سأكون بأمة
New member
- إنضم
- 31 يوليو 2009
- المشاركات
- 234
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
من المتفوق؟
أعرابي.. لا يقرأ ولا يكتب، يرعى غنمًا في أقصى الصحراء.. ذلك هو الوجه الأول في مسابقة التفوق! أما الأخر فإنه يعيش في وسط المدينة ونشأ وترعرع فيها.. أتم دراسته الجامعية ولديه حصيلة ثقافية جيدة ومورد مالي طيب، واطلاع مستمر على الطروحات المختلفة.. ولديه أبناء.
الأعرابي.. يذهب نهاية كل أسبوع لقرية يجلب منها (الشعير) وما يناسب مائدة الأغنامٍ لتأكل وتهنأ بالعيش..
أما المدني.. فإنه أيضًا جعل من نهاية الأسبوع أيامًا لشراء ما يلزم لأبنائه وأعد لذلك مستودعًا بجوار المطبخ، وأكثر ما يشغل ذهنه أن ينقص المخزون أو أن يفقد نوعًا من الأغذية!
الأعرابي.. جعل لأغنامه راعيًا يسرح بها ويحرسها من الذئاب ويحوطها عن الضياع واختار من يجيد الصنعة، ومن لديه خبرة في توليد الأغنام، وسياسة الرعي، ومع هذا لم تقر عينه فهو يتابع ويشرف بنفسه!
أما المدني.. فقد جلب سائقًا يجيد القيادة لكنه ذئب في جلد إنسان، فهو رجل لديه شهوة وتتحرك فيه دواعي الغريزة، ومكنه المدني من الاختلاء بأهله وأبنائه منذ اليوم ألأول ولم يفكر إطلاقًا في متابعة معرفة ديانته بل ولا أخلاقه!
الأعرابي.. يسارع نهاية كل أسبوع إلى استطلاع ما حوله من رعي جائر أو لص سارق أو ذئب مفترس!
أما المدني.. فقد نام قرير العين حتى كثر لصول الأعراض وسراق الدين، والذئاب تحوم حول الحمى.
الإعرابي.. بفطرته أقام مسجدًا مكونًا من أحجار جمعها من هنا وهناك واجتهد في تحديد اتجاه القبلة، وجعل الأذان يدوي في الوادي لطرد الشياطين وإعلام الجن والإنس بموعد الأذان.
المدني.. بحث عن مسكن له واشترط المسكين أن يكون بعيدًا عن المسجد، حتى لا يزعجه صوت الأذان وجعل الشياطين تجول في بيته وتصول.
الأعرابي.. كالأب الحاني على أبنائه إذا رأي مرضًا أو جربًا أصاب غنيماته سارع إلى التماس الدواء الشعبي، أو سارع إلى أقرب بيطرية طبية لمعالجتها.
أما المدني.. فإنه ترك أمر الرعاية للسائق والخادمة يذهبان بأبنائه ويعودان وليس الأمر مقتصرًا على البحث عن الدواء فحسب.
الإعرابي.. بتجربته ومراسه يعرف متى يوضع الذكر مع الأنثى، ومتى تبعد عنه؛ فكان ذلك أدعى لاستقرار الحظيرة وحسن إنتاجها وعدم تركها لشهوتها.
أما المدني.. فيعلم حاجة الذكر للأنثى بفطرته وأن ذلك لا بد
أن يتم وفق ضوابط شرعية، لكنه في بعض الأحيان يتعامل مع
مـن حوله من الزوجة والأبناء بمنطق الراعي البدوي، مع كثرة إهمال وتفريط؛ حتى اختلط الحابل بالنابل في الأسواق والتجمعات. والحديث لا يسترسل فيه هنا!.
الأعرابي.. تضوي أغنامه إلى حظائرها قبل غروب الشمس حتى تجد السكن وتبتعد عند غوائل الليل وشياطين الأنس.
أما المدني.. فإنه قد أحال ليله نهارًا، ونهاره ليلاً، ولا يوجد ضابط للعودة أو التأخر، وعن من، وأين، وإلى متى؟!
الأعرابي.. يرفع عينيه صوب السماء يرجو رب السماء إنزال المطر وإدرار الضرع وإنبات الزرع؛ بذل الأسباب واتبعها الدعاء.
المدني.. لاه ساه خامل.. لم يبذل الأسباب ولم يرفع كفيه إلى رب الأسباب!
الأعرابي يردد بين الحين والآخر بحماس:
من يرعى الغنم في أرض مسبعة
ولم يصنها تولى رعيها الأسدُ
والمدني.. فإنه يردد كل حين وبسذاجة:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر القوم جراها ويختصم
والعجيب أن أوجه التشابه بين أبناء المدني وقطيع الغنم كثيرة جدًا؛ والكل في سباق نحو تكثير الشحم واللحم !(1)
(1) نشرت في مجلة الدعوة العدد (85) ربيع الآخر 1421هـ.
بقلم الشيخ : عبدالملك القاسم وفقه الله وتقبل منه.
أعرابي.. لا يقرأ ولا يكتب، يرعى غنمًا في أقصى الصحراء.. ذلك هو الوجه الأول في مسابقة التفوق! أما الأخر فإنه يعيش في وسط المدينة ونشأ وترعرع فيها.. أتم دراسته الجامعية ولديه حصيلة ثقافية جيدة ومورد مالي طيب، واطلاع مستمر على الطروحات المختلفة.. ولديه أبناء.
الأعرابي.. يذهب نهاية كل أسبوع لقرية يجلب منها (الشعير) وما يناسب مائدة الأغنامٍ لتأكل وتهنأ بالعيش..
أما المدني.. فإنه أيضًا جعل من نهاية الأسبوع أيامًا لشراء ما يلزم لأبنائه وأعد لذلك مستودعًا بجوار المطبخ، وأكثر ما يشغل ذهنه أن ينقص المخزون أو أن يفقد نوعًا من الأغذية!
الأعرابي.. جعل لأغنامه راعيًا يسرح بها ويحرسها من الذئاب ويحوطها عن الضياع واختار من يجيد الصنعة، ومن لديه خبرة في توليد الأغنام، وسياسة الرعي، ومع هذا لم تقر عينه فهو يتابع ويشرف بنفسه!
أما المدني.. فقد جلب سائقًا يجيد القيادة لكنه ذئب في جلد إنسان، فهو رجل لديه شهوة وتتحرك فيه دواعي الغريزة، ومكنه المدني من الاختلاء بأهله وأبنائه منذ اليوم ألأول ولم يفكر إطلاقًا في متابعة معرفة ديانته بل ولا أخلاقه!
الأعرابي.. يسارع نهاية كل أسبوع إلى استطلاع ما حوله من رعي جائر أو لص سارق أو ذئب مفترس!
أما المدني.. فقد نام قرير العين حتى كثر لصول الأعراض وسراق الدين، والذئاب تحوم حول الحمى.
الإعرابي.. بفطرته أقام مسجدًا مكونًا من أحجار جمعها من هنا وهناك واجتهد في تحديد اتجاه القبلة، وجعل الأذان يدوي في الوادي لطرد الشياطين وإعلام الجن والإنس بموعد الأذان.
المدني.. بحث عن مسكن له واشترط المسكين أن يكون بعيدًا عن المسجد، حتى لا يزعجه صوت الأذان وجعل الشياطين تجول في بيته وتصول.
الأعرابي.. كالأب الحاني على أبنائه إذا رأي مرضًا أو جربًا أصاب غنيماته سارع إلى التماس الدواء الشعبي، أو سارع إلى أقرب بيطرية طبية لمعالجتها.
أما المدني.. فإنه ترك أمر الرعاية للسائق والخادمة يذهبان بأبنائه ويعودان وليس الأمر مقتصرًا على البحث عن الدواء فحسب.
الإعرابي.. بتجربته ومراسه يعرف متى يوضع الذكر مع الأنثى، ومتى تبعد عنه؛ فكان ذلك أدعى لاستقرار الحظيرة وحسن إنتاجها وعدم تركها لشهوتها.
أما المدني.. فيعلم حاجة الذكر للأنثى بفطرته وأن ذلك لا بد
أن يتم وفق ضوابط شرعية، لكنه في بعض الأحيان يتعامل مع
مـن حوله من الزوجة والأبناء بمنطق الراعي البدوي، مع كثرة إهمال وتفريط؛ حتى اختلط الحابل بالنابل في الأسواق والتجمعات. والحديث لا يسترسل فيه هنا!.
الأعرابي.. تضوي أغنامه إلى حظائرها قبل غروب الشمس حتى تجد السكن وتبتعد عند غوائل الليل وشياطين الأنس.
أما المدني.. فإنه قد أحال ليله نهارًا، ونهاره ليلاً، ولا يوجد ضابط للعودة أو التأخر، وعن من، وأين، وإلى متى؟!
الأعرابي.. يرفع عينيه صوب السماء يرجو رب السماء إنزال المطر وإدرار الضرع وإنبات الزرع؛ بذل الأسباب واتبعها الدعاء.
المدني.. لاه ساه خامل.. لم يبذل الأسباب ولم يرفع كفيه إلى رب الأسباب!
الأعرابي يردد بين الحين والآخر بحماس:
من يرعى الغنم في أرض مسبعة
ولم يصنها تولى رعيها الأسدُ
والمدني.. فإنه يردد كل حين وبسذاجة:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر القوم جراها ويختصم
والعجيب أن أوجه التشابه بين أبناء المدني وقطيع الغنم كثيرة جدًا؛ والكل في سباق نحو تكثير الشحم واللحم !(1)
(1) نشرت في مجلة الدعوة العدد (85) ربيع الآخر 1421هـ.
بقلم الشيخ : عبدالملك القاسم وفقه الله وتقبل منه.