شلونكم بنات انا جديده على القسم واتمنى من كل قلبي ان تحوز روايتي المتواضعه على اعجابكم :aha:
هي قصه رومانسيه :eh_s(21): ما زلت بقيد تكملة تاليفها انهيت منها كم حلقه واحببت ان اشارك بها القسم
كلي شوق لارائكم ومداخلاتكم
الحلقه الاولى :eh_s(21):
في ضواحي مدينة مكسيكو يلفت نظرنا بيت متواضع وجميل يجمل سقفه حجر القرميد الاحمر تطل واجهة نوافذه الكبيره على باحة واسعة يغطي واجهتها بساط أخضر نضر وأحواض زهور واشجار معتدلة الطول تبعد قيد خطوات عن الشارع الرئيسي كان هذا المنزل المتواضع ببنيانه الدقيق يعود إلى ملك الجنرال غوميز ميندوزا وهو يعد من أشهر الجنرالات واوسعهم صيتا في الاوساط العسكريه توفي وهو يحارب ببسالة في أحدى المقاطعات النائيه على ايدي أحد السكان الأصليين بوحشيه ضاريه إلا أنه إستطاع ببسالته وشجاعته من حمل راية كونزاليس الرابع حاكم ولاية مكسيكو لأبعد ما يمكن أن يصل إليه بفتوحاته المستمره جاء خبر وفاته كالصاعقة على مسامع عائلته المفجوعة والتي يتكون أفرادها من زوجته دونيا كونسويلو وإبنته بيانكا ومدبرة المنزل كاتالينا المؤلم في الامر كله هو أن وفاة غوميز ألقت بظلال سوداء على حياة دونيا كونسويلو فكل املاكه وثرواته ذهبت ادراج الرياح بعد أن تولت دونيا كونسويلو من تسديد الديون المتراكمه على زوجها حتى إستنزفت آخر بيزوس لديها فقد كان زوجها وللأسف محبا للعب القمار لم يتبقى لها من ذكرى زوجها الراحل سوى مجموعة ألقاب حربيه ووسامات تقدير تزين بها جدران بيتها لكنها بالرغم من وضعها الإقتصادي المحرج كانت موضع إحترام وتقدير في الحي كله يكفيها شرفا أنها زوجة الجنرال الشجاع غوميز ميندوزا فها نحن الآن نقف في وسط صالة الجلوس حيث تجلس دونيا كونسويلو على الاريكة تحيك بخشوع قطعة قماش من الصوف وبقربها تقف مدبرة المنزل كاتالينا بكوب الشاي المحلى بالعسل وضعته على المنضده أمامها ومن ثم إنحنت بصمت وسارت بهدوء إلى المطبخ تناولت دونيا كونسويلو كوب الشاي ورشفت منه بضع رشفات ومن ثم عادت لتحيك بصمت قرع جرس الباب فسارعت كاتالينا لفتح الباب ليرتفع صوت دونيا كونسويلو سائله :
ــ من الطارق كاتالينا ؟ أغلقت كاتالينا الباب وسارعت قائله وهي تقبل نحوها :
ــ إنه رجل البريد يا سيدتي ..
ومن ثم مدت يدها بمغلف رساله إلى دونيا كونسويلو التي تناولتها منها بعد ان وضعت عدة الخياطه جانبا وبإشارة من يدها أمرت كاتالينا بأن تتركها وحدها سارعت المدبره إلى الإختفاء فورا من امام ناظريها لتترك دونيا كونسويلو وحدها تقلب المغلف بين يديها لترى من مرسله فتحته على عجل وقراته لترتسم علامات الضيق والاسى على وجهها وتنطلق عبراتها تغرق وجهها فيبدو ان الرساله كانت تحمل خبرا سيئا وحزينا لها لكن الحياة هي دائما هكذا لا بد أن تكون قاسيه ومؤلمه فمن المستحيل ان يعيش المرء حياته سعيدا فالحزن والفرح وجهان لعمله واحده وشاءت الاقدار أن تعيش كونسويلو الوجه المؤلم من الحياة بخبر وفاة زوجها والآن بخبر وفاة شقيقتها مارتنيز هذا ما كانت تحمله الرساله في طياتها خبر وفاة شقيقة دونا كونسويلو وايضا خبر وصول إبنتها الوحيده أنا لوسيا التي قد عهدت بها لتكون في رعاية شقيقتها دونيا كونسويلو بعد وفاتها ولهذا سارعت دونيا كونسويلو لكاتالينا وامرتها بتجهيز غرفة العليه لإبنة أختها وقد كانت الغرفه الوحيده الشاغره في المنزل وامرت سائس العربة بتجهيز العربه حتى ينطلقا بعد دقائق إلى المحطة لإستقبال الفتاة القادمه لكنها قبل أن تستقل العربة ذهبت مباشره إلى حجرة إبنتها بيانكا لتخبرها بآخر المستجدات وجدتها كعادتها تجلس بخيلاء أمام مرآتها تمشط شعرها وتتغنى بجمال وجهها وشبابها بزفرة ضيق قالت دونا كونسويلو :
ــ هل لك أن تتركي المشط قليلا وتستمعي لي .
هزت بيانكا راسها بإمتعاض وقالت لأمها بقليل من الجفاء البارد :
ــ يمكننني سماعك يا امي دون التوقف عن تسريح شعري .
جلست دونيا كونسويلو بإنكسار على الكرسي المقابل لها ومن ثم قالت دون مقدمات :
ــ ستأتي إبنة خالتك أنا لوسيا للإقامة عندنا ..
وبغضب أسقطت بيانكا المشط من يدها وإلتفت نحو أمها وصاحت :
ــ ماذا أنا لوسيا قادمه؟ ولكن لماذا ؟ .
نهرتها دونيا كونسويلو قائله :
ــ ما هذا التصرف الغريب منك يا بيانكا ؟ لا افهم سبب هذا الغضب المفاجىء ؟
إبتلعت بيانكا غضبها واحنت راسها خجلة من تصرفها فقالت :
ــ اعتذر لم اقصد ان ارفع صوتي بوجهك ولكن كل ما في الامر أني تفاجأت بالخبر .
نهضت دونيا كونسويلو على عجل فلقد تأخرت على موعد إستقبال أنا لوسيا لكنها وقبل ان تخرج أوضحت سبب زيارة انا لوسيا المفاجىء بأن قالت :
ــ إبنة خالتك العزيزه أصبحت يتيمه نحن الآن كل ما تبقى لها في الحياة .
ومن ثم خرجت كالبرق تصرخ على كاتالينا بأن تلحقها في بادىء الامر لم تستوعب بيانكا الخبر وشعرت بحزن طفيف لموت خالتها التي لم تكن يوما قريبة منها ربما لأنها إعتادت دوما الإختلاء بنفسها في غرفتها فبيانكا فتاة غريبه الطباع يصعب وصف شخصيتها المعقده ذات المزاج المتقلب وكثيرا ما عجزت دونيا كونسويلو من إيجاد أسبابا مقنعة لتصرفاتها الطائشه لكن بيانكا كانت متاكده من شيء واحد فقط في حياتها وهو حلمها الكبير بأن تقع في غرام شخص وسيم ذو مكانه رفيعة في المجتمع فلطالما احبت بيانكا أجواء البهرجة والفخامه وكانت تشبه أباها المتوفى بحب إختلاطها الكبير بسادات المجتمع المخملي ولكن هذا لم يخفي مسحة الحزن الخفيه التي تكلل نظراتها الساهمه فوفاة والدها قد أحدث شرخا كبيرا في قلبها وزرع اطياف خوف كبير بعدم الامان في نفسها على الرغم من جهودات دونيا كونسويلو في توفير كل سبل الراحة والرخاء لإبنتها الوحيده إلا أنها عجزت من ان تزرع الامان والإستقرار في نفسها وهذا ما كانت تحلم به بيانكا من ان تجده في شخص فارس احلامها المنتظر ..
شعرت بيانكا بخوف غريب إعتراها فجأه والغريب أن هذا الخوف كان له إسم وهو انا لوسيا التي كانت في يوم من الايام صديقة طفولتها ولكن بحكم إقامة انا لوسيا في القرية الريفيه وبيانكا في الضواحي كان االسبب الرئيسي في بعد الإثنتين عن بعضهما وخلق حاجز من الفتور بينهما على الاقل من جهة بيانكا فطباع بيانكا وإسلوب حياتها يختلف كثيرا عن طباع أنا لوسيا تلك الفتاة الساذجه ذات الطباع الطفوليه فقد وقفت دونيا كونسويلو بتوتر امام سكة الحديد بإنتظار وصول القطار الذي يقل إبنة أختها المتوفاة في حين كانت كاتالينا تحمل المظله فوق راس سيدتها وعيناها لا تسكن للحظه وانطلق صفير قوي يعلن عن وصول القطار بركابه ليخفق قلب دونيا كونسويليو فقد حانت لحظة اللقاء وبين أبخرة الدخان الاسود المتصاعد شق القطار طريقه حتى توقف في المحطة وبدء فوج الركاب بالترجل عنه بإندفاع كأسراب نمل متتابعه ودونيا كونسويلو تنظر بترقب نحو الركاب على امل رؤية أنا لوسيا من بينهم ذبلت عيناها بنظره حانية عندما توجهت نحوها فتاة صغيرة الحجم تعتمر قبعة من القش وتحمل بيدها حقيبة في بادىء الامر ظلت الإثنتان ترقبان بعضيهما بصمت خاشع دون ان تنبسا بكلمه واحده فدونيا كونسويلو قد إغرورقت عيناها بدموع الفرح والحزن معا في حين ظلت الفتاة واجمه وساكنه في مكانها ولكنها تفاجأت بيدين دافئه تضمها وتريح رأسها الصغير على صدرها الحاني وصوت حاني يطرق سمعها قائلا :
ــ حمد لله على سلامتك انا لوسيا ..
كم هي جميلة لحظة اللقاء الاولى وكم هو جميل ان تشعر بهذه المشاعر الصادقة تخترق كيانك فتدفىء فراغ الوحده والالم هكذا شعرت انا لوسيا وهي بأحضان خالتها دونيا كونسويلو رفعت راسها الصغير وقد تجلت إبتسامة رضى وسرور تجمل تقاطيع وجهها البريء سارعت كاتالينا بحمل الحقيبة عن سيدتها الصغيره وانطلقوا بعدها إلى العربة كي تقلهم إلى البيت حيث كانت بيانكا بإنتظار قدومهم على أحر من الجمر ففضولها يسوقها لرؤية إبنة خالتها انا لوسيا كيف اصبحت ؟ هل ما زالت تلك الفتاة الصغيره التي إعتادت أن تترك شعرها دون تهذيب ويغطي وجهها الوحل من كثرت لعبها المستمر في الحقول المجاوره أم انها تغيرت بعد ان تركت خلفها سنوات الشقاوة والمرح كانت تروح وتجىء في أرجاء غرفتها بتوتر كبير سكنت حركتها لحظة ما ان طرق سمعها صوت عجلات عربة تقترب من مدخل البيت سارعت نحو نافذه غرفتها واطلت براسها لترى العربة توقفت وبوالدتها تترجل عنها سارعت إلى مرآتها تهندم هندامها وشعرها فبدت ساحره بثوبها الفيروزي وقد زينت جيدها بشريطة مماثلة للون فستانها يتدلى وسطها حجر ياقوتي نزلت مسرعة تتخطى بها درجات السلم وقد رفعت طرفي ثوبها حتى لا تتعثر به وهناك وعند مدخل الباب بالتحديد وقفت أنا لوسيا وبجوارها تقف دونيا كونسويلو تشد برقة على يدها وترحب بها في بيتها الجديد وبإبتسامة عريضه قالت دونيا كونسويلو بعد ان رات بيانكا :
ــ ألن ترحبي بشقيقتك الصغيره ؟
ألجمت الدهشة لسان بيانكا فكيف اصبحت انا لوسيا فجأة شقيقتها تلون وجهها بعلامات الغضب والإستياء لكنها مع هذا إقتربت منها وحيتها لتستقبلها أنا لوسيا بإبتسامة رقيقة وهي تبدي إعجابها الكبير بجمالها من خلال نظراتها لتردف بعدها قائله:
ــ لقد تغيرت كثيرا بيانكا تبدين اكثر جمالا .
إبتسمت بيانكا لهذا الإطراء الجميل لتباغتها ساخره قائله :
ــ اما انت فما زلت كما عهدتك يا إلهي ما هذه القبعة السخيفه التي تضعينها على رأسك لم يعد احد يرتدي مثل هذه القبعات .
فقهقهت وهي تنصرف تجر ذيل فستانها بخيلاء دون أن تقيم وزنا للضيف الجديد شعرت انا لوسيا بالحرج والحزن من ملاحظة بيانكا القاسيه لها وبإنكسار طأطأت راسها وشدت بيدها على طرف فستانها الريفي لم يعجب دونيا كونسويلو تصرف بيانكا الغير مهذب فسارعت قائله :
ــ لدي مفاجأه ستعجبك حتما .
سحبتها من يدها وصعدتا السلم معا تتبعهم كاتالينا خلفهم بالحقيبه
سارت أنا لوسيا حتى النافذه وجلست على حافتها تمتع ناظريها بروعة حديقة المنزل المتواضعه قطع عليها تأملها الصامت صوت صراخ كان أقرب إلى مشاده كلاميه حاده ما هي إلا لحظات قصيره حتى توقف الصراخ فجأه ليرتفع بعدها صوت خطوات غاضبه تصعد درج السلم سكنت الخطوات وبالتحديد أمام عتبة باب أنا لوسيا التي كانت ترقب الباب بنظرات عينيها البريئتين وكأن حدسها ينبؤها بوقوع حدث لن يسرها أدير مقبض الباب بشده وفتح بدفعة قوية لتبرز امامها بيانكا وهي تزبد غضبا قائلة بصوت مزلزل :
ــ لا تظني أنك فرد من هذه العائله فأنت مجرد دخيلة مثيرة للشفقة تذكري هذا جيدا .
ومن ثم غادرت لتترك أنا لوسيا في حيرة من أمرها مع سؤال يرن في راسها كالجرس لماذا بيانكا تكرهني ؟
تبين لاحقا أن المشاده الكلاميه التي حصلت منذ قليل لم تكن سوى عتاب دونيا كونسويلو لبيانكا على سوء إستقبالها لأنا في تلك الليلة أوى الجميع إلى النوم بأعصاب متوتره ..
في صباح اليوم التالي إستيقظت أنا لوسيا بنشاط وحيوية إرتدت اجمل ما لديها وسرحت شعرها بأن رفعته عاليا دون ان تضيف أي نوع من التبرج على وجهها فأنا لوسيا فتاة تكره التبرج بالاصباغ الإصطناعيه القت تحيية الصباح على صورة والدتها المتوفاه ومن ثم نزلت إلى الاسفل لتلقى التحية على خالتها وجدتها جالسة بوقارها إلى المائدة ترشف كوب القهوة دخلت بسرور فقبلتها فرحة والقت عليها تحية الصباح إبتسمت دونيا كونسويلو واشارت لها بالجلوس قربها ومشاركتها الإفطار إستغربت أنا لوسيا عدم وجود بيانكا سألت قائله : ــ ألن تفطر بيانكا معنا ؟ تجهم وجه دونيا كونسويلو لسؤال أنا وقالت : ــ بيانكا ما زالت نائمه ؟ نهضت انا قائله : ــ سأذهب واوقظها .
ولكن لهجة دونيا كونسويلو الصارمة لها بأن لا تذهب جعلتها تعيد النظر جلست في مكانها ودفنت راسها بصحن إفطارها عاودت دونيا كونسويلو الحديث بأن قالت : ــ إعتدت تناول الفطور وحدي كل يوم فبيانكا فتاة تعشق النوم لساعات متاخره من النهار .
ومن ثم صمتت أحست انا لوسيا بحزن خالتها العميق التي كانت تواريه خلف جدار كلماتها الجاده ولكي تبدد جو الحزن الكئيب والتوتر قالت بمرح طفولي : ــ حلمت بالامس أن لدي جسد ارنب واذنا حمار ما تفسير الحلم ؟
نظرت دونيا كونسويلو بتعجب نحو أنا التي كانت تنتظر التفسير لتفاجئها دونيا كونسويلو بالضحك وبهذا حققت أنا لوسيا مرادها بأن رسمت البسمة على شفاه خالتها العزيزه لكن ما لا تعلمه أنا أن هناك اياما عصيبة تنتظرها وذلك بحكم العلاقه المتوتره التي تجمعها ببيانكا وبعيد عن هذا كله وعند قصر إسبيرادوا الضخم نرة عربة فاخرة تقف أمام المدخل الرئيسي يسرع السائس لفتح الباب ويترجل منها شاب وسيم يرتدي بدله فاخره ويعتمر قبعه أحنى السائس راسه إحتراما لسيده الذي أكمل طريقه دخولا إلى القصر وهو يرنح عصاه السوداء ذو الرأس الفضي أقبلت نحوه الخادمة وأحنت رأسها ثم أخذت منه القبعة والعصا سار الشاب يجر خطواته الواثقه إلى صالة الجلوس الفاخرة ذات الاثاث الفرنسي ليستقبله كبير الخدم أبيلاردو مرحبا سأله الشاب بعنجهية : ــ أين جدتي ؟ الخادم : ــ ستوافيك حالا .
وانصرف بهدوء القط بعد إشارة من السيد الصغير وفي طريق خروجه التقى بدونيا تريزا سيده في عقدها الستين نحيله وشعرها مصبوغ بلون الرمان أحنى الخادم راسه وانصرف دخلت دونيا تريزا ليفز الشاب من مكانه ويهرع نحوها مقبلا يدها قالت له : ــ كيف هي أحوال العمل ؟ ــ كل شيء على ما يرام يا جدتي العزيزه ولكن لا أظن أنك إستدعيتني من أجل هذا الخصوص أم تراني مخطأ؟ تبسمت دونيا تريزا وقالت : ــ يعجبني ذكاؤك يا خوليو الأمر العاجل الذي إستدعيتك من أجله هو أمر يخص خوان بيدرو . وما ان ذكرت دونيا تريزا هذا الإسم حتى تجهم وجه خوليو فجأه وشعر بغضب صامت كاد يقتلع قلبه من جذوره وبلهجة غير مباليه أردف قائلا : ــ ماذا بشأنه ؟ دونيا تريزا : ــ لقد أرسل مكتوبا يخبرني فيه بعودته للبلاد .
وهنا إنفجر غضب خوليو مخرجا الوحش الكامن في نفسه قائلا : ــ ألم يبدي رغبته في الإقامة هناك مالذي غير رأيه فجأه ؟
وببرودة أعصاب اردفت دونيا تريزا وهي تمسح على شعرها وكأنها تقف أمام مرآة قائله : ــ لا داعي للغضب عزيزي هكذا هو خوان بيدرو متقلب المزاج دائما لكن لا تخف ما ان يعود إلى الديار ويمضي بضعة أيام فيها حتى يبدل رأيه مجددا ويعود من حيث أتى .
وبخبث الثعلب إبتسمت ليبادلها خوليو الإبتسامة نفسها وقد لمعت عيناهما ببريق الشر معا كيف سيكون لقاء خوان بيدرو بعائلته بعد غياب سفر طال 3 سنوات ؟ وهل سيصدق حدس دونيا تيريزا بما قالته عن خوان بيدرو؟ وما دور أنا لوسيا في حياة خوان بيدرو ؟
ليس من السهل أن تخفي الشر في داخلك دون أن يلحظه الآخرون إلا إذا كنت ممثلا بارعا وربما هذا الوصف ينطبق حرفيا على خوليو توقفنا عندما ثار غضب خوليو بمجرد سماعه لخبر عودة خوان بيدرو من رحلة سفره الطويله وهنا قد يتساءل القراء عن سبب هذا الحقد الغير مبرر من خوليو تجاه خوان بيدرو وهنا نقف قليلا مع القراء لفك بعض الرموز الخفية فحقد خوليو لخوان بيدرو يرجع بنا في الزمن قديما يوم كانا صغيرين يمرحان أمام ناظري جدتهم دونيا تريزا فبحكم القرابة التي تجمعهما تربيا معا تحت سقف بيت واحد تحت رعاية جدهما دون رودريغو رجل الاعمال الشهير الذي كان رجلا صارما عرف بقسوته الشديده فكل من تعرف عليه عن قرب يقر بهذا لما كان يتمتع به من طباع ناريه لا تحتمل فخوليو وخوان بيدرو كانا يتيما الاب والام وكان هذا القاسم المشترك بينهما قربهما جدا من بعضيهما لكونهما يتشاركان الحزن نفسه وقد كادا يصبحان شقيقان لولا تدخل دون رودريغو بينهما فقد كان خوان بيدرو المحبب إلى نفس دون رودريغو أكثر من خوليو الذي وجد نفسه بعيدا عن جده وقريبا جدا من جدته دونيا تريزا التي كانت تغدقه بشتى ألوان الدلال والغنج حتى تعوض مكانة جده الذي كان يعامله بجفاء وقسوه في حين كان كالاب الحنون لخوان بيدرو كبر خوليو وقد كبرت معه كراهيته لجده ولخوان بيدرو في حين كان يحمل في قلبه حبا كبيرا لجدته دونيا تريزا ومع مرور الايام شاء القدر أن يتوفى دون رودريغو بمرض عضال لتتولى زوجته دونيا تريزا شؤون البيت والاملاك لتنقلب الادوار فيغدو خوان بيدرو القريب البعيد عن بيته وجدته في حين كان خوليو من يتمتع بكل الصلاحيات بحكم قربه لقلب جدته ومع هذا نشأ خوان بيدرو نشأة الرجال العظام لم يجعل من توافه الامور أن تشكل له عائقا في طريق حياته وشب ليغدو رجلا وسيما تحلم به كل فتاة ويخفق له قلب كل عين رأته في الخفاء وبحكم دراسته للطب آثر ان يكمل تعليمه في أوروبا لما كان تتمتع به تلك البلاد من تقدم في العلم والحضاره وبعد تغرب طال 3 سنوات أرسل مكتوبه لجدته ينبؤها بقدومه للبلاد ذلك المكتوب الصريح الذي بشكل ما فجر براكين الغضب والحقد في قلب خوليو وهو يرى فيه قدوم عدوه اللدود من كان في يوم من الايام صديقه الصدوق إلا أن خوان لم يحدد تاريخ موعد قدومه لهذا لم يكونا على يقين بموعد قدومه بالتحديد ربما احب خوان أن يفاجئهم بالزياره فعلى الرغم من يقينه بكره خوليو له وببرودة مشاعر جدته تجاهه إلا أنه كان يحبهم كثيرا فهم كل عائلته فخوان بيدرو رجل له هيئة مصارع الثيران إلا أنه يحمل قلب طفل بريء لم تدنسه أيدي الظلام أمرت دونيا تريزا الخدم بتجهيز غرفة خوان بيدرو تحسبا لقدومه المفاجىء في حين إنزوى خوليو في غرفة المكتب يراجع فيها الوثائق والاوراق الماليه وفي المطبخ جلست كاتالينا تعجن العجين إستعدادا لعمل الفطائر المحشوه بمربى الفراوله يكلل راسها من فوق القدور النحاسيه المعلقة دخلت أنا لوسيا لتسارع كاتالينا نحوها وهي تمسح يديها في المريول قائله: ــ ماذا تحب سيدتي الصغيره أن اخدمها ؟ إبتسمت أنا لوسيا بوداعة وربت على كتفها وقالت : ــ بل انا من يحب أن يساعدك كاتالينا فأنا احب عمل الفطائر .
في بادىء الامر رفضت ولكن سماحة ورقة أنا لوسيا جعلتها ترضخ وهكذا شمرت أنا لوسيا ذراعيها ودفنتهما بالعجين والإبتسامة لا تفارق محياها شعرت وهي تعجن بإحساس جميل فقد عادت بها ذاكرتها إلى الوراء قليلا لترى نفسها تقف في مطبخ منزلها القديم بالقرب من والدتها أثناء عملها للفطائر قطع عليها شرودها صوت ضحك ساخر رفعت راسها لترى بيانكا تضحك وتشير نحوها بسخرية قائلة : ــ أرى أنك عرفت مكانك الحقيقي في المنزل يليق بك هذا العمل حقا .
ومن ثم نهرت كاتالينا لتجلب الشاي لغرفة الجلوس لها ولضيفتها الآنسه خوانيتا شعرت أنا لوسيا بألم شديد في قلبها إثر وقع كلمات بيانكا القاسيه فشعرت بالدوار قليلا وكادت تقع على الارض لولا أن تداركتها كاتالينا وسندتها وبإهتمام شديد صاحت كاتالينا : ــ هل أنت بخير يا سيدتي ؟ هزت انا راسها وقالت : ــ انا بخير إنه مجرد دوار بسيط أعتذر منك كاتالينا ولكن لا بد أن ارتاح قليلا . فسارت مترنحة إلى غرفتها ولكن كان لابد لها أن تمر من غرفة الجلوس وكيف لها ان تمر من دون ما تثير تعليقات بيانكا الساخره عليها رأتها خوانيتا لتحسبها الخادمة الجديده فقالت : ــ أين الشاي هل علينا ان ننتظر حتى الغد ليأتي . إنفجرت بيانكا ضحكا وهي تقول : ــ هذه ليست الخادمه إنها إبنة خالتي أنا لوسيا التي حدثتك عنها ولكنها بهذه الملابس الرثه تبدو خادمه .
واعتلت الضحكات الساخره ترن في زوايا المنزل وأنا لوسيا لا تقوى على الصمود فقد إزداد الألم بشده يقرع قلبها الصغير وبدوار لا تكاد تطيق إحتماله لتقع على الارض مغميا عليها وصدف أن تزامن لحظة سقوطها مع لحظة دخول دونيا كونسويلو وبخوف وقلق شديد سارعت دونيا كونسويلو نحو أنا لوسيا في حين كانت بيانكا تنظر ببرودة أعصاب نحو خوانيتا وكأن الامر لا يهمها أسرعت كاتالينا بإحضار قارورة أملاح الشم في محاولة لإيقاظها وقد نجحت الاملاح في إيقاظ أنا لوسيا إلا أنها كانت ضعيفه جدا لا تقوى على فتح جفونها وبالكاد إستطاعت ان تقف على قدميها تسندها في ذلك دونيا كونسويلو وكاتالينا اللتان ساعدتاها بالصعود إلى غرفتها ووضعها في الفراش جلست دونيا كونسويلو بجانبها والقلق يتآكلها وانطلقت كاتالينا بتحضير كوب أعشاب مهدىء لها في حين كانت بيانكا تتجاذب أطراف الحديث دون أي إهتمام أو تقدير لوضع أنا لوسيا الحرج سألتها خوانيتا قائله : ــ بيانكا لماذا تكرهينها يبدو عليها أنها فتاة مسكينه بيانكا : ــ أرجوك خوانيتا لا تذكريها امامي إن امرها لا يهمني البته .. خوانيتا : ــ أعتقد أنه يجدر بي المغادره فالوقت غير مناسب سأعود لزيارتك مره أخرى .
ودعتها وأنصرفت تاركة بيانكا وحدها ترشف كوب الشاي وكأن شيئا لم يكن إرتفع صوت الحارس عاليا يأمر مساعده بفتح البوابة الرئيسيه للقادم الغريب وفتحت البوابه لتلج عربة سوداء فاخره يجرها حصان ابيض اصيل توقفت العربة عند مدخل القصر ليسرع السائس بفتح بابها ويترجل منها القادم الغريب رجل فارع الطول عريض المنكبين يرتدي قميص ابيض حريري مفتوح الصدر وبنطال أسود ضيق وجزمه من الجلد الفاخر يصل طولها نصف الساق وسيم التقاطيع شعره اسود ناعم طويل أحنى السائس راسه إحتراما لسيده فسارع بعدها بحمل حقائبه إلى القصر سار القادم الغريب بخطوات راكزه إستقبله أبيلاردو بإبتسامة مشرقه والدموع تترقرق في مقلتيه قائلا : ــ حمدا لله على سلامتك يا سيدي . إبتسم الشاب الوسيم وصافحه قائلا : ــ كيف حالك ايها الشيخ الكبير . ابيلاردو فرحا : ــ بخير يا سيدي . فحمل عنه حقيبته الصغيره التي كان يحملها بيده قائلا : ــ سآخذها لغرفتك .. وهكذا عاد خوان بيدرو سليما ومعافا لدياره عاد وكله امل بالإستقرار و فتح عيادته الخاصه لممارسة عمله المحبب إلى نفسه وهو التطبيب وبينما كان يمتع ناظريه بالاماكن التي ألفها سابق عهده شده صوت يألف نبرة صاحبه ادار راسه ليرى خوليو يبسم له قائلا : ــ أهلا بك عزيزي خوان .
تقدم نحوه ووقف امامه مصافحا إياه قائلا : ــ تسعدني رؤيتك أيها القريب..
ولبرهة بقي الإثنان يمعنان النظر ببعضهما وقد تطاير شرر الكلام الخفي الذي يضمره خفايا قلبيهما يلمع كالبرق الساطع من مقلتيهما في حديث صامت لا يدركه أحد غيرهما .
هلا وغلا شرفتي موضوعي بردج الكريم :blueSmCLR:
اكيد اختي من تاليفي الشخصي :botetoo: ويسعدني جدا مداخلتج وسؤالج :nbptr:
ابشري بعزج ما طلبتي شي ولعيونج هذي الحلقه الثالثه :blueSmCLR:
:blueSmCLR:
بعد ان علمت دونيا تريزا بخبر قدوم خوان بيدرو المفاجىء سارعت إلى لقائه كما إعتاد منها دوما بفتور وإعرابا على سعادتها المزيفه امرت بأن تقيم حفلا كبيرا على شرف عودته سالما لدياره على ان تقام مراسيم الحفل الكبير غدا في تمام الساعة 7 مساء فباشرت من فورها بتحضير قائمة بأسماء المدعوين للحفل الكبير وكان معظم الاسماء التي صفت تباعا في القائمة المهمه أسماء لأبرز الشخصيات والأعيان في المجتمع ومن بين تلك الاسماء كان الشرف لعائلة مندوزا فعلى الرغم من حالة الفقر التي تعيشها عائلة دونيا كونسويلو إلا أن الجنرال غوميز ميندوزا كان له صيت عظيم في الاوساط الإجتماعيه ربما توفي دون غوميز مخلفا وراءه الديون إلا أنه ترك خلفه إرثا عظيما وهي السمعة الطيبه والتي كانت تعد اهم بكثير من النقود هذا ما كان يعزي مصاب دونيا كونسويلو ويخفف عنها ضنك العيش وعلى طاولة العشاء الفاخرة حيث صف ما لذ وطاب من الاطعمة الفاخره جلست دونيا تريزا على راس الطاولة بكل كبريائها وخيلائها في حين جلس خوليو على يمينها وخوان بيدرو على شمالها كان الصمت يلف المكان فلا تعد تسمع سوى أصوات الملاعق والشوك تصطك في الصحون وعلى ضوء الشموع الباهرة طفق خوان بيدرو يرشف حساءه بوقار وخشوع في حين خوليو يرمقه بسهام نظراته الحاقده بين الفينة والفينة ودونيا تريزا لاهية بزينتها وجواهرها الثمينة التي زينت بها جيدها ومعصميها قطع عليها شرودها صوت خوان بيدرو يستأذن بالإنصراف فهو متعب من السفر ويحتاج للراحة شقت فمها بإبتسامة باهته وهي تودعه بقبلة صغيره على خده وبخطى رصينة خرج خوان بيدرو من قاعة الطعام صعودا إلى حجرته حيث ألقى جسده المنهك على الفراش دون ان يبالي بخلع حذائه وتبديل ملابسه فباله كان مشغولا بأمور كثيره اهمها كيف سيتأقلم بالعيش في بيت هو على يقين بكره أهله له فخوليو يضمر له الحقد والبغض وجدته لا تبالي به كاد راسه ينفجر من كثره التفكير ابعد عن ذهنه تلك الافكار المزعجة بأن توسد ذراعه واستسلم للنوم ممنيا نفسه بصباح يوم جديد يحمل معه الامل لم تستطع دونيا كونسويلو أن تخلد للراحة إلا بعد أن إطمانت من تحسن حال أنا لوسيا فبعد ان شربت كوب الاعشاب التي برعت بإعداده كاتالينا إستطاعت بعده ان تنام بسلام كطفل صغير خرجت دونيا كونسويلو على اطراف اصابعها حتى لا توقظ أنا لوسيا واغلقت الباب خلفها بهدوء وفي الممر سألت كاتالينا :
ــ كيف حدث كل هذا ؟ كاتالينا تجيبها بهمس :
ــ لا اعلم يقينا يا سيدتي ولكني لاحظت انها كانت تشعر بتوعك بسيط اشرت عليها ان ترتاح إلا انها اصرت ان تساعدني في إعداد الفطائر . دونيا كونسويلو بريب :
ــ وما دور بيانكا في الموضوع كله ؟ كاتالينا :
ــ لست ادري ولكنها كعادتها كانت قاسية في الحديث معها .. أمسكت دونيا كونسويلو راسها وبيأس أردفت قائله :
ــ لا اعلم ماذا افعل بها هذه الفتاة ستفقدني صوابي .. كاتالينا :
ــ تحلى بالصبر يا سيدتي فبيانكا فتاة طيبه كل ما تحتاج إليه هو الوقت الوقت وحده كفيل بعلاج ما افسده الزمن .
هزت دونيا كونسويلو راسها على امل ان يصدق حدس كاتالينا وفي صباح اليوم التالي أشرقت الشمس بنورها الوضاح تلقى بسنابل اشعتها الذهبيه تداعب فيها اوراق الشجر الخضراء إستيقظت أنا لوسيا إثر زقزقة العصافير خارج نافذتها وبصعوبة سحبت نفسها من الفراش فقد كانت تشعر بضعف شديد سارت حتى النافذه وفتحتها لتفزع العصافير وتطير بعيدا ولكن ليس بعيدا جدا فقد إحتمت بين اوراق الشجر الكثيفه إلا أن صوت زقزقتها البديع تفضح عن مكان إختبائها وبإبتسامة مشرقة إستقبلت أنا لوسيا تباشير الصباح ولم تبخل الطبيعه الساحره بأن ترد عليها التحيه فنسائم الهواء العليلة تتلاعب بخصلات شعرها الاثيري وسنابل أشعة الصباح تداعب صفحة وجهها الوضاء شعرت أنا لوسيا بعدها بالنشاط يدب في جسدها المنهك الصغير فعلى الرغم من جمال الإبتسامة على محياها إلا أن نبضات قلبها الصغير مازال يحمل في دقاته صدى قسوة كلمات بيانكا لها بالأمس بدلت ملابسها على عجل ونزلت إلى صالة الجلوس وجدت خالتها تحيك بصمت وكاتالينا تجلس بقربها تفرد لها خيوط الصوف القت عليها تحية الصباح لنفاجىء دونيا كونسويلو بها فقالت :
ــ لماذا نهضت عن الفراش يا عزيزتي ؟ أنا لوسيا :
ــ هذا لأني أشعر بالنشاط واحببت أن لا افوت شرف الإفطار معك .
إبتسمت دونيا كونسويلو واشارت لها بالجلوس قربها ومن ثم لفت وجهها براحتي يديها قائله :
ــ كان عليك أن تبقي في الفراش حتى تستعيدي كامل عافيتك . انا لوسيا :
ــ ولكني بخير .. قاطعتها دونيا كونسويلو بأن قالت :
ــ لست كذلك لأن وجهك ما زال مصفر بعض الشيء أريد منك ان تعودي إلى الفراش وستحضر لك كاتالينا الإفطار .
وكالبنت المطيعه إمتثلت أنا لوسيا لأوامر خالتها على الرغم من إستيائها ذلك لأنها ستضطر لقضاء يومها كله بالفراش قبلت خالتها على جبينها وفي طريقها إلى الصعود قرع جرس الباب سارعت انا لوسيا لفتحه لتفاجىء برجل بدين يبسم لها بوقار ويقول :
ــ أهذا مقر إقامة عائلة الجنرال ميندوزا ؟ هزت انا لوسيا راسها بأن قالت :
ــ أجل هو كذلك .. مد الرجل يده بمغلف ابيض فاخر ومن ثم أحنى راسه بإحترام وانصرف بهدوء أغلقت أنا لوسيا الباب لتسألها خالتها قائله :
ــ ماذا هناك عزيزتي ؟ اقبلت انا لوسيا تحمل المغلف بيدها قائله :
ــ رجل يسأل إن كان هذا مقر عائلة ميندوزا وعندما اجبته مد إلي هذا المغلف .
تناولت دونيا كونسويلو المغلف من أنا لوسيا وفتحته وما هي إلا دقائق معدوده حتى إستبشر وجهها بالنور وقالت :
ــ لا أصدق .. واخيرا القدر يبسم لنا .. أنا لوسيا :
ــ مالامر خالتي أهي أنباء سعيده ؟ دونيا كونسويلو بفرح كبير :
ــ هي كذلك يا عزيزتي فنحن مدعوون لحضور حفل عشاء راقص تقيمه عائلة إسبيرادو .. وهنا إرتفع صوت بيانكا صائحة :
ــ ماذا قلت عائلة إسبيرادو ..
وكالمجنونه خطفت البطاقة من يد والدتها تقرؤها على عجل ومن شدة فرحها أخذت تصيح كالمجنونه قائله :
ــ يا إلهي الحفل غدا والوقت ضيق لن أتمكن من تحضير نفسي لا بد ان استغل اليوم كله في البحث عن فستان يليق بهذه المناسبه الفاخره ..
وانطلقت تجري وتصرخ على السائس فبيانكا فتاة صعبة المراس تحب الكمال في كل شيء كل هذا يحدث وانا لوسيا واقفة في مكانها وعلامات التعجب والحيرة تعلو وجهها مع سؤال يهتف براسها لما كل هذه الجلبه ؟ إنها مجرد دعوة لحضور حفل عشاء راقص ؟ ..
هل هي حقا مجرد دعوه عاديه ؟ كيف سيكون الحفل ؟ وهل سنرى اللقاء الإسطوري يجمع ما بين أبطال حكايتنا ؟ كيف سيكون اللقاء ؟ وهل ستحضر أنا لوسيا الحفل ؟
توقفنا بالحلقه السابقه عند صياح بيانكا كالمجنونة وهي تتخبط بخطواتها المبعثره تصرخ على السائس المسكين ليقلها إلى السوق حيث ستعكف اليوم كله في البحث عن فستانها الخيالي هكذا كانت تردد على نفسها بصوت مسموع فقد عزمت على أن تبدو كالحلم في تلك الحفلة الموعوده وقد قطعت عهدا بينها وبين نفسها بأن تسرق الأنظار من الجميع وتكون هي وحدها حدث الحفل ومن يدري قد تجد في ذلك البيت الفاخر فارس أحلامها المنتظر في حين كانت أنا لوسيا تقف مدهوشة بما يدور حولها وهي ترى بيانكا تتراقص فرحا وخالتها لا تنفك تبتسم وتدعو الله شاكرة على هذه الدعوه سارت بهدوء إلى غرفتها دون أن تنطق بكلمه واحده وكيف لها ان تقول شيئا والكل منشغل بفرحته وبالحفلة الراقصه جلست على حافة نافذتها تحدق النظر من خلال زجاج النافذه إلى أوراق الشجر يتراقص بغنج بين يدي النسيم العليل وقد شرد فكرها بها بعيدا قطع شرودها قرع على باب غرفتها وبصوت يستأذن الدخول فتح الباب وتقدمت خالتها دونيا كونسويلو نحوها بعد أن أغلقت الباب خلفها جلست على طرف سريرها وبعد تنهيدة طويله قالت :
ــ أعتذر عزيزتي لا بد أنك تشعرين بالضياع قليلا بعد أ شهدتي حالة الجنون المؤقتة التي اصابتنا فجأه إثر تلقينا دعوة الحضور ؟
هزت أنا لوسيا راسها واردفت بإبتسامه باهته قائله :
ــ الحق يقال أني شعرت كالمغفلة لم أفهم لما الكل سعداء وخاصة بيانكا لم اراها سعيدة بهذا القدر منذ وصولي للبيت ..
وبصوت هادىء قالت دونيا كونسويلو :
ــ هذا لأنك يا عزيزتي لا تعلمين حقيقة وضعنا الإجتماعي ؟ ولا تعلمين كيف أن هذه الدعوه البسيطة التي ترينها لها وقع كبير في نفوسنا . أنا لوسيا :
ــ إذن ساعديني لأفهم حتى اشارككم الفرحة .
وطفقت دونيا كونسويلو تلقى على مسامع أنا لوسيا القصة منذ البداية كيف انهم كانوا فيما سبق من أغنى العائلات الموجودين في مكسيكو وكيف دارت عليهم عاقبة الايام ليقع زوجها دون غوميز عبدا لأهواء نفسه بأن سلم نفسه للشيطان وغاص حبا وهياما في لعب القمار وكيف خسروا أموالهم كلها وذهبت أدراج الرياح بعد أن توفي زوجها وترك خلفه جبال متراكمه من الديون تألمت أنا لوسيا لما سمعته وكادت تبكي وهي تسمع لأنين حديث خالتها وهي تبثها حزنها والمها وهي تقول :
ــ لم أستطع تقبل فكرة وفاة زوجي العزيز رغم أنه توفي بشرف في ساحة القتال ولكن ما زادني ألما وحسرة هي عندما إكتشفت حقيقة إفلاسنا المره وضياع هيبتنا بين الناس لطالما عرفنا بشرف السمعة والخلق ولك أن تتخيلي ردة فعل الناس والمجتمع بخبر عائلة ميندوزا مطالبين من قبل المديونين . تردف انا لوسيا بأسى :
ــ ليس امرا سهلا لا بد أنكم شعرتم برغبة ماسة للإختفاء من على وجه الارض . دونيا كونسويلو :
ــ هذا تماما ما تمنيناه حقا ولهذا لك أن تتخيلي كيف ستكون ردة فعلنا بعد أن تلقينا دعوة من اغنى واشهر عائلة في مكسيكو وكأنه إقرار بأننا ما زلنا على قائمة المهمين في المجتمع هذه الدعوه ستكون بطاقة دخولنا مجددا للوسط الذي نبذنا منه . إبتسمت أنا لوسيا وامسكت بيدي خالتها قائله :
ــ أتمنى من كل قلبي أن تسعدوا بالذهاب لهذه الحفله . تجهم وجه دونيا كونسويلو فجأه وبإستنكار قالت :
ــ تتحدثين بطريقة وكأنك لن تحضري الحفل معنا . انا لوسيا :
ــ هو كذلك لن اذهب لهذه الحفله لأنها لا تعني لي شيئا فنظرتي ورؤيتي للحياة تختلف كثيرا عنكم واتمنى ان لا تغضبي مني .
دونيا كونسويلو :
ــ لن ارضى ببقائك في المنزل حان الوقت لتخوضي معترك الحياة الحقيقي ربما لست معتادة على حياة المدن والإختلاط بالناس ولكن كل هذا سيتغير لأنني سأحرص على ذلك .
وبضيق هزت أنا لوسيا كتفيها إعتراضا إلا أن دونيا كونسويلو كانت لها بالمرصاد وقد كانت حازمه لدرجه لم تشأ انا لوسيا إغضابها وبخبث قالت :
ــ لا استطيع الذهاب للحفل بهذه الملابس الريفيه .
قالتها على أمل ان تغير دونيا كونسويلو رايها ولكن دونيا كونسويلو لم تكن ساذجه لهذا أخذتها من يدها وسارت بها إلى غرفتها أمرت أنا لوسيا بإغلاق الباب خلفها ريثما غاصت هي بالبحث عن صندوق عتيق كانت تحتفظ به في دولاب خزانتها وأنا لوسيا تنظر بإستغراب نحو خالتها وتتساءل عما تبحث عنه وما هي إلا دقائق معدوده حتى أخرجت دونيا كونسويلو صندوق متوسط الحجم ملفوف بشريطه حمراء وضعته على سريرها وسحبت أنا لوسيا من يدها وقالت :
ــ لن تجدي الاعذار للتغيب عن الحفل في هذا الصندوق العتيق حل لمشكلتك ؟ أنا لوسيا :
ــ لم افهم ؟ دونيا كونسويلو :
ــ إفتحي الصندوق وستفهمين ..
وبيدين مترددتين فتحت أنا لوسيا غطاء الصندوق بعد أن أحلت عقدة الشريط الاحمر لترى ما ادخل السرور إلى قلبها الصغير فقد كان في قلب الصندوق فستان سهرة فاخر ربما ليس على الموضه ولكنه كان جميلا وساحرا رفعته أنا لوسيا عاليا ليظهر لنا فستان أحمر مصنوع من الحرير الفاخر تزينه شرائط دقيقة التطريز من الدانتيل الأبيض عند فتحة العنق وعند أطراف الاكمام القصيره وأسفل حاشية الفستان في حين تمركز حجر كريم اسفل فتحة العنق أبدت أنا لوسيا إعجابها الكبير بالفستان إبتسمت دونيا كونسويلو وقالت :
ــ ستبدين كالملاك فيه .
انا لوسيا :
ــ إنه فستان رائع لمن يعود إليه ؟
دونيا كونسويلو :
ــ إنه فستان زفافي إحتفظت به على أمل ان أعطيه لبيانكا في يوم زفافها .
وبسرعة وضعت أنا لوسيا الفستان وقالت :
ــ إذن من الافضل أن تعيديه لمكانه إلى أن يحين ذاك الوقت .
إستوقفتها دونيا كونسويلو قائله :
ــ لا داعي لذلك فبيانكا لا يعجبها هذا الفستان ولن ترتديه مهما قلت لها .
إقتربت أنا لوسيا إلى دونيا كونسويلو وحضنتها قائله :
ــ إنه شرف كبير لي أن أرتديه يا خالتي .
وبإبتسامة إمتنان قبلت دونيا كونسويلو أنا لوسيا على جبينها إمتنانا وتقديرا لحبها الكبير لها ولكنها فاجاتها قائله :
ــ هيا إرتديه بسرعه حتى ارى إن كان بحاجة للتعديل .
وبسرعة إرتدته انا لوسيا ليتبين أن الفستان بحاجة لتضييق بسيط عند الخصر فطلبت منها أن تخلعه حتى تبدء بتعديله على مقاسها في هذه الاثناء كانت بيانكا وصديقتها خوانيتا تدوران كالنحلتين في السوق تبحثان عن الفستان المناسب للحفل ليقع نظر بيانكا فجأة على فستان أسود تزينه وردة حمراء اشارت بإصبعها نحوه قائله :
ــ هذا هو إنه ما اريد .
وهكذا إشترته والفرحه لا تكاد تسعها في حين كان مقر عائلة أسبيردوا يعج بالخدم الكادح يديرهم رئيس الخدم ابيلاردو إستعدادا لتجهيزات الحفل الكبير ، توجه خوان بيدرو بعربته إلى المدينه حيث كان ينتظره لقاء مع احد السماسره لشراء البيت الذي سيفتتح به عيادته في حين كانت دونيا كونسويلو منهمكة بإضافة اللمسات الاخيره على الفستان عندما تنبهت بأن شرائط الزينه تنقصها نادت على أنا لوسيا وامرتها أن تذهب إلى السوق لشراء الغرض المطلوب سلمتها بعض النقود وأمرتها أن لا تتأخر وهكذا إنطلقت أنا لوسيا تصحبها كاتالينا وفي طريقهما رأت أنا لوسيا عربة بائع المثلجات فأشارت لكاتالينا بالتوقف قليلا لشراء البعض منه ولكن كاتالينا أصرت أن يشتريا أولا ما اوصت عليه دونيا كونسويلو ومن ثم يمكنها شراء ما تشاء من المثلجات غضبت أنا لوسيا واصرت أن تشترى المثلجات أولا فاندلعت بينهما مشاجرة ظريفه بدوا فيها كطفلتين تتشاجرا على قطعة حلوى توجه خوان بيدرو بعد ان تسلم مفاتيح المنزل أخذ يتجول بين حجره الضيقه ويتاكد من سلامة بنيانه وبعد أن إطمأن من وضعه السليم أغلق بابه بالمفتاح وبينما كان منهمكا في فعل ذلك شعر بعيون خفية تسترق النظر عليه من بعيد إلتفت خلفه ليرى مجموعة سيدات انيقات يرمقنه بنظرات الإعجاب أحنى رأسه إحتراما لهن مع إبتسامة مشرقه تلألأت على وجهه القسيم وضع المفاتيح في جيب بنطاله وهم بالصعود إلى العربه وقبل أن يفعل ذلك شده صوت مشادة ظريفه في الجهة الأخرى من الشارع رفع رأسه ليرى فتاة ترتدي ثوبا بسيطا بلون المشمش وتعتمر قبعة بيضاء تزينها وردة صفراء تغطي ملامح وجهها فعلى الرغم من أنه لا يستطيع أن يتبين ملامح وجهها إلا أنه شعر بإنجذاب غريب إلى صوتها الرقيق وهي تطالب خادمتها بأصابع المثلجات وقف لبرهة يرقبها من بعيد وهي ترفع يديها في الهواء بعصبية ومن ثم سارت لقطع الشارع لتصل إلى بائع المثلجات في حين كانت خادمتها تنادي عليها وخوان بيدرو يتبعها بسهام نظراته ولكنه تنبه فجأة لصوت صراخ يصم الآذان نظر في الجهة المقابله ليرى عربة تسير بسرعة جنونيه تقترب من أنا لوسيا ومن شدة الخوف تسمرت أنا لوسيا في مكانها وهي ترى الموت يقترب منها مع إعتلاء صرخات كاتالينا تستغيث بالنجده وما أن إقتربت منها العربه حتى أغمضت أنا لوسيا عينيها بيديها لتشعر فجأة بيدين قويتين تحيط بها من الخصر وبجسد دافىء يلفها ويسحبها معه شعرت للحظات وكأنها تطير في الهواء ولكن سرعان ما أن تلاشى هذا الشعور الجميل لحظة إصطدامها بشدة بالأرض الصلبه طارت القبعة عن راسها الصغير إلا أنها لم تشعر بألم الإرتطام فتحت عينيها لترى نفسها بين يدي شاب وسيم صرخت فزعه وأبعدته عنها بأن دفعته بيديها لتسارع كاتالينا لإنهاضها نهض خوان بيدرو قائلا :
ــ هل أنت بخير ؟
ولكن أنا لوسيا لم تستطع أن تجيبه وكيف لها ذلك وقد إحمر وجهها خجلا وسرت رعشة باردة في جسدها أعاد خوان بيدرو سؤاله وهو يقترب منها لتفاجئه أنا بالصراخ عليه قائله :
ــ إياك أن تقترب ..
تفاجأ خوان بيدرو من ردة فعلها الغريبه ولكنه مع هذا وقف يمتع ناظريه بروعة جمالها الطفولي وما زادها جمالا فوق جمالها هو لون الغضب الذي كان يغلف وجهها ولكنه بكل رصانة قال :
ــ أعتذر آنستي إن أسأت التصرف كان لا بد من أن أفعل ذلك لإنقاذك .
ولكن أنا لوسيا إلتزمت الصمت ولم ترد عليه بل أحنت رأسها بخجل لتسارع كاتالينا بشكر خوان بيدرو وسحب أنا لوسيا للعودة إلى البيت لم يستطع خوان بيدرو أن يبعد ناظريه عن أنا لوسيا وهي تبتعد عنه فقد شعر بإحساس غريب يداعب ثنايا قلبه وبرغبة قوية في إطالة النظر إليها ..وفي الطريق سألت بيانكا أنا لوسيا إن كانت تشعر بألم ما لكن أنا لوسيا لم تجبها هي الأخرى وكأن الحادثه قد ألجمت لسانها وسرعان ما ان وصلتا إلي المنزل وقبل أن يدخلا إستوقفت أنا لوسيا كاتالينا واوصتها ان لا تخبر خالتها بما جرى لها دخلتا الصاله لتجدا دونيا كونسويلو بإنتظارهما سارعت كاتالينا بالذهاب إلى المطبخ دون ان تنطق بشيء في حين إستأذنت أنا لوسيا بالذهاب إلى غرفتها سألتها دونيا كونسويلو عن الغرض وتحججت أنا لوسيا بإنتهائه من السوق وفي طريقها إلى غرفتها رأت بيانكا تقيس ثوبها الجديد أعجبها ما رأت ولكن بيانكا ما ان شعرت بها حتى أغلقت الباب بوجهها لتنسحب أنا لوسيا بهدوء إلى غرفتها وتلقي بجسدها الواهن على الفراش فعلى الرغم من تعبها الشديد وحاجتها الماسه للنوم إلا أنها لم تستطع إغماض عينيها من دون ما أن يظهر في راسها صورة الشاب الوسيم عاد خوان بيدرو إلى المنزل وعقله مازال مشغولا بصورة الفتاة البريئه التي أنقذها ابدى رغبته بالنوم مبكرا وصعد مباشره إلى غرفته حيث رمى جثته العملاقة على السرير وعيناه معلقتان بسقف الغرفه مسمرتان بصورة خيال من إستحوذت على تفكيره وإهتمامه ..
ونبقى نحن بإنتظار يوم الغد بحدثه المهم لنرى كيف ستؤول إليه الاحداث ..
هذا ما سنعرفه في احداث القادمه ..
وفي صباح اليوم الموعود إستيقظت أنا لوسيا بشعور غريب لم تستطع تأويله فهي لم يغمض لها جفن منذ ليلة الامس وذلك يعود إلى طيف الرجل الوسيم الذي تربع عرش تفكيرها منذ حادثة الإنقاذ وبتملل سحبت نفسها من الفراش وسارت حتى وقفت أمام مرآتها تتفحص وجهها لترى إن اصيبت بخدوش او سحقات فعلى الرغم من أن عيناها تحدقان النظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة إلا أنها كانت ترى صورة حالها مرمية بين أحضان ذلك الرجل الغريب وهو يخصها بنظرات عينيه الثاقبتين إنتفض جسدها برعشة خفيفة وزمت شفتاها بغضب قائله :
ــ رجل وقح .. كان من المفترض أن اصفعه بدل ان تشكره كاتالينا . ومن شدة غضبها زفرت زفره حاره وهي تغمس كلتا يديها في إناء الماء وتغسل وجهها بعصبيه وعلى غير العادة المتبعه إستيقظت بيانكا بنشاط كبير والإبتسامة تعلو وجهها وسرعان ما انضمت إلى والدتها على مائدة الفطور لتتبعها ببضع دقائق أنا لوسيا وعلى طاولة الفطور حيث إجتمع الجميع لاحظت دونيا كونسويلو توتر أنا لوسيا الغريب سألتها والفضول يسوقها :
ــ مالامر عزيزتي ؟ وبتوتر ملحوظ أجابتها بتردد :
ــ لا شيء . دونيا كونسويلو :
ــ ولكني أعرف لذا لا داعي لأن تخفي الامر عني ؟ وبإرتباك شديد لم تستطع انا لوسيا ان تتمالك اعصابها إنزلق فنجان الشاي من يدها ووقع على الطاوله فسارعت دونيا كونسويلو برفع الفنجان وانا لوسيا تحاول مسح الشاي بالمنديل وبعصبية وعجرفة صاحت بها بيانكا :
ــ يا الهي كم أنت رعناء ألا تعرفين شرب الشاي ؟ إني أتساءل إن كان هناك شيء تجيدين عمله ؟ وبنظرة غاضبه إنفجرت انا لوسيا بوجه بيانكا قائله :
ــ أعرف كيف القي هذا المنديل بوجهك وافسد زينتك إن لم تتركيني وشأني . تفاجأت دونا كونسويلو من ردة فعل أنا لوسيا وجرأتها في مواجهة بيانكا التي نهضت عن الطاوله قائله بإسلوبها اللاذع :
ــ ماذا يمكن ان نتوقع منك غير هذا السلوك الريفي فأنت لا تعرفين اصول اللياقة لذا افضل الإنسحاب والإستعداد للحفل على أن امضي نهاري كله معك . لم تستطع انا لوسيا إخفاء توترها وارتباكها فجملة دونيا كونسويلو زرعت الخوف في قلبها ظلت محنية رأسها للأسفل وتشد على راحتي يديها في حين إنطلق صوت حديث نفسها هامسا في أذنها متسائلا ك
ــ أيعقل أنها علمت بأمر الحادثه ؟ ولكن كيف ؟ كاتالينا وعدتني أن لا تخبرها ؟ إرتفع صوت دونيا كونسويلو قائله : ــ أعلم انه موقف صعب ولكن كان ... قاطعتها أنا لوسيا قائله :
ــ أعتذر خالتي لم أكن أريد أن .. رفعت دونيا كونسويلو يدها إشارة منها بإلتزام الصمت وقد علت علامات الجديه على ملامح وجهها قائله :
ــ دعيني أكمل حديثي دون مقاطعه .. كما قلت أعلم يقينا أن فكرك مشغول بالحفل ولهذا أنت على غير عادتك . وما ان تلفظت دونيا كونسويلو بهذه الكلمات القصيره حتى إرتفع صدر أنا لوسيا بتنهيدة إرتياح فلوهله ظنت أن خالتها ستفاتحها بأمر الحادثة ولكن تبين لها العكس تماما وبقيت كاتالينا عند وعدها إبتسمت قائله :
ــ الأمر ليس سهلا فأنا لم اعتد يوما الذهاب لمثل هذه الأجواء . أمسكت دونيا كونسويلو يدها وقالت بعطف كبير
ــ أحيانا نفعل امورا في الحياة لا نحبها ولكنها امور حتميه لا مناص منها .. انت اقوى مما تظنين عزيزتي لذا حاولي أن تثقي بنفسك اكثر وعندها سترين انا لوسيا اخرى .
في هذه الاثناء كان خوان بيدرو مازال مستلقيا على فراشه ساهما ببحور افكاره وخيالاته فقد جعل من ذراعيه وسادة لا يرتدى سوى سروال أسود من الحرير الخالص وصدره عاري بدى وكأنه يسبح في عالم آخر غير عالمه فعلى الرغم من أنه رجل صعب المراس إلا أنه لا يجد تفسيرا منطقيا لما يمر به فعقله ما زال مشغولا بوجهها البريء وكأنه واقع تحت تأثير سحر براءة وجهها الطفولي فهو لا ينفك عن الإبتسامة كلما تذكر خجلها وإحمرار وجهها أخذ يتقلب على الفراش عله يبعدها عن فكره ولكن كيف له فعل ذلك وقد تغلغلت صورتها حتى أعماق قلبه ووجدانه وتمر الساعات بسباق مع الزمن لتقترب ساعة الحفل فالقاعة الرئيسيه تعج بأصيص الزهور النضره موزعة بشكل جميل وانيق في زواياها الفسيحة في حين نرى جدرانها وقد توشحت باللون الدهبي البراق إثر ضوء الشموع المضيئه في أركانها ناهيك عن اريج الزهور الذي فاح عبق شذى عطرها يلف المكان ..
ومن بعيد يشدنا مظهر الخدم بلباسهم الرسمي باللون الابيض والاسود وقد توزعوا في أرجاء القصر كله ككتائب نمل نشطه تهتم بأمور مأدبة العشاء .. كانت دونيا تريزا تتبختر بفستانها المخملي بلون الباذنجان وقد زينت عنقها بعقد الماس باهظ الثمن وهذا تماما ما حرصت على فعله بيانكا فبعد أن إرتدت ثوبها الفاخر ورفعت شعرها بشرائط مماثلة للون الفستان علقت العقد الثمين على رقبتها ليزيدها بهاء واناقة وقد تلألأ وجهها بمساحيق التجميل والإبتسامة تعلو وجهها على عكس أنا لوسيا التي أصطبغ وجهها بأطياف الخوف والرهبة وهي تحدق النظر إلى فستانها الملقى على السرير دخلت عليها دونيا كونسويلو لتجدها لم تجهز فصاحت بها :
ــ لما لم ترتدي فستانك بعد يا عزيزتي ؟ امسكتها من كتفيها ودفعتها بلطف وهي تقول :
ــ هيا عزيزتي أسرعي ارجوكي فنحن لا نريد أن نتأخر .
تناولت انا لوسيا الفستان على مضض وسارت ترتديه خلف الستارة العازله وما هي إلا لحظات قصيره حتى خرجت تتبختر به على مراى خالتها التي لم تصدق ما تراه عيناها فقد بدت انا لوسيا كالحلم بفستانها الاحمر البسيط بشرائط الورود الصغيره التي تشد اطراف اكمامها جعلها تبدو كطفلة صغيره ناهيك عن الحزام الذي يشد وسطها وينتهي بعقدة ورده من الخلف صرخت دونيا كونسويلو قائله :
ــ يا إلهي إنك تبدين كأميرة صغيره .. شدتها من يدها واوقفتها أمام المرآة وقالت :
ــ انظري إلى نفسك كم تبدين جميله . إبتسمت انا لوسيا لمديح خالتها وللأمانة فقد اعجبها ما رأته من تبدل حالها ولكنها مع هذا لم تستطع أن تنزع الخوف من قلبها وكأن حدسها ينبؤها بحادثة لا تحمد عقباها أحاطتها دونيا كونسويلو بذراعيها وقالت :
ــ سأرتب لك شعرك واضع لك القليل من الزينه وحتما ستسرقين قلب احد ما في الحفل .
كانت بيانكا قد انهت زينتها وبقيت جالسة على الاريكة بعصبية تنتظر نزول والدتها التي تأخرت كثيرا فالوقت يمضي ولا بد أن المدعوين بدؤا بالتوافد وقبل ان ينفجر حمم براكين غضبها شدها صوت والدتها تقول لها :
ــ والآن قولي لي ما رايك بإبنة خالتك ؟ الا تبدو جميله ؟ رفعت بيانكا نظرها نحو أنا لوسيا لترى أمامها ما حطم كبرياؤها وفجر غضب صامت في قلبها فقد بدت أنا لوسيا كأميرة بشعرها المنسدل على أكتافها يغطي جزء من جبينها في حين تلألأت وجنتاها وشفاهها باللون الوردي الشفاف وبغضب جارف أردفت بسخريه :
ــ إنها تبدو كدميه أرجو ان لا تسببي لنا الإحراج .. وانصرفت تجر ذيل فستانها الطويل من خلفها وكأنها تجر أذيال الخيبة فقد شعرت للحظه بأنها قد تكون أمام منافسة شديده بعد تعليق بيانكا الساخر على مظهر انا لوسيا وإنصرافها السريع قابلت انا لوسيا تعليقها القاسي بإبتسامة عريضه لخالتها دونيا كونسويلو بعد أن تأبطت ذراعها قائله :
ــ لنذهب خالتي . هزت دونيا كونسويلو راسها إعجابا ببرودة أعصاب أنا لوسيا تجاه تصرفات إبنة خالتها الغير مهذبه وسارتا معا يلحقا بيانكا التي سبقتهما بالجلوس والإنتظار في العربه وهكذا إنطلقت العربه في طريقها إلى قصر أسبيرادو وهناك ترى توافد كبير من المدعوين الكل بأحلى حلة واناقه وقد بدت عليهم علامات الثراء الفاحش فالنساء تلألأت رقابهم بعقود الالماس واليواقيت وهن يتبخترن بغنج متأبطين أذرع أزواجهم وغصت القاعه بهم فترى طوابير الخدم الدؤوب يدورون عليهم بصواني المشروبات البارده والمقبلات بينما صدحت الاجواق الموسيقيه تلطف الجو وتكسبه لونا من السحر الخيالي الآسر وعند مدخل القاعة الفاخره نرى دونيا تريزا بفستانها المخملي الفاخر تقف بكل كبريائها المعتاد تتأبط ذراع خوان بيدرو في حين كان يقف بجانبها من الجهة الاخرى خوليو حاملا بيده سيجاره الكوبي الفاخر وبإبتسامة شاحبة وشبه جامده أخذت دونيا تريزا ترحب بالضيوف وخوان بيدرو يبسم لهم مرحبا وعند البوابة الرئيسية للقصر قطعت عربة عائلة ميندوزا طريقها وصولا إلى مدخل القصر وهناك توقفت العربه ليفتح بابها السائس وتترجل منها دونيا كونسويلو وبيانكا تبعتهما أنا لوسيا وعند المدخل إستقبلهم كبير الخدم ابيلاردو مرحبا بهم بكل وقار لفت نظره وهو الخادم العادي جاذبية الفتاة ذو الفستان الاحمر التي تسير بوقار في حين كانت يداها مشغولتان بإبعاد الخصل المتناثره عن وجهها شعرت انا لوسيا بنظرات تلاحقها فوجهت نظرها صوب إحساسها لترى شيخا كبيرا يبسم لها بادرته الإبتسامة نفسها ومرت بجانبه بهدوء ليطرق سمعها صوت الشيخ الكبير قائلا :
ــ شكرا لك آنستي .. اكملت انا لوسيا طريقها دون ان ترد على أبيلاردو وكم شعرت بالاسى قليلا لأنها تجاهلته لكنها كلما تذكرت إبتسامته الوقوره شعرت برضى كبير يغلف قلبها وما ان ولجوا داخل القصر حتى تسارعت دقات قلبهم فكل شيء يرونه خيالي فالقاعة فسيحه مطعمة بلوحات وتحف رائعه تعود إلى اشهر الرسامين و النحاتين ناهيك عن صور الطبيعة الخلابة التي تمثلت بمظهر الورود النضره منتشرة في كل أركان القاعه تتراقص على اوراقها الخضراء أطياف الشموع الذهبيه سارت دونيا كونسويلو وبقربها بيانكا لتستقبلهم دونيا تريزا بإبتسامتها الشاحبة قائله :
ـــ مرحبا بك عزيزتي دونيا كونسويلو .. وفي الوقت الذي رحبت به دونيا تريزا بدونيا كونسويلو تحلقت نظرات بيانكا بوجه الرجل الوسيم الواقف بقرب المرأة العجوز للحظه كاد يقف قلبها وتنقطع أنفاسها وهي ترى ما هز أركان قلبها رجل وسيم فارع الطول يرتدي بدلة سوداء ينظر نحوها باسما لم تشعر بيانكا بنظرات خوليو الحارقه لها وهو يخصها بنظرات إعجاب وتقدير فقد كان عقلها مشغولا بخوان بيدرو قدمت دونيا كونسويلو تعرف عن إبنتها بيانكا وبحركة جريئه وطائشة بعض الشيء مدت بيانكا يدها إشارة لخوان بيدرو بتقبيلها كما هي عادة الترحيب وقبل أن يمد خوان بيدرو يده سبقه إلى ذلك خوليو امسك بيدها بشده وطبع قبلة صغيره عليها قائلا :
ــ تشرفت بمعرفتك يا آنستي الجميله . تجهم وجه بيانكا وكادت الحسره تقتلها فلم تكن تريد من هذا الشخص الطفولي أن يقبلها وبتصنع شديد إبتسمت له قائله :
ــ الشرف لي . لاحظت بيانكا ان الشاب الوسيم كان مشغولا بالحديث مع ضيف آخر ولم ينتبه لوجودها تنبهت لصوت والدتها وهي تبحت وتنادي على أنا لوسيا التي كانت وقتها لاهيه ومشغوله بالنظر إلى تحفة فنيه شدتها
دونيا كونسويلو :
ــ انا ليس هذا وقت التفرج ..
اشارت بيدها بعصبيه بأن تترك التحفة وشأنها وبإستياء سارت انا لوسيا حتى وقفت بين خالتها وبيانكا التي ازعجها وقوف أنا لوسيا بقربها لكن انا لوسيا لم تعرها إنتباها وبينما كانت ترحب بدونيا تريزا شعرت بشعور غريب إنتابها فجأه وبضيق كاد يسرق أنفاسها نظرت فرأت خوليو يبسم لها لم تعجبها نظراته الجريئه لها فغضت ببصرها عنه وكأنه ليس موجودا شعر خوليو بإنكسار في نفسه فالعادة دائما تقضي بتهافت النساء دوما حوله كيف تجرأت هذه الفتاة أن ترد على نظراته بهذه الطريقة لم تنتبه انا لوسيا لخوان بيدرو فقد كانت مشغوله بتجاذب أطراف الحديث مع دونيا تريزا التي سرعان ما اشارت نحو خوان بيدرو وقالت موجهة كلامها لأنا لوسيا وبيانكا :
ــ هذا هو حفيدي خوان بيدرو من اقيم على شرفه الحفل الراقص .
إلتفت خوان بيدرو لتلتقي عيناه بعينا أنا لوسيا وكم كانت لحظه هائله فقد عم السكون للحظه وتسارعت دقات قلب أنا لوسيا وهي ترى أمامها من كان له الفضل في إنقاذها من حادثة العربه التي كادت تودي بحياتها ينظر نحوها بعينيه الثاقبتين ويبسم لها تلك الإبتسامة الساحره وقفت مدهوشه وعيناها مسمرتان بعينا خوان بيدرو الذي هو الآخر لم يصدق وقتها ما يراه امامه إنها صورة الفتاة الجميله التي شغلت عقله وتفكيره ها هي الآن تقف أمامه بأحلى حله وتداركا للموقف إبتسم خوان بيدرو لأنا لوسيا ومد يده نحوها قائلا بصوت عميق :
ــ تشرفت بمعرفتك آنستي ..
وبتردد مدت انا لوسيا يدها لتقفز في مخيلتها صورتها وهي ملقاة بين يديه فتشعر فجأه بغليان في دمها وبسرعة رفعت يدها وصفعته بكل ما اوتيت من قوه وسط إندهاش وإستغراب الجميع لهذا الموقف إرتفع صوت دونيا تريزا بشهقة وهي تغطي فمها بيديها في حين كانت دونيا كونسويلو تنظر بإستغراب وتساؤل كبير نحو انا لوسيا
كيف ستكون ردة فعل خوان بيدرو على صفعة انا لوسيا ؟ وكيف ستبرر أنا لوسيا موقفها ؟
هذا ما سنعرفه في الأحداث القادمه
لم تشعر انا لوسيا بنفسها وقت ما رفعت يدها عاليا وصفعت خوان بيدرو بقوه وكأنها واقعة تحت تأثير سحر ما إستعادت وعيها عندما شعرت بالحرقة في باطن يدها فقد كانت صفعه شديده إحمر على إثرها خد خوان بيدرو وقد إنتشرت خصلات شعره الداكن الكثيف تغطي وجهه ووسط بلبلة أصوات الحضور الغاضبه إرتفع صوت دونيا تريزا صائحه: ــ كيف تجرئين ؟
نظرت انا لوسيا إليها بعينين دامعتين وقد تملكها خوف وإرتباك شديد في حين اصيبت دونيا كونسويلو بالدوار من هول ما فعلت انا لوسيا لدرجة تزعزع إتزانها وكادت تقع على الارض لولا أن تلقفتها يد بيانكا يساعدها في ذلك خوليو وعند اقرب كرسي أجلساها في حالة يرثى لها فقد إرتفع صدرها بتنهدات وتأوهات عظيمه وهي تتمتم بحسره : ــ لماذا فعلت ذلك انا لوسيا ؟ لماذا ؟.. إرتفع صوت بكاء بيانكا وهي تصرخ : ــ أمي .. يا إلهي .. أمي .. ؟
لم تستطع دونيا كونسويلو ان تجيبها فهي بالكاد تلتقط أنفاسها المتقطعه والغريب في الامر كله أن خوليو بدى سعيدا جدا لما حصل لخوان بيدرو وبكل هدوء أدار خوان بيدرو راسه ونظر مباشره إلى عينى انا لوسيا وقد إتقدت عيناه بنظرات نارية متأججه كاد يحرق بها انا لوسيا التي وقفت تنظر بخوف شديد إلى تلك العينين الناريتين وقد تلونتا بلون الغضب والسخط ومن شدة إرتباكها أخذت تتلفت من حولها لترى عيون الحضور ترمقها بغضب وإمتعاض فتارة تنظر إلى خالتها المسكينه فينفطر قلبها لمصابها وتارة أخرى تنظر إلى عيني خوان بيدرو الغاضبه وبسرعة حررت نفسها بأن اطلقت ساقيها هروبا من صعوبة الموقف وفي طريقها إصطدمت من دون قصد بالخادم الذي يحمل صينية المشروبات فأوقعته على الارض لتتناثر قطع الكؤوس المحطمة على الارض وينسكب الشراب ركضت انا لوسيا بسرعة خياليه على غير هدى حتى وجدت نفسها في حديقة القصر سارت وجلست على حوض الزهور وهناك في عتمة الليل اجهشت انا لوسيا ببكاء مرير يقطع القلوب لم تستطع ان تتمالك نفسها فكلما تذكرت خالتها وهي تهوي على الارض كورقة سقطت عن غصن شجره زاد نحيبها واعتصر الالم قلبها ومن حيث لا تدري شعرت بيد غريبة تمتد نحوها وتربت على كتفها إهتزت فزعه لترى امامها امراه في منتصف عقدها العشرين معتدلة الطول شعرها اسود حالك جميلة التقاسيم تبسم لها برقة وتقول : ــ هدئي من روعك عزيزتي ..
ومدت لها منديل في حين كانت يدها الأخرى تستند بهدوء على بطنها المنتفخه فقد كانت حامل بشهرها السابع أخذت انا لوسيا المنديل ومسحت دموعها فاردفت بوداعه : ــ اشكر لطفك سيدتي ..
سارعت قائله : ادعى سيلفيا مونتغمري .. إ
بتسمت انا لوسيا وقالت : ــ تشرفت بمعرفتك انا ..
وقبل ان تتم حديثها قاطعتها قائله : ــ انا لوسيا ..
تعجبت أنا لوسيا لتبادرها سيلفيا بإبتسامة وديعه وتقول : ــ لا داعي لرفع حاجبك الامر ليس أحجيه لقد كنت بالحفل وسمعت والدتك عندما كانت تناديك وقت ما كنت مشغوله بالنظر إلى التحفة . أحنيت انا لوسيا راسها للأسفل وقالت بأسى : ــ إنها خالتي ..
ومن ثم اجهشت بالبكاء مجددا وبصعوبة جلست سيلفيا بالقرب من انا لوسيا وقد مدت ساقيها للأمام قليلا فحمل بطنها الثقيل يصعب عليها الجلوس بأريحيه ووضعت يدها برفق على كتفها وقالت لها مطمئنه
ــ لا تخافي خالتك الآن افضل حالا .. بعد ان عاينها خوان بيدرو ..
رفعت رأسها وحملقت بوجهها بعينين مملوءتان بالدموع والدهشه معا وقد حملت في طيات نظراتها العديد من التساؤلات إبتسمت سيلفيا برقة وقالت بسخريه : ــ كان من المفترض أن تكون ردة فعله مغايره وان يقوم بطرد عائلتك بعد ان وجهت له تلك الصفعة المؤلمه .
شعرت انا لوسيا بخجل كبير واحمر وجهها خجلا لكن سيلفيا فاجأتها بقهقهة رنانه وهي تقول :
يا الهي .. كم انت جريئه لا بد ان لك اسبابك الخاصه لتفعلي ذلك رغم أنني اتساءل ما هي فخوان بيدرو رجل شريف ومحترم وهو محط إعجاب الكثير من النساء .
وبكبرياء وعنجهية ردت انا لوسيا بحزم : ــ ليس كل النساء متشابهات .
إزداد ضحك سيلفيا وهي تضع كلتا يديها على بطنها المنتفخ خوفا من ان لا ينفجر قائله : ــ ارى ذلك بوضوح .. إلتفت أنا لوسيا نحوها وسألتها والفضول يسوقها : ــ لقد قلتي أنه رجل شريف ومحترم .. هل انت قريبة له ؟ أردفت سيلفيا قائله : ــ لست قريبته ولكني صديقة العائله فأنا زوجة صديقه الحميم مكسيمليانو مونغمري وقد رجعنا للتو من فرنسا ونقيم حاليا في ضيافتهم . إلتزمت أنا لوسيا الصمت وفكرها مشغول بمبادرة خوان بيدرو اللطيفه بالعناية بخالتها رغم أنها سببت له إحراج كبير في الحفل وانتقصت من مقداره ومكانته بين الحضور قطع عليها شرودها صوت سيلفيا المرح وهي تقول : ــ انا لا اعرف احدا في هذه المدينه واظن أنك كذلك فما رأيك نصبح صديقتين .. تفاجأت أنا لوسيا لطلب سيلفيا المفاجىء ولكنها رحبت بإقتراحها اللطيف وبهدوء تقدم نحوهم كبير الخدم أبيلاردو قائلا : ــ المعذره ..
ولكن عائلتك تنتظرك في العربه آنستي .. فزت انا لوسيا على عجل وودعت سيلفيا وذهبت مسرعة يصحبها ابيلاردو وعند العربة حيث جلست دونيا كونسويلو تتكىء براسها الواهن على كتف إبنتها بيانكا التي كانت عيناها يتطاير الشرر منها فتح ابيلاردو باب العربة ومد يده لأنا لوسيا يساعدها على الصعود إلى العربة نظر إليها نظرة ملؤها حنان الاب وعطفه لتنطلق العربة بعدها تقطع طريقها بعجل وتخترق البوابة الرئيسية لتختفي عن ناظري ابيلاردو وسرعان ما وصلت العربة إلى المنزل حيث سارعت بيانكا بالنزول ومناداة كاتالينا وتعاونتا بإنزال دونيا كونسويلو وأخذها إلى غرفتها وأنا لوسيا تنظر بإنكسار لوضع خالتها المؤلم دون ان تنبس بكلمة واحده وقد شعرت بعقدة الذنب والمؤسف في الامر كله أنها لم تكن تعلم أن خالتها تعاني من مرض إعتلال عضلة القلب وهو مرض عضال لا علاج له وبحزن شديد إنسحبت انا لوسيا تجر ثقل ساقيها إلى حجرتها لترمي نفسها على الفراش وتكمل نوبة بكائها التي لم تنتهي حتى ساعات الفجر الاولى بعد ان غلبها النعاس في حين عزل خوان بيدرو نفسه في غرفته بعد إنتهاء الحفل وإنصراف الضيوف وامام المرآة وقف خوان بيدرو يخلع ملابسه بهدوء وقد تلألأت عيناه ببريق مخيف وهو يتمتم قائلا : ــ لكل فعل ردة فعل وقريبا جدا سترين ردي المناسب أنيتا .
قالها وهو يمسح بيده على خده المصاب المحمر وقد إفتر ثغره بإبتسامة خبيثة شريره ..
مالذي يخطط لأجله خوان بيدرو ؟ هذا ما سنعرفه في الاحداث القادمه