يوم ميلاد ماري

سأكون بأمة

New member
إنضم
31 يوليو 2009
المشاركات
234
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يوم ميلاد ماري



غربتنا مثل البحر!!
موحشة كظلمته..مقلبة كأمواجه..جميلة كمكتشفاته..أخاذة كأسراره..مختلفة الناس ككائناته..واسعة الدروس كعمقه وامتداده..
كان يوم ميلاد ماريا درساً مهماً لي أخذته من مدرسة الحياة التي لاأنفك طالبة على مقاعدها كل يوم..
كنت يومها غارقة في أعمال البيت والدراسة حينما أخذت ماريا تحكي لي أن صديقتها (جوليا) في المدرسة قد إحتفلت مع أمها بيوم ميلادها وكيف أن الأم قد أحضرت بعض قطع الكعك الصغير الذي تقاسموه بينهم..قالت ما قالت وإنصرفت غير مكترثة..
غرقت في دوامة من الأفكار والخواطر..هل عدم حماسها في سرد الموضوع هو مجاملة في أم قياس لردة فعلي وهي تعلم أن يوم ميلادها قد إقترب ولكنها لم تسأل عن أي شيء؟
هل نحن بحاجة إلى حفلة عيد ميلاد حقاً!!
قال قائل بألا حرمة فيها ولالبس فالدين يسر أباح اللهو البريء..ونادى آخرون بأنها ليست من الدين في شيء بل هي أمر محدث لم يعتده أحد من أسلافنا العظماء..وأياً كان رأي كل فريق فأنا مازلت مع الفريق القائل بأن القضية الأعمق من هذا والأكبر هي قضية الولاء والهوية والأفكار يمتليء بها هذا القلب الصغير الذي هو قلب إبنتي!!
قلت في نفسي: إن كنت سأقيم حفلة وأرعى تحضيراً لها وأنا التي أود لو يباع الوقت في السوق لسارعت بشرائه..فلتكن هذه الحفلة على شيء "يستاهل"!!
هاتفت مدرستاً وقلت لها لكوننا مسلمين قد ودعنا رمضان والعيد من أيام قلائل أفتأذنين في أخذ الوقت أن نحتفل بعيد ماريا؟
إتفقت معها على أن يكون الموضوع كله مفاجأة لها..بعده بيومين قدمت المدرسة ماشية قبيل الوقت المحدد بدقائق..قابلت مدرسة ماريا العام الماضي..لما علمت بما سأصنع إبتسمت وقالت: سأساعدك..سأنادي عليها للفصل عندي مدة خمس دقائق..راقبي خروجها من بعيد ثم ادخلي..
حملت أغراضي ودخلت فصلها وسلمت على مدرستها والتلاميذ..وقفت بينهم (خطيبة) وقلت إن ماريا فتاة مسلمة والمسلمون حول العالم قد أنهوا صيان رمضان واستقبلوا العيد وماريا صامت 7 أيام فلتقولوا كلكم لها هذه العبارة Happy Eidوكتبنا لهم على السبورة بخط كبير مع بعض الزينة..وأحضرت معي الأناشيد وتكبيرات العيد..وكان صوتها مميزاً..ولحظة لاأنساها عندما عادت ماريا للفصل فرأتني..بالطبع كانت في غاية التأثر وكذلك الجميع وقال لها: Happy Eid ماريا!!
أكملت أقول إن العيد عندنا رمز الفرح وفعل الأعمال المميزة..واليوم لدينا بعض الألعاب نلعبها سوياً..
كانت أكثر الألعاب حماسة للصغار تلك التي طلبت منهم الجلوس على شكل دائرة وأعطيتهم كرة ملفوفة بحوالي ثلاثين طبقة على انغام الأناشيد لتستقر في يد ما.
عند توقف النشيد على صاحب تلك اليد محاولة نزع ما أمكن من طبقات قبل إعادة أصوات الأناشيد كان ما بداخلها صندوق حلويات للجميع!!
وقت إنصرافي شكرتني المدرسة بحرارة وقالت: أحسنت صنعاً لأنك عرفت الأطفال بثقافتكم وما تحملون من هوية فنحن نسعى في كندا على تعليم الأطفال شيئاً قليلاً عن ثقافة كل شعب..
كان الموضوع جيداً ومحمساً لباقي التلاميذ وهذا في نظري أفضل من أعياد الميلاد!!
في طريق عودتنا للبيت أحسست بسرور كبير عندما سارت معنا صديقة لماريا ماشية وكانت تسأل ماريا عن رمضان والعيد وماريا تشرح لها كل ما تٍسال عنه..
تربية أطفالنا( تربيتنا) نحن معهم أحياناً!! وكل مرحلة في تحد وصعوبات تخلق روح الإبداع عند الوالدين والمربين ورب ضارة نافعة..لكن إن كنا سنقدم بدائل(وهي ضرورة ملحة أحياناً) فلتكن هذه البدائل (مبهرة ومشبعة) تصل إلى درجة الإقناع والرضا..والهداية أولاً وأخيراً بيد المولى جل وعلا وفي أيدينا فقط تبقى الأسباب..






&بقلم أبرار البار- مجلة حياة للفتيات.