قال شهر بن حوشب رحمه الله أنّ حملة عرش الرحمن ثمانية, أربعة منهم يقولون: سيبحانك اللهم وبحمدك, لك الحمد على حلمك بعد علمك, وأربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك, ولهذا يقولون كلما استغفروا للمرمنين: ربنا وسعت كل شيء علما أي ربنا رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم, وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم, فاصفح عن المسيئين مهم اذا تابوا, وأنابوا وأذعنوا وأقلعوا عما كانوا فيه, واتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخير وترك المنكرات (وهذه هي شروط التوبة النصوح) , وزحزهم عن عذاب جهنم العذاب الموجع الاليم برحمتك يا ارحم الراحمين, واجمع بينهم وبين ذويهم وأهليهم كي تقرّ أعينهم والاجتماع بهم في منازل متجاورة, وقال سعيد بن جبير رحمه الله: ان المؤمن اذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه أين هم؟ فيقال: انهم لم يبلغوا طبقتك في العمل... فيقول: اني انما عملت لي ولهم, فيلحقون به في الدرجة, ثم تلا قوله تعالى: ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آباءهم وأزواجهم وذرياتهم انك أنت العزيز الحكيم.. ومعنى العزيز الحكيم : أي الذي لا يغالب ولا يمانع... وكما نلاحظ من سياق الآية الكريمة أن استغفار الملائكة للمؤمنين مشروط بتوبة هؤلاء, وهذا يؤكد لنا ويدل على أنّ الذنب لا يغفر الا بتوبة, تماما كما في قوله تعالى في سورة طه 82: واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى, وكما نرى في هذه الآية الكريمة كيف أنّ الله عزوجل قدّم التوبة على الايمان, لأنه لا يكتمل ايمان العبد الا بتوبة نصوح تطهره من الذنب, فاذا تاب آمن, واذا آمن عمل صالحا, واذا عمل صالحا يكون مهتديا, واذا كان مهتديا داوم على هذه الهداية حتى الممات كما في قوله تعالى في آية عظيمة ختم بها سورة الحجر: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين, واليقين هنا الموت.