مشابك ورتوش
(بت أرمق لوحتي تلك المعلقة على الحائط طويلاً التي بجانبها عدوي الودود (سريري
عندما كان الخيال رهن إشارتي لكي يسافر عبر محطات الزمن و يسترجع غبار الماضي القريب
في الواقع لا يوجد سبب محدد يدفعني إلى إخماد الحريق بإشعال النار لكن حتماً يوجد هنالك سبب يرفض أن أبين مغزى ما أقوله إلا أننا نستطيع أن نستشعر خفاياه والتمعن في ملامحه كذلك التعمق في محيطه
إن ما أرمي إليه يكمن في تصوير الحدث وجذبه إلى الواقع مع إضافة رشة من مسحوق التأمل و ملعقة من طحين الإنتباه
إن معظم ما أدركناه في السابق كان عبارة عن مجموعة من الدروس التي يجب علينا استذكارها حتى لا نرسب في الامتحان !!!
أية إمتحان ؟ وما هي تلك الدروس التي يجب علينا استذكارها
أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال بكل بساطة و بإمتناع عن لغة الفظاظة اسمح لي أن أقول أن الدرس الذي تريد البحث عنه هو موجود بذاكرتك
ابحث عنه ../
أما زلت لا تفهم شيء !
دعني أوضح لك ، تحقيق الغايات يعتمد على تدعيم السبل ويأتي مضمون ذلك في كيفية استدراج الخيال لكي نسترجع عبق الذكريات و نجعله بمثابة الدرس نستفيد منه وبه نفيد
ليست كل الذكريات جميلة وليست جميعها أليمة ، و إن كانت بعضها تزعجبنا بمجرد أن تخطر على مخيلتنا لا أن نستشعرها بصدق و لا نستطيع أن نستشف منها شيء ربما قد تكون حرجة بالقدر الكافي لكي تقوم
بتمزيقها قبل أن ترميها في سلة المهمالات ، أتحدث عن نفسي أنا بطبيعتي أميل إلى تذكر تلك المواقف الطريفة و التي أستطيع أن أقطف من جذعها ثمرة
لا زلت أتذكر ذلك الموقف الذي حصل لي في صغري عندما كانت تحاول أمي تعليمي نطق الحروف الابجدية العربية ,اذكر ذلك الموقف جيداً وكأني أراه ، كانت أمي قد انتهت لتوها من توبيخي لانني وبصراحة كنت لا أحضر كراستي معي إلى ،
المدرسة حينها انهال جام غضب أمي علي و بدأت بتوبيخي الطريف في الموضوع أنها عندما كانت تقول لي : رددي معي همزة ، و بحكم صغر سني و عدم معرفتي لكيفية نطقها كنت أقول :عنزة
كررتها أمي عدة مرآت تصآحبها ضحكاتها الشاهقة بقصد أن ألفظها صحيحة إلا أنني لم اتمكن من فعل ذلك لأنني كنت أجد صعوبة في نطقها ، حتى أصبحت"العنزة" ضيفة يألفها جميع أفراد أسرتي
فأصبحت أمي تذكرني بها إلى يومنا هذا و كأنها تجعلني أقارن نفسي بما كنت عليه وما أصبحت أملكه من حصيلة لغوية الآن
(جيد أني لم ألفق لذكر ذلك الموقف عبثاً ، يستحب أن نعي أهمية تلك المواقف و الاثر الذي تخلفه في حياتنا ، حيث تمكننا من التشبث بطوق النجاة (النجاح )
،
لما فيها من تنشيط و تأكيد لنتائج تلك التجارب
و هنا تستوقفني لوحتي المستلقية على الجدار لتجعلني أقف في محطة أخرى ،وإن كانت حيلة لكنها على الأرجح خبيثة
(أذكر عندما كنت في مفاوضة مع أخي خالد ، اشترط فيها على أن يصلح دراجتي مقابل (عياديي
وافقت وأومأت برأسي موافقة ، لكن سرعان ما تحولت تلك الموافقة إلى علامة استفهام تكاد أن تنسى تلك النقطة التي تحملها ، ذلك لأني كنت أريد إعطاء خالد ربع دينار إلا أنه قال لي
(الربع حق البنات شوفي عليه صورة بنات عطيني النص)
و لأنني كنت صغيرة في ذلك الوقت ، و يا للاسف استطاع خالد أن يتنزع النصف دينار مني عن طريق الحيلة
ممتنة جداً لموقف خالد فقد علمني أن أتأكد من مدى صدق الأمور و ما هيتها ، وكيف لي أن أتصرف عندما أحاول أن أخدع
ليس هذا فحسب إن ما تعلمنا ذكرياتنا من دروس نابعة عن إجتهاد ذلك التلميذ و من هو التلميذ ؟؟ التلميذ هو أنت لأنك أنت الذي خضت تجاربها
ما هي الذكريات إلا محض رتوش و مشابك تضفي على تلك اللوحة المعلقة على الجدار بهجةً و جمالا ، وما اللوحة إلا الحياة التي تفاجأنا بجديدها لتنسينا قديمها ، الآمال و الأماني ليست مع تلك العرابة العجوز التي تحمل تلك القنينة المملوءة بالسائل السحري الزهري المخبأ في جيبها التي يُحكى عنها في تلك الأساطير ، إنما الآمال و الأماني نحن من نصنعها ونحن من نستطيع جعلها حقيقة لطالما توافر لدينا الإيمان بالله و الثقة به