اليوم نتكلم عن نقاط الضعف بالصرف وكيفية معالجتها
اكتشف نقاط ضعفك
لكل منا نقطة ضعف لا يستطيع مقاومتها. قد تجبره نقطة الضعف هذه على التصرف بصورة مغايرة لما يفترض به أن يتصرف بها حيال أمواله ومدخراته، وقد تربك خططه المالية التي قام بإعدادها بعد جهد جهيد. ولذلك فإن من الواجب على كل من أراد أن يحسن إدارة أمواله أن يتعرف على نقطة (أو نقاط) ضعفه في سبيل حماية خططه المالية وموازنته من الآثار المترتبة على الخضوع لنقاط ضعفه المختلفة.
لا بأس من أن يكون للإنسان نقاط ضعف، فهذه طبيعة إنسانية لا يُختَلف عليها. تنتج نقاط الضعف عادة من شغف الإنسان وتعلقه بشيء ما، كحبه مثلا للحيوانات الأليفة، أو لاقتناء التحف الفنية، أو لشراء الملابس الرياضية بالنسبة لبعض الرجال، أو الشنط بالنسبة لبعض النساء. أنا شخصيا أعاني من نُقطَتَيْ ضعف لا واحدة، الأولى هي حبي للكتب والثانية هي شغفي بالحواسيب والهواتف الذكية وعموم الأجهزة الإلكترونية الحديثة. ففي الوقت الذي لا أصدق فيه كيف تقوم امرأة بصرف مبلغ ثلاثمائة دينار ثمنا لشنطة نسائية، قد لا أتورع عن شراء حاسوب جديد بقيمة ألف دينار!
كيف تتعامل مع نقاط ضعفك؟
والمقصود هنا هو التصرف من الناحية المالية فقط وليس من الناحية النفسية، فأنا على يقين بأن وجود نقاط ضعف لدى الإنسان أمر طبيعي ولا بأس به، بل يمكن اعتبارها مؤشرا جيدا على قدرة الإنسان على الالتزام تجاه أمر معين أو قضية معينة. بل لا أبالغ حين أقول أن الكثير من الأغنياء لم يتمكنوا من الوصول لهذا المستوى من الثراء لولا نقاط ضعفهم تجاه أمور معينة، كشغف بيل غيتس بالحواسيب، أو تعلق وارين بافيت بالأرقام والحسابات. فقد تتحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة عندما تستثمر بالشكل الصحيح.
والأمر لا يقتصر على الأغنياء فقط، فالناجحون من مختلف بقاع الأرض لم يصلوا لتحقيق نجاحهم إلا من خلال نقاط الضعف التي تولدت من شغفهم وحبهم الشديد لأمور أسرت قلوبهم وعقولهم، وضحوا بالغالي والنفيس من أجلها. فهل كنا سنسمع عن أمريكا لولا شغف كرستوفر كولومبوس بالاستكشاف والمغامرة؟، أم هل كان نجم ابن الهيثم سيلمع لولا ولعه بعلم البصريات؟، والأمثلة لا تنتهي عند هؤلاء، فأغلب، إن لم يكن جميع، الناجحين لديهم نقاط ضعف أدت إلى تميزهم عن الآخرين وبروزهم في مختلف المجالات.
بغض النظر عن نوعية أو مسببات نقاط ضعفك، فإنه لا بد لك من السيطرة عليها (ماليا) كيلا تتسبب في إهدار أموالك وتخريب خططك وموازناتك المالية. ولعمل ذلك عليك بالآتي:
1- تأكد أولا من قدرتك على استغلال نقاط ضعفت في بناء ثروة مالية من خلال الاستفادة منها. وفي هذه الحالة ستتحول المبالغ التي تقوم بصرفها على نقاط ضعفك إلى استثمارات بعد أن كانت مصروفات.
2- في حالة تأكدك من عدم إمكانية استغلال هذه النقاط في بناء ثروة، حاول أن تخصص لها حسابا خاصا بحيث تقوم بالتوفير بصورة شهرية أو سنوية لبناء هذا الحساب، ومن ثم تقييد صرفك على هذه النقاط في إطار هذا الحساب فقط، وذلك لضمان عدم المبالغة في الصرف عليها.
3- حاول أن تجعل من هذه النقاط أداة لمعاقبة نفسك إذا أسأت التصرف مع أموالك. فإذا أخللت مثلا بأي بند من بنود موازنتك الشهرية، قم باقتطاع جزء من حسابك الخاص بنقاط ضعفك، ومع الاستمرار بهذا النهج ستحرص على الالتزام ببنود الموازنة التي أعددتها سابقا.
4- قارن بصورة دورية بين ما تقوم بصرفه على نقاط ضعفك وبين إجمالي مصروفاتك الشهرية، فقد تؤدي هذه المقارنة إلى حثك على إعادة النظر في الكم الكبير الذي تستهلكه هذه النقاط من إجمالي مواردك المالية، وبالتالي قد تغير من نظرتك تجاه نقاط ضعفك المختلفة مع مرور الزمن.
حاول كذلك أن تتخذ قرارا جريئا بالامتناع عن الصرف على رغباتك الناتجة من نقاط ضعفك المختلفة، وذلك لمدة زمنية معينة. فإن كنت من متتبعي الموضة مثلا، امتنع عن شراء أي ملابس جديدة لمدة ثلاثة أو ستة أشهر. إن الإحساس المتولد من الرغبة في الشراء عظيم جدا، وإن استطعت ترويض هذا الإحساس فمن الممكن أن تقل رغبتك في الشراء تدريجيا، وفي النهاية ستصبح نقاط ضعفك شيئا من التاريخ
هذا منقول من صفحة الكتاب
