أجاثا^كريستي
New member
شلونكم كويتيات شخباركم أتمنى أنكم بخير .... وانكم تضلون بخير بعد ماتدخلون في عالمي عالم الرعب الاسود ... أنتو كلكم هنيه تجمعتو,,, خليكم يم بعض ,,لاتخلون مسافات بينكم لانى ماأضمن لكم شنو ممكن يجي بينكم !!!,,,, بطلتو الليت,,,لا تبطلونه شرايكم بالإضاءة الخفيفة,,,, وسكرو الدريشة اللي وراكم ,,,تعالو حبايبي تجمعو حوالي ,,, الحمد الله كلكم موجودين خلاص بقص لكم القصة الأولى ,,,وإذا شفت إنكم بخير وقلوبكم ليما الحين حديد بقص لكم القصة الثانية وهلما جرا,,,,ليما انتو اللي تقولون لي وقفى ,,,أو أشوف حالة إغماء بينكم بطلعكم بره الغرفه وأسكر علي وعلى كل وحده تدعي القوة
سوف أدخل في صميم الموضوع مباشرة بلا تمهيد ولا مقدمات,,, سوف أقص عليكم سلسلة من الأحداث الغريبة التي حدثت في قصر كاسترنهام التاريخي بأقليم سافولك في شرق إنجلترا-تاركا لكم الحكم عليها...نحن الآن في عام 1960 وفي ذلك العام كانت المنطقة التي يقع فيها القصر مسرحا لعدد من محاكمات السحرة...وقد ساهم قصر كاسترنهام ذاته في تقديم إحدى الضحايا إلى المشنقة...وكانت هذه الضحية تدعى مسز موذرسول , وكانت تختلف عن غيرها من الساحرات الريفيات بيسرها المادي ومركزها الإجتماعي الطيب....وقد بذلت جهود كثيرة لإنقاذها من جانب كثير من كبار المزارعين في المنطقة ممن أحسنوا الشهادة في حقها وأشاروا بخلقها , ولكن كانت أخطر شهادة ضدها تلك التي تقدم بها السير ماينوفال مالك القصر وقتئذ , إذ قرر في شهادته بأنه راقبها في ثلاث مناسبات مختلفة من نافذته في ضوء القمر وهي تجمع الفروع من شجرة الدزدار الضخمة الملاصقة للقصر,, قال إنها كانت تتسلق أغصان الشجرة لا يسترها سوى قميص وكانت تقطع أغصانا قصيرة بمدية غريبة الشكل , وكانت وهي تفعل هذا تكلم نفسها بكلام غريب...وفي كل مناسبة من المناسبات الثلاث كان السير ماتيو يبذل جهده للقبض على المرأه ... ولكنها كانت تفلت منه دائما ... وكل ماكان يراه عند نزوله إلى حدائق القصر الكبيرة هو أرنب بري يجري في المروج المنبسطة في إتجاه القرية ...
وفي الليلة الثالثة بذل السير ماتيو أقصى جهده لمتابعتها أقصى سرعه ممكنه حتى وصل إلى مسكنها مباشرة ...لكنه ظل يدق باب المسكن نحو ربع ساعه قبلما فتح الباب وخرجت إليه مسز موذرسول وهي مستاءة وممتعضة من أثر النوم فيما ظهر له وأنما قامت لتوها من الفراش ... ولم يجد عذرا مقبولا يفسر لها سبب زيارتها الطارئة ,,وعلى أساس هذه الشهادة وحدها,,,معززه بشهادات لا تقل عنها غرابة أدلى بها بعض أهل القرية , أصدر المحلفون قرارهم بإدانة مسز موذرسول وحكم بإعدامها,, وقد نفذ فيها حكم الإعدام بعد إسبوع من موعد المحاكمة , مع ست ساحرات أخريات أوقفهن سوء حظهم في هذا الموقف التعس....
وقد تهيأ السيد ماتيوفال الذي كان يشغل منصب نائب الشريف في المقاطعه أن يشهد تنفيذ حكم الإعدام.. وكان يوما كالحا مطيرا من أيام مارس عندما أخذت العربة التي تقل المحكوم عليهم تتدرج في سفح الجبل إلى مكان المشنقة ...وكانت النساء الأخريات المحكوم عليهن في شر حال من الإنهيار والتعاسة,,ولكن مسز موذرسول أثبتت في موتها كما كانت في حياتها أنها من جنس آخر..فقد ظهرت للعيان بادية الغضب والنقمة حتىأرعب منظرها جميع الموجودين ومنهم الجلاد نفسه , وقالوا أنها كانت صورة مجسدة للشيطان في سعاره وضراوته ..ومع ذلك فإنها لم تبد أدنى مقاومة للجلاد ومساعدته,, وكل مافعلته هو أنها قالت وهي ترمي الجميع بنظرة تقطر سما وضعه: سوف يهبط عليكم ضيوف في القصر ....
وقد ظلت تكرر كلماتها الغريبة أكثر من مره قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيره ...أو ...حتى لفظت أنفاسها الأخيرة..
****************
والواقع أن السير ماتيو لم يتسطع أن يكتم تأثره مما حدث وفي عودته إلى القصر بصحبة القس كروم ..قال إن العملية كلها كانت كريهه لديه ,,ولكنه فعل ما رآه واجبا عليه.
فلم يجد القس إلا أن يطيب خاطره بكلماته كما هو معتاد في مثل هذا الموقف..وفي ليلة مقمرة من ليالي شهر مايو تقابل القس والسير ماتيو في منطقة الحدائق المترامية وسارا معا إلى القصر ...وكانت الليدي ماتيو غائبة بزيارة أمها التي اشتد عليها المرض, فدعا النبيل رفيقه إلى العشاء معه...فلم يمانع القس من تلبية الدعوه..وبعد العشاء سار صاحب القصر مع ضيفه مودعا وكانت الساعه تناهز العاشرة ليلا وعند مرورهما بشجرة الدردار الضخمة الملاصقة لمبنى القصر توقف السير ماتيو فجاه قائلا: ماهذا الذي أراه يجري صعودا وهبوطا فوق جذع الشجرة؟ ليست السناجب هي التي تفعل هذا فإنها تأوى إلى جحورها قبل هذا الوقت... فتطلع القس ورأي الجسم المتحرك..لكنه لم يستطيع أن يميز صورته على وجه التحديد في ضوء القمر,,وإن أنطبع في ذهنه أن هذا الجسم بدأ لعينيه وكأنه له أكثر من أربع أرجل...
وعلى أي حال فإن الأثنين لم يقطعان برأي حاسم في الصورة التي تراءت لهما وافترقا .. وقد شاءت المقادير ألا يلتقيا مره ثانية...
ففي اليوم التالي لم ينزل السير ماتيو من غرفة نومه من الساعه السادسة صباحا كعادته ..واستمر غيابة حتى الثامنة ..فصعد الخدم إلى الغرفه وطرقوا مرارا دون جدوى ..وعندما أشتد بهم القلق فتحوا باب الغرفه من الخارج فوقعت أنظارهم على صاحب القصر ميتا في فراشه مسود الوجه...ولم تظهر لهم أية آثار في الجثة تشير إلى حدوث عمل من أعمال العنف ولكن نافذة الغرفه كانت مفتوحه .. وقد دعي القس كروم إلى القصر على الآثر ,, فأشار بإبلاغ المحقق الرسمي ..كما دعي الطبيب الشرعي لفحص الجثة ..لكنه عجز عن تفسير ظاهرة الانتفاخ والتفحم التي شملت الجثمان....واستبعد إحتمال أي سم للمتوفي..كما أن النافذة المفتوحه لم يكن بها أي أثر لفتحها بالقوة , خصوصا وقد كان من عادة السير ماتيو تركها مفتوحه ليلا في مثل هذا الوقت من السنة..
وإزاء هذا العجز عن تفسير وفاة السير ماتيو على هذه الصورة الغامضة لم يجد المحقق إلا أن يأمر بدفن الجثة بعد إحتفال جنائزي مهيب...وانتقلت ملكيت القصر والضياع الملحقة به إلى ولده السير ماتيو الثاني , فكان ذلك ختام الحلقة الأولى فيما عرف بإسم فاجعه قصر كاستر نهام...
***********************
جدير بالذكر أن الوريث الجديد لم يقطن نفس الغرفة التي شهدت موت أبيه ...ولم يحدث في حياته من الأحداث المثيرة سوى إنتشار مرض غامض بين مواشي ضيعته كاد يقضي عليها لولا أنه سارع بإيوائها داخر الحظائر المسقوفة ليلا مما خفف من الكارثة..وقد عرف هذا المرض بين مزارعي الأقليم وقتئذ بإسم (وباء كاسترنهام) ...
ثم توفى السير ماتيو الثاني عام 1735 وآل الميراث واللقب إلى ولده السير ريتشارد ..وقد رأي الوارث الجديد أن يعمل على توسيع كنيسة الأسرة القائمة في الطرف الشمالي للضيعه , وأدى هذا إلى إزالة عدد من قبور الموتى المجاورة,,وكان بينهما قبر الساحرة التي كان بعضهم يتذكر أمرها سوف تستخرج جثتها من القبر ...ولم يلبث هذا الإهتمام أن إستحال إلى دهشة وقلق حينما عرف أن التابوت الذي يحتوي على جثتها رغم أنه بدا في حالة لا بأس بها ولم يحطم إلا أنه لم يعثر فيه على أثر للجثة أو حتى العظام أو الرفات....والواقع أن هذا الحادث أعاد إلى الأذهان جميع القصص التي كانت تدور حول محاكمة السحرة ومغامرات الساحرات بعد أن ظلت راكده نحو أربعين عاما حتى أن الاوامر التي اصدرها السير ريتشارد بوجوب حرق التابوت , عدت موصوفة بالجرأة والتهور وان كان ذلك لم يمنع من تنفيذها على الفور...ثم حدث بعد ذلك أن استيقظ السير ريتشارد ذات صباح (وكان ذلك في عام 1754) بعد ليلة تؤرقة , اشتد فيها عصف الرياح مقترنا بصفق غريب في النافذة إستمر طوال الليل ..حتى قرر هجر هذه الغرفة وإختبار غرفة أخرى لنومه...
وقد أمضى السير ريتشارد ساعات الصباح وهو يتنقل بين غرف القصر يبحث عن غرفة النوم الملائمة التى توافق هواه دون جدوى..وأخيرا قالت له مشرفة القصر وقد أعيتها الحيل.!
-أنت تعرف يا سير ريتشارد أنه لاتوجد في القصر سوى غرفة واحده تصلح لهذا الغرض , إذ أنها ليست شرقية لئلا توقظك الشمس مبكرا وهي بعيدة عن طريق الخدم كما تريد...
فقال السير ريتشارد :_ وأين هذه الغرفة؟
-هي غرفة المرحوم السير ماتيو ..الغرفة الغربية...
-حسنا...لتكن هذه الغرفة مكانا لنومي هذه الليلة ..أين هي؟
- آه .....من هنا ....
واتجه إليها مسرعا ..فقالت المشرفة:_
-لكن يا سير ريتشارد لم ينم أحد في هذه الغرفة منذ أربعين سنة ولم يتغير هوائها منذ أن توفى السير ماتيو فيها!!
-هيا هيا ...إفتحي الباب يا مسز تشيروك..علي الأقل سوف أفحص الغرفة..
وهكذا فتحت الغرفة ,,وكانت رائحتها محبسة عطنه ..فتقدم السير ريتشارد إلى النافذة وفتح مصرعيها على سعتهما قائلا:
-جددي هواءها طول النهار يا مسز تشيروك, ثم إنقلي إليها أثاث غرفة نومي بعد الظهر ..لا أريد معارضة من أي نوع ..لقد أصدرت أوامري ولابد من التنفيذ
وانشغل السير ريتشارد بعد ذلك بالضيوف الذين دعاهم للصيد في ضيعته ..وكان بينهم أسقف كليمون والليدي هيرني والسير وليام كنتفليد , وآخرون غيرهم من عليه القوم ..وتناولوا الغداء وأديرت عليهم كؤوس الخمر المعتقة ولعبو الورق وتناولو العشاء ثم تفرقوا في النهاية للنوم كل في الغرفة التي أعدت له,,وفي الصباح لم يبد السير ريتشارد ميلا لحمل بندقيته والصيد مع ضيوفة ...وتنقل في القصر لتبادل الحديث مع أسقف كلمور ..وبينما هما يقومان بجولة في حدائق القصر قال الأسقف مشيرا إلى نافذة الغرفة الغربية ..
-لو عرض على أحد من أبناء أبرشيتي أن يشغل هذه الغرفة لما أرتضى هذا بأي حال يا سير ريتشارد
-وما السبب يا سيدي الأسقف؟....الواقع أنها غرفة نومي الخاصة..
-الحقيقة أن المزارعين من أبناء القرية يعتقدون أن النوم في غرفة تجاورها شجره الدردار يجلب النحس..ونافذتك لا تبعد أكثر من ياردتين من هذه الشجرة. وأضاف الأسقف وهو يبتسم
-وربما كانت الشجر قد أضفت عليك شيئا من نفحاتها , فإنني أراك غير موفور النشاط مثل باقي الضيوف..إذا جاز لي أن أقول هذا.
-اعترف أن هذا أو شيئا آخر غيره قد حرمني النوم من منتصف الليل حتى الساعه الرابعه صباحا ,,ولكن الشجرة لابد من إزالتها غدا..وهكذا لن أسمع شيئا عنها بعد الآن...
-إنني أمتدح قرارك يا سير ريتشارد - فإنه ليس مما يطابق الصحة أن تستنشق هواء تنفثه كل هذه الشبكة الهائلة من الأغصان والأوراق..
قال ريتشارد:
-أظنك لديك الحق في هذا يا سيدي الأسقف ..لكن نافذة غرفتى لم تكن مفتوحه في الليلة الماضية وإنما السبب هو تلك الضوضاء الغامضة التي إستمرت وقتا طويلا ..والتي أعتقد أم مصدرها إحتكاك الأغصان بزجاج النافذة مما أبقى عيني مفتوحتين..
قال الأسقف:_
-لا أعتقد أن هذا هوالسبب يا سير ريتشارد ..فإن أقرب الأغصان لها يمكن أن تلمس النافذة كما ترى هذا بنفسك اللهم إلا في وقت عاصفة ..ولم تحدث عاصفة من هذا القبيل في الليلة الماضية ..إن احتكاك الأغصان تبعد عن النافذة مسافة قدم..
-أصبت يا سيدي الأسقف ..ترى إذن ماذا كان مبعث ذلك الحفيف والصليل اللذين استمرا تلك الساعات؟...وما سبب تلك الخطوات والعلامات التي رأيتها تملأ الغبار المنتشر على حافة النافذة!
وبعد طول نقاش إستقر رأيهما على أن السبب لابد من أن يكون مبعثه الجرذان التي تسلقت الأغصان من جحورها الأرضية كان هذا هو رأي الأسقف في الواقع ..وقد تلقفه السير ريتشارد ووافق عليه..
وجاء الليل وتفرق الضيوف إلى حجرات نومهم بعد أن تمنوا للسيد ريتشارد ليلة طيبة..(فهل هذا ممكن..أم..).
*******************
نحن الآن في غرفة نوم السير ريتشارد التي أطفئ نورها , ورقد "النبيل" في فراشه, ....كانت الغرفة فوق المطبخ , والليلة حارة ساكنة الهواء,,وهكذا تركت النافذة مفتوحة..
ومن حول الفراش كان الضوء يسيرا..ولكن كان ثمة حركة غريبة .. كان يبدو وكأن السير ريتشارد يحرك رأسه يمنه ويسره حركة سريعه متلاحقة دون أن يصدر عنه صوت يذكر..ومن خلال الظلام المضئ أو الضوء المظلم كان يخيل للرائي وكأن عدة رؤوس مستديرة وأقرب إلى السمرة كانت تتحرك أماما وخلفا حتى أعلى الصدر...
يا له من خداع بصري مريع..
هل كان في الواقع شيئا غير هذا؟
لم يلبث أن وقع من الفراش جسم طري خفيف مثل قطة صغيرة ثم مرق من النافذة في لمح البصر ..وتلاه ثان..وثالث..ورابع..وبعد ذلك سادس من جديد..
حدث للسير ريتشارد ماحدث للسير ماتيو من قبل..إذ وجدوه في الصباح ميتا-مسود الوجه..وتجمع أسفل النافذة ضيوف الفقير عندما بلغهم النبأ المحزون ووقفوا شاحبي الوجوه واجمين تذهب ظنونهم كل مذهب..
واستدعى نظر أسقف كيلمور وهو يتطلع إلى الشجرة وجود قط أبيض جثم بين الأغصان السفلى مسلطا نظره على تجويف أحدثه تعاقب الزمن في جذع الشجرة..كان القط يراقب شيئا داخل الشجرة بإهتمام وتركيز , وفجأه انتصب القط الأبيض وأطل برأسه فوق التجويف ولم يلبث جزء من الحافة التي وقف فوقها أن هبط من تحته , فهوى القط داخل التجويف واختفى في لمح البصر وتطلع الجميع شاخصين بأبصارهم إلى مصدر السقطة وما اقترب بها من جلبة..ومعروف لكل إنسان أن القط يموء ..ولكن من سمعوا مثل تلك اليحه التي إنبعثت من تجويف الشجرة الضخمة ..صيحتان أو ثلاث هي كل ما صدر من جذع الشجرة..وإن كان الشهود لم يستطيعوا الجزم بدقة ثم أعقب ذلك حركة مكتومة أو صراخ مختنق , وبعد ذلك ساد السكون التام..
ولكن الليدي ماري هيرني أغمي عليها في الحال..وسدت مشرفة القصر أذنيها وهي تفر مذعورة حتى سقطت مغشيا عليها..أما أسقف كليمور والسير وليام كنتلفيد فقد بقيا مكانهما ..ومع ذلك فقد تملكهما الوجل, وان كان ذلك بسبب صيحه القط..إبتلع السير وليام ريقة مره أو أثنتين,,قبلما إستطاع الكلام قائلا:_هناك في هذه الشجرة يا سيدي الأسقف شيء يبدو فوق أفهامنا ولابد لنا من البحث..
وهذا ماتم الإتفاق عليه فعلا ..ولهذا الغرض جيء بسلم صعد عليه أحد عمال الحدائق الذي أخذ ينظر إلى داخل التجويف دون أن يميز شيئا أكثر من وجود جسم يتحرك حركة خفيفة فجاءوا بمصباح وربطوه بحبل ليلقوه داخل التجويف..
وقال السير وليام:_لابد لنا من إماطة اللثام عن هذا اللغز ..أراهن بحياتي يا سيدي الأسقف في سر هذه الميتات الأربعه يكمن هنا!..
وصعد البستاني إلى مكان التجويف وأدلى المصباح بحذر وتطلعوا إلى وجهه في الضوء المصفر وهو ينحني لينظر إلى داخل التجويف ..فرأوه وقد إرتسمت عليه أشد علامات الرعب قبل أن يصيح صيحه هلع مخيفة ثم هوى من فوق , ومن حسن حظه أن بعض الأيدي تلقفته قبل أن يقع على الأرض تاركا المصباح يسقط داخل التجويف .زلقد راح الرجل في غيبوبة ثقيلة أليمة,,وانقضت فترة طويلة قبل أن يستطيعوا أن ينتزعوا منه أي كلام..وفي هذه الأثناء كان هناك شيء آخر يستدعي أنظارهم ..فإن المصباح تحطم في قاع التجويف وأمسكت ناره بالأوراق الجافة والقمامة الكامنة بداخلة وماهي إلا دقائق حتى أخذ دخان كثيف يتصاعد منه , ثم أعقبته ألسنة لهب وبعد برهه كانت الشجرة شعلة من النيران..
أحاط المشاهدون بالشجرة على مسافة مناسبة بينما أرسل السير وليام رجالا لإحضار ما يستطيعون إحضاره من الأدوات والأسلحة..ذلك أن الكائن الذي يتخذ من تجويف الشجر وكرا له مهما تكن طبيعنه لابد أن تضطره النيران إلى الخروج ..وقد حدث هذا فعلا..فقد شاهدوا ,,عند إستخدام شوكة الزراع , جسما مستديرا اغطية النيران..في حجم رأس الرجل يظهر للعيان فجأة ثم يهوي ويقع مرتدا إلى مكانه .. وقد تكررت هذه المحاولة خمس أو ست مرات - ثم قفز جسم مكور مماثل في الهواء وسقط فوق الحشائش حيث همدت حركته بعد لحظة.
فاقترب السير وليام من هذا الجسم بقدر ما واتته الشجاعه فرأى ما بدا أنه بقايا عنكبوت هائل الحجم ..محروق ومتفحم..
ومع إضطرام نيران الحريق وامتدادها إلى سائر أركان التجويف أخذت أجسام أخرى في تجويف الشجرة تخرج وقد بدت مكسوة بشعر داكن مغبر..
وقد ظلت الشجرة الضخمة تلتهمها النيران طول النهار ومالبث الرجال يحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم وهم يقتلون من جرافها وبعد فترة طويلة إنقطع ظهور الكائنات وأخذوا يفحصون جذورها بأتم حذر..
وفي هذا قال الأسقف كيلمور يصف ما حدث:
-إنهم وجدوا تحت الشجرة حفرة مستديرة في بطن الأرض كان فيها إثنان أو ثلاث من هذه الكائنات ماتت مختنقة بفعل الدخان فيما يبدوا
ولكن كان الأغرب والأهول من كل ذلك هو أنهم ..عثروا على هيكل كائن بشري مستند إلى الجدار وبدا جلده ملتصقا بالعضام يابسا متقلصا..تعلوا جمجمته بقايا شعر أسود وقد قال الذين فحصوا الهيكل أنه جسد إمرأة ماتت نحو خمسين عاما
القــــصة الأولى بعنوان: فــــــزع الســـــــحـــــــــــر الأســـــــــــود
سوف أدخل في صميم الموضوع مباشرة بلا تمهيد ولا مقدمات,,, سوف أقص عليكم سلسلة من الأحداث الغريبة التي حدثت في قصر كاسترنهام التاريخي بأقليم سافولك في شرق إنجلترا-تاركا لكم الحكم عليها...نحن الآن في عام 1960 وفي ذلك العام كانت المنطقة التي يقع فيها القصر مسرحا لعدد من محاكمات السحرة...وقد ساهم قصر كاسترنهام ذاته في تقديم إحدى الضحايا إلى المشنقة...وكانت هذه الضحية تدعى مسز موذرسول , وكانت تختلف عن غيرها من الساحرات الريفيات بيسرها المادي ومركزها الإجتماعي الطيب....وقد بذلت جهود كثيرة لإنقاذها من جانب كثير من كبار المزارعين في المنطقة ممن أحسنوا الشهادة في حقها وأشاروا بخلقها , ولكن كانت أخطر شهادة ضدها تلك التي تقدم بها السير ماينوفال مالك القصر وقتئذ , إذ قرر في شهادته بأنه راقبها في ثلاث مناسبات مختلفة من نافذته في ضوء القمر وهي تجمع الفروع من شجرة الدزدار الضخمة الملاصقة للقصر,, قال إنها كانت تتسلق أغصان الشجرة لا يسترها سوى قميص وكانت تقطع أغصانا قصيرة بمدية غريبة الشكل , وكانت وهي تفعل هذا تكلم نفسها بكلام غريب...وفي كل مناسبة من المناسبات الثلاث كان السير ماتيو يبذل جهده للقبض على المرأه ... ولكنها كانت تفلت منه دائما ... وكل ماكان يراه عند نزوله إلى حدائق القصر الكبيرة هو أرنب بري يجري في المروج المنبسطة في إتجاه القرية ...
وفي الليلة الثالثة بذل السير ماتيو أقصى جهده لمتابعتها أقصى سرعه ممكنه حتى وصل إلى مسكنها مباشرة ...لكنه ظل يدق باب المسكن نحو ربع ساعه قبلما فتح الباب وخرجت إليه مسز موذرسول وهي مستاءة وممتعضة من أثر النوم فيما ظهر له وأنما قامت لتوها من الفراش ... ولم يجد عذرا مقبولا يفسر لها سبب زيارتها الطارئة ,,وعلى أساس هذه الشهادة وحدها,,,معززه بشهادات لا تقل عنها غرابة أدلى بها بعض أهل القرية , أصدر المحلفون قرارهم بإدانة مسز موذرسول وحكم بإعدامها,, وقد نفذ فيها حكم الإعدام بعد إسبوع من موعد المحاكمة , مع ست ساحرات أخريات أوقفهن سوء حظهم في هذا الموقف التعس....
وقد تهيأ السيد ماتيوفال الذي كان يشغل منصب نائب الشريف في المقاطعه أن يشهد تنفيذ حكم الإعدام.. وكان يوما كالحا مطيرا من أيام مارس عندما أخذت العربة التي تقل المحكوم عليهم تتدرج في سفح الجبل إلى مكان المشنقة ...وكانت النساء الأخريات المحكوم عليهن في شر حال من الإنهيار والتعاسة,,ولكن مسز موذرسول أثبتت في موتها كما كانت في حياتها أنها من جنس آخر..فقد ظهرت للعيان بادية الغضب والنقمة حتىأرعب منظرها جميع الموجودين ومنهم الجلاد نفسه , وقالوا أنها كانت صورة مجسدة للشيطان في سعاره وضراوته ..ومع ذلك فإنها لم تبد أدنى مقاومة للجلاد ومساعدته,, وكل مافعلته هو أنها قالت وهي ترمي الجميع بنظرة تقطر سما وضعه: سوف يهبط عليكم ضيوف في القصر ....
وقد ظلت تكرر كلماتها الغريبة أكثر من مره قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيره ...أو ...حتى لفظت أنفاسها الأخيرة..
****************
والواقع أن السير ماتيو لم يتسطع أن يكتم تأثره مما حدث وفي عودته إلى القصر بصحبة القس كروم ..قال إن العملية كلها كانت كريهه لديه ,,ولكنه فعل ما رآه واجبا عليه.
فلم يجد القس إلا أن يطيب خاطره بكلماته كما هو معتاد في مثل هذا الموقف..وفي ليلة مقمرة من ليالي شهر مايو تقابل القس والسير ماتيو في منطقة الحدائق المترامية وسارا معا إلى القصر ...وكانت الليدي ماتيو غائبة بزيارة أمها التي اشتد عليها المرض, فدعا النبيل رفيقه إلى العشاء معه...فلم يمانع القس من تلبية الدعوه..وبعد العشاء سار صاحب القصر مع ضيفه مودعا وكانت الساعه تناهز العاشرة ليلا وعند مرورهما بشجرة الدردار الضخمة الملاصقة لمبنى القصر توقف السير ماتيو فجاه قائلا: ماهذا الذي أراه يجري صعودا وهبوطا فوق جذع الشجرة؟ ليست السناجب هي التي تفعل هذا فإنها تأوى إلى جحورها قبل هذا الوقت... فتطلع القس ورأي الجسم المتحرك..لكنه لم يستطيع أن يميز صورته على وجه التحديد في ضوء القمر,,وإن أنطبع في ذهنه أن هذا الجسم بدأ لعينيه وكأنه له أكثر من أربع أرجل...
وعلى أي حال فإن الأثنين لم يقطعان برأي حاسم في الصورة التي تراءت لهما وافترقا .. وقد شاءت المقادير ألا يلتقيا مره ثانية...
ففي اليوم التالي لم ينزل السير ماتيو من غرفة نومه من الساعه السادسة صباحا كعادته ..واستمر غيابة حتى الثامنة ..فصعد الخدم إلى الغرفه وطرقوا مرارا دون جدوى ..وعندما أشتد بهم القلق فتحوا باب الغرفه من الخارج فوقعت أنظارهم على صاحب القصر ميتا في فراشه مسود الوجه...ولم تظهر لهم أية آثار في الجثة تشير إلى حدوث عمل من أعمال العنف ولكن نافذة الغرفه كانت مفتوحه .. وقد دعي القس كروم إلى القصر على الآثر ,, فأشار بإبلاغ المحقق الرسمي ..كما دعي الطبيب الشرعي لفحص الجثة ..لكنه عجز عن تفسير ظاهرة الانتفاخ والتفحم التي شملت الجثمان....واستبعد إحتمال أي سم للمتوفي..كما أن النافذة المفتوحه لم يكن بها أي أثر لفتحها بالقوة , خصوصا وقد كان من عادة السير ماتيو تركها مفتوحه ليلا في مثل هذا الوقت من السنة..
وإزاء هذا العجز عن تفسير وفاة السير ماتيو على هذه الصورة الغامضة لم يجد المحقق إلا أن يأمر بدفن الجثة بعد إحتفال جنائزي مهيب...وانتقلت ملكيت القصر والضياع الملحقة به إلى ولده السير ماتيو الثاني , فكان ذلك ختام الحلقة الأولى فيما عرف بإسم فاجعه قصر كاستر نهام...
***********************
جدير بالذكر أن الوريث الجديد لم يقطن نفس الغرفة التي شهدت موت أبيه ...ولم يحدث في حياته من الأحداث المثيرة سوى إنتشار مرض غامض بين مواشي ضيعته كاد يقضي عليها لولا أنه سارع بإيوائها داخر الحظائر المسقوفة ليلا مما خفف من الكارثة..وقد عرف هذا المرض بين مزارعي الأقليم وقتئذ بإسم (وباء كاسترنهام) ...
ثم توفى السير ماتيو الثاني عام 1735 وآل الميراث واللقب إلى ولده السير ريتشارد ..وقد رأي الوارث الجديد أن يعمل على توسيع كنيسة الأسرة القائمة في الطرف الشمالي للضيعه , وأدى هذا إلى إزالة عدد من قبور الموتى المجاورة,,وكان بينهما قبر الساحرة التي كان بعضهم يتذكر أمرها سوف تستخرج جثتها من القبر ...ولم يلبث هذا الإهتمام أن إستحال إلى دهشة وقلق حينما عرف أن التابوت الذي يحتوي على جثتها رغم أنه بدا في حالة لا بأس بها ولم يحطم إلا أنه لم يعثر فيه على أثر للجثة أو حتى العظام أو الرفات....والواقع أن هذا الحادث أعاد إلى الأذهان جميع القصص التي كانت تدور حول محاكمة السحرة ومغامرات الساحرات بعد أن ظلت راكده نحو أربعين عاما حتى أن الاوامر التي اصدرها السير ريتشارد بوجوب حرق التابوت , عدت موصوفة بالجرأة والتهور وان كان ذلك لم يمنع من تنفيذها على الفور...ثم حدث بعد ذلك أن استيقظ السير ريتشارد ذات صباح (وكان ذلك في عام 1754) بعد ليلة تؤرقة , اشتد فيها عصف الرياح مقترنا بصفق غريب في النافذة إستمر طوال الليل ..حتى قرر هجر هذه الغرفة وإختبار غرفة أخرى لنومه...
وقد أمضى السير ريتشارد ساعات الصباح وهو يتنقل بين غرف القصر يبحث عن غرفة النوم الملائمة التى توافق هواه دون جدوى..وأخيرا قالت له مشرفة القصر وقد أعيتها الحيل.!
-أنت تعرف يا سير ريتشارد أنه لاتوجد في القصر سوى غرفة واحده تصلح لهذا الغرض , إذ أنها ليست شرقية لئلا توقظك الشمس مبكرا وهي بعيدة عن طريق الخدم كما تريد...
فقال السير ريتشارد :_ وأين هذه الغرفة؟
-هي غرفة المرحوم السير ماتيو ..الغرفة الغربية...
-حسنا...لتكن هذه الغرفة مكانا لنومي هذه الليلة ..أين هي؟
- آه .....من هنا ....
واتجه إليها مسرعا ..فقالت المشرفة:_
-لكن يا سير ريتشارد لم ينم أحد في هذه الغرفة منذ أربعين سنة ولم يتغير هوائها منذ أن توفى السير ماتيو فيها!!
-هيا هيا ...إفتحي الباب يا مسز تشيروك..علي الأقل سوف أفحص الغرفة..
وهكذا فتحت الغرفة ,,وكانت رائحتها محبسة عطنه ..فتقدم السير ريتشارد إلى النافذة وفتح مصرعيها على سعتهما قائلا:
-جددي هواءها طول النهار يا مسز تشيروك, ثم إنقلي إليها أثاث غرفة نومي بعد الظهر ..لا أريد معارضة من أي نوع ..لقد أصدرت أوامري ولابد من التنفيذ
وانشغل السير ريتشارد بعد ذلك بالضيوف الذين دعاهم للصيد في ضيعته ..وكان بينهم أسقف كليمون والليدي هيرني والسير وليام كنتفليد , وآخرون غيرهم من عليه القوم ..وتناولوا الغداء وأديرت عليهم كؤوس الخمر المعتقة ولعبو الورق وتناولو العشاء ثم تفرقوا في النهاية للنوم كل في الغرفة التي أعدت له,,وفي الصباح لم يبد السير ريتشارد ميلا لحمل بندقيته والصيد مع ضيوفة ...وتنقل في القصر لتبادل الحديث مع أسقف كلمور ..وبينما هما يقومان بجولة في حدائق القصر قال الأسقف مشيرا إلى نافذة الغرفة الغربية ..
-لو عرض على أحد من أبناء أبرشيتي أن يشغل هذه الغرفة لما أرتضى هذا بأي حال يا سير ريتشارد
-وما السبب يا سيدي الأسقف؟....الواقع أنها غرفة نومي الخاصة..
-الحقيقة أن المزارعين من أبناء القرية يعتقدون أن النوم في غرفة تجاورها شجره الدردار يجلب النحس..ونافذتك لا تبعد أكثر من ياردتين من هذه الشجرة. وأضاف الأسقف وهو يبتسم
-وربما كانت الشجر قد أضفت عليك شيئا من نفحاتها , فإنني أراك غير موفور النشاط مثل باقي الضيوف..إذا جاز لي أن أقول هذا.
-اعترف أن هذا أو شيئا آخر غيره قد حرمني النوم من منتصف الليل حتى الساعه الرابعه صباحا ,,ولكن الشجرة لابد من إزالتها غدا..وهكذا لن أسمع شيئا عنها بعد الآن...
-إنني أمتدح قرارك يا سير ريتشارد - فإنه ليس مما يطابق الصحة أن تستنشق هواء تنفثه كل هذه الشبكة الهائلة من الأغصان والأوراق..
قال ريتشارد:
-أظنك لديك الحق في هذا يا سيدي الأسقف ..لكن نافذة غرفتى لم تكن مفتوحه في الليلة الماضية وإنما السبب هو تلك الضوضاء الغامضة التي إستمرت وقتا طويلا ..والتي أعتقد أم مصدرها إحتكاك الأغصان بزجاج النافذة مما أبقى عيني مفتوحتين..
قال الأسقف:_
-لا أعتقد أن هذا هوالسبب يا سير ريتشارد ..فإن أقرب الأغصان لها يمكن أن تلمس النافذة كما ترى هذا بنفسك اللهم إلا في وقت عاصفة ..ولم تحدث عاصفة من هذا القبيل في الليلة الماضية ..إن احتكاك الأغصان تبعد عن النافذة مسافة قدم..
-أصبت يا سيدي الأسقف ..ترى إذن ماذا كان مبعث ذلك الحفيف والصليل اللذين استمرا تلك الساعات؟...وما سبب تلك الخطوات والعلامات التي رأيتها تملأ الغبار المنتشر على حافة النافذة!
وبعد طول نقاش إستقر رأيهما على أن السبب لابد من أن يكون مبعثه الجرذان التي تسلقت الأغصان من جحورها الأرضية كان هذا هو رأي الأسقف في الواقع ..وقد تلقفه السير ريتشارد ووافق عليه..
وجاء الليل وتفرق الضيوف إلى حجرات نومهم بعد أن تمنوا للسيد ريتشارد ليلة طيبة..(فهل هذا ممكن..أم..).
*******************
نحن الآن في غرفة نوم السير ريتشارد التي أطفئ نورها , ورقد "النبيل" في فراشه, ....كانت الغرفة فوق المطبخ , والليلة حارة ساكنة الهواء,,وهكذا تركت النافذة مفتوحة..
ومن حول الفراش كان الضوء يسيرا..ولكن كان ثمة حركة غريبة .. كان يبدو وكأن السير ريتشارد يحرك رأسه يمنه ويسره حركة سريعه متلاحقة دون أن يصدر عنه صوت يذكر..ومن خلال الظلام المضئ أو الضوء المظلم كان يخيل للرائي وكأن عدة رؤوس مستديرة وأقرب إلى السمرة كانت تتحرك أماما وخلفا حتى أعلى الصدر...
يا له من خداع بصري مريع..
هل كان في الواقع شيئا غير هذا؟
لم يلبث أن وقع من الفراش جسم طري خفيف مثل قطة صغيرة ثم مرق من النافذة في لمح البصر ..وتلاه ثان..وثالث..ورابع..وبعد ذلك سادس من جديد..
حدث للسير ريتشارد ماحدث للسير ماتيو من قبل..إذ وجدوه في الصباح ميتا-مسود الوجه..وتجمع أسفل النافذة ضيوف الفقير عندما بلغهم النبأ المحزون ووقفوا شاحبي الوجوه واجمين تذهب ظنونهم كل مذهب..
واستدعى نظر أسقف كيلمور وهو يتطلع إلى الشجرة وجود قط أبيض جثم بين الأغصان السفلى مسلطا نظره على تجويف أحدثه تعاقب الزمن في جذع الشجرة..كان القط يراقب شيئا داخل الشجرة بإهتمام وتركيز , وفجأه انتصب القط الأبيض وأطل برأسه فوق التجويف ولم يلبث جزء من الحافة التي وقف فوقها أن هبط من تحته , فهوى القط داخل التجويف واختفى في لمح البصر وتطلع الجميع شاخصين بأبصارهم إلى مصدر السقطة وما اقترب بها من جلبة..ومعروف لكل إنسان أن القط يموء ..ولكن من سمعوا مثل تلك اليحه التي إنبعثت من تجويف الشجرة الضخمة ..صيحتان أو ثلاث هي كل ما صدر من جذع الشجرة..وإن كان الشهود لم يستطيعوا الجزم بدقة ثم أعقب ذلك حركة مكتومة أو صراخ مختنق , وبعد ذلك ساد السكون التام..
ولكن الليدي ماري هيرني أغمي عليها في الحال..وسدت مشرفة القصر أذنيها وهي تفر مذعورة حتى سقطت مغشيا عليها..أما أسقف كليمور والسير وليام كنتلفيد فقد بقيا مكانهما ..ومع ذلك فقد تملكهما الوجل, وان كان ذلك بسبب صيحه القط..إبتلع السير وليام ريقة مره أو أثنتين,,قبلما إستطاع الكلام قائلا:_هناك في هذه الشجرة يا سيدي الأسقف شيء يبدو فوق أفهامنا ولابد لنا من البحث..
وهذا ماتم الإتفاق عليه فعلا ..ولهذا الغرض جيء بسلم صعد عليه أحد عمال الحدائق الذي أخذ ينظر إلى داخل التجويف دون أن يميز شيئا أكثر من وجود جسم يتحرك حركة خفيفة فجاءوا بمصباح وربطوه بحبل ليلقوه داخل التجويف..
وقال السير وليام:_لابد لنا من إماطة اللثام عن هذا اللغز ..أراهن بحياتي يا سيدي الأسقف في سر هذه الميتات الأربعه يكمن هنا!..
وصعد البستاني إلى مكان التجويف وأدلى المصباح بحذر وتطلعوا إلى وجهه في الضوء المصفر وهو ينحني لينظر إلى داخل التجويف ..فرأوه وقد إرتسمت عليه أشد علامات الرعب قبل أن يصيح صيحه هلع مخيفة ثم هوى من فوق , ومن حسن حظه أن بعض الأيدي تلقفته قبل أن يقع على الأرض تاركا المصباح يسقط داخل التجويف .زلقد راح الرجل في غيبوبة ثقيلة أليمة,,وانقضت فترة طويلة قبل أن يستطيعوا أن ينتزعوا منه أي كلام..وفي هذه الأثناء كان هناك شيء آخر يستدعي أنظارهم ..فإن المصباح تحطم في قاع التجويف وأمسكت ناره بالأوراق الجافة والقمامة الكامنة بداخلة وماهي إلا دقائق حتى أخذ دخان كثيف يتصاعد منه , ثم أعقبته ألسنة لهب وبعد برهه كانت الشجرة شعلة من النيران..
أحاط المشاهدون بالشجرة على مسافة مناسبة بينما أرسل السير وليام رجالا لإحضار ما يستطيعون إحضاره من الأدوات والأسلحة..ذلك أن الكائن الذي يتخذ من تجويف الشجر وكرا له مهما تكن طبيعنه لابد أن تضطره النيران إلى الخروج ..وقد حدث هذا فعلا..فقد شاهدوا ,,عند إستخدام شوكة الزراع , جسما مستديرا اغطية النيران..في حجم رأس الرجل يظهر للعيان فجأة ثم يهوي ويقع مرتدا إلى مكانه .. وقد تكررت هذه المحاولة خمس أو ست مرات - ثم قفز جسم مكور مماثل في الهواء وسقط فوق الحشائش حيث همدت حركته بعد لحظة.
فاقترب السير وليام من هذا الجسم بقدر ما واتته الشجاعه فرأى ما بدا أنه بقايا عنكبوت هائل الحجم ..محروق ومتفحم..
ومع إضطرام نيران الحريق وامتدادها إلى سائر أركان التجويف أخذت أجسام أخرى في تجويف الشجرة تخرج وقد بدت مكسوة بشعر داكن مغبر..
وقد ظلت الشجرة الضخمة تلتهمها النيران طول النهار ومالبث الرجال يحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم وهم يقتلون من جرافها وبعد فترة طويلة إنقطع ظهور الكائنات وأخذوا يفحصون جذورها بأتم حذر..
وفي هذا قال الأسقف كيلمور يصف ما حدث:
-إنهم وجدوا تحت الشجرة حفرة مستديرة في بطن الأرض كان فيها إثنان أو ثلاث من هذه الكائنات ماتت مختنقة بفعل الدخان فيما يبدوا
ولكن كان الأغرب والأهول من كل ذلك هو أنهم ..عثروا على هيكل كائن بشري مستند إلى الجدار وبدا جلده ملتصقا بالعضام يابسا متقلصا..تعلوا جمجمته بقايا شعر أسود وقد قال الذين فحصوا الهيكل أنه جسد إمرأة ماتت نحو خمسين عاما