم وإكتب كما الدر مسطور رد لأبونا يوم جانا كتـابــه
*سلام أحلى من لبن شمخ الخوراللي لذيذ بالمعاش شـــرابه
وإعرف ترى أن العبد منهي ومأمـور ومدبر لين يتكامل إحسابه
*دنياك هذي كل يوملها دورتقبل عليك وعينها بانقلابه
يـوم تفوز ويوم تنكس بحادور ويوم تلين ويوم فيها صلابه
*ياشـيخ ما رحنا بهسه و محقـور ولا من جواب خافي ما درابه
رحنا نبي الطولات والعز وسرور والعز ياشيخ العرب ودّنـا به
*العز لو انه على رأس عنقور يفرح بهالخاطر ولو هو خرابـه
ماني من اللي قاصر الشبر مثبوراو قاصر ماله عشـيره ولابه
*ربعي مطير مطوعة كل مصطور كم واحد خلوه ينقل صـوابه
وكم واحد فاجوه مع شقة النور خلوه عقب النــوم يرمي ثيابـه
*حلايبه راحت مع الخيل دعثور زود على المظهور شالو زهابه
ربعي حرار تودع الريش منثور وكم واحد عشوه سحم الذيابه
*أشيل حمل جنبوا عنه واثـور وازود فوق الهقوه اللي هقابه
لاشك عند الشيخ مانيب مشكور افعل جميل ولا يلقيه جابه
*كني مفرّ غقربته باوسط الخور يدفق صميله والبحر ما درابـه
أنا صبرت وراعي الصبر مأجورواللي صبر يرجي منالله ثوابه
*ونحرت ربعن من قديم لهم دورهم الخليفه عزهم ينحكا بـه
الشيخ عيسى حاكم البر وبحورهو خيّــر كل القبايل تهابه
*جمع ثلاث خصال نورعلى نور حاش الديانه والصخى والحبابه
هذا واناما قلت زله ولا زور ولا خير في رجـل يزل بجوابـه
*تمت وصلى الله على صاحب النورعداد مازاروا قبورالصحابه
واعداد ما شـفنا من القاع ممطورعلى محمد عد ماطر سحابه
المرحوم هلال فجحان المطيري رحمه الله
الخلاصة : أرجو أن أكون وفقت بذكر أحد أهم الازمات الاقتصادية التي حدثت في تاريخ الكويت قديماً وهي هجرة تجار اللؤلؤ في الكويت والتي انطوت بحكمه أهل الكويت وتسامحهم ، مما يدل على عمق علاقة أهل الكويت بحكامهم منذ القدم حيث كانت ولا تزال مبنية على الاحترام والثقة والتشاور فيما بينهم رحمهم الله جميعا وحفظة الله الكويت وشعبها من كل مكروه .
*المرجع بالتصرف: كتاب العم سيف مرزوق الشملان تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي الجزء الثاني.
*المفردات :التي وردات في رسالة الشيخ مبارك رحمه الله كتبت باللغة العامية الدارجة قديما وهي علي النحو التالي:
1. الفواية : المقصود بها الإشاعة.
2. خط : الرسالة وهي كلمة قديمة.
3. تباركت : تزوجت "حيت أن المرحوم شملان تزوج من كريمة احدي الأسر في جزيرة جنة من العماير وأنجبت له اثنين من الأبناء وهم المرحوم حمد بن شملان وسلمان بن شملان رحمهم الله جمعياً".
4.تعلي : تسافر عن طريق البحر