"أنـــــت لـــــــــــــــــــــــي "!!

  • بادئ الموضوع أسيرة القلوب
  • تاريخ البدء
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
" و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ "
نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت :
" رغد ... انصرفي فورا ! "
ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي ...
لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا ... أي حكاية لي مع وليد ؟؟؟ ما أكثر الحكايات !
أريد أن أنضم إليهم !
على الأقل ... سأراقبهم من النافذة !
و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي ... حيث هم يجلسون ...
من تتوقعون صادفت في طريقي ؟؟
نعم وليد !
دخل للتو ... و حينما رآني توقف برهة ... ثم سار مغيرا طريقه ...
ربما كان يود القدوم من ناحيتي ألا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ ...
أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه ؟؟
" وليد "
ناديته بألم ... إذ أن تصرفه هذا جرحني ...
لم يلتف إلي ، و رد ببرود :
" نعم ؟ "
تحشرج صوتي في حنجرتي ... و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه ... لكنه سمعه !
" أريد أن أتحدث إليك "
" خيرا ؟ "
كل هذا و هو مدير ظهره إلي ... أمر ضايقني كثيرا ...
" وليد ... أنا أحدثك ! أنظر نحوي ! "
استدار وليد بتردد ، و نظر إلى عيني نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عني ...
كم آلمني ذلك ...
قلت :
" لماذا لا تود التحدث معي ؟؟ "
بدا مضطربا ثم قال :
" تفضلي ... قولي ما عندك "
و تنهد بضيق ...
قلت بمرارة :
" إذا كنت لا تود الاستماع إلي ... و لم يعد يهمك أمري ... فلا داعي لقول شيء "
وليد التزم الصمت ...
ثم و بعد أن طال الصمت بنا ، استدار راغبا في الانصراف ...
أنا جن جنوني من إهماله لي بهذا الشكل ... و أسرعت نحوه و قبضت على يده و قلت بحدة و مرارة :
" انتظر ... "
وليد سحب يده و استدار نحوي بغضب ... و رأيت النار تشتعل في عينيه ... كان مرعبا جدا ...
الدموع تغلبت علي الجفون ... و تحررت من قيودها و شقت طريقها بإصرار و شموخ على الخدين ...
وليد توتّر ... و تلفت يمنة و يسرة ... ثم قال :
" لماذا تبكين الآن ؟؟ "
قلت بعدما أغمضت عيني أعصر دموعها ... ثم فتحتهما :
" لماذا لم تعد تهتم بي ؟ لماذا تتحاشاني ؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية و كأنني لا أعني لك شيئا ؟؟ "
الرعب ... و الذعر و الهلع ... أمور أثارتها نظراته الحادة المخيفة التي رماني بها بقسوة ... قبل أن يضربني بكلماته التالية :
" يا ابنة عمي ... لقد كبرت ِ و لم تعودي الطفلة المدللة التي كنتُ أرعاها ... أنت الآن امرأة بالغة ... و على وشك الزواج ... لدي حدود معك لا يجوز تخطيها ... و لديك سامر ... ليهتم بأمرك من الآن فصاعدا "
و تركني ... و سار مبتعدا إلى الناحية التي كان يريد سلكها قبل ظهوري أمامه ...
اختفى وليد ... و اختفت معه آمال واهية كانت تراودني ... وليد الذي تركني قبل تسع سنين ، لم يعد حتى الآن ..
مسحت بقايا دموعي و آثارها ... و خرجت إلى حيث كان والدي ّ و سامر يجلسون حول الطاولة ...
أقبلت نحوهم فوقف سامر مبتسما يزيح الكرسي المجاور له إلى الوراء ليفسح المجال لي للجلوس ...
سامر ... كان دائما يعاملني بلطف و اهتمام بالغ ، و يسعى لإرضائي و إسعادي بشتى الوسائل ...
اقتربت من سامر و نقلت بصري منه ، و إلى والديّ ، ثم إلى أكواب الشاي و الدخان الصاعد من بعضها ... ثم إلى الخاتم المطوق لإصبعي منذ سنين ... ثم إلى عيني سامر اللتين تراقباني بمحبة و اهتمام ... ثم قلت :
" سامر ... لقد اقتنعت ... سنحتفل مع دانه "

---------------------
نهايه الحلقه الـ19
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الحلقه العشرون
~ نهاية المطاف ~
كنت قد دخلت إلى داخل المنزل لإحضار سيجارة ...
فكلما شعرت بالضيق ، عكفت على التدخين بشراهة ...
و رؤية رغد و سامر يقبلان نحونا ... و أصابعهما متشابكة جعلت شعبي الهوائية تنقبض و تنسد ...
سامر جلس معنا ، و ذهبت رغد إلى الداخل ...
بعد قليل دخلت قاصدا الذهاب إلى غرفة سامر و إحضار السجائر ، فرأيتها أمامي ...
الغضب الذي كان يسد شعبي مع ذلك الهواء خرج فجأة باندفاع مصبوبا عليها ... فتحدثت معها بقسوة رافضا الإصغاء إلى ما كانت تود إخباري به ...
الآن أنا في الغرفة أشعر بالندم ...
لماذا أصبحت أعاملها بهذه الطريقة ؟؟
أليست هذه هي رغد ... طفلتي الحبيبة المدللة ؟؟
رغد ...
أتسمعون ؟؟
أتدركون ؟؟
إنها رغد ! رد !
حملت سجائري و ذهبت في طريقي إلى الخارج ...
عند عبوري الممر قرب المطبخ لمحت أختي دانه ، و كانت ترتدي مريلة خاصة بالمطبخ و توشك على المسير نحو الباب ...
" وليد ! ... أوه سجاغئر ! "
ثم مسكت أنفها بإصبعيها كمن يمنع رائحة كريهة من اقتحام أنفه !
" لن أدخن هنا ! "
قالت :
" أنا أيضا ذاهبة لوداع سامر ! رغد الكسولة تركتني أعمل وحدي ! "
و خرجنا سوية ..
رغد كانت تجلس قرب سامر ... الذي يبدو على وجهه الانفعال و السرور !
قالت دانة :
" آسفة سامر سأودعك الآن و أعود للمطبخ ! "
و وجهت كلامها إلى رغد :
" فالكسالى يجلسون هنا ! و لكن بعد أن أتزوج ستقع على رؤوسهم أعمال المنزل
رغما عنهم ! "
سامر ضحك ، و كذلك والدي ... أما رغد فألقت نظرة لا مبالية على دانه ثم أخذت تشرب الشاي ...
والدتي قالت :
" بل على رأسي أنا ! فأنتما ستخرجان من هنا في ليلة واحدة ! "
أنا صعقت ... و اكفهر وجهي ... و حملقت في رغد ... أما دانه فقالت :
" ماذا ... أمي ؟؟ هل ...؟؟ "
سامر قال :
" قررنا أخيرا !! "
دانه سارت نحو رغد ببهجة فوقفت الأخرى و تعانقتا ...
" أيتها الخبيثة ! هل تريدين سرقة الأضواء مني ؟؟ "
و ضحكتا بمرح ...
ثم عانقت دانة سامر و تمتمت ببعض الكلمات ، ثم ودعته و عادت إلى الداخل ...
" يجب أن أغادر الآن ! "
قال ذلك سامر ... فوقف والدي ، و احتضنهما و قبل رأسيهما ...
ثم أمسك بيدي رغد ، و ضمها إليه في عناق طويل ...
كل هذا و أنا واقف كالشجرة التي إلى جانبي ... أشعر بالصواعق تضربني من كل جانب ، و أعجز عن فعل شيء ...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
و الآن ... يقبل الخائن نحوي أنا ... يريد توديعي ...
ابتعد يا سامر فأنا أشعر برغبة جنونية في ضربك ! و لا أعرف أي قوية امتلكت لحظها و منعت يدي من أن تحطم وجهه ...
صافحته و عانقته عناقا باردا خال من أية مشاعر ... و تركته يذهب ...
بعدما خرج ، تجاوزت الطاولة و من يجلس حولها ، و وقفت بعيدا لئلا أزعج أحدا بدخان سجائري ...
كنت أسمع أصوات الثلاثة ، أبي و أمي و الخائنة يتحدثون عن أمور الحفلة و الإعداد لها ...
و كنت أشعر بأن طبقة سميكة من الإسمنت قد صبت على صدري و يبست و كتمت أنفاسه ...
أمي ذهبت بعد ذلك للمطبخ لتساعد دانه ، و بقي والدي مع رغد ...
كنت أختلس نظرة ناحيتهم من حين لآخر ... والدي كان يجلس موليا ظهره إلي أما الخائنة فكانت تواجهني
و لم يحدث أن التفت ُّ إلا و اصطدمت نظراتنا ، فزادت الإسمنت على صدري طبقة بعد طبقة ...
والدي تلقى مكالمة عبر هاتفة المحمول ، ثم انصرف إلى الداخل ...
و بقيت صغيرتي وحدها تشرب الشاي ... توقفت عن الالتفات إلى الوراء ... و شردت في اللاشيء الذي لا أراه أمامي ...
و الآن شعرت بحركة خلفي ... و بقيت كما أنا أرتقب ... و ظهر ظل أمامي يكبر و يكبر ... و الفتاة الواقفة خلفي تقترب و تقترب ... و الآن توقفت ...
لثوان معدودة ... ظلت رغد واقفة خلفي و أنا لا أملك من الشجاعة و القوة ما يمكنني من الاستدارة إليها ... و لكني أرى ظلها أمامي ... و أرى يدها تتحرك نحوي ... ثم تتراجع ... ثم تستدير ... ثم تنسحب ...
عندما ابتعدت استدرت أنا للخلف و رأيتها و هي تسير مبتعدة و يدها تمسح ما قد يكون دموعا منسكبة على وجهها مددت يدي ... أريد أن أمسك بها ... أمسك بظلها ... أمسك بطيفها ... أمسك بدمعها ... أمسك بذرات الهواء التي لامستها ... و اختفت رغد ... و عادت يدي فارغة لم تجني غير الحسرة و الألم ...
عندها ، تلوّت معدتي أيما تلوي ... و عصرت كما تعصر الملابس المبللة باليدين ...
في تلك الليلة ، حضر نوّار خطيب شقيقتي و قد جالسته لبعض الوقت ...
و رغم أنه دمث الخلق ، ألا أن نفسه لا تخلو من الغرور و التعالي ... و قد أحرجني لدى سؤاله لي عن دراستي المزعومة و أعمالي و خبراتي المعدومة !
و كنت أختصر الإجابات ببعض جمل غامضة ، و سرعان ما انسحبت تاركا الخطيبين يستمتعان بعشائهما ...
و لشدة الآلام ـ الجسدية منها و النفسية ـ فإنني اكتفيت بقدر يسير من الطعام ... و ذهبت إلى غرفة سامر متحججا بالنعاس ...
رغد لم تكن قد شاركتنا الوجبة ، فلا أظنها تفكر في فعل ذلك بعد الطريقة الفظة التي عاملتها بها ...
الندم يقرصني و يوخز جميع أعصابي الحسية ... إضافة إلى آلام المعدة الحادة ...
و مرة أخرى خرجت الدماء من جوفي و زاد قلقي ... لابد أنني مصاب بمرض ... و لابد لي من مراجعة الطبيب ...
على السرير تلويت كثيرا حتى قلبت المفارش و البطانيات و الوسائد رأسا على عقب ...
أفكاري كانت تدور حول رغد ... كيف لي أن أهدأ لحظة واحدة ... و موعد زفافها قد تحدد !
لو كان باستطاعتي تأجيله قرنا بعد ... فقط قرن واحد ... أضمن فيه أنها تبقى معزولة عن أي رجل ... و تموت دون أن يصل إليها أحد ...
أخرجت صورة رغد الممزقة و جعلت ألملم أجزاءها ، و أتاملها ، ثم أبعثرها من جديد
و أعود لتجميعها كالمجنون ...
نعم مجنون ... لأن تصرف كهذا لا يمكن أن يصدر من كائن عاقل ...
تركتها ملمومة على المنضدة التي بجواري ... و قمت أذرع الغرفة ذهابا و جيئة كبندول الساعة !
اقتربت الساعة من الواحدة ليلا ... و أنا ما بين آلم معدتي الحارق و ألم قلبي المحترق ... حتى رغبت في تناول أي شيء من شأنه أن يهدئ الحريق المشتعل بداخلي ...
و تنفُّس أي شيء يطرد الضيق من صدري ...
أخذت علبة سجائري ... و خرجت من الغرفة ... تاركا الباب مفتوحا ...
ذهبت أولا إلى المطبخ و حملت علبة حليب بارد معي فقد لاحظت تأثيره المهدئ على معدتي ، و خرجت إلى الفناء ... و بدأت بشربه و التدخين معا ...
~ ~ ~ ~ ~ ~
لا أستطيع أن أنام و أنا أفكر ... و أفكر و أفكر ... فيما قاله وليد لي ... و الصداع يشتد لحظة بعد أخرى ...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
كم آلمني ... أن أكتشف أنه لم يعد يهتم بي أو يرغب في رعايتي كالسابق ...
لقد تغير وليد ... و أصبح قاسيا و مخيفا ... و غريبا ...
كنت أبكي حسرة و مرارة ... فأنا فقدت شيئا كان يشغل حيزا كبيرا من حياتي ...
و منذ ظهوره ، و أنا في صراع داخلي ...
بقيت فترة طويلة أتأمل صورته التي رسمتها قبل شهور ... و لم أتمها ...
و إذا بي أرى نفسي ألّون بياض عينيه باللون الأحمر الدموي ... ! غضبا و حسرة ...
صار مخيفا ... مرعبا ...
دانه كانت تمضي وقتا غاية في السعادة و المتعة مع خطيبها الذي تحبه ... و هذا يجعلني أتألم أكثر ... لأنني لا أحظى بالسعادة التي تحظى بها ... و لا أشعر بالمشاعر التي تشعر هي بها تجاه خطيبها ...
غدا هو يوم دراسة ، و يجب أن أنام الآن و إلا فإنني سأنام في القاعة وسط الزميلات !
خرجت من غرفتي و في نيتي ابتلاع قرص مسكن من الأقراص الموجودة في الثلاجة ، و فيما أنا أعبر الردهة لاحظتُ باب غرفة سامر مفتوحا ...
تملكني الفضول !
سرت بحذر و هدوء نحو الغرفة !
وقفت على مقربة و أصغيت جيدا ... لم أسمع شيئا ...
اقتربت أكثر خطوة بعد خطوة ، حتى صرت عند فتحة الباب ، و أطللت برأسي إلى الداخل بتهور ... لكني لم أجد أحدا !
عندها فتحت الباب على مصراعيه بسرعة ... و بذعر و هلع صحت :
" وليد ! "
قفزت و أنا أركض كالمجنونة ... أجول في أنحاء المنزل و في رأسي الاعتقاد الصاعق بأن وليد قد فعلها و رحل خلسة ...
الدموع تسللت من عيني من شدة ما أنا فيه ، و شعرت برجلي ّ تعجزان عن حملي فصرت أترنح في مشيتي مخطوفة الفؤاد ... منزوعة الروح ...
و انتهى بي الأمر إلى باب المدخل ...
وقفت عنده و مسكت قبضته و ركّزت كل ثقلي عليها لتدعمني لئلا أقع ... فإن انفتح الباب ... فلا شك أن وليد قد غادر و تركه مفتوحا ...
و انفتح الباب و انهرت أنا مع انفتاحه ...
لقد فعلها و فر خلسة دون وداعي ... خارت قواي و أخذت أبكي و أنحب بصوت عال ...
" لماذا ؟ لماذا يا وليد لماذا ؟؟ "
فجأة ... ظهر شيء أمامي !
كنت أجلس عند الباب بلا حول و لا قوة ... و شعرت بشيء يتحرك فأصابني الذعر الشديد ... فإذا به وليد يظهر في المرأى ...
" رغد !!؟ "
لم أصدّق عيني ... هل هذا شبح ؟؟ أم حقيقة ؟؟
جسم كبير ... طويل عريض ... متخف في الظلام ... يتقدم نحوي ... لا يُرى شيءٌ منه بوضوح غير لهيب السيجارة التي بين إصبعيه ...
" رغد ... ما ... ماذا تفعلين هنا ...؟؟ "
و كدمية كهربائية قد فُصِل سلكها عن المكبس ، شللت ُ عن الحركة ...
حتى رأسي الذي كان ينظر إلى الأعلى ... الأعلى .. حيث موضع عيني وليد ، هوى إلى الأسفل ... متدليا على صدري سامحا للدموع بأن تبلل الأرض ...
لم أجد في بدني أي مقدار من القوة لتحريك حتى جفوني ...
وليد وقف مندهشا متوجسا برهة ... ثم جلس القرفصاء أمامي ... و قال بصوت حنون جدا ...
" صغيرتي ... ؟؟"
الآن ... كسبت من الطاقة ما مكنني من رفع رأسي للأعلى و النظر إليه ...
و بقيت أنظر إلى عينيه و تحجبني الدموع عن قراءة ما فيهما​
...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0


" ما الذي تفعلينه هنا ؟؟ "
" هل تريد الرحيل دون وداعي ؟؟ "
لم تخرج الكلمات كالكلمات ... بل خرجت كالبكاء الأجش ...
" الرحيل ؟؟ من قال ذلك ؟؟ "
" ألست ... ألست تريد الرحيل ؟؟ "
" لا ... خرجتُ أدخّن ! ... لكن ... ما الذي تفعلينه أنت هنا في هذا الوقت ؟؟ "
أخذت نفسا عميقا و أطلقت الكلمات التالية باندفاع و بكاء :
" ظننت أنك رحلت ... دون علمي و وداعي ... كما فعلت في قبل سنين ...
تركتني وحيدة ... في أبشع أيام حياتي ... "
مد وليد يده فجأة و بانفعال نحوي ، ثم أوقفها في منتصف الطريق ، و سحبها ثانية ...
قلت :
" حتى لو لم أعد أعني لك شيئا ... لا ترحل دون علمي يا وليد ... أرجوك لا تفعل ... عدني بذلك ... "
وليد ظل صامتا لا يجرؤ على شيء سوى الإصغاء إلي ...
قلت :
" عدني بذلك وليد أرجوك ... "
هز رأسه إيجابا و قال :
" أعدك . "
نظرت إليه بتشكك ... كيف لي أن أثق بوعوده ... ؟؟ ...
قلت :
" اقسم "
وليد تردد قليلا ثم قال :
" أُقسِم ... لن أرحل دون علمك ... صغيرتي ... "
شعرت بالراحة لقسمه ... و سحبت نفسا عميقا ليهدئ من روعي ...
وليد حملق بي قليلا ثم وقف ... و رفع سيجارته إلى فمه و سحب بدوره نفسا عميقا ...
وقفت أنا ، و سمحت للباب الذي كنت أستند عليه و أحول دون انغلاقه أن ينغلق
نفث هو الدخان للأعلى ، ثم قال و هو لا يزال ينظر عاليا :
" لم استيقظت الآن ؟؟ "
قلت ، و أنا أراقب الدخان يعلو و ينتشر ...
" لم أنم بعد "
قال :
" لم ؟ ألن تذهبي غدا إلى الكلية ؟ "
قلت :
" بلى ... لكن ... لدي أرق "
و صمت ...
ثم سألته :
" و أنت ؟ "
قال :
" كذلك ، لذا خرجتُ أدخن ... في ساعة كهذه "
قلت :
" هل ... يريحك التدخين ؟؟ "
وليد لم يجب مباشرة ، ثم قال :
" نعم ... إلى حد ما ... يرخي الأعصاب ... "
قلت :
" دعني أجرب ! "
وليد التفت إلي بدهشة و نظر باستغراب !
" ماذا ؟؟ "
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
" أريد أن أجرب ! "
اعتقد أنها ابتسامة تلك التي ظهرت على إحدى زاويتي فمه !
قال :
" هل تعنين ما تقولين ؟؟ "
" نعم ... أتسمح ؟؟ "
وليد هز رأسه اعتراضا و قال :
" لا ... لا أسمح "
" لم ؟ "
" لا أسمح لشيء كهذا بدخول صدرك ... "
" لكنه يدخل صدرك ! "
قال :
" أنا صدري اعتاد على حمل السموم و الهموم ... "
ثم رمى بالسيجارة أرضا و سحقها تحت حذائه ...
و علت وجهه علامات التألم ، و ضغط بيده على بطنه و قال :
" لندخل "
و حينما دخلنا ، قال :
" تصبحين على خير "
و اتجه نحو المطبخ ...
أنا تبعته إلى هناك فرأيته يخرج علبة حليب بارد و يجلس عند الطاولة و يرشف منها ...
و بعد رشفة أو رشفتين سمعته يتأوه ... و يسند رأسه إلى الطاولة في وضع يوحي للناظر إليه بأنه يتألم ...
دخلت المطبخ ... فأحس بوجودي ... فرفع رأسه و نظر إلي ...
" ألن تخلدي للنوم ؟ الوقت متأخر "
شعرت بقلق شديد عليه ... قلت :
" ما بك ؟؟ "
أبعد نظره عني و قال :
" لا شيء "
لكني كنت أرى الألم باد على وجهه ... و عاد يشرب الحليب جرعة بعد جرعة ...
" وليد ... هل أنت مريض ؟؟ "
تنهد بنفاذ صبر و شرب بقية الحليب دفعة واحدة ، ثم نهض ... و خطا نحوي ...
" تصبحين على خير "
و تجاوزني ، و ذهب إلى غرفة سامر ... و أغلق الباب ...
~ ~ ~ ~ ~ ~
صحوت من النوم على صوت والدتي توقظني من أجل تأدية صلاة الفجر ...
كنت قد نمت قبل ساعة و نصف ، و أشعر بإعياء شديد ...
أفقت من النوم فوجدتها واقفة قربي ... نهضت و ذهبت للتوضؤ ، و عندما عدت وجدتها لا تزال واقفة عند نفس المكان تنظر إلى المنضدة ...
ما أن أحست بوجودي حتى استدارت نحو بسرعة ، و قالت :
" والدك ينتظرك ... "
ثم خرجت من الغرفة ....
ألقيت نظرة على المنضدة التي كانت أمي تراقبها قبل مجيئي ... فإذا بي أرى صورة رغد الممزقة ... التي نسيتُ إعادتها إلى محفظتي ليلا ...
شعرت بالقلق ... لابد أن أمي رأت الصورة واضحة ... و لابد أن شكوكا قد راودتها
إلا إذا كان احتفاظ رجل لصورة ممزقة لطفلة كان متعلقا بها بجنون ... هو أمر مألوف و مشهد تراه كل يوم ... !
أدينا الصلاة في مسجد قريب و عدت إلى السرير و نمت بسرعة قياسية ...
عندما نهضت ، كان ذلك قبيل الظهر و لم يكن في البيت غير والدتي ، فوالدي في مكتبه ، و رغد في الكلية ، و دانه مدعوة للغداء في مطعم ، مع خطيبها ...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أمي لم تشر إلى أي شيء بحيال تلك الصورة ... لذا ، تجاهلت الأمر ... و أقنعت نفسي بأنها نسيت أمرها ...
لم أرَ صغيرتي ذلك النهار ، إذ يبدو أنها عادت من الكلية عصرا و ذهبت للنوم مباشرة في وقت كنت أنا فيها مشغول بشيء أو بآخر ....
و في الليل ... و قبل ذهابي إلى غرفة المائدة لتناول العشاء ، مررت بالمطبخ فرأيت صغيرتي تأكل وجبتها منفردة هناك ...
عندما رأتني توقفت عن الأكل و انخفضت بعينيها إلى مستوى الأطباق ... في انتظار مغادرتي ...
آلمني أن أراها وحيدة هكذا فيما نحن مجتمعون معا ... قلت :
" تعالي و انضمي إلينا "
رغد حملقت بي قليلا متشككة ثم سألت :
" ألا يزعجك ذلك ؟؟ "
قلت :
" لا ... صغيرتي "
و سرعان ما حملت أطباقها و طارت إلى غرفة المائدة ... بمنتهى البساطة !
فيما نحن نتحدث عن أمور شتى ، قال والدي :
" أيمكنك يا وليد اصطحاب رغد من و إلى الجامعة يوميا ؟؟ إن تفعل تزيح عن عاتقي مشوارا مركبا "
و لأنه لم يكن لدي ما أقوم به ، لم أجد حجة تمنعني من الموافقة ... لكن بعض الاستياء ظهر على وجه والدتي ... أنساني إياه البهجة التي ظهرت على وجه رغد ... أو ربما توهمت أنها ظهرت على وجه رغد !
في اليوم التالي كان علي أن أنهض باكرا من أجل هذه المهمة ، و رافقتنا والدتي هذه المرة ....
المشوار كان يستغرق قرابة العشرين دقيقة .
رغد كانت تركب المعقد الخلفي لي ، ذهابا و إيابا ... و كانت تلتزم الصمت معظم المشوار إلا عن تعليقات بسيطة عابرة ...
في المساء ، كنا نقضي أوقاتا ممتعة في مشاهدة أحد الأفلام ، أو مزعجة في متابعة الأخبار و ما آلت إليه الأوضاع الأخيرة ، أو محرقة في الحديث عن الزفاف المرتقب ...
أتناول وجباتي معها ... آخذها إلى الجامعة أو أي مكان تود ... أتبادل بعض الأحاديث معها بشأن دراستها و ما إلى ذلك ... أتفرج على لوحاتها الجديدة ...
أرافقها هي و دانة و أمي إلى الأسواق ... أنصت باهتمام كلما تحدثت و أراقبها دون أن أشعر كلما تحركت ...
كل هذا ... قد أثار جنوني ... و ذكريات الماضي ... فصرت أشعر بأنها عادت لي ... طفلتي الحبيبة التي أعشقها و أعشق رعايتها ...
أخذني جنوني إلى التفكير بعدم الرحيل ...
كيف لي أن أبتعد عنها و أنا متعلق بها بجنون ...
كيف لي أن أسمح للمسافات و الزمن بتفريقنا ؟؟؟
إنني سأبقى حيث تكون رغد ... لأنه لا شيء في هذه الدنيا يهمني أكثر منها هي ...
سأبحث عن عمل ، و استقر هنا إلى جانبك ...
سأبقى قربك يا رغد ... نعم قربك يا صغيرتي الحبيبة ...
ثم ... و باتصال هاتفي واحد من سامر ... يتحطم كل شيء ، و أسقط من برج الأوهام الطرية ، إلى أرض الواقع القاسية الصلبة ... و يتدمر كل شيء ...
لم تكن صغيرتي تملك هاتفا في غرفتها ، لذلك فإن مكالماتها تكون على مرأى و مسمع من الجميع ... و كلما تحدثت إلى سامر غمرتني رغبة في تقطيع أسلاك الهاتف و الكهرباء ... في المنزل برمته !
في أحد الأيام ، كنت ذاهبا لإحضارها من الجامعة ، و صادف أن الشارع كان مزحوما و شبه مسدود بسبب حادث مروري ...
طال بي المشوار و أنا أسير ببطء شديد بسبب الحادث ... و عوضا عن الوصول خلال 20 دقيقة وصلت بعد 40 دقيقة على الأقل ...
عادة ما تكون صغيرتي تنتظرني عند الموقف حيث تقف الطالبات ، ألا أنني الآن لم أجدها ...
انتظرت بضع دقائق ، لكنها لم تخرج ... وقفت في مكاني حائرا
ثم اتجهت إلى الحارس و أخبرته بأنني أنتظر قريبتي و لم أرها ، فطلب اسمها ثم اتصل برقم ما ، و بعدها بدقيقتين رأيت رغد تخرج من البوابة ... مع بعض الفتيات
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
كنت لا أزال واقفا قرب الحارس ، نظرت هي باتجاهي و ظلت واقفة حيث هي ... و تتحدث إلى زميلاتها ...
شكرت الحارس ثم تقدمت ُ إليها فودعتهن و أتت نحوي ...
" أنا آسف ... تأخرت ُ بعض الشيء "
" بل كثيرا "
قالت بغضب ... ثم سارت نحو السيارة ...
بعدما اتخذنا مقعدينا ، و قبل أن ننطلق عدت ُ أقول :
" آسف صغيرتي ... "
و لكنها لم تجب ، و فتحت نافذة السيارة لأقصى حد ... يبدو أنها مستاءة و غاضبة !
و نحن نسير بالسيارة مررت من حارس الأمن ذاته فألقيت التحية عبر النافذة و انطلقت ...
" كيف تلقي تحية على شخص بغيض و غير مهذب كهذا ؟؟ "
تعجّبت من سؤالها ! قلت :
" لم تقولين عنه ذلك ؟؟ "
" كلما خرجت ُ لأرى ما إذا كنت َ قد وصلت َ أم لا ، وجدته ينظر باتجاه المدخل ... كان أجدر بك أن تصفعه ... لقد كنت أخرج فأجد والدي في انتظاري هنا كل يوم ... إياك و أن تتأخر ثانية "
يا له من أسلوب !
قلت :
" حاضر ... أنا آسف "
صمتت برهة ثم قالت :
" و كذلك ابق هاتفك المحمول مشغلا ، كلما اتصلت وجدته مغلقا "
و أخرجت هاتفي من جيبي فاكتشفت أنه كان مغلقا سهوا ...
" حسنا ... لم انتبه له "
و أيضا صمتت برهة ثم عادت تقول :
" و لا تخرج من السيارة ... ابق حيث أنت و أنا سآتي إليك "
عجبا لأمر هذه الفتاة ! قلت :
" و لم ؟؟ "
قالت بعصبية :
" افعل ذلك فقط ... مفهوم ؟؟ "
قلت باستسلام :
" مفهوم ... سيدتي !! "
لحظتها اجتاحتني رغبة بالضحك ، كتمتها عنوة !
و توقفت عن الكلام ...
و طوال الوقت ظلت صامتة بشكل لم يرحني ... لابد أنها لا تزال غاضبة لأنني تأخرت ...
حينما شارفنا على بلوغ المنزل ... راودتني فكرة استحسنها قلبي و استسخفها عقلي ... لكنني قبل أن أقع في دوامة التردد طرحت السؤال التالي :
" هل ... هل ترغبين ببعض البوضا ؟؟ "
طبعا السؤال كان غاية في السخف و الحماقة ... لكنني كنت أسيرا للذكريات ... ففي تلك الأيام ... كنت أغدق العطاء بالبوضا و غيرها على صغيرتي كلما غضبت لإرضائها !
شعرت بالندم لأنني تفوهت بهذه الجملة الغبية ... و كنت على وشك الاعتذار ألا أن رغد قالت بمرح و على غير ما توقعت :
" نعم ... بالتأكيد ! "
أوقفت السيارة عند محل لبيع البوضا ، قريب من المنزل ... و سألتها :
" أي نوع تفضلين ؟؟ "
قالت :
" هل ستتركني وحدي ؟؟ سآتي معك "
و فتحت الباب هامة بالنزول
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
دخلنا المحل ، و كان يحوي عددا من الناس ، ما جعل رغد تسير شبه ملتصقة بي ...
بعد ذلك ... انتهى بنا المطاف إلى المنزل ، و لو تركت الساحة لأحلامي لأخذتني مع صغيرتي في نزهة ... كما في السابق ...
ألا أنني طردتها بعيدا و عدت بالصغيرة إلى المنزل ... و أنا مسرور و مرتاح ... فرائحة الماضي أنعشت رئتي ...
ليت الأقدار لم تفرقني عنك يا رغد ...
ليتك تعودين إلي !
ليتنا نتناول البوضا أو البطاطا المقلية سوية ... كل يوم ...
ما أجملها من لحظات ...
و نحن نحمل البوضا اللذيذة برضا و سرور دخلنا إلى داخل المنزل ، ثم إلى غرفة المعيشة ... حيث فوجئت بالنار تصهر ما بيدي ... و ما بصدري ... و ما بجوفي و داخلي ...
هناك كان سامر يجلس مع والدي ّ و دانه ...
حضر على غير توقع و دون سابق إبلاغ ...
حينما رآنا نهض بسرور و جاء يرحب بنا ...
نصيبي من الترحيب كان محدودا ... مقابل نصيب الفتاة التي تقف إلى جواري ... تحمل البوضا في يد ، و الحقيبة في اليد الأخرى ...
السعادة المؤقتة التي أوهمت نفسي بها تلاشت نهائيا ... و أنا أرى سامر يطوقها بذراعيه ...
" اشتقت إليك عروسي ! "
البوضا وقعت و لوثت الأرض ...
بل قلبي هو من وقع أرضا و لوثت دماؤه الكرة الأرضية بأكملها ...
انثنيت نحو الوضا المنصهرة أود التقاطها ...
" دعها بني ، أنا أرفعها "
و أقبلت أمي لتنظف ما تلوث ...
" ملابسك تلوثت وليد "
" حقا ؟ سأذهب لتغييرها "
أهي ملابسي من تأذت ؟؟
و انصرفت مسرعا ... لا يحركني شيء غير الغضب و الغيرة المشتعلة في صدري ... و رغبة مجنونة في أن أوسع سامر ضربا ... إن بقيت انظر إليه دقيقة أخرى بعد ...
محال أن أبقى في هذا المنزل ليلة أخرى ... و الليلة بالذات ... سأرحل و بلا عودة .
~ ~ ~ ~ ~ ~
بدأت أشعر بأن وليد يهتم بي ... إلى حد ما ... و هو شعور جعلني أحلق في السماء ...
و اليوم ، تأخر عن موعد حضوره للجامعة عصرا ، و بعدما وصل خرجت أنا و بعض زميلاتي كل واحدة في طريقها لسيارتها ...
وليد كان يقف قرب حارس البوابة ... و هو شخص غير محترم ... نبغضه جميعنا..
رأتني إحدى زميلاتي أنظر ناحية وليد فسألتني :
" إلى من تنظرين !؟ "
قلت باستياء :
" من تظنين ؟ الحارس ؟ طبعا إلى ابن عمّي "
قالت و هي تنظر إليه :
" تعنين هذا الرجل ؟؟ "
" نعم "
قالت :
" واو ! كل هذا ابن عمك !؟ حجم عائلي ! "
و ضحكت هي و فتيات أخريات ضحكات خفيفة !
و قالت أخرى :
" ما شاء الله ! مع أنك صغيرة الحجم ! أنت و ثلاث أخريات معك مطلوبات من أجل التوازن ! "
و ضحكن كلهن !
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
قلت بغضب :
" مهلا فليس هذا هو خطيبي "
ثم ودعتهن على عجل و سرت نحوه ...
عندما عدنا إلى البيت و نحن نأكل البوضا باستمتاع ، وجدت سامر هناك فدهشت ...
لم يكن قد أبلغنا بأنه قادم ، كما و أنه غير معتاد على الحضور نهاية أسبوعين متتاليين !
أخبرني في وقت لاحق بأنه اشتاق إلي .. و يريد أن نتحدث عن الزفاف المرتقب ، و الذي لم يسعه الوقت للحديث حوله في المرة الماضية ...
قضينا أمسية عائلية هادئة لم يشاركنا فيها وليد معللا بآلام معدته المزعجة ...
أظن أن السبب هو التدخين !
في اليوم التالي ، أيقظتني أمي لتأدية صلاة الفجر ...
عندما رأيتُ عينيها حمراوين متورمتي الجفون ، سألت بقلق :
" أمي .. ماذا هناك ؟؟ "
أمي مسحت براحتها على رأسي و قالت بحزن :
" رحل وليد "
جن جنوني ...
و قفزت ... و ركضت خارجة من غرفتي ... إلى غرفة سامر ... فوجدتها خالية ... و جلت بأنحاء المنزل غير مصدقة و غير مقتنعة ... لا يمكن أن يكون قد رحل !
لقد وعد بألاّ يرحل دون وداعي ...
أقسم على ذلك ...
تدفقت دموعي كمياه السد المتهدم ... تجري بعنف و تدمر كل أمل تصادفه في طريقها ... باب المنزل كان موصدا... والدي و سامر قد ذهبا للمسجد ... فتحت الباب ... و خرجت للفناء مندفعة ... ثم إلى البوابة الخارجية ... فتحت منها القدر الذي يكفي لأن أرى الموقف خال ٍ من أي سيارات ... استدرت ... و هرولت أقصد المرآب ... والدتي أوقفتني ... و أمسكت بكتفي ...
" لا داعي يا رغد ... لقد ودعنا قبل قليل ... "
لا !
لا يمكن أن يفعل ذلك !
لا يمكن أن يختفي من جديد ...
صعقت ... و انفضت أطرافي ... و صحت :
" لماذا لم يودعني ؟؟ "
أمي هزت رأسها بأسى ...
صرخت :
" لماذا يفعل بي هذا ؟؟ لماذا ؟؟ لماذا ؟؟ "
و مسكت بعضدي أمي بقوة و انفعال ... و زمجرت بقوة و عصبية و بكاء أجش :
" لماذا يعاملني بهذا الشكل ؟؟؟ لقد وعد بألا يرحل دون وداعي ... إنه كاذب ... كاذب ... كان يسخر مني ... كان يستغفنلي و يهديني البوضا ! ... كما فعل سابقا
أنا أكرهه يا أمي ... أكرهه ... أكرهه ... أكرهه

--------------------

نهايه الحلقه الـ20
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0


الحلقة الواحد والعشرون
~ دلال الأحبّة ~
عندما اقتربت من المنزل اتصلت بهاتفه فأجابني والدي ، و أخبرته أنني قد وصلت ...
والدي خرج لاستقبالي عند باب السور الخارجي للمنزل ، و طبعا استقبلني استقبالا شديد الحرارة !
بعدها ذهبت معه إلى غرفة المعيشة حيث وجدت أمي و أختي دانة ، و اللتين بدورهما رحبتا بي ترحيبا حميما ...
ثم ذهبت دانة لإبلاغ البقية عن وصولي
و البقية تعني : سامر + رغد ...
قالت :
" إنهما يختبئان في غرفة الضيوف ! سأفاجئهما ! "
كانت مازحة ، أو ربما جادة ، في كلا الحالتين هذا يشعرني بالانزعاج ... من أول لحظة !
جلست مع والدي ّ و سكبت لي أمي عصير البرتقال الطازج في أحد الكؤوس و قدمته لي ...
" تفضل بني ...هذا نصيبك "
نصيبي ؟؟ هل كانوا يحسبون لي حسابا ؟؟ إني أرى أربعة كؤوس شُرب محتواها ، و هذا كأسي الخامس ...
بعد قليل أقبل أخي سامر فاتحا ذراعيه ...
قمت و عانقته ، و منها شعرت بأول آلام المعدة !
قال :
" ما شاء الله ! ماذا كنت تأكل يا رجل ! إنك تنتفخ مرة بعد مرة ! "
الجميع ضحك ، و تمتمت والدتي بعبارات التهليل و التكبير و الصلوات !
قلت :
" هل أبدو سمينا لهذا الحد ؟؟ "
قال سامر :
" سمين ؟ لا ! بل عظيم البنية و مفتول العضلات ! يا رجل هل كنت تمارس رياضة حمل الأثقال أم ماذا ؟؟ "
قلت :
" كنت آكل بقرة مشوية كاملة كل يوم ! "
و هنا أقبلت دانة فدخلت و أغلقت الباب من بعدها و قالت مداعبة و موجهة حديثها إلى أبي :
" سيسبب لنا الإفلاس ! هات مصروفا آخر ! "
أبي قال و هو يضحك :
" أفلست ُ بسببك يا ابنتي ! أما كفاك كل ما أخذت ؟؟ "
قالت و هي تضحك :
" من قال لك أن تزوّج ثلاثة أبناء دفعة واحدة ! ؟ "
قال سامر :
" ما ذا لو انضم الكبير إلينا ! ؟ "
يقصدني بذلك !
أمي ابتسمت و نظرت إلي و قالت :
" دعوا الكبير لي ! لن أسلمه لامرأة ما و أنا لم أتهنى بعد به ! "
و ضحكنا جميعا ...
ربما هم يضحكون من قلوبهم لكنني أضحك مجاراة لهم ...
و أدور بعيني فيما بينهم ... و أشعر بشيء ناقص ...
طبعا تعرفون ما أعني !
الصغيرة المدللة لم تأت ِ لتحيتي و لا للعشاء معنا ، و الساعات تمر و هي في غرفتها و حين كررت سؤالي عنها لوالدتي بعد العشاء قالت :
" إنها منزعجة منك ! "
قلت :
" مني أنا ؟؟ "
" نعم ! فأنت على ما يبدو كنت قد وعدتها بألا تسافر دون وداعها ثم خرجت خلسة ! "
قالت دانة :
" دعك من هذه الفتاة المتدللة يا وليد ! لها ألف مزاج في اليوم الواحد ! يا إلهي كيف سأتحمل تصرفاتها وحدي طوال هاذين الأسبوعين ! "
سامر قال :
 

zqertya

*مساعدة مشرفات السياحة والسفر*
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
4,046
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
39
القصه جدا ماثره ووايد حلوه :)


تعبت وانا اقراهاا طويله :(
مشكوره حبيبتي ويسلمو عالقصه
 

zqertya

*مساعدة مشرفات السياحة والسفر*
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
4,046
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
39
واخييرااااااااااااا خلصت كل البارتااااااااااااااااات مشكوره حبيبتي بس في ملاحظه ساعات البارتات تكون ملخبطه يعني بارت في حجي وبعدين البارت الي وراه يكون غير عن الي قبله كلش مايكون تكملته يعني الةاحد يضيع شوي

بس مشكوره انا يمكن من الساعه 9 بليل لي الحين توني اخلص من البارتااااات

مشكوره حبيبتي والقصه اكثر من روعه مع اني ماحب القصص الي باللغه العربيه بس قصتج حيل شدتني وماقدرت انام وانا مو قاريتها كلهاااا

يسلمووووووووووووو
 

دبة زمانها

New member
إنضم
22 أبريل 2009
المشاركات
991
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
KuWait, سكان رميثيه :P
سلا اسيره وين نبي التكمله ... يلا عفيه حبيبتي كملييها...
بس عندي امل...خخخ ابي رغد ترد حق وليد..؟؟!! يلا عفيه تره حدي مندمجه...
يلا لايوقف لايوقفف لايوقف لايوقف لايوقف لايوقف؟؟؟
 

zqertya

*مساعدة مشرفات السياحة والسفر*
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
4,046
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
39
وييييييييييييييينج حبيبتي ترا ناطرينج :)
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
" حذار من القسوة على عروسي يا دانة ! و إلا حبستك في المطبخ ليلة زفافك ! "
الجميع كان يضحك بمرح ، ألا أنني كنت أشعر برغبة في غرس الشوكة التي أمسك بها في صدر شقيقي ...
توقفوا عن الحديث عن الزفاف المشؤوم هذا ... أفرغت الدنيا من المواضيع ؟؟
قلت مغيرا مسار الحديث الذي كان متمركزا حول الزواج المترقب :
" متى ستعودان من رحلة الحج تحديدا ؟ "
قال أبي :
" ليلة السابع عشر من شهر الحج إن شاء الله "
إنها فترة طويلة سأضطر لتمضيتها مع رغد تحت سقف واحد !
ليت الأيام تنقضي بسرعة !
رغد لم تظهر حتى الآن ... حقيقة هي أنني أنظر ناحية الباب بين الفينة و أختها و أرتقب طلوعها ...
كم اشتقت إليها ... ! هكذا بدون أي تكلّف و ادعاء ، أنا اشتقت إليها !
مرت الساعات و لم تظهر فتملكني الضيق و الانزعاج ... و لولا الحياء و الحرج لذهبت بنفسي إليها ... أهي غاضبة مني لهذا الحد حقا ؟؟
و الشخص الذي ذهب إليها كان بطبيعة الحال شقيقي ...
و بعد أن ذهب لم يعد ...
على الأريكة الضيقة رميت بجسدي فغرقت في أعماقها ... في غرفة الضيافة .
و للعجب نمت بسرعة لم أتوقعها ! و حين نهضت وجدت جسدي غارقا في العرق !
ساعات الصباح انقضت و الصغيرة لم تظهر ، أكاد أجن ... لم لا تأت لتحيتي و لو بشكل عابر ؟؟
على مائدة الغذاء انتظرت حضورها فلما لم أجدها سألت :
" أين رغد ؟؟ ألن تشاركنا ؟؟ "
دانة بدأت بالضحك ، قم قالت :
" إنها تقلي البطاطا ، فأطباقنا اليوم لم تعجبها و ستأكل البطاطا المقلية كالعادة ! "
نظرت نحو أمي و قلت :
" أرجو ألا أكون السبب في ... "
أمي هزّت رأسها نفيا و قالت :
" لا أبدا بني ! إنها لا تحب السمك كما تعلم كما و أنها كثيرا ما تتغيب عن المائدة خصوصا في الفترة الأخيرة ! "
قالت دانة بحدّة :
" تتدلّل ! "
قال أبي :
" دعوها تفعل ما تشاء "
قال سامر :
" سأستدعيها "
وقفت أنا و قلت :
" أنا سأستدعيها "
و تحركت فورا لأسبق سامر ...
حين وصلت إلى المطبخ وجدت الباب شبه مغلق . طرقته و قلت :
" أيمكنني الدخول ؟؟ "
سمعت صوت رغد يرد علي ...
" من أنت ! ؟ "
عجبا ! من أنا ؟؟ من عساي أكون !؟ بالطبع وليد ! قلت :
" وليد ! "
قالت :
" وليد ؟ لا ! "
ثم إذا بي أرى الباب يغلق بدفعة قوية !
تراجعت ُ للخلف خطوة و بقيت محدقا في الباب ...
هل تقصد أنها لا ترتدي الحجاب ؟
قلت :
" هل أذهب ؟؟ "
قالت :
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
" ماذا تريد ؟ "
" فقط ... أن ألقي التحية و ... أسأل عن الأحوال "
" بخير و شكرا و اذهب "
شعرت بالحرج من ردها هذا ، فقلت معتذرا :
" سأذهب ، أنا آسف "
و استدرت منصرفا ...
فجأة سمعت الباب ينفتح من خلفي ، فالتفت إلى الوراء ...
هناك عند الفتحة ، رأيت عيني رغد تطلان علي !
ظهرت رغد واقفة أمامي ... بحجمها الصغير و وجهها الطفولي و حجابها الطويل الذي يكاد يصل إلى ركبتيها !
لدى رؤيتي لها بعد كل تلك المدة من الغياب شعرت بأن قلبي قد تخدّر و أعصابي قد تبلّدت ... و عضلاتي استرخت لبرهة كادت تفقدني توازني .
قلت بصوت خفيف و بابتسامة تفجرت على وجهي رغما عني :
" كيف حالك صغيرتي ؟؟ "
صغيرتي كانت تنظر إلي بنظرات ملؤها الغضب و الانزعاج ... كأنني أقرأ في وجهها كلمات اللوم و التأنيب و التوبيخ ... و الشتم أيضا !
قلت :
" أنا آسف ! "
رغد أشاحت بوجهها عني ، و استدارت و دخلت المطبخ ، تاركة الباب مفتوحا .
توجهت رغد نحو الموقد ، تحرك أصابع البطاطا في المقلاة ...
تجرأت و خطوت خطوة للداخل ، و خطوة أخرى فأخرى حتى صرت على مقربة من الوعاء الذي أعدته لوضع البطاطا المقلية فيه ...
هاهي الآن تضع أول دفعة من البطاطا فيه ... دون أن تلتفت إلي ...
قلت :
" تبدو شهية ! "
لم تعلّق !
قلت :
" أتسمحين لي بتذوقها ؟؟ "
قالت :
" تفضل "
طبعا دون أن تلتفت إلي ...
و لأنني كنت مخدّر الإحساس فأنا لم أشعر بحرارة البطاطا المقلية لا بين أصابعي و لا في فمي !
بل حتى طعمها لم أشعر به ، ألا أنني قلت :
" لذيذة ! "
قالت :
" خذها إن شئت "
" شكرا ، سأتناول الغذاء الآن "
بقيت صامتة و هي تخرج دفعات البطاطا واحدة بعد الأخرى حتى انتهت ...
ثم رفعت الطبق و وضعته على المائدة و سحبت الكرسي استعدادا للجلوس ...
قلت :
" ألن تأتي معنا ؟؟ "
قالت :
" لن آكل من أطباقكم "
قلت :
" تعالي بطبقك "
" لا داعي "
و جلست على الكرسي ، و انتظرت مغادرتي !
و عوضا عن الانصراف اقتربت ُ من الطاولة قليلا و قلت :
" صغيرتي ... هل أنتِ غاضبة مني ؟؟ "
لم تجب ...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
قلت :
" أنا آسف ... سامحيني "
رغد الآن رفعت بصرها إلى و قالت بحنق :
" أطلب السماح ممن استهنت بعظمته لخداعي ... يا كذّاب "
كأنها خنجر مسموم طعنت كلماتها صدري بعنف ...
لم يكن أمامي إلا الانسحاب مخذولا ...
عدت وحيدا إلى من كانوا ينتظرون عودتي برغد ... و حين رأيت أعينهم جميعا تحدق بي بتساؤل ، قلت :
" لا تود الحضور ... "
و جلست على مقعدي و بدأنا تناول وجبتنا ...
لم يكن مضغ الطعام و بلعه من السهولة بمكان ... لقد اشتد على الألم، لا أدري أ بسبب الطعام الغير مهضوم ، أم بسبب الخناجر التي طعنت أحشائي ؟؟
ربما لاحظت والدتي شيئا فقد كانت تعلق :
" كل يا وليد ! ما بك لا تأكل ؟؟ "
من حين لآخر ...
هل يطيب لي الطعام و صغيرتي متخذة مني هذا الموقف ؟؟
في وقت لاحق ، اجتمعنا كلنا في غرفة المعيشة ، عدا رغد ...
والدي طلب من دانة استدعائها فهو يود قضاء الوقت معنا جميعا قبل السفر ... ذهبت دانة ثم عادت تقول :
" لا تريد الحضور ! و عندما قلت لها أنها تتصرف كالأطفال صرخت في وجهي ثم بدأت بالبكاء ! أوه خذاها معكما و خلصاني من سخافتها يا والدي ! "
جميعنا تبادلنا النظرات ...
والدي قال :
" دانة ... تحاشي الاصطدام بها يا بنيتي ، دعيها تفعل ما تشاء "
دانة قالت :
" كالعادة يا أبي ستقول لي ذلك ، حسنا، أنا لا شأن لي بهذه الطفلة الكبيرة ... أترك الأمر لوليد بالكامل حتى لا يتهمني أحد بأنني متعجرفة معها "
همّ سامر بالنهوض ألا أن أمي استوقفته و قامت هي ، و ذهبت إلى رغد ...
قال أبي موجها كلامه لي :
" اعتني بشقيقتيك جيدا يا بني ، دانة لن تتعبك في شيء ، فهي معتمدة على نفسها في تصريف أمورها ، لكن رغد ... معتمدة علينا كثيرا ... و طلباتها لا تنتهي ! "
قالت دانة معقبة :
" هذا لأنك تدللها كثيرا يا أبي ! كما الأطفال تماما ! "
والدي قال :
" دانة إياك و تعمّد مضايقتها ... رجاءً "
سامر قال :
" إياك ! "
دانة نقلت بصرها بين الاثنين ثم قالت :
" لا تخشيا على مدللتكما الصغيرة ! "
و التفتت نحو و قالت :
" ألقي عليك المسؤولية كاملة ! "
أنا وجدت الثلاثة يحملقون بي بمختلف التعبيرات المتقلبة على أوجههم ...
قلت بتردد :
" لا تقلقوا ... سيسير كل شيء على ما يرام ... "
بينما أنا في الداخل شديد القلق ...
~ ~ ~ ~ ~ ~
أنا مستاءة بشكل لا يمكنكم تصوّره !
سأتزوج بعد ثلاثة أسابيع من سامر ، فيما يقف وليد إلى جانبي ليعتني بي أثناء ابتعاد أمي عني ...
ثلاثة أمور جعلتني في غاية التوتر خصوصا هذا اليوم ، و آخر شيء كنت لأتقبله هو كلمات السخرية من دانة التي ترددها منتقدة إياي ...
لم أحتمل كل ذلك و بدأت بالبكاء بشكل غريب !
هم يجلسون الآن معا يودعون بعضهم البعض و أنا قابعة هنا أبلل المناديل بالدموع المالحة المتدفقة بغزارة ...
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أريد أن أبقى مع والديّ قبل رحيلهما !
ليت وليد يختفي !
ليتني أنا من يختفي !
ليتكم أنتم أيضا تختفون !
سمعت صوت والدتي تناديني ، من خلف الباب المغلق ...
" نعم أمي "
والدتي فتحت الباب و دخلت قبل أن تدع لي الفرصة لمسح دموعي ، و التي و إن مسحتها لا أسهل عليها من أن ترى آثارها مطبوعة على وجهي ...
أمي نظرت إلى بقلق و حيرة و قالت :
" و بعد ؟؟ ما نهاية حكايتك هذه ؟؟ ما بك يا رغد أخبريني ؟؟ "
" لا شيء أمي "
" إذن ... لم تحبسين نفسك في غرفتك و تسبحين في بركة الدموع هذه ؟؟ "
قلت بانفعال :
" لا شيء أمي لا شيء ... لا شيء ... لا شيء ... "
و انخرطت في البكاء باستسلام ...
لم أقاوم أو أواري أي دمعة تحدتني بالظهور ... بكيت بحرقة ... لم أعهدها من قبل ... لم أكن أشعر بمثل هذه الأشياء تتحرك في صدري قبل الآن ... لكنني أشعر الآن بصرخة كبيرة تود الانطلاق رغما عني ... إنني منهارة و أريد من يواسيني ...
من يسندني ... من يساعدني ... من ينقذني مما أنا مقبلة عليه ...
من ؟
من ؟؟
أمي أقبلت نحوي ، و مسحت بيدها الحنونة على رأسي و ربتت على كتفي بلطف
قالت :
" بنيتي ... أخبريني ما بك ... إنني قلقة عليك و لا أريد السفر قبل أن أطمئن ... ما بك ؟؟ مم أنت مستاءة ؟ "
أنظر إلى أمي ، فأرى في عينيها عالما كبيرا محيرا ... أرى فيها أكواما من القلق و الخوف ... و الخشية و الاضطراب ...
ليتك يا أمي تدخلين إلى أعماقي و ترين بنفسك ...
أترين يا أمي ؟؟
إنني لا أريد أن تسافري و تتركيني ...
أيقلقك ذلك ؟؟
إنني لا أريد الزواج من سامر ...
أيفجعك ذلك ؟؟
إنني أريد أن استعيد وليد ...
أيذهلك ذلك ؟؟
إنني أريد أن تعود أمي للحياة ...
أيقتلك ذلك ؟؟
إنني أموت ببطء يا والدتي ...
أيرضيك ذلك ؟؟
أموت و أنا لم أحي َ بعد ...
لم أولد بعد !
أترين كل ذلك يا أمي ؟؟
" لا شيء أمي ... لا شيء ... "
برقت دموع في عيني والدتي لتأثرها بحالتي هذه ، و الدموع في عين أمي هي شيء لا أحتمله مطلقا... مطلقا
مسحت دموعي بسرعة و قلت :
" أمي ... لا شيء صدقيني ، أنا فقط متأثرة لسفركما ، فهي أول مرة في حياتي تبتعدان فيها عني ... لا أتصور حياتي بدونكما "
والدتي ضمتني إلى صدرها و قالت :
" ستعيشين حياتك بسعادة و راحة مرضية ... لا تقلقي ... فابني سيعتني بك جيدا كما نفعل نحن ... الله قسم هكذا "
رفعت رأسي و نظرت إليها بشيء من الحيرة ... فكلماتها بدت غامضة ، فقالت هي:
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
560
مستوى التفاعل
0
النقاط
0


" و الآن عزيزتي ... ألن تأتي لمجالسة والدك ؟ إن هي إلا فترة قصيرة ثم نسافر ! "
أجبت بإذعان :
" بلى "
و استدركت :
" وليد معكم ؟؟ "
قالت :
" بالتأكيد ... "
طبعا هو معهم ! أين يمكن أن يكون ؟؟
أخذت حجابي و سرت نحو المرآة لارتدائه ، و هالني منظر عيني الحمراوين و جفوني المتورمة !
تركت الحجاب جانبا و مضيت لأغسل وجهي ...
عندما خرجت من دورة المياه وجدت أمي تنتظرني ...
قالت :
" هيا عزيزتي ... "
ارتديت حجابي على عجل و أقبلت نحوها ...
قالت :
" سيسير كل شيء على ما يرام ، و إن احتجت شيئا لا تترددي في طلبه من دانة أو وليد أو سامر ... سنبقى على اتصال دائم "
بعدها ذهبنا إلى غرفة المعيشة ...
كانوا جميعهم مندمجين في الأحاديث المختلفة ، و ما أن رأونا حتى قال سامر :
" تعالي رغد ! كنا نوصي الكبير و العروس بك خيرا ! "
والدي قال موجها حديثه إلي و هو يبتسم بابتهاج :
" أهلا بالعزيزة المدللة ! تعالي و اجلسي قرب أبيك ليرتوي منك قبل السفر "
سرت ُ كالآلة نحو المقعد الذي يجلس عليه أبي و جلست إلى جواره ، ففتح ذراعه و أحاطني بها ...
قال :
" ما بك صغيرتي ؟ على الوجبات لست معنا ، و في الجلسات لا تشركينا ! ألن تشتاقي لشيبتي هذه ؟؟ "
سامر ضحك ، و دانة نظرت إلى السقف باستنكار ... و أمي ابتسمت ، أما الكائن الأخير فلم ألتفت نحوه لأعرف ما فعل !
قلت :
" بلى ... كثيرا جدا ! خذاني معكما ! "
قال سامر مداعبا :
" و أنا أيضا ! "
قالت دانة :
" ماذا عنّي ؟؟ "
قلت :
" نتركك مع المغرور ! "
ضحك من ضحك ، أما صوت وليد ـ و الذي كان خفيفا و مع هذا تمكنت مجسات أذني من التقاطه ـ فجاء في الكلمتين التاليتين :
" تقصدينني أنا ؟؟ "
و أجبرني سؤاله على الالتفات إليه ...
لقد كان ينظر إلي بغرابة ...
لم أرد عليه ، بل التفت إلى أبي
و دانة تولت الإيضاح بنفسها إذ قالت :
" بل تقصد خطيبي ... فهي لا تطيقه و تنعته بالمغرور دوما "
الآن أنا التفت إلى دانة و قلت بصوت حاد :
" على الأقل ... خير من الكذابين "
بعض الصمت خيم علينا لبعض الوقت ...
و بعض الندم شعرت ُ به لبعض الوقت !
قال أبي :
" و من الكذابون بعد يا ترى ؟؟ "
قلت :