أسيرة القلوب
New member
- إنضم
- 13 أغسطس 2008
- المشاركات
- 560
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
اشتط غضبي من هذه الجملة، فأمسكت بيدها مجددا
و شددت قبضتي عليها و قلت بحدة و أنا أضغط على أسناني
كأني أمزّق حقيقة أكرهها بين نابي ّ :
" لن أدع لك الفرصة لتحقيق ما يدور برأسك.. و أقسم يا رغد..
أقسم بأنه ستمضي سنون خمس على الأقل، قبل أن أسمح لأي رجل بالزواج منك ..
و إن كان ابن خالتك يطمع بك، فلينتظر هو بالذات عشر سنوات حتى أسمح له بطرح الفكرة
و إن تجرأ على إعادة عرضه ثانية قبل ذلك .. فوالذي لم يخلق في داخلي قلبين اثنين
لأقننه درسا يُنسيه حروف اسمه ... و دون ذلك، لن يبعدك شيء عني ّ غير الموت..
الموت و الموت فقط "
لم أدرك تماما خطورة ما تفوّهت به ، إلا بعد أن رأيت رغد تحملق بي بذهول شديد
و قد تبخّرت الدموع التي كانت تجري على وجنتيها..
و ألجم حديثي لسانها و منعها حتى عن التأوّه من شدة قبضي على يدها...
ربما أكون قد كسرت أحد عظامها أو حرّكت أحد مفاصلها .. لقد كنت أضغط بقوة شديدة...
أصابت عضلات يدي أنا بالإعياء...
سكون تام خيّم علينا، ما عاد هناك صوت للمحرك، و لا للهواء ، و لا لرغد، و لا لأي شيء آخر..
حررت يد رغد من قبضتي، فرأيتها محمرّة.. و بالتأكيد مؤلمة...
ألا أن رغد لم يظهر عليها الألم، و لم تسحب يدها بعيدا عني
كما لم ترفع عينيها المذهولتين عن عيني ...
~~~~~~~~
طوال الأشهر الماضية، كنت أنظر إلى خطيبي وليد نظرة إعجاب شديد
أكاد معها أجزم بأنه أفضل رجل على وجه الأرض، و لا أرى منه أو فيه أي عيب أو نقص...
و كانت جميع خصاله و طباعه تعجبني، و سلوكه و تصرفاته كلها مثار إنبهاري ..
و في هذا اليوم، رأيت شيئا أذهلني و فاجأني...
لم أتصوّر أن يكون وليد بهذا التسلّط أو هذه القسوة !
لم أتوقع أن يصدر منه أي تصرّف وحشي.. كنت أراه إنسانا هادئ الطباع و مسالما...
و عظيم الخلق...
الطريقة التي سحب بها رغد رغما عنها
و الطريقة التي زجرنا بها حين حاولنا ثنيه عما كان مقبلا عليه
و الطريقة التي لكم بها حسام بوحشية
و الطريقة التي خاطب بها رغد و نحن في طريقنا الطويل إلى المدينة الساحلية
كلها أثارت في قلبي الخوف و الحذر...
و ذكّرتني، بأن خطيبي هذا قد قتل شخصا ما ذات يوم ... !
كان الطريق إلى المدينة الساحلية طويلا جدا، و مملا جدا ...
و قد سيطر الصمت الموحش علينا نحن الأربعة ...
والدتي سرعان ما نامت، و بقيت أنا أراقب الطريق، و أحاول النظر إلى وليد
ألا أنه كان مركزا في الطريق تركيزا تاما، و كان يسير بسرعة مخيفة !
" هللا خففت السرعة يا وليد ! "
طلبت منه ذلك، فقد شعرت بالخوف من انفعاله ... ألا أنه لم يخففها بل قال :
" طريقنا طويل جدا ... أجدر بي زيادتها "
ثم التفت إلى رغد، و التي كانت مشيحة بوجهها نحو النافذة و مسندة رأسها إليها
و خاطبها قائلا :
" اربطي حزام الأمان "
لم أر من رغد أي حركة ، أهي نائمة ؟ أم لم تسمع ؟ أم ماذا ؟؟
عاد وليد يقول :
" رغد .. اربطي حزام الأمان "
رأيتها تتحرك، ثم سمعتها تقول :
" لماذا ؟ هل تنوي أن تصدمنا بشاحنة أو جبل ؟ "
بدا على وليد ، من نبرة صوته ، نفاذ الصبر و الاستياء، إذ قال :
" لا قدّر الله ، فقط اربطيه للسلامة "
قالت رغد :
" لا تخش على سلامتي ! مرحبا بالموت في أي وقت .. أنا انتظره بشوق "
الجملة هذه أربكت وليد فانحرف في مسيره قليلا و أفزعنا !
ثم خفف السرعة تدريجيا، حتى أوقف السيارة... و التفت إلى رغد قائلا :
" توقّفي عن ذكر الموت يا رغد.. تجرّعت منه ما يكفي.. إياك و تكرار ذلك ثانية "
لم تعقّب رغد، بل أسندت رأسها إلى النافذة من جديد...
قال وليد :
" اربطي الحزام "
قالت :
" لن أفعل ! "