تركيا تسعى لمؤتمر دولي واستعدادات لإجلاء الأوروبيين من سورية
أعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو, أمس, ان بلاده تعمل على عقد مؤتمر دولي "في اقرب فرصة" بشأن الأزمة السورية, بمشاركة أطراف اقليمية ودولية.
وقال أوغلو لقناة "ان تي في" الاخبارية "نحن مصممون على تنظيم منتدى على اساس واسع من اجل توافق دولي بين الدول التي يقلقها" الوضع في سورية, مشيراً إلى أن المؤتمر قد ينعقد في تركيا او بلد اخر, لكن يجب ان يكون "في المنطقة" و"في اقرب فرصة".
وفي هذا الإطار, ذكرت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة أن انقرة تسعى في مرحلة اولى الى جمع "الدول الصديقة" لسورية في الجامعة العربية والدعوة الى مؤتمر دولي في اسطنبول, تشارك فيه الدول العربية واعضاء مجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي لمناقشة امكانات حل الازمة.
واوضح أوغلو ان بلاده تلتزم سياسة ديبلوماسية نشيطة من اجل تحديد "خارطة طريق جديدة" لسورية, مكرراً استبعاد الخيار العسكري, لكنه اكد ان "تركيا لن تسمح بإغراق المنطقة في الفوضى".
وحذر من ان امتناع سورية عن تلبية المطالب الدولية قد يؤول بها الى عزلة مشابهة لما تعيشه كوريا الشمالية.
وجاء موقف أوغلو قبيل مغادرته أنقرة, عصر أمس, ليقوم بزيارة عمل في الولايات المتحدة, تستمر حتى الأحد المقبل, حيث سيلتقي نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون ومستشار الامن القومي الاميركي توماس دونيلن, ويتوقع أن يكون الملف السوري على رأس جدول الأعمال.
وفي اتصال مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان, مساء أمس, أكد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف "ضرورة الاستمرار في البحث, بما في ذلك في مجلس الامن الدولي, عن سبل منسقة لمساعدة السوريين على ضبط الأزمة بأنفسهم".
في سياق متصل, اعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه, أمس, انه لا يصدق "على الاطلاق" تعهدات دمشق لموسكو, معتبراً ان تلك الوعود بوضع حد لاعمال العنف مجرد "محاولة للتلاعب".
وسئل جوبيه بشأن ما يرغب ان يقوله للروس, فأجاب "إنكم تخدعون انفسكم, وذرائعكم ليست قوية", مضيفاً "لقد كتب بوضوح في مشروع القرار الذي استخدمت روسيا ضده حق النقض, انه لن يكون هناك عملية عسكرية".
واعتبر ان الاشارة الى السابقة الليبية والى التدخل العسكري الدولي بعد تبني قرار في مجلس الأمن "ذريعة خادعة".
وقال "مرات لا تحصى ذهب مسؤولون الى دمشق للقاء بشار الاسد وهو يعطيهم تطمينات جيدة, لا أثق على الاطلاق بتعهدات النظام السوري الذي فقد صدقيته, وهذا فعلا تلاعب من بشار الاسد لن ننخدع به".
وأوضح أن الاجتماع المقترح ل¯"مجموعة أصدقاء سورية" هدفه "ممارسة أقصى الضغوط اولا على روسيا لنؤكد لها انها في مأزق, وخصوصا بشأن بشار الاسد لتشجيع عملية الانتقال التي طرحتها الجامعة العربية", و"سنقوم بكل ما في وسعنا من اجل وضع تلك العملية موضع التنفيذ".
بدوره, اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون, أمام مجلس العموم, أمس, ان "ثقته قليلة جدا" بنتائج الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى دمشق, اول من امس.
واضاف ان على الكرملين ان "يراجع ضميره ويدرك ما فعل", مشيراً إلى أن لندن ستزيد دعمها لمجموعات المعارضة داخل وخارج سورية, وتلعب دورا قياديا في "مجموعة اتصال" لدول تحاول إنهاء العنف.
وجاء الموقفان البريطاني والفرنسي غداة تشكيك واشنطن بتعهدات الأسد للافروف, مشيرة إلى أن الرئيس السوري يعيد المقترحات نفسها التي قدمها منذ أشهر بدلاً من الاهتمام بوضع حد للعنف.
في موازاة ذلك, يستعد الاتحاد الاوروبي, كاجراء احتياطي, لاجلاء رعاياه من سورية, كما يدرس احتمال حظر الرحلات الجوية التجارية معها.
وقال أحد الديبلوماسيين رفيعي المستوى, أمس, "إننا ازاء جدار علينا محاولة تسلقه", معرباً عن قلقه من استمرار العنف ازاء السكان المدنيين.
وأوفد الاتحاد الاوروبي الى لبنان والاردن فرق خبراء مكلفة الاعداد لعودة "آلاف" الاوروبيين المقيمين في سورية, وايضا رعايا دول اخرى في حال استدعى الامر ذلك.
واوضح احد الديبلوماسيين انه "استعداد للاسوأ", لكن على الاتحاد الاوروبي ان يكون مستعدا على سبيل الاحتياط من خلال تنسيق الجهود في المنطقة.
وفي موازاة ذلك, تعد الدول الاوروبية لمجموعة جديدة من العقوبات بحق نظام دمشق من المفترض ان تتم المصادقة عليها بحلول نهاية الشهر الجاري.
ومن بين الافكار المطروحة تعليق كل الرحلات الجوية التجارية مع سورية وهو اقتراح قدمته ألمانيا, لكن "هذا الموضوع لا يلقى موافقة كل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي" لأن مثل هذا الحظر يمكن ان يعرقل جهود اجلاء الاجانب من سورية في حال دعت الحاجة الى ذلك.
وستتواصل المحادثات بهذا الشأن بين خبراء في بروكسل.
في المقابل, يبدو انه هناك توافقا بشأن عقوبات اخرى, هي تجميد اصول المصرف المركزي السوري في اوروبا وفرض حظر على صادرات الفوسفات السورية التي تلعب دورا لا يستهان به بالنسبة الى اقتصاد البلاد.
وقال احد الديبلوماسيين ان "الاتحاد الاوروبي يشتري 40 في المئة من الصادرات السورية من الفوسفات, وفي حال فرض حظر فسيكون له عواقب كبرى", مضيفاً "لا توجد مشكلات من قبل دول الاتحاد بشأن هذا الاجراء بالقياس الى الصورة التي نراها لما يحصل في حمص".