قهوة عربية
New member
- إنضم
- 11 سبتمبر 2005
- المشاركات
- 3,709
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 0
هذه كلمات .." من القلب " ...أفاضت بها خريجة متفوقة قالتها يوم تخرجها فى وداع كليتها
أيام قليلة تمضى ..نأتي بعدها كليتنا ضيوفاً ، بعدما كنا " أهل الدار "
أيام قليلة نشتاق بعدها لمقاعد كم تذمرنا منها ، ...وكم تمردنا عليها ..
مع أنها كانت تحتضنا بسعة صدر ...وطول بال ....وكنا نتذمر ،..وكنا نتمرد
أيام قليلة ..تمضى مثلما مضت سنين قبلها ، فتدخل في الماضي وتصير ذكرى ...
لحظات عزيزة ...عزيزة ، يعرف قدرها اليوم ..الذي كان يستعجلها بالأمس !
هاهي اليوم تأتى ...فكيف وجدتها ؟!
ليست النشوة المنشودة ..ولاهي راحة وصول بعد طريق شاق من العثرات مافيه ..
إنما وجدت " طعم النهايات " مرارة ، وحزن تطويه أعماقك ، ليس لك منه خلاص ..أو أنك لاتريد منه خلاصاً ..
***************
قبل أيامنا هذه بسنين ، اقتاد آباء صغارهم إلى مكان يسمى " المدرسة " ...
أخبروهم أنهم من اليوم ، لن يكونوا لساحات اللعب فقط ..أنهم من اليوم ، لن يجمعوا " أبناء
الجيران" في فناء البيت ، من شروق الشمس وحتى غروبها .. وأن عليهم إمساك أقلام يخطون بها
على دفاتر ..فتنطق أوراقها ..
كلما ذهبوا إلى المدرسة ...وكلما جاءوا منها ..
فلا تقوى نفوس ماعرفت غير اللهو والمرح ..تلك القيود ..تكره المدرسة ..تكره القيود، وتكذب ..
كلما أنشدت .." مدرستى الحبيبة .....من بيتنا قريبة " !!
تكذب لا لأنها " ليست من بيتنا قريبة " ..تكذب ، لأن مدرستها ليست " الحبيبة "
تكذب ..لأن آذانها لم تسمع أعذب من رنين " جرس الهدة "
فإذا بالذي جاء من مدرسته ( يجر خطاه ) أسبق صحبه في الفرار منها
يتدافع الصغار إلى باب الخروج ..في لحظات غالية ، يتنفسون بعدها نسمات حرية !!
*****************************
من يوم ماعرف الصغار المدرسة عرفوا " الهم " وعرفوا كيف يمكن أن يضيق الصدر ، وتضطرب
النفس كلما جلس أحدهم في الفصل يرى الأقران يسمعون فيعون ..وهو يسمع لكنه لايعي !!
حرج شعوره بالغباء ..وخوفه من سؤال يبغته فيفضح جهله ..
وربما ناله أكثر من ذلك ، إن كان جزاء جوابه عصا !! تأتيه من بعد (( توبيخة )) لايرفع بعدها عينه
في أعين أقرانه ..
يشعر بأنه صغير ..حتى في عين نفسه ..
يكره المدرسة أكثر ..ثم يذهب ينشد " أذهب بانشراح ....إليها في الصباح "
يومها ، ظن أنه وحده يكذب !! فيصير هذا سراً ، لايبوح به بين " أقران الدرس "
*********************************
ويوم كلفه أستاذ العربية ، نسخ الدرس عشر مرات ، وكلفه مدرس الحساب حل السؤالين الثاني
والثالث ...وأخبرتها مدرسة البدنية بأن عليها إحضار لوازم ( لاتعرف من أين تشتريها !)
يومها أرقت تلك الأجفان " الصغيرة " صار الأرق عادة ! وصار طقساً يومياً ، ذهابه إلى فراشه
خائفاً من غده ...
حتى لو كان قد كتب كل واجباته ، أو كانت قد أحضرت كل اللوازم !!
**************************************
كبروا قليلاً..
عرفوا شيئاً اسمه " الساعة " ...صار بعضهم يلبسه دون أن يعرف كيف يتعامل معه ؟؟
فلما عرف ، اكتشف أن " أسرار المدرسة " في يده !!
هو وحده من يعرف متى تنتهي الحصة ..ومتى سيغادر الأستاذ فصله !!
هو وحده من يعرف اللحظة التي يعيد فيها كتبه وأقلامه إلى حقيبته .. فيسبق الأقران ..إلى باب
الخروج !!
وصارت عنده عادة جديدة : .. " التلصص على الساعة " !
************************************
لما طالت الأعناق ، اكتشف أن للفصل نوافذ ، فأطلقت لأبصارها العنان ، أطلقتها بعيداً عن أجسام
حبيسة مقعد خشبي ..
صار عندهم صاحبان ..النافذة ..والساعة ..!!
**************************************
مضت السنوات ،
صاروا يضحكون على ما أبكاهم بالأمس ، لكن القيد قسا ، لم يعد لديهم وقت إلا للمدرسة ..في
النهار يوم دراسي يبدأ من الصباح الباكر ..ولاينتهي إلا بعد أن يستنفذ طاقاتهم ..يعودون إلى
بيوتهم
وإذا بالمساء ..هو الآخر للمدرسة ، استذكار دروس كتابة واجبات ، حتى تنقضي أيامهم ، ليس فيها
شيء ..كلها للمدرسة
**************************************
والامتحان ..هذه قصة أخرى ،
صاروا يرددون حكمة .." في الامتحان يكرم المرء أو يهان " ، حتى خدعوا وحسبوا أن العلم الذي
يدرسون ..ليس لهم بل للامتحان !
والامتحان لاينطق ..، لكن ..درجاته تنطق ..!!
....فصارت الدرجة هدفاً !!
وصار السعي إلى الدرجة " عادة " ، لايهم بعد ذلك أن كانوا علموا أم كانوا لم يعلموا
********************************************
ثم كبروا قليلاً ،
ومازال في نفوسهم " هاجس " .." كأننا لانملك أنفسنا "
هل ملكتهم مدارسهم ؟! قد يخجل أحدهم من الاعتراف بهذا " الرق " !
وقد يجهل آخر أنه فقد نفسه يوم وطأت قدماه المدرسة ...
." المدرسة " لاتعتق ..
تحاصرنا فى المكان ..فإذا انطلقنا ، حاصرتنا في الزمان
حتى تاريخهم الشخصي ..لايستقلون بتسجيله عن المدرسة ..
" الحادثة الفلانية وقعت يوم كان في الصف الثالث الابتدائي ..وفلان يعرفه كان زميله في فصول
المتوسطة " جميعها " ! أستاذ " فلان " أبلة " فلانة "
دائرة علاقات تكونت في المدرسة ..وجانب أساسي من شخصياتهم " تشكل في المدرسة " التي ( لاتعتق )
**********************
أيام بل أعوام مضت .. وهاهو اليوم المرتقب يقترب ..
( يوم الخلاص ) ..الذي قد تطلعت إليه أعين ( أولئك الصغار ) يوم اقتيدوا إلى مدارسهم أول مرة
يوم كانوا يرون " الخلاص " بعيداً ..بعيداً ..
اقترب ، ولكن ،
ماوجدوا طعمه " اليوم " كما كانوا يحسبون !
***************************
كنا صغاراً ( يكبرون ) ، واليوم صرنا " كباراً " ، رغماً عنا صرنا كباراً
واليوم عرفنا أننا ( بلغنا الغاية ) واليوم أدركنا لماذا كان الأولون يستفيدون من بلوغ الغاية ..
اليوم عرفنا أن بوداعنا ...كليتنا ..ومدارسنا من قبلها ...إنما نودع مانعرف من حياتنا ونقبل على
مستقبل لانعلم منه شيئاً ......حتى لو توقعناه !
اليوم عرفنا ، أن بوداعنا " كليتنا " ..ومدارسنا من قبلها ، إنما نودع أكثر عاداتنا ..فهل تقوى
نفوس قطع عاداتها ..
اليوم لن تقبل منا حماقات كانت مليحة فيما مضى ..
ولن تليق بنا شقاوات ( أيام التلمذة ) !!
اليوم عرفنا أن بوداعنا " كليتنا " ومدارسنا " من قبلها "
إنما نودع وجوهاً عزيزة ..ماكان لنا أن تلتقيها إلا في مدارسنا وفى كليتنا ..
هانحن نضع حياتنا التي نعرف وراء ظهورنا ونستقبل المجهول ..
..وفى آذاننا يتردد صدى جرس الهدة !!
وفى آذاننا يتردد صدى جرس الهدة !!
أيام قليلة تمضى ..نأتي بعدها كليتنا ضيوفاً ، بعدما كنا " أهل الدار "
أيام قليلة نشتاق بعدها لمقاعد كم تذمرنا منها ، ...وكم تمردنا عليها ..
مع أنها كانت تحتضنا بسعة صدر ...وطول بال ....وكنا نتذمر ،..وكنا نتمرد
أيام قليلة ..تمضى مثلما مضت سنين قبلها ، فتدخل في الماضي وتصير ذكرى ...
لحظات عزيزة ...عزيزة ، يعرف قدرها اليوم ..الذي كان يستعجلها بالأمس !
هاهي اليوم تأتى ...فكيف وجدتها ؟!
ليست النشوة المنشودة ..ولاهي راحة وصول بعد طريق شاق من العثرات مافيه ..
إنما وجدت " طعم النهايات " مرارة ، وحزن تطويه أعماقك ، ليس لك منه خلاص ..أو أنك لاتريد منه خلاصاً ..
***************
قبل أيامنا هذه بسنين ، اقتاد آباء صغارهم إلى مكان يسمى " المدرسة " ...
أخبروهم أنهم من اليوم ، لن يكونوا لساحات اللعب فقط ..أنهم من اليوم ، لن يجمعوا " أبناء
الجيران" في فناء البيت ، من شروق الشمس وحتى غروبها .. وأن عليهم إمساك أقلام يخطون بها
على دفاتر ..فتنطق أوراقها ..
كلما ذهبوا إلى المدرسة ...وكلما جاءوا منها ..
فلا تقوى نفوس ماعرفت غير اللهو والمرح ..تلك القيود ..تكره المدرسة ..تكره القيود، وتكذب ..
كلما أنشدت .." مدرستى الحبيبة .....من بيتنا قريبة " !!
تكذب لا لأنها " ليست من بيتنا قريبة " ..تكذب ، لأن مدرستها ليست " الحبيبة "
تكذب ..لأن آذانها لم تسمع أعذب من رنين " جرس الهدة "
فإذا بالذي جاء من مدرسته ( يجر خطاه ) أسبق صحبه في الفرار منها
يتدافع الصغار إلى باب الخروج ..في لحظات غالية ، يتنفسون بعدها نسمات حرية !!
*****************************
من يوم ماعرف الصغار المدرسة عرفوا " الهم " وعرفوا كيف يمكن أن يضيق الصدر ، وتضطرب
النفس كلما جلس أحدهم في الفصل يرى الأقران يسمعون فيعون ..وهو يسمع لكنه لايعي !!
حرج شعوره بالغباء ..وخوفه من سؤال يبغته فيفضح جهله ..
وربما ناله أكثر من ذلك ، إن كان جزاء جوابه عصا !! تأتيه من بعد (( توبيخة )) لايرفع بعدها عينه
في أعين أقرانه ..
يشعر بأنه صغير ..حتى في عين نفسه ..
يكره المدرسة أكثر ..ثم يذهب ينشد " أذهب بانشراح ....إليها في الصباح "
يومها ، ظن أنه وحده يكذب !! فيصير هذا سراً ، لايبوح به بين " أقران الدرس "
*********************************
ويوم كلفه أستاذ العربية ، نسخ الدرس عشر مرات ، وكلفه مدرس الحساب حل السؤالين الثاني
والثالث ...وأخبرتها مدرسة البدنية بأن عليها إحضار لوازم ( لاتعرف من أين تشتريها !)
يومها أرقت تلك الأجفان " الصغيرة " صار الأرق عادة ! وصار طقساً يومياً ، ذهابه إلى فراشه
خائفاً من غده ...
حتى لو كان قد كتب كل واجباته ، أو كانت قد أحضرت كل اللوازم !!
**************************************
كبروا قليلاً..
عرفوا شيئاً اسمه " الساعة " ...صار بعضهم يلبسه دون أن يعرف كيف يتعامل معه ؟؟
فلما عرف ، اكتشف أن " أسرار المدرسة " في يده !!
هو وحده من يعرف متى تنتهي الحصة ..ومتى سيغادر الأستاذ فصله !!
هو وحده من يعرف اللحظة التي يعيد فيها كتبه وأقلامه إلى حقيبته .. فيسبق الأقران ..إلى باب
الخروج !!
وصارت عنده عادة جديدة : .. " التلصص على الساعة " !
************************************
لما طالت الأعناق ، اكتشف أن للفصل نوافذ ، فأطلقت لأبصارها العنان ، أطلقتها بعيداً عن أجسام
حبيسة مقعد خشبي ..
صار عندهم صاحبان ..النافذة ..والساعة ..!!
**************************************
مضت السنوات ،
صاروا يضحكون على ما أبكاهم بالأمس ، لكن القيد قسا ، لم يعد لديهم وقت إلا للمدرسة ..في
النهار يوم دراسي يبدأ من الصباح الباكر ..ولاينتهي إلا بعد أن يستنفذ طاقاتهم ..يعودون إلى
بيوتهم
وإذا بالمساء ..هو الآخر للمدرسة ، استذكار دروس كتابة واجبات ، حتى تنقضي أيامهم ، ليس فيها
شيء ..كلها للمدرسة
**************************************
والامتحان ..هذه قصة أخرى ،
صاروا يرددون حكمة .." في الامتحان يكرم المرء أو يهان " ، حتى خدعوا وحسبوا أن العلم الذي
يدرسون ..ليس لهم بل للامتحان !
والامتحان لاينطق ..، لكن ..درجاته تنطق ..!!
....فصارت الدرجة هدفاً !!
وصار السعي إلى الدرجة " عادة " ، لايهم بعد ذلك أن كانوا علموا أم كانوا لم يعلموا
********************************************
ثم كبروا قليلاً ،
ومازال في نفوسهم " هاجس " .." كأننا لانملك أنفسنا "
هل ملكتهم مدارسهم ؟! قد يخجل أحدهم من الاعتراف بهذا " الرق " !
وقد يجهل آخر أنه فقد نفسه يوم وطأت قدماه المدرسة ...
." المدرسة " لاتعتق ..
تحاصرنا فى المكان ..فإذا انطلقنا ، حاصرتنا في الزمان
حتى تاريخهم الشخصي ..لايستقلون بتسجيله عن المدرسة ..
" الحادثة الفلانية وقعت يوم كان في الصف الثالث الابتدائي ..وفلان يعرفه كان زميله في فصول
المتوسطة " جميعها " ! أستاذ " فلان " أبلة " فلانة "
دائرة علاقات تكونت في المدرسة ..وجانب أساسي من شخصياتهم " تشكل في المدرسة " التي ( لاتعتق )
**********************
أيام بل أعوام مضت .. وهاهو اليوم المرتقب يقترب ..
( يوم الخلاص ) ..الذي قد تطلعت إليه أعين ( أولئك الصغار ) يوم اقتيدوا إلى مدارسهم أول مرة
يوم كانوا يرون " الخلاص " بعيداً ..بعيداً ..
اقترب ، ولكن ،
ماوجدوا طعمه " اليوم " كما كانوا يحسبون !
***************************
كنا صغاراً ( يكبرون ) ، واليوم صرنا " كباراً " ، رغماً عنا صرنا كباراً
واليوم عرفنا أننا ( بلغنا الغاية ) واليوم أدركنا لماذا كان الأولون يستفيدون من بلوغ الغاية ..
اليوم عرفنا أن بوداعنا ...كليتنا ..ومدارسنا من قبلها ...إنما نودع مانعرف من حياتنا ونقبل على
مستقبل لانعلم منه شيئاً ......حتى لو توقعناه !
اليوم عرفنا ، أن بوداعنا " كليتنا " ..ومدارسنا من قبلها ، إنما نودع أكثر عاداتنا ..فهل تقوى
نفوس قطع عاداتها ..
اليوم لن تقبل منا حماقات كانت مليحة فيما مضى ..
ولن تليق بنا شقاوات ( أيام التلمذة ) !!
اليوم عرفنا أن بوداعنا " كليتنا " ومدارسنا " من قبلها "
إنما نودع وجوهاً عزيزة ..ماكان لنا أن تلتقيها إلا في مدارسنا وفى كليتنا ..
هانحن نضع حياتنا التي نعرف وراء ظهورنا ونستقبل المجهول ..
..وفى آذاننا يتردد صدى جرس الهدة !!
وفى آذاننا يتردد صدى جرس الهدة !!