المعلقات النبطية

إنضم
3 فبراير 2019
المشاركات
3,948
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
في عام 1421هـ ذكرت للأديب المعروف فاضل الغشم أنني بصدد البحث لإخراج كتاب اخترت له عنواناً، وهو"المعلقات النبطية"وأنه سيحوي سبع أو عشر قصائد من أفضل القصائد الذهبية التي قيلت في الشعر النبطي في نجد والحجاز والأحساء وعسير.
وأيد الغشم هذه الفكرة لا سيما أن القصائد سيتم اختيارها من مصادر عدة وترجّح أصح الروايات، كما سيتم شرحها شرحاً مفصلاً ووافياً لمعانيها وبلاغتها وأوزانها، وسيتم وضع نبذة لكل شاعر من شعراء المعلقات النبطية، وكذلك تصنيف الأشعر فالأشعر.
وحين تم لي جمع القصائد وترتيب الشعراء، حدثت الناقد عبدالله الزازان بأنني سأصدر ذلك الكتاب وبأنه ينقصني شرح مفرداتها، فأخبرني الزازان أن فكرة اختيار عنوان:"المعلقات النبطية"فكرة ممتازة، وأنه لا داعي لشرح المعلقات، لأنه سيأخذ جهداً كبيراً، كما أنه ينبغي عليّ أن أسرع في إصدار ذلك الكتاب!
وحين التقيت الغشم مرة أخرى، ذكر لي أن الفكرة لا تكتمل باختيار القصائد القديمة، معللاً ذلك بأن القصائد القديمة موجودة في عشرات الكتب، فكم من جامع جمع كتاباً للقصائد التي سيتم اختيارها من قبلي، لذلك لن آتي بجديد على الساحة الشعبية سوى اسم الكتاب، واقترح عليّ أن أسمي الكتاب:"معلقات نبطية لشعراء عاصرتهم"، بحيث آخذ أفضل القصائد من شعراء عاصرتهم سواء ممن صدر لهم دواوين أم لم يصدر.
ووجدت ما يؤيد فكرة الغشم حين وقع على يدي كتاب المعد عبدالله الضويحي"الإبداع الفني في العصر النبطي القديم"، إذ وجدت أن الضويحي أول من نعت قصائد نبطية قديمة بـ"معلقات"، حيث وضع الكتاب في 15 باباً، وكأن الأبواب الـ 14 الأولى هي بمثابة مقدمة للباب الـ 15 الذي قال الضويحي في مقدمة الكتاب عنه:"خصصت الباب الأخير لمجموعة قصائد مختارة من أجود ما قيل في الشعر النبطي من جميع النواحي والأغراض، وهي القصائد الذهبية في الشعر النبطي وبمثابة المعلقات في الشعر العربي الفصيح!"أ هـ.
كما استهل الضويحي في مقدمة الباب الـ 15 بقوله: لا بد من أن نذكر القصائد الإبداعية الخالدة التي سطرها شعراء النبط وأصبحت إلى يومنا هذا أنموذجاً للقصيدة النبطية التي تستحق أن تكتب بماء الذهب، كما كتبت المعلقات في الشعر الفصيح، وستبقى شاهداً لأولئك الرجال الذين سطروا صفحات خالدة وضربوا مثلاً في حب الله والوطن والكرامة والشجاعة والفروسية والوصف والعفة والإخاء والصفات الفاضلة والأخلاق الحميدة وغيرها"أ هـ.
وقام الضويحي باختيار 30 قصيدة ينسب منها قصيدة واحدة لكل شاعر وأحياناً قصيدتين أو أكثر، وقام بشرح بعض الألفاظ منها، لذلك رأيت أن الضويحي قد سبقني للفكرة، لذلك أخذت بقول الغشم.
فقد قطعت الطرق والصحاري وتوغلت في الربع الخالي وسافرت خارج الجزيرة العربية بحثاً عن أشعر الشعراء المعاصرين في الجزيرة العربية، وفي الأمصار، الذين بعضهم لم تدون لهم قصيدة واحدة في كتاب أو صحيفة أو مجلة!
وفي الأعوام السالفة أرسلت رسالة مكتوبة للباحث الكويتي إبراهيم الخالدي، المشرف على ملف"وسم"في مجلة"المختلف"أعقب له عن موضوع يخص الأمير الشاعر محمد العلي العرفج، والشاعر حميدان الشويعر ? رحمهما الله - وقد ذكرت له أنني صنفت الشويعر حين وضعي لمعلقته في كتابي بأنه أشعر الشعراء بعد محمد العبدالله العوني - رحمه الله - وقد نشر تعقيبي في الملف، يشير الخالدي فيه إلى أنني أوردت معلومات مفيدة جداً!
وفي النهاية صدر الآن كتاب"المعلقات النبطية"للخالدي، من دون حتى أن يشير إلى أنني صاحب فكرته، التي سبقنا غليها الضويحي فقد قطع المشوار علي، كما أنه سرق سرقتين فكرة الأشعار القديمة ممن سبقه من الجامعين، وكذلك سرقة فكرة اسم"المعلقات النبطية"من الضويحي!
وأذكر أنني قبل عام وأشهر من الآن حدثت الزازان عن الكتاب فذكر لي بأن الناس الآن ليست فاضية بأن تقرأ، فهي مشغولة بالفضائيات، وهو ما أيده لي الغشم، وبأن مقالي هذا سيكون بمثابة تسويق لكتاب الخالدي، ولكن بعد أن قرأت الإعلانات والدراسات عنه، رأيت أن أكتب هذا المقال.
فالناس على رغم ركضها خلف الأسهم والفضائيات تعلم علم اليقين أن القصائد الموجودة في كتاب الخالدي، موجودة ومجموعة في كتب الحاتم وكمال والفرج واللويحان وابن خميس والظاهري والحمدان وغيرهم كثير جداً! كما أن بإمكان أي شخص الآن الذهاب إلى مكتبة الملك فهد أو جامعة الملك سعود وغيرهما، لقراءة مخطوطات كثيرة تحوي أشعاراً لم تدون، ولذا فإن كتاب الخالدي لن يضيف لها شيئاً مطلقاً، لأنه كتاب لا قيمة له مع المناحي الفكرية التي تزخر بها الساحة الشعبية!