الحياة أمل - رواية رومانسية روعة

amalooo

New member
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الجــزء التــاسع
-9-

لأنـها تهـمـني!
~~~~~~~

لم تكد تبتعد سيارة الأجرة التي استقلتها أمل ، حتى عادت ليلى لداخل المنزل، وصعدت الدرج بخطوات سريعة متجهة لغرفة خالد، وحين وصلت فتحت الباب بقوة ووضعت يديها على خاصرتها وهي تنظر إليه بحاجبين معقودين..

كان خالد مستلقيا على سريره منشغلا بقراءة كتاب، لكنه أبعده حين دخلت ليلى وقال بابتسامة : ما سبب هذه الملامح المتجهمة..

رفعت ليلى حاجبيها وهي تقول : وكأنك لا تدري ماذا فعلت !

ثم أكملت حين نظر إليها خالد نظرات متسائلة: لقد ذهبت أمل..

مط خالد شفتيه ثم قام من السرير ووقف بالقرب من ليلى وهو يقول: بهذه السرعة..لكن ما دخلي أنا..

زمت ليلى شفتيها بغضب ثم قالت وهي تقلد طريقته في الكلام : أنا بغرفتي فوق..عندما تذهب صديقتك..تعالي..


وأكملت وقد عادت نبرة صوتها لطبيعتها: قد شعرتْ أنها غير مرحب بها هنا..

نظر إليها خالد بصمت للحظة ثم قال بهدوء: لم أقصد أن أشعِرها بهذا..

لوحت ليلى بيدها ثم اتجهت لمقعد وارتمت عليه وهي تقول: لستُ أفهمك يا خالد..إذا كنت معجبا بها حقا..فلم تتصرف هكذا معها..

هز خالد كتفيه بلامبالاة دون أن يرد..

مطت ليلى شفتيها وقالت: تعلم أني دعوتها اليوم إلى هنا من أجلك لكنك أفسدت ما خططت له..

علت وجه خالد ابتسامة باهتة وهو يقول: دعوتِها إلى هنا من أجلي.. ثم أخذتها إلى غرفتك و أقفلت الباب..

ضحكت ليلة ثم قالت: كنت سأجلس معها هناك قليلا ثم ننزل للحديقة..لكنك تسرعت و أفسدت كل شيء..
وعقدت حاجبيها وهي تكمل: لكن أخبرني..ماذا كنت تريد مني..

قال خالد بهدوء و ابتسامته الجانبية على شفتيه: لا شيء مهم..انسي الموضوع..

اتسعت عيون ليلى بدهشة ثم انطلقت منها ضحكة، ووضعت يدها على فمها لتمنع نفسها من الضحك حين عقد خالد حاجبيه وهو يقول: ما الذي يضحكك..

ردت ليلى ضاحكة : فهمت الآن..والدتي أخبرتك أن أمل معي..فأردت أن تراها..

وتطلعت إليه تتفرس ملامحه وهي تضيف بخبث: أليس كذلك؟

هز خالد كتفيه وهو يرد بهدوء: ربما..

قالت ليلى بابتسامة عريضة: أمل ليست كباقي الفتيات اللاتي عرفتهن من قبل يا خالد.. إنها مختلفة..و أظنك قد لاحظت هذا..

ابتسم خالد وهو يقول: الفتيات كلهن متشابهات..لكن لكل واحدة منهن طريقة خاصة يجب أن تُعامل بها..

حركت ليلى رأسها بعدم اقتناع وهي تقول: أنت مخطأ..إذا كنتَ وجدت طُرقٌا جعلتك تتقرب من فتيات كثيرات..فهذا لا يعني أن هذا سينجح مع أمل..

ضحك خالد ثم قال: تعلمين أنني لا أهتم أساسا بالفتيات.. و لا أبحث عن طرق للتقرب منهن.. فأغلب من أعرفهن هن من حاولن التقرب مني.. وليس العكس..

رفعت ليلى حاجبيها قائلة: مغرور !
ثم غمزته بعينها و أردفت بخبث: لا تقل لي أنك لست مهتما بأمل..لن أصدقك..

قال خالد بهدوء: لم أقل هذا..

قالت ليلى بابتسامة : لماذا إذا تتعامل معها ببرود كلما رأيتها..

ابتسم خالد قائلا: لأن أمل تتجاهل من يبدي اهتماما بها..هذا ما استخلصته عن شخصيتها في أول حديث دار بيننا...

ضحكت ليلى وهي تقول: وهل تظن أنك إذا تجاهلتها ستهتم بك ! أي منطق غريب هذا !؟

رد خالد بغموض و ثقة: سنرى يا ابنة عمي العزيزة..سنرى..


*****************

رمت أمل حقيبتها على السرير ثم قالت بحنق: مغرور !

و أخذت تذرع غرفتها جيئة و ذهابا وقد بدا الغضب والتوتر على ملامحها، ثم توقفت فجأة وزفرت مبعدة خصلات شعرها التي تناثرت على وجهها..

كلما التقت به يصيبها بهذا التوتر، رغم أنها تتظاهر بعدم الاكتراث أمامه، لكن نظراته الباردة و تعامله الجاف معها يثير غضبها، من المفروض أنها صديقة ابنة عمه، و يجب عليه أن يكون لبقا معها، لا أن يتصرف هكذا..

تنهدت أمل لتهدئ نفسها، ثم التقطت حاسبها الشخصي من على المكتب و جلست على السرير ثم وضعته على حجرها و فتحته..

لا تدري ما الذي حدث لها اليوم حين رأت خالد، قد تسارعت دقات قلبها بشكل مخيف،وتلك النظرة الباردة التي رمقها بها، جعلتها تنتفض بمكانها، حتى أنها لم تبعد عينيها عنه، و حين خرج و أقفل الباب، أخذت ترمق الباب ببلادة وهي تستمع لصوت خطواته صاعدا الدرج..

عضت أمل على شفتها السفلى بقهر وهي تقول: من المؤكد أن ليلى لاحظت التغيير الذي طرأ علي..هو أيضا..من المؤكد أنه لاحظ ذلك..أنا غبية..

ثم تنهدت وهي تضيف: كل ما في الأمر أني تفاجأت..تلك السخيفة لم تخبرني أنه يسكن معها بنفس المنزل..

ابتسمت أمل لأنها لم تكد تفتح حِسابها على الماسنجر حتى وجدت سلمى تكتب لها: اشتقت إليك كثيرا..

همت أمل أن ترد عليها، لكنها وجدت كلمات ساره المرحبة تظهر على الشاشة، فقررت أن تتجاهل سلمى قليلا ..

وأخذت تكتب ردا لساره وهي تقول بخبث: سأجعلك تندمين على نسيانك لي كل هذه المدة يا سلمى..

ابتسمت أمل وهي تقرأ كلمات ساره..

ساره: سلمى تسألني هل أتحدث إليك الآن..ماذا أقول لها؟

كتبت أمل و الابتسامة على وجهها:قولي لها أنك تتحدثين إلي طبعا..

ضحكت أمل وهي تقرأ ..

ساره: تقول أنك لا تردين عليها..إنها غاضبة..

ثم كتبت: لا يهم..هل سأراك بالجامعة غدا؟

ساره :لا..لدي بعض الأعمال بالمنزل غدا..لن أستطيع الذهاب..

سمعت أمل رنين هاتفها النقال، فقامت من مكانها، و أخرجته من حقيبة يدها ،ثم ضحكت لأن سلمى هي من تتصل، وعادت لحاسبها ثم كتبت لساره : سأخرج الآن يا ساره..إلى اللقاء

و أقفلت الحاسب قبل أن ترد على سلمى ببرود: آلو..من؟

جاءها صوت صراخ سلمى وهي تقول: من ! هل مسحت رقمي من على هاتفك أم ماذا !!

كتمت أمل ضحكة وهي تقول محاولة الحفاظ على برودها : لم أنتبه لاسم المتصل..كيف حالك؟

ردت سلمى بغضب:لماذا لا تردين علي..كنت أتحدث إليك على الماسنجر..

ابتسمت أمل وهي تقول : كنت أتحدث لساره بخصوص محاضراتنا..

زفرت سلمى وقالت : منذ متى وأنت تفضلين الحديث مع غيري..عموما إذا كنت مشغولة سأتصل بك لاحقا..

ضحكت أمل ثم قالت بسخرية: أجل تتصلين بي..ربما بعد أشهر !

قالت سلمى بتوتر: أمل هل أنت غاضبة مني لأني لم أتصل بك منذ مدة ؟

ردت أمل بابتسامة: لا عليك يا سلمى..من المؤكد أنك مشغولة..لا ألومك..

صمتت سلمى للحظة ثم قالت: آسفة يا أمل..

ضحكت أمل وهي تقول: لا داعي للأسف..أعذرك يا سلمى..
ثم أضافت بخبث : ما أخبارك مع عريسك؟

ضحكت سلمى وهي ترد : بخير..و أنت ما أخبارك وما أخبار الجميع ..

ردت أمل مبتسمة: بخير الحمد لله ..كلنا بخير..

قالت سلمى وقد بدا على صوتها القلق: أمي أخبرتني أن سامي غائب عن المنزل منذ أيام..

مطت أمل شفتيها وهي تقول: أجل..انه برفقة حسام..خارج المدينة ..على البحر..

قالت سلمى ببطء : ألا تعلمين لماذا ذهب؟

هزت أمل كتفيها وهي تقول: لا أدري تحديدا..لكن والدتك أخبرتني أنه أخذ إجازة ليرتاح قليلا من ضغط العمل..

صمتت سلمى لثانية ثم قالت : ألم يتحدث إليك بشيء قبل أن يذهب؟

عقدت أمل حاجبيها ثم ردت : أي شيء ؟

ردت سلمى بتلعثم: لا..لا شيء محدد..أنا فقط أستغرب أن يترك العمل ..تعرفين سامي يحب عمله كثيرا..فكرت أنه لبرما هناك شيء ما أخفته أمي عني..

قالت أمل بهدوء: في الحقيقة يا سلمى..أنا من كانت تريد أن تتحدث إليه ..

قالت سلمى بسرعة: بخصوص ماذا؟

تنهدت أمل وهي تقول: لن أستطيع أن أشرح لك بوضوح..لكني شعرت أن هناك أمرا ما يحصل و أنا لا أدري عنه شيئا..والدَي كانا يتصرفان بغرابة..أمي حالتها الصحية كانت سيئة..شككت أن لسامي دخلا في الموضوع..لهذا أردت الحديث معه..لكنه تعمد تجاهلي..

طال انتظار أمل لرد سلمى لكنها ظلت صامتة فقالت أمل: سلمى..هل لا زلت معي؟

ردت سلمى بهدوء: أجل..

وأكملت بعد ثانية : تحدثي إليه إذا حين يعود..

مطت أمل شفتيها ثم قالت : سأحاول..لم أرى أغرب من شخصية أخيك هذا !
وابتسمت لأنها تذكرت خالد..خالد أغرب من سامي !

قالت سلمى: لا أظن أن هناك من يفهم سامي أكثر منك..لكن هناك أمور عليك أن تبذلي مجهودا لتفهميها..أو ربما هو عليه أن يبذل مجهودا ليفهمك إياها..

ضحكت أمل وهي تقول: لا بأس.. لا أمانع أن نبذل كلينا هذا المجهود..المهم أن يتوقف سامي عن تجاهلي..لم أكد أفرح بالتغير الذي طرأ عليه..ولم أكد أعتد على لطفه معي مؤخرا..حتى تغير فجأة..وللأسوأ !

**********************

وضع سامي آخر أغراضه بالحقيبة ثم استدار قائلا لحسام الذي كان يراقبه : أقسم لك أني بخير الآن..ويجب أن أعود..الهرب لن ينفعني في شيء..

هز حسام رأسه موافقا على كلامه ثم قال: وأنا لا أشجعك على الهروب....أنا أريدك أن تظل هنا لبعض الوقت فقط ..حتى ترتاح أكثر..

رفع سامي حقيبته و اتجه خارجا من الغرفة وهو يقول: قد عطلتك عن أعمالك بما يكفي..

تبعه حسام للخارج قائلا: لا تقل هذا.. أنت تحسنت كثيرا..بإمكاني أن أعود للمدينة.. و أتركك هنا وأنا مطمئن عليك..ثم سنظل على اتصال..وسأزورك كلما سنحت لي الفرصة..

ابتسم سامي بامتنان وهو يقول : لو كان لدي أخ لما عاملني كما تعاملني يا حسام..أشكرك..

كور حسام قبضته وضربه على صدره مازحا وهو يقول: أنت أكثر من أخي يا سامي..لا داعي لهذا الكلام..

اتسعت ابتسامة سامي ثم أطرق برأسه، فقال حسام متسائلا: ماذا إذا..هل نعيد حقيبتك للداخل؟

حرك سامي رأسه نفيا قائلا: لا..من المؤكد أن هناك أعمالا كثيرة تعطلت بالشركة بسبب إجازتي المفاجأة هذه..تعلم أن والدي يعتمد علي في كل شيء..

هز حسام كتفيه ثم قال باستسلام : حسنا..كما تريد..لنغادر..

وأخذ يتأمل سامي للحظة قبل أن يضيف: أشك أن هناك سبب آخر تريد العودة من أجله..

بدت ملامح سامي جامدة و لم يرد على سؤال حسام فقال هذا الأخير: اشتقت إليها..

لم تكن عبارة حسام هذه سؤالا..

لكن سامي اطرق برأسه، ثم رفعه ونظر لحسام بحزن وهو يرد: أجل يا صديقي..اشتقت لأمل..كثيرا..
***************

لوحت أمل لليلى وهي تقترب منها ثم قالت بابتسامة: هل أنهيتِ محاضراتك؟

مطت ليلى شفتيها وهي تقول: لا..لدي محاضرة بعد ساعتين..

أمسكت أمل بيدها قائلة: هيا بنا إذا لنتناول شيئا..أنا أيضا لدي محاضرة بعد ساعتين..

ابتسمت ليلى وهي تتبع أمل ثم قالت: رائع..

نظرت إليها أمل قائلة بهدوء: أين وفاء ومروى..

هزت ليلى كتفيها بلامبالاة وهي تقول: لم يحضرن اليوم للجامعة..

ابتسمت أمل فأكملت ليلى : أنت لا تحبينهن أليس كذلك؟

ردت أمل : لست أعرفهن لأحبهن..

كانت الفتاتان قد وصلتا للمطعم، و جلستا على إحدى الطاولات حين قالت ليلى وهي تتأمل ملامح أمل:
أرجو أن لا يكون خالد قد أزعجك أمس..لقد ذهبتِ بسرعة بعد أن رأيته.. لا تتضايقي منه..بإمكانه أن يكون فظا أحيانا..لكنه طيب القلب..

ابتسمت أمل ثم هزت كتفيها وهي تقول: لا أدري..شعرت أنه منزعج لوجودي..ففضلت الذهاب لحال سبيلي..

رفعت ليلى حاجبيها ثم ضحكت قبل أن تقول: من خالد..منزعج منك أنتِ..ولم قد ينزعج منك؟

مطت أمل شفتيها ثم قالت : ليست لدي أدنى فكرة..

صمتت ليلى لوهلة ثم قالت بابتسامة خبيثة: لو أردت رأيي..خالد مهتم بك..صدقيني أنا أعرفه جيدا..

تجمدت ملامح أمل، ثم قالت بهدوء: وأنا لا يهمني أن يهتم بي أو لا.. لكن في كل مرة يراني فيها يحدجني بنظراته الباردة..بالإضافة إلى أنه لا يطيق الوقوف أمامي لثواني..دائما ما يبتعد حين يراني..سيكون غريبا أن يُعبر شخص عن اهتمامه بهذه الطريقة..

ضحكت ليلى قائلة: لا بد أن يكون هناك سبب..ألم يحدث بينكما أي شيء قد يدعوه للتصرف معك هكذا؟

حركت أمل رأسها نفيا ثم ظهر عليها و كأنها تذكرت شيئا فقالت: هناك فقط موقف حصل بيننا ..كان قد عثر على بطاقة اشتراكي بالمكتبة فأعادها لي.. أراد أن يستغل الفرصة للحديث معي..كما أنه دعاني للانضمام لأصدقائه..أقصد مروى ووفاء وعادل، لكني رفضت و لم أظهر حماسا في الحديث معه..

رفعت ليلى حاجبيها ثم قالت بدهشة: هذه أول مرة ترفض فيها فتاة الحديث معه !

وضحكت قبل أن تكمل: لا عجب إذا أنه يتصرف معك على هذا النحو..خالد شخص واثق من نفسه لأبعد الحدود..ولا يحب أن يتجاهله أحد..

هزت أمل كتفيها وهي تقول: هذه مشكلته..أنا لم أخطئ في شيء..

كانت ليلى ستقول شيئا لكن النادل وقف أمامهما سائلا عن ما يرغبان في تناوله، بعد أن طلبت كل واحدة منهن ما تريد وابتعد النادل، قالت ليلى مبتسمة : أتعلمين يا أمل..أنت جدية أكثر من اللازم.. متزمتة إن أردت رأيي..

قطبت أمل حاجبيها وهي تقول: ماذا تعنين بجدية أكثر من اللازم ومتزمتة؟

قالت ليلى وهي تلوح بيديها أمام وجهها: الفتيات في سنك..يكن أكثر انفتاحا..لا يمانعن في الحديث مع هذا..والضحك مع ذاك..و ممازحة آخر..أنت لا تسمحين لأحد بالاقتراب منك..
ثم ابتسمت وهي تضيف: أتعلمين كنا نتحدث أنا و ساره عنك ذاك اليوم..وأخبرتني أنك دائما ما تصدين أي شاب يبدي أي اهتمام خاص بك..

نظرت إليها أمل بثبات وهي تقول: وما الذي جعلني موضوعا للحوار بينكما؟

هزت ليلى كتفيها وهي تقول: الحقيقة..كنت فقط أود أن اعرف أشياء أكثر عنك..

عقدت أمل حاجبيها وهي تقول : كان بإمكانك أن تسأليني أنا لا ساره..

ضحكت ليلى ثم قالت : حسنا..ها أنا أسألك..لماذا تنغلقين على نفسك بهذا الشكل !؟

ردت أمل بهدوء: لست منغلقة على نفسي..لكن ممازحة الشباب ليست ضمن سلم أولوياتي..كما أني أحب الحفاظ على حدود واضحة..ولا أحب أن يتجاوزها أحد..لا أظن أن هذا يعتبر تزمتا..بل هو الشيء الذي من المفروض أن يكون طبيعيا..وما تسمينه أنت انفتاحا أسميه أنا سخافة واستهتارا وغباء..

وأسندت مرفقها على الطاولة ثم اتكأت على يدها بذقنها وهي تكمل بابتسامة هادئة: كما ترين..أفكارنا تختلف كثيرا..

قطبت ليلى حاجبيها للحظة ثم ابتسمت قائلة: حقا أنت مختلفة..

وضع النادل بضعة أطباق على الطاولة ثم انصرف، انشغلت الفتاتان بتناول طعامهما، وبغتة اقترب شاب منهما و جلس على كرسي بجانب أمل وهو يقول بمرح: أهلا يا فتيات..كيف حالكن؟

نظرت إليه أمل وقالت ببرود: بخير..

أما ليلى فقد وضعت الشوكة التي كانت بيدها بقوة على الطاولة و عقدت حاجبيها وهي تقول: عادل ! ما الذي أتى بك إلى هنا !

ابتسم عادل قائلا بسخرية: كأنك لستِ سعيدة برؤيتي..

ثم التقط صحنا من أمام ليلى و أخذ يأكل منه وهو يقول: كنت مارا من هنا فلمحتكما ..أرجو أن لا يكون انضمامي إليكما يشكل إزعاجا !

كانت ملامح ليلى تدل على أكثر من الانزعاج بكثير، همت أن تقول شيئا لكن عادل أشار إليها أن تسكت وهو يقول: في الحقيقة أنتِ دائما منزعجة مني.. أو الأحرى تتظاهرين بهذا..لذا فرأيك لا يهمني..

والتفت لأمل مبتسما وهو يقول: أرجو أن لا أكون قد أزعجتك أمل..

نظرت أمل لليلى التي كان وجهها محمرا من الغضب، فوضعت يدها على فمها لتكتم ضحكة وهي تقول: لا أبدا لا تزعجني..

وغمزت لليلى بعينها و هي تضيف: أنا لا أمانع أن تنضم إلينا..وليلى فتاة منفتحة لن تمانع أيضا انضمام شاب مثلك إلينا على الغذاء..أليس كذلك يا ليلى !

زمت ليلى شفتيها بغضب ونظراتها تتوعد أمل بحساب عسير فيما بعد، فضحكت أمل وشاركها عادل الضحك،لكنه توقف حين علا رنين هاتفه فرد بسرعة بعد أن رمى بنظرة خاطفة على شاشته: خالد..أين أنت؟

تجمدت ملامح أمل حين سمعت اسم خالد، وأخذت تستمع لكلام عادل باهتمام، كان يقول: حسنا..أنا بالمطعم القريب من الجامعة..

وصمت قليلا قبل أن يضيف: جيد إذا..أنا أنتظرك..

ثم أنهى المكالمة والتفت لليلى قائلا: خالد قادم..إنه قريب من هنا..

ارتخت ملامح ليلى الغاضبة وهي تتمتم: جيد..سيريحني منك..

قطب عادل حاجبيه وهو يقول لها: ماذا قلتِ..

رسمت ليلى ابتسامة على شفتيها بصعوبة وهي تقول: لا أبدا..لم أقل شيئا..

ثم التفتت لأمل التي كانت وكأنها تجمدت بمكانها قائلة : ما بك أمل..

نظرت إليها أمل ثم ردت ببرود: لا شيء..

لوح عادل للنادل بيده و طلب طعاما له ولخالد، في نفس اللحظة كان خالد يدخل المطعم و يقترب من طاولتهم، كانت الابتسامة على شفتيه لكنه بمجرد أن لمح أمل اختفت ابتسامته و تجمدت ملامحه، أمل لاحظت هذا فأطرقت برأسها لتخفي انزعاجها.

ابتسمت ليلى لخالد وهي تقول بمرح : أهلا بابن عمي..

بادلها خالد الابتسامة، ثم قال لعادل : هيا بنا..

رفع عادل حاجبيه بدهشة وهو يقول: هيا بنا إلى أين..ألم تقل منذ ثوان أنك ستتناول وجبتك هنا ثم تعود لمحاضراتك؟

رمق خالد أمل ببرود ثم أبعد عينيه عنها قائلا: غيرت رأيي..

شعرت أمل بغصة في حلقها..
ليلى لاحظت ملامح الانزعاج على وجهها فقالت وهي تصر على أسنانها: خالد..اجلس معنا..وكفاك سخافات..

لم يعر خالد عبارة ليلى اهتماما وضغط على كتف عادل وهو يقول : هيا..قم..

اعتدلت أمل واقفة بغتة، و فتحت حقيبتها ثم وضعت ثمن وجبتها على الطاولة، و قالت لليلى وهي تهم بالابتعاد: أراك لاحقا يا ليلى..

أمسكت ليلى بيد أمل و رفعت حاجبيها قائلة: إلى أين..

ونظر عادل للورقة النقدية التي وضعتها أمل على الطاولة ثم قال: هذه الوجبة على حسابي..

ابتسمت أمل وهي تقول محاولة الحفاظ على هدوئها: شكرا..لكني لم أعتد أن يدفع لي شخص ثمن شيء يخصني..

والتفتت لليلى قائلة: متزمة كما تقولين..

ثم أفلتت يدها من يد ليلى و خرجت من المطعم بسرعة، وعيون ثلاثتهم تلاحقها..

خصوصا خالد ، لم يبعد عينيه عنها إلا حين اختفت تماما..

قطب عادل حاجبيه وهو يقول بدهشة: يا لها من فتاة !

أما ليلى فالتفتت بغضب لخالد، الذي جلس مكان أمل، واستغربت تلك الابتسامة الجانبية الهادئة على شفتيه..

***********
>>> يـــتـــبــع>>>
 

amalooo

New member
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الجزء العـــاشر
-10-

ذو قلب طيب؟
************

استغرب أحمد أن سلمى لم تقم لاستقباله على الباب كعادتها عند عودته من العمل..

كانت مستلقية على الكنبة بالصالة تقلب المحطات على التلفاز بملل، أغلق أحمد الباب بهدوء، وتحرك نحوها بخطوات لا يكاد يُسمع لها صوت، ثم وقف خلفها ووضع يديه على عينيها و هو يقول: خمني..من أكون؟

ضحكت سلمى و أبعدت يديه عن وجهها ثم استدارت نحوه قائلة: وكأنه من الممكن أن يكون غيرك..

ابتسم أحمد والتف حول الكنبة ثم جلس بجانب سلمى وهو يقول: ربما.. فقد كان هناك شبح يسكن معي هنا..

اتسعت عيون سلمى وأخذت تلوح بيدها قائلة: لا تتحدث معي عن الأشباح..أنا أمضي وقتا طويلا لوحدي بهذا المنزل..فلا تثر الخوف بداخلي..

ضحك أحمد وقرصها على خدها برقة وهو يقول: يا لك من جبانة..

ابتسمت سلمى و أطرقت برأسها للحظة ثم تنهدت وقامت من مكانها متجهة نحو الهاتف، رفعت السماعة و طلبت رقما، ثم أعادت السماعة لمكانها بعد ثوان..

قطب أحمد حاجبيه وهو يقول: بمن تتصلين..

عادت سلمى للجلوس بجانبه قائلة: سامي..لكن هاتفه لا يزال مغلقا..

هز أحمد رأسه بتفهم قائلا: أنت قلقة عليه أكثر من اللازم..

تنهدت سلمى وظلت تتطلع لوجه أحمد لوهلة قبل أن تقول بهدوء: أشعر أن مشكلة ما قد حدثت..

ابتسم أحمد قائلا في محاولة لطمأنتها: أنت فقط تشعرين بهذا لأنك بعيدة عنهم..

مطت سلمى شفتيها ثم هزت كتفيها قائلة: ربما..

و قامت متجهة للمطبخ وهي تردف: سأضع الطعام على الطاولة بعد دقائق..من المؤكد أنك جائع..

ابتسم أحمد وهو يقول: أتعلمين.. حين نرزق بطفل..سوف يتحول اهتمامك بي إليه..وحين أعود من العمل.. سيكون علي أن أحضر لنفسي طعامي أو أنتظرك لساعات حتى تحضريه..

توقفت سلمى بباب المطبخ و التفتت إليه وهي تقول ضاحكة: كلامك غير صحيح..لا تخشى شيئا لن يتغير اهتمامي بك أبدا مهما حدث..

ابتسم أحمد لها فأكملت طريقها لداخل المطبخ..

أخرج أحمد هاتفه من جيب سرواله، ثم طلب رقما، وتفاجئ حين جاءه رد من الطرف الآخر فقال ضاحكا: لو كنت أعلم أنكم سترد إن اتصلت أنا بك لاتصلت منذ مدة.. على الأقل كنت لأرتاح من حديث أختك الدائم عنك..كيف حالك يا سامي؟

رد سامي ضاحكا هو الآخر: أنا بخير..كيف حالك و حال سلمى..

قام أحمد متجها للمطبخ بخطوات سريعة وهو يقول:بخير.. سأجعلها تتحدث إليك الآن..قد كانت قلقة عليك..

وأعطى الهاتف لسلمى وهو يردف بابتسامة: إنه سامي..

خطفت سلمى الهاتف منه بسرعة ثم قالت صارخة: سامي..كيف حالك..لم كان هاتفك مغلقا كل هذه المدة..قد تعبت من محاولة الاتصال بك..حتى أن..

قاطعها سامي قائلا: رويدك..رويدك..ألم يستطع أحمد تغيير هذا الطبع فيك..ألن تكفي عن الصراخ يوما !

لم تهتم سلمى لكلامه وقالت بقلق: سامي..هل أنت بخير؟

رد سامي ضاحكا: أجل بخير..كل ما في الأمر أني كنت في إجازة و لم أود أن يزعجني أحد..

عقدت سلمى حاجبيها قائلة: لا أدري لم أشعر أنك تكذب علي..

قال سامي بهدوء: لست أكذب يا سلمى..عموما علي أن أنهي الاتصال الآن..قد وصلت للمنزل..سأتصل بك لاحقا اليوم..

*****************

ضحكت أمل وهي تشاهد ليلى التي كانت تقلد حركاتها و كلامها بالمطعم، ثم أخذت تلوح بيدها وهي تقول: كفى سخفا يا ليلى..أنا لا أتحدث هكذا..

هزت ليلى رأسها وجلست على السرير قائلة: بلى تتحدثين هكذا..أنت لم تشاهدي نفسك !

قالت أمل ضاحكة : إذا أنا مخيفة !

قطبت ليلى حاجبيها وهي تقول: تريدين الصراحة..أجل..

رمت أمل بوسادة صغيرة كانت بجانبها على ليلى، ثم قالت مبتسمة: عموما أشكرك على مجيئك عندي..

أمسكت ليلى بالوسادة ولوحت بها قائلة: واضح شكرك لي !
ثم أضافت بجدية: بحثت عنك بعد انتهاء المحاضرة ولم أجدك..لم أستطع العودة للمنزل و أنا أعلم أنك منزعجة..

هزت أمل كتفيها وهي تقول ببرود: أبدا لست منزعجة..

رفعت ليلى حاجبيها قائلة: أنت بارعة في إخفاء مشاعرك..قد انزعجت من تصرف خالد..أي شخص في مكانك كان لينزعج..عموما أعتذر نيابة عنه..

ابتسمت أمل ثم قالت بهدوء : ولماذا تعتذرين نيابة عنه..إن كان هو فظا فما ذنبك أنت..

وقامت متجهة للشرفة فتبعتها ليلى وهي تقول : أقسم أن خالد طيب القلب..ربما الأيام ستثبت لك هذا..

رفعت أمل حاجبيها وهي تقول: طيب القلب.. واضح !
و أثارت انتباهها سيارة توقفت بالشارع، كانت ليلى تتحدث لكن أمل لم تكن تصغي إليها..

هذه سيارة سامي !
إنه سامي !

تسارعت دقات قلب أمل حين رأته يخرج من السيارة، و أمسكت بيد ليلى وجذبتها وهي تخرج مسرعة من الغرفة..

حاولت ليلى التخلص من قبضتها وهي تقول: أمل..ماذا هناك..

ردت أمل وهي تنزل الدرج كالسهم: اتبعيني فقط..بسرعة..

خرجت أمل من المنزل، ورأت سامي الذي كان مشغولا بإنزال حقيبته من السيارة، فاقتربت منه بهدوء من الخلف وقالت بابتسامة: أرجو أن تكون قد حظيت بإجازة ممتعة !

تجمد سامي بمكانه للحظة، ثم استدار لتقع عيونه على تلك الابتسامة الهادئة..
وما هذا الذي يراه بعيونها..بريق سعادة..هل هي سعيدة لرؤيته !

تجمدت ملامحه وهو يتطلع إليها بوجوم..

فقالت أمل بمرح: قد اشتقت إليك أيها السخيف..لا تقل أنك لم تشتق إلي أيضا !!

بلع سامي ريقه بصعوبة..يا إلهي هذا ما كان يخشاه..أصبح الوقوف أمامها و النظر إليها صعبا جدا..
كانت عبارة واحدة تترد بذهنه: أمل ليست لي..

بلل شفتيه بلسانه، وأطرق برأسه في محاولة للسيطرة على مشاعره ثم رفعه قائلا بلهجة جافة: كيف حالك يا أمل؟

قطبت أمل حاجبيها مستغربة طريقة حديثه ثم قالت: أنا بخير..

هز سامي رأسه ورفع الحقيبة متجها لمنزله، فأمسكت أمل بذراعه و أوقفته قائلة بدهشة: انتظر..إلى أين !

تطلع سامي ليدها الناعمة الممسكة بذراعه ثم أزاحها بلطف وقال بابتسامة باهتة وهو يشير للمنزل: لمنزلي طبعا..

عقدت أمل حاجبيها قائلة: هناك أمر أود التحدث فيه معك !

لوح سامي بيده مكملا طريقه وهو يقول: فيما بعد يا أمل..فيما بعد..

كان يُسرع بخطواته هربا منها، لا يدري إن ظل واقفا أمامها طويلا ..أي تصرف قد يقدم عليه..قد ينفجر و يخبرها بكل شيء !

وقبل أن يدلف للداخل لمح تلك الفتاة الواقفة بباب منزل أمل، كانت تراقبه باهتمام، وحين انتبهت أنه ينظر إليها ابتسمت له ابتسامة عريضة وساحرة !

*************

ابتسمت السكرتيرة لوالد سامي ثم قالت : بإمكانك الدخول الآن سيدي..

بادلها والد سامي الابتسامة ثم دخل للمكتب و صافح والد أمل قبل أن يجلس على المقعد أمامه قائلا:
كيف حال الأعمال؟

مط والد أمل شفتيه قائلا: لا بأس..لكن كما تعلم المشاكل كثيرة..

هز والد سامي رأسه بتفهم قائلا: أنت محق..لا تدري مدى سعادتي بعودة سامي..هو يحمل عني ثقلا كبيرا..

ابتسم والد أمل وهو يمازحه قائلا: ماذا ..ألم تعد قادرا على تحمل ضغوط العمل..أصبحت عجوزا يا صديقي !

ضحك والد سامي ثم قال بجدية: بخصوص موضوع أمل وسامي..بإمكانك أن تطمأن تماما..تحدثت إليه..وما أردناه سيحصل..يبدو أن بُعده لعدة أيام جعله يفكر مليا ويتخذ القرار الصحيح..

تنهد والد أمل بارتياح ثم قال: سأخبر أم أمل..لعل هذا الخبر يسعدها ويُحسن من حالتها..منذ آخر حديث لها مع سامي وحالتها النفسية و الصحية سيئة..

وصمت لوهلة قبل أن يضيف : استغربت أن أم سامي لم تتحدث إليها بالموضوع..كنت أترقب ردا فعل قوي منها..

زفر والد سامي ثم قال: قد اقتنعت بأن الخوض في هذا الموضوع قد ينتج عنه معرفة سامي لحقيقته..وطبعا هي لا تريد له أن يشعر بالألم التي سيترتب عن معرفته للحقيقة..

ثم أضاف وهو يفرك أصابعه بتوتر: قد أخطأنا..وما حدث هو عقاب على خطأنا هذا..لم يكن علينا أن نزور الحقيقة بهذا الشكل..

تنهد والد أمل ثم قال: ما حدث قد حدث..لن نستطيع تغييره الآن..

ثم أردف متسائلا: ألا تريد إخبار زوجتك بالحقيقة كاملة..

حرك والد سامي رأسه قائلا: أُفضِل أن لا تعلم شيئا..يكفي أننا استطعنا أن نخرج من هذه المشكلة العويصة على خير..لا نريد تعقيد الأمور أكثر !

****************
نفس المشهد الذي كان بشرفة أمل منذ أيام تكرر الليلة، أمل ممسكة بعلبة صغيرة تخرج منها قطع الحلوى و ترميها على البوابة الزجاجية لشرفة سامي، لعله يخرج إليها، لكن لا حياة لمن تنادي..

وضعت العلبة على أرضية الشرفة، ثم أمسكت بهاتفها واتصلت به، وطبعا لم يرد..

زفرت أمل بحدة وضغطت على أزار هاتفها بسرعة مرسلة هذه الرسالة له:
لن أؤخذ من وقتك الكثير أيها السخيف.. أخرج للشرفة..

ثم اتكأت على الجدار الذي يفصل بين شرفتيهما في انتظار خروجه، أو على الأقل رد منه !

لكنها لمحت ذلك الظل الذي اقترب قليلا من باب الشرفة وسرعان ما عاد للداخل..

اتكأت على الجدار بظهرها ثم ضغطت على أزرار هاتفها بغضب و أرسلت له : كنت أظنك قد تغيرت فعلا..لكنك لن تتغير أبدا..أنا الغبية لأني صَدقتك..تَذكَر أفعالك هذه جيدا يا سامي..أرجو أن تكون فخورا بنفسك !

ثم تنهدت ورفعت رأسها تتطلع للسماء، وأطلقت حرية شعرها الطويل، للتتلاعب به نسمات الليل العليلة، كانت قد أغمضت عينيها، وأخذتها أفكارها بعيدا..

و فتحتهما بغتة حين سمعت صوت تلك السيارة التي تخرج مسرعة من منزل سامي..
رفعت حاجبيها بدهشة، هذا سامي..

دخلت أمل لغرفتها وهي غاضبة منه و مندهشة في نفس الوقت..

ثم جلست أمام مرآتها و أخذت تدقق النظر في ملامحها، وغمغمت لنفسها : وكأنه مكتوب على جبيني..تصرفوا معي بغرابة !

ابتسمت بسخرية على نفسها ثم سرحت شعرها قليلا و استلقت على سريرها ،قد كان أسبوعا متعبا بالجامعة..

وتوجهت أفكارها نحو.. خالد..
لِم يا ترى يتصرف معها بهذا الشكل، من أجل أول موقف حدث بينهما..لأنها رفضت دعوته لها للانضمام إليهم؟
ربما..
لكن ماذا كان يتوقع منها، قد أعاد لها بطاقتها.. فشكرته..ماذا كان يتوقع أكثر من هذا !

أخفت أمل رأسها تحت الوسادة وهي تتمتم بحنق: مغرور..لم أرى في حياتي شخصا أكثر غرورا منه..
لَم يجعلها شخص من قبل تتوتر لرؤيته كما يفعل هو، و نظراته تربكها..
تتمنى أن لا تراه كثيرا بالجامعة !

**************

وضعت أم أمل كوبي القهوة على الطاولة وجلست على كرسي بالقرب من أم سامي قائلة:أشعر بتحسن الآن الحمد لله..

ابتسمت أم سامي ثم رشفت من كوبها قبل أن تقول: سامي يبلغك سلامه..ويعتذر لأنه لم يكن يعلم بأنك مريضة..يقول أنه سيزورك اليوم..

وكأن الدماء عادت لوجه أم أمل المُصفر بعد سماعها هذه الكلمات..
وقالت غير مصدقة: أحقا..هو من قال هذا..

هزت أم سامي رأسها وهي تقول: أجل..قد وجد أعمالا كثيرة تنتظره بالشركة..شغلته عنا جميعا..حتى أنني لم اعد أراه إلا صباحا وهو ذاهب للعمل..لذا لم يكن يعلم بمرضك..أنا من أخبرته أمس..

علت وجه أم أمل ابتسامة عريضة وقالت : حفظ الله ورعاه..

بادلتها أم سامي الابتسامة وعادت ترتشف من كوبها..

ثم التفتت الاثنتين للدرج حين سمعتا صوت خطوات أمل وهي تنزل بنشاط، اقتربت أمل وقبلت يد كل منهما، ثم قالت لوالدتها بابتسامة: سأخرج الآن يا أمي..هل تحتاجينني في شيء؟

ابتسمت والدتها قائلة: لا يا ابنتي..لكن لا تتأخري كثيرا..

هزت أمل رأسها موافقة ثم لوحت لهما وهي تبتعد قائلة: لن أتأخر..

كانت والدة سامي تتأمل أمل من رأسها لأسفل قدمها، أمل تبدو في غاية الجمال و الأناقة اليوم، شعرها الكستنائي الطويل مُسرحٌ على شكل ذيل حصان، أحاطته بشريط وردي جميل يناسب لون القميص الوردي الأنيق الذي ترتديه...

معذور سامي !

هي أيضا لم تكن تتصور أن تكون أمل لشخص غيره ، لم تظن أن أي شيء سيقف أمام كون سامي لأمل و أمل لسامي، لأنها لم تكن تعلم أن غيرها و غير زوجها يعرفون سرهم..

التفتت لوالدة أمل و قالت بابتسامة هادئة: أمل أصبحت عروسة يا أم أمل..

بادلتها والدة أمل الابتسامة قائلة:أجل..لكنها عنيدة..تقول أنها لا تفكر بالزواج الآن..

ضحكت والدة سامي قائلة: كلهن يقلن هذا !

وأردفت بابتسامة هادئة: لكن المُقدر مُقدر..وحين يأتي النصيب..لا تعود جملة "لا أفكر بالزواج هذه" في قاموسهن !

**************

أمل تبحث عن ذلك الكتاب بين الرفوف منذ نصف ساعة..
ولم تجده بعد.. لكنها لن تترك المكتبة اليوم إلا بعد أن تجده، هناك بحث مهم عليها أن تقدمه لأحد أساتذتها بعد يومين..وهذا الكتاب هو المرجع الوحيد الذي من الممكن أن تستعين به..

ربما لم تجده لأنها لا تركز في بحثها جيدا..
بالها مشغول.. حين دخلت المكتبة وجدت تلك الشلة جالسة بمكانها المعتاد، مروى ووفاء و عادل..

لكن خالد ليس معهم، وهذا أمر غريب،هو يكون هنا دائما يوم السبت..

وكأنها شعرت بخيبة أمل لأنها لم تره..

اتسعت عيون أمل، ما هذا الذي تقوله، هي تود لو أنها لا تراه أبدا، عن أي خيبة أمل تتحدث !!

بدأت أفكارها تخيفها.. !

زفرت أمل وتوجهت لآخر رف لم تبحث فيه بعد، وبدأت تمرر أناملها على الكتب وعيونها تقرأ العناوين بسرعة..

ووجدته !

علت الفرحة ملامحها، وما كادت تسحبه من مكانه، حتى وجدته يُسحب من الجهة الأخرى للرف..

تجمدت أمل للحظة وهي تنظره لمكانه الخالي، ثم عقدت حاجبيها بغضب والتفت حول الرفوف بسرعة..
لمحت ذلك الشخص يبتعد وبيده الكتاب، فأسرعت الخطى لتلحق به، ثم قالت حين اقتربت منه: أنت..من فضلك..

استدار ذاك الشخص ببطء و بدت الدهشة على وجهه لثانية، لكن سرعان ما عادت ملامحه لهدوئها..

اتسعت عيون أمل، وتوقفت دون حراك بمكانها من الصدمة..لم تستطع النطق بكلمة..
ما هذا الموقف السخيف..

إنه خالد !

ظل خالد يتأملها لوهلة، ثم قال بهدوء: هل من شيء؟

أبعدت أمل عينيها عنه ،و نظرت للكتاب بيده، ثم قالت مشيرة إليه وهي تحاول جعل نبرة صوتها هادئة رغم التوتر الذي يكتنفها: قد كنت أبحث عن هذا الكتاب الذي بيدك الآن..

ابتسم خالد وهو يتأمل ملامحها، ربما لأنه شعر بالتوتر الذي تخفيه وراء هذا الهدوء..

أربكت نظراته هذه أمل فأشاحت بنظراته عنه وهي تقول ببرود: أنا بأمس الحاجة له..

هز خالد كتفيه قائلا بلهجة جافة: وأنا أيضا !

رفعت أمل حاجبيها بدهشة، يا له من شخص فظ..

ثم قالت بهدوء: أنا بحاجة إليه في بحث يجب أن يكون جاهزا بعد يومين..لذا كما ترى أعاني من ضيق الوقت.. لكن إذا أعطيتني إياه سأعيده غدا و بإمكانك أخذه..هل هذا ممكن؟

رد خالد ببرود : آسف..لن أستطيع..

أطرقت أمل برأسها، ثم رفعته وعلى وجهها ابتسامة هادئة: هل تحاول أن تثبت شيئا ما؟

رد خالد بوجوم : أي شيء؟

خلت ملامح أمل من أي تعبير وهي ترد ببرود شديد: أنك فظ مثلا !

ثم استادرت مبتعدة عنه وهي لا تكاد تصدق أن هناك شخصا تَجَمعَ فيه كل هذا البرود..و الغرور..

أما خالد فظل يتأملها بدهشة وهي تبتعد ثم صدرت عنه ضحكة خافتة، لم تصل لآذان أمل لأنها كانت قد خرجت من المكتبة،

ظل واقفا بمكانه على وجهه ابتسامة جانبية هادئة.. يستعيد الكلمات التي قالتها له..صَدقَ عادل..يا لها من فتاة !

أمل شعرت بالإحباط لأنها لم تحصل على الكتاب، وقفت بالشارع تنتظر سيارة أجرة، ستعود للمنزل خالية الوفاض..
ماذا ستفعل الآن.. هي فعلا في أمس الحاجة له !
خطرت ببالها فكرة.. تتصل بليلى و تخبرها بما حدث، ثم تطلب منها أن تتصرف مع ابن عمها..

لكن لا، لن يُحْرج مثله من رفض طلبها حتى أن جعلت ليلى تتحدث إليه..

ستجد حلا..دون أن تضطر للاحتكاك بهذا المغرور..

كانت أمل منشغلة في التفكير بحل لهذه المشكلة التي تواجهها..
لذا لم تنتبه لذلك الشاب الذي كان يتطلع إليها من بعيد، ولم تنتبه له أيضا حين اقترب منها إلا بعد أن قال بصوت قصد أن يجعله ناعما: كيف حالك أيتها الجميلة..

التفتت أمل إليه ببطء، ثم عادت تراقب السيارات التي تمر بالشارع..

قطب الشاب حاجبيه ثم قال بسخرية: ماذا..هل تفضلين أصحاب السيارات؟

لم يأته جواب من أمل فزاد قربا منها ثم قال: ما اسمك؟

زفرت أمل بحدة ثم قالت دون أن تنظر إليه: ابتعد ..

رفع الشاب حاجبيه وقال بسخرية: وماذا إن لم أبتعد !

التفتت أمل بحدة وهمت أن تقول شيئا لكنها رفعت حاجبيها بدهشة ..

لا تعرف من أين أتى خالد..
لكنه كان ممسكا بياقة قميص ذلك الشاب وهو يقول بصوت بث الخوف بداخلها هي أيضا:
إذا لم تبتعد ستضطر لجمع أسنانك من هذا الشارع سنا..سنا..ولربما عظامك أيضا..

ثم دفعه بعيدا بعد أن أنهى جملته..فأطلق الشاب ساقيه للريح، و اختفى في لمح البصر..

تبدلت ملامح خالد في أقل من ثانية و بدا عليه الهدوء وهو يقول لأمل و نبرة صوته يعلوها بعض القلق : هل أنتِ بخير؟

**********

>>> يــتـــبــع >>>
 

om yossif

New member
إنضم
6 أغسطس 2008
المشاركات
35
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
alqesaa waayd 7lwaaa ya36ech al3afyaa bas ween altakmelaa :(
 

LOOLY

New member
إنضم
1 مايو 2008
المشاركات
202
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بانتظار البقيه