السلام عليكم
شلونكم شخباركم
هذي رواية في فصول أتمنى تعجبكم..
شلونكم شخباركم
هذي رواية في فصول أتمنى تعجبكم..
" أفياء اليقطين "
* الإهداء
إليك يا زهرة السناء وكلي أمل!
(1)
قرب النافذة جلست..
..تتأمل السماء التي اتشحت بخمار أسود .. يتلألأ وجهها الوضاء من بين النجوم..قاذفا بسحره الفضي على شرفات المنازل..كانت تتنهد بحسرة وكأنها تكره أن تتنفس!
تود أن تنتهي الدنيا الآن فقد فاجأها والدها بأمر هوى كالصاعقة على قلبها البكر..إنه يريد الزواج....
اليوم..تستغرب فعلا هذا الأمر الذي يفترض أن يكون متوقعا لأرمل فقد زوجته منذ عقد من الزمن..لأنها تتذكر عزوفه وإعراضه عن إلحاح جدتها المتواصل..
وتتساءل عن الجديد الذي غيره..وهو المنشغل بنشاطاته الفكرية وأموره التدريسية..
قُطع حبل أفكارها بضربات باب غرفتها ..بعد أن أوشكت إطلاق دمعة طالما خاللتها..
= تفضل.
قالت بصوت رتيب..ودخلت مدبرة المنزل قائلة:
=خالتك على الهاتف يا سندس.
هبطت إلى غرفة المعيشة بخطوات سريعة..رفعت سماعة الهاتف:
=نعم..
= كيف حالك يا سندس..
=الحمد لله بخير يا خالتي..خيرا؟!
=خير..وددت الاطمئنان على أدائك في اختبار اليوم..كيف كان؟
=الحمد لله..اجتزته بجدارة.
=جميل..أريدك دائما هكذا..كأمك المتوفاة..متفوقة بارزة في المجتمع.
= .....
أغلقت سماعة الهاتف ليطلق قلبها آهة جريحة..
"أكون كما كانت أمي..وهل أعرف من أمي ملامحا ناطقة تستفزني لأحاكيها..أو أذكر منها تحنانا ..أو رعاية أتذكر دفأها في ليالي البرد الطويلة..لا شيء ..لا شيء أعرفه منها..إلا بضع كلمات تتناقلها الألسن عن طيبتها وفضلها "
" حتى هذه الطيبة لم تشفع لها لدى أبي الذي يريد أن يغرس مكانها نباتا طفيليا يقتحم الباقي من عمري..عمري الذي انصرمت منه ستة عشر سنة..لا أتذكر منها سوى عذابات الطفولة..و دموع الحرمان التي تغرق وسادتي كل ليلة..يتيمة!
تهزني هذه الكلمة من الأعماق..تحيلني إلى متسولة تستقضي الحنان استقصاء الظامئ المتلظي لماء السماء.. أبحث عن حنان متدفق في كل شيء..وأدير عيني فلا أجد إلا أب وأخ يكبرني بثلاثة أعوام..
رغم مداراتهما لي..رغم كل ما يقدمان..أشعر بالغبن!
فهما لا يغنيان عن أم تتفهم أنوثتي..و تجاذب معي خبيئة صدري.. لتسبر سر خلجاته..
كم أحسد من حولي من فتيات يتذمرن من أمهاتن اللائي يدسسن أنوفهن في تفاصيل حياتهن..كم أتوق لمثل هذه الدسيسة..
أتفحص وجهي في المرآة فأجد سوادا يحف مقلتيّ الذابلتين .. زهدت الصديقات..كرهت محاكاتهن..كرهت خطواتهن المسرعة في آخر اليوم الدراسي ..التي تسعى لمنازل تنعم بدفء.. و بأم !
أتذكر كم كنت أتعلق بأي شخص يهبني قدرا من الاهتمام.. كم هويت معلمة التربية الإسلامية..والدة صديقتي..آه ما أشقاني"
لمحها أخوها (حسن) في غرفة المعيشة تبكي..هرول نحوها متسائلا:
= لماذا تبكين؟
تنظر إليه شاردة..وتلوذ بالصمت.
= مابك؟ أجيبي...
=أشياء كثيرة تتعبني يا حسن.
= احمدي الله..فأنت تعشين في نعمة..يحسدك عليها غيرك ..مالذي ينقصك.؟
= وكأنك لا تعرف مالذي ينقصني وينقصك...
= بربك سندس! أرجوك اجتازي هذه العقدة..انصتي..إن اليتم لأمر مرير..لازلنا أنا وأنت نتجرع مرارته..لكن لابد لنا من الصمود.. ليست المعجزة لأن تبتسمي بين الدموع..ولكن المعجزة أن تحولي الدمع إلى ضحكة مجلجلة..لتثبتي لنفسك أنك قادرة..
أنا..أدرك أنك تشعرين بالوحدة..
=الوحدة تفترسني..
رد متهكما:
=حسنا..سيأتي أبي بأم جديدة!
=هراء! لا يمكن ولن يمكن أن تعوضني إحداهن حنان الأم..
=ولماذا حكمت على المرأة قبل معرفتها..
= ومن قال لك أني لا أعرفها..لقد عرفتها من قبل أن أراها..إنها جاءت طامعة..
=طامعة! بماذا؟!
= بأبي ..بمركزه ..بثروته..بعائلته..
=أضحكتني..لابد أنك تكثرين من مشاهدة التلفاز هذه الأيام..ثم لم أخلك تكترثين لهذه الأمور..
=أنا فعلا لا أكترث لها..ولكني أعرف تفكير هذا النوع من النساء
=أنا لا أعتقد أنها طامعة...
=لماذا ياترى......؟
=أشياء كثيرة تدفعني لذلك..ابنة عائلة معروفة..خريجة جامعة تحضر الماجستير..
=حسنا..و ما الذي يدفع فتاة في الثالثة والعشرين إلى الزواج من رجل في الرابعة والأربعين..أخبرني!
=هذا السؤال..هي الوحيدة التي تستطيع الإجابة عليه..
=الإجابة هي لأنها طامعة.
= الإجابة لأنك "مخبولة" ...
=الإجابة لأنك لا تحس بما أعاني ..وكفاني حديثا معك..ولكني وثق تماما ..سأرفضها..سأمنع أبي من هذه الزيجة..
=وماذا تظنين أنك فاعلة..إنه مصمم عليها..ولن يحول دون تصميمه أمر..ثم كفاك أنانية وفكري بأبيك الذي يحتاج لزوجة تشاطره حياته.
=ولماذا يحتاجها الآن!
=لعله وجد فيها ضالته...
صرخت في وجهه:
كفاك دفاعا عنها..
وبعنف تركض نحو غرفتها لتغلق الباب بقوة.
...
* الإهداء
إليك يا زهرة السناء وكلي أمل!
(1)
قرب النافذة جلست..
..تتأمل السماء التي اتشحت بخمار أسود .. يتلألأ وجهها الوضاء من بين النجوم..قاذفا بسحره الفضي على شرفات المنازل..كانت تتنهد بحسرة وكأنها تكره أن تتنفس!
تود أن تنتهي الدنيا الآن فقد فاجأها والدها بأمر هوى كالصاعقة على قلبها البكر..إنه يريد الزواج....
اليوم..تستغرب فعلا هذا الأمر الذي يفترض أن يكون متوقعا لأرمل فقد زوجته منذ عقد من الزمن..لأنها تتذكر عزوفه وإعراضه عن إلحاح جدتها المتواصل..
وتتساءل عن الجديد الذي غيره..وهو المنشغل بنشاطاته الفكرية وأموره التدريسية..
قُطع حبل أفكارها بضربات باب غرفتها ..بعد أن أوشكت إطلاق دمعة طالما خاللتها..
= تفضل.
قالت بصوت رتيب..ودخلت مدبرة المنزل قائلة:
=خالتك على الهاتف يا سندس.
هبطت إلى غرفة المعيشة بخطوات سريعة..رفعت سماعة الهاتف:
=نعم..
= كيف حالك يا سندس..
=الحمد لله بخير يا خالتي..خيرا؟!
=خير..وددت الاطمئنان على أدائك في اختبار اليوم..كيف كان؟
=الحمد لله..اجتزته بجدارة.
=جميل..أريدك دائما هكذا..كأمك المتوفاة..متفوقة بارزة في المجتمع.
= .....
أغلقت سماعة الهاتف ليطلق قلبها آهة جريحة..
"أكون كما كانت أمي..وهل أعرف من أمي ملامحا ناطقة تستفزني لأحاكيها..أو أذكر منها تحنانا ..أو رعاية أتذكر دفأها في ليالي البرد الطويلة..لا شيء ..لا شيء أعرفه منها..إلا بضع كلمات تتناقلها الألسن عن طيبتها وفضلها "
" حتى هذه الطيبة لم تشفع لها لدى أبي الذي يريد أن يغرس مكانها نباتا طفيليا يقتحم الباقي من عمري..عمري الذي انصرمت منه ستة عشر سنة..لا أتذكر منها سوى عذابات الطفولة..و دموع الحرمان التي تغرق وسادتي كل ليلة..يتيمة!
تهزني هذه الكلمة من الأعماق..تحيلني إلى متسولة تستقضي الحنان استقصاء الظامئ المتلظي لماء السماء.. أبحث عن حنان متدفق في كل شيء..وأدير عيني فلا أجد إلا أب وأخ يكبرني بثلاثة أعوام..
رغم مداراتهما لي..رغم كل ما يقدمان..أشعر بالغبن!
فهما لا يغنيان عن أم تتفهم أنوثتي..و تجاذب معي خبيئة صدري.. لتسبر سر خلجاته..
كم أحسد من حولي من فتيات يتذمرن من أمهاتن اللائي يدسسن أنوفهن في تفاصيل حياتهن..كم أتوق لمثل هذه الدسيسة..
أتفحص وجهي في المرآة فأجد سوادا يحف مقلتيّ الذابلتين .. زهدت الصديقات..كرهت محاكاتهن..كرهت خطواتهن المسرعة في آخر اليوم الدراسي ..التي تسعى لمنازل تنعم بدفء.. و بأم !
أتذكر كم كنت أتعلق بأي شخص يهبني قدرا من الاهتمام.. كم هويت معلمة التربية الإسلامية..والدة صديقتي..آه ما أشقاني"
لمحها أخوها (حسن) في غرفة المعيشة تبكي..هرول نحوها متسائلا:
= لماذا تبكين؟
تنظر إليه شاردة..وتلوذ بالصمت.
= مابك؟ أجيبي...
=أشياء كثيرة تتعبني يا حسن.
= احمدي الله..فأنت تعشين في نعمة..يحسدك عليها غيرك ..مالذي ينقصك.؟
= وكأنك لا تعرف مالذي ينقصني وينقصك...
= بربك سندس! أرجوك اجتازي هذه العقدة..انصتي..إن اليتم لأمر مرير..لازلنا أنا وأنت نتجرع مرارته..لكن لابد لنا من الصمود.. ليست المعجزة لأن تبتسمي بين الدموع..ولكن المعجزة أن تحولي الدمع إلى ضحكة مجلجلة..لتثبتي لنفسك أنك قادرة..
أنا..أدرك أنك تشعرين بالوحدة..
=الوحدة تفترسني..
رد متهكما:
=حسنا..سيأتي أبي بأم جديدة!
=هراء! لا يمكن ولن يمكن أن تعوضني إحداهن حنان الأم..
=ولماذا حكمت على المرأة قبل معرفتها..
= ومن قال لك أني لا أعرفها..لقد عرفتها من قبل أن أراها..إنها جاءت طامعة..
=طامعة! بماذا؟!
= بأبي ..بمركزه ..بثروته..بعائلته..
=أضحكتني..لابد أنك تكثرين من مشاهدة التلفاز هذه الأيام..ثم لم أخلك تكترثين لهذه الأمور..
=أنا فعلا لا أكترث لها..ولكني أعرف تفكير هذا النوع من النساء
=أنا لا أعتقد أنها طامعة...
=لماذا ياترى......؟
=أشياء كثيرة تدفعني لذلك..ابنة عائلة معروفة..خريجة جامعة تحضر الماجستير..
=حسنا..و ما الذي يدفع فتاة في الثالثة والعشرين إلى الزواج من رجل في الرابعة والأربعين..أخبرني!
=هذا السؤال..هي الوحيدة التي تستطيع الإجابة عليه..
=الإجابة هي لأنها طامعة.
= الإجابة لأنك "مخبولة" ...
=الإجابة لأنك لا تحس بما أعاني ..وكفاني حديثا معك..ولكني وثق تماما ..سأرفضها..سأمنع أبي من هذه الزيجة..
=وماذا تظنين أنك فاعلة..إنه مصمم عليها..ولن يحول دون تصميمه أمر..ثم كفاك أنانية وفكري بأبيك الذي يحتاج لزوجة تشاطره حياته.
=ولماذا يحتاجها الآن!
=لعله وجد فيها ضالته...
صرخت في وجهه:
كفاك دفاعا عنها..
وبعنف تركض نحو غرفتها لتغلق الباب بقوة.
...