بعض من الوفاء

سأكون بأمة

New member
إنضم
31 يوليو 2009
المشاركات
234
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بعضٌ من الوفاء



امرأة فاضلة تزوجت رجلاً صوامًا قوامًا أعانها على الطاعة والعبادة، وفي برهة من الزمن قليلة انطفأت أنوار السعادة بينهما، فقد أتى على الزوج هادم اللذات ومفرق الجماعات فأخذه وهو يرفل في ثياب صحته وشبابه.

وبقيت تلك الأرملة الشابة تعاني الوحدة وبُعد الأنيس. وتطاولت بها الليالي والأيام حتى ساق الله لها رجلاً شابًا يفوق الأول وسامة وبهاء ووفرة مال وحسن مظهر، لكنه خال الوفاض من أمر الدين، ومن عجائب ما يذكر للقراء أن زوجها الثاني كان يأتي بأموال منها إلى جهة خيرية على أنها تبرعات عامة وهي إنما كانت تبني مسجدًا بأموالها الخاصة لزوجها الأول.

وتكرر مجئ الرجل مرات وهو يوصل المال، حتى إذا اكتمل المسجد بدأت في أعمال بر أخرى للزوج الأول من إجراء ماء أو مساهمة في صدقة!! فكانت مضرب المثل في الزوجة الوفية.

وحتى لا تغضب النساء من عدم وفاء الرجال لهن، ها هو عبد السلام بن رغبان يرثي زوجته بأبيات جميلة..

قل لمن كان وجهها كضياء الـ

شمس في حسنه وبدر منير

كنت زين الأحياء إذ كنت فيهم

ولقد صرت زين أهل القبور

بأبي أنت في الحياة وفي الموت

وتحت الثرى ويوم النشور

وقال كمال الدين الأدهمي يرثي زوجته:

عـيوني لا تجـف مـن الـبكاء

وقلـبي لا يكـف عن العناء

وحـزني لا يخـف برغـم صبري

ومـن لي بالتـصبر والـعـزاء

ولم أحـزن على أحـد كحزني

علـى (قدسية) إمـراتي الضياء

وأعظم من ذلك كله وفاء النبي r لزوجته خديجة - رضي الله عنها - حتى أنه يستقبل صويحباتها ويكرمهن وفاءً لحقها - رضي الله عنها-.

فقد ورد عند الحاكم عن النبي r أنه أكرم عجوزًا دخلت عليه، فقيل له في ذلك فقال: «إنها كانت تأتينا أيام خديجة، وإن كرم العهد من الدين».

والبعض اليوم يقول لزوجته.. عليك بالموت حتى أرثيك، فأنت زين أهل القبور!(1).

* * *



--------------------------------------------------------------------------------

(1) نشرت في مجلة الأسرة العدد (84) ربيع الأول 1421هـ.

بقلم الشيخ: عبدالملك القاسم رعاه الله.