خنساء هذا العصر

  • بادئ الموضوع سأكون بأمة
  • تاريخ البدء

سأكون بأمة

New member
إنضم
31 يوليو 2009
المشاركات
234
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
خنساء هذا العصر
سافرت إلى مدينة جدة في مهمة رسمية..وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة..يبدو أنه وقع لحينه..كنت أول من وصل إليه..أوقفت سيارتي وإندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمة..
تحسستها في حذر..نظرت إلى داخلها..حدقت النظر..خفقات قلبي تنبض بشدة..إرتعشت يداي..تسمرت قدماي..خنقتني العبرة..ترقرقت عيناي بالدموع..ثم أجهشت بالبكاء..
منظر عجيب..وصورة تبعث الشجن..
كان قائد السيارة ملقى على مقودها..جثة هامدة..وقد شخص بصره إلى السماء..رافعاً سبابته..ووجهه تحيط به لحية كثيفة..كأنه الشمس في ضحاها..والبدر في سناه..
العجيب أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره..محيطة بيديها على عنقه..ولقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة..
لاإله إلا الله..
لم أرَِ ميتة كمثل هذه الميتة..طهر وسكينة ووقار..صورته وقد أشرقت شمس الإستقامة على محياه..منظر سبابته التي ماتت توحد الله..جمال إبتسامته التي فارق بها الحياة..حلقت بي بعيداً بعيداً..
تفكرت في هذه الخاتمة الحسنة..إزدحمت الأفكار في رأسي..سؤال يتردد صداه في أعماقي..يطرق بشدة..كيف سيكون رحيلي؟ على أي حال ستكون خاتمتي؟ يطرق بشدة..يمزق حجب الغفلة..تنهمر دموع الخشية..ويعلو صوت النحيب..من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل..أو أن لي به قرابة..
كنت أبكي بكاء الثكلى..لم أكن أشعر بمن حولي!!
إزداد عجبي..حين إنساب صوتها يحمل برودة اليقين..لامس سمعي وردني إلى شعوري..ياأخي لاتبك عليه إنه رجل صالح..هياهيا..أخرجنا من هنا وجزاك الله خيراً.
إلتفت إليها فإذا إمرأة تقبع في المقعد الخلفي من السيارة..تضم إلى صدرها طفلين صغيرين لم يُمسا بسوء ولم يصابا بأذى..
كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال..هادئة في مصابها منذ أن حدث لهم الحادث!!
لابكاء ولاصياح ولاعويل..أخرجناهم جميعاً من السيارة..من رآني ورآها ظنّ أني صاحب المصيبة دونها..
قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها..في ثبات راض بقضاء الله وقدره:"لو سمحتم إذهبوا بزوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى..وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن..وإحملوني وطفلي إلى منزلنا جزاكم الله خير الجزاء"..
بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى..ومن ثم إلى أقرب مقبرة بعد إخبار ذويهما..
وأما هي فلقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها..فردت في حياء وثبات:"لاوالله..لاأركب إلا في سيارة فيها نساء"..ثم إنزوت عنا جانباً..وقد أمسكت بطفليها الصغيرين..ريثما نجلب بغيتها..وتحقق أمنيتها..
إستجبنا لرغبتها..وأكبرنا موقفها..
مر الوقت طويلاً.ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة في تلك الأرض الخلاء..وهي ثابتة ثبات الجبال..ساعتان كاملتان..حتى مرت بنا سيارة فيها رجل وأسرته..
أوقفناه.أخبرناه خبر هذه المرأة..وسألناه أن يحملها إلى منزلها..فلم يمانع..
عدت إلى سيارتي..وأنا أعجب من هذا الثبات العظيم..
ثبات الرجل على دينه وإستقامته في آخر لحظات الحياة..وأول طريق الآخرة..
وثبات المرأة على حجابها وعفافها في أصعب المواقف..وأحلك الظروف..ثم صبرها صبرالجبال..
إنه الإيمان..إنه الإيمان..
(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء).إبراهيم27
*من كتيب بنات المملكة للشيخ خالد الصقعبي.
 

fesforyaa

New member
إنضم
29 يوليو 2009
المشاركات
148
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يشرفني اني اكووون اول من يرد عليج
ويسلمووو ع القصه
تقبلي مرووري
 

انونا

New member
إنضم
27 يوليو 2009
المشاركات
1,399
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يسلموووووووووووووو على القصه

يارب الله يهدينا ويزيد ايمانا وثباتنا