مسرحية قصيره.. الكاتب ليو تولستوي.. اسم المسرحية: أول من صنع الخمر.

Dark_Rain

New member
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
514
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
السلام
بنات حبيت أنقلكم المسرحيه لان عجبتني و انشاءالله تعجبكم اهيه مسرحية قصيره من 6 فصول.. للكاتب الروسي ليو تولستوي..
و هذي نبذه عن الكاتب وحياته..
http://www.q8yat.net/showpost.php?p=9190116&postcount=5
و أشهر مقولاته اللي ذكرها بكتبه ورواياته ومسرحياته..
http://www.q8yat.net/showpost.php?p=9190124&postcount=6



بحط المسرحية على شكل أجزاء يعني فصل فصل اذا شفت تفاعل أكمل, وانشاءالله تعجبكم :)
و هذا الفصل الأول والثاني :)













أول من صنع الخمر

تأليف: تولستوي

ترجمة وتقديم: د. فوزي عطية محمد
مراجعة: د. سمية عفيفي





الفصل الأول

المشهد الأول


الفلاح: (يحرث الأرض، ينظر إلى أعلى) ها هو النهار قد انتصف، وآن أوان فك الحصان من المحراث.. (مخاطباً الحصان) هيا تحرك. لقد أضناك العمل يا عزيزي. لم يبق أمامنا سوى شق هذا الخد الأخير والعودة من هناك ثم تناول الغداء. حمداً لله.. لقد أحسنت صنعاً أن أخذت معي شقة خبز، ولذا لن أذهب إلى البيت للغداء، وسآكل عند البئر ثم أغفو بعض الوقت، أما حصاني الكميت، فليرع في العشب، وبعد ذلك نتوكل على الله ونعود إلى العمل.. سأنتهي من حرث الحقل مبكراً بإذن الله .



المشهد الثاني


( يظهر شيطان صغير ويسرع نحو الشجيرة التي يضع الفلاح تحتها حاجياته)

الشيطان: يا لك من رجل طيب! لا يتوانى عن ذكر الله.. إذن مهلاً .. مهلاً .. سوف لا تتوانى عن ذكر الشيطان كذلك..! سأسلبه شقة الخبز.. وحين يمد يده ليتناولها لن يجدها، ويبدأ البحث عنها ، ويشتد به الجوع، وعندئذ سيسب ويلعن ويأتي ذكر الشيطان على لسانه (يسرق شقة الخبز، ويجلس خلف شجيرات أخرى في انتظار ما سيفعله الفلاح)

الفلاح: (يفك شدادتي الحصان) اللهم بركاتك!.. (يحرر الحصان من المحراث ويطلقه ثم يتجه نحو قفطانه) لقد نقت عصافير بطني! لقد قطعت لي زوجتي شقة كبيرة من الخبز، ولا شك أنني سآكلها عن آخرها من فرط الجوع (يقترب من القفطان) أين شقة الخبز؟!.. لا وجود لها! ربما أكون قد غطيتها بالقفطان؟ (يرفع القفطان) لا أثر لها هنا كذلك.. ها هو شيء ما.. (ينفض القفطان).

الشيطان : (من وراء الشجيرة) ها ابحث كيفما شئت!.. ها ابحث.. ها هي ذي (يجلس على شقة الخبز).

الفلاح: (يرفع الأخشاب التي تسند المحراث ثم ينفض القفطان مرة أخرى) أمر عجيب! عجيب حقاً.. لم يظهر مخلوق واحد هنا، ورغم ذلك اختفت شقة الخبز! لو كانت الطيور قد التقطتها، لتناثرت فتات الخبز دون شك، ولكن لا أثر هنا لفتات بالمرة.. عجباً.. لم يأت إلى هنا أحد بالمرة، ومع ذلك فإن أحداً أخذها دون شك.

الشيطان: (ينهض وينظر إلى الفلاح) ها سيأتي ذكري على لسانه الآن.

الفلاح: يبدو أنه ما باليد حيلة.. لن أموت جوعاً.. إذا كان أحدهم قد أخذها فليأخذها.. وليأكلها هنيئاً مريئاً.

الشيطان: (يبصق) تباً لك أيها الفلاح اللعين!.. بدلا من أن يسب ويلعن.. يقول.. هنيئاً مريئاً! ما من شيء يمكن عمله معه.

(يرقد الفلاح للنوم، يرسم علامة الصليب ويتثاءب ثم يستغرق في النوم)

الشيطان: (يخرج من وراء الشجيرة) والان كيف الحال يا كبير الشيطاطين؟! ها لقد بذلت كل ما في وسعي.. لا يتوقف كبير الشياطين عن ترديد قوله: إنك لا تأتي إلي في الجحيم إلا بالقليل من الفلاحين. ها انظر كم من التجار والقسس يَصلُونَ كل يوم، أما الفلاحون ، فعددهم قليل.. وما العمل يا كبير الشياطين؟ هل لك أن تخبرني.. كيف يمكن ترويض مثل هذا الفلاح؟ ما من مدخل يمكن اغواؤه منه. وهل هناك أفضل مما فعلت؟ لقد سرقت آخر شقة خبز لديه، ومع ذلك لم يسب ولم يلعن. لا أدري ما الذي علي أن أفعله الآن؟!.. سأذهب وأقدم تقريري إلى كبير الشياطين.


(يختفي)

- ستار-





الفصل الثاني
(الجحيم)


يجلس كبير الشياطين في مكان الصدارة، ويجلس كاتب الشياطين بأسفل إلى مكتب عليه أدوات كتابية. يقف الحراس على الجانبين. على اليمين خمسة شياطين مختلفي الأشكال، وعلى اليسار يقف الحاجب عند الباب. يقف شيطان متأنق الملبس أمام كبير الشياطين مباشرة.

الشيطان المتأنق: يبلغ إجمالي ضحاياي 263753 فريسة خلال ثلاث سنوات.. وكلهم الآن تحت سيطرتي تماماً.

كبير الشياطين: حسناً شكرا لك.. انصرف.
(يبتعد الشيطان المتأنق ويتجه ناحية اليمين)

كبير الشياطين: (مخاطبا الكاتب) لقد تعبت.. هل بقي هناك الكثير من الأعمال؟ من ومن الذي قدم لنا تقريره ومن الذي لم يقدمه بعد؟

الكاتب: (يعد على أصابعه ويشير مع العد إلى الشياطين الواقفين على اليمين. ينحني كل شيطان حين يذكر اسمه) تلقينا من شيطان السادة تقريره.. لقد أغوى 1836 فريسة، وتلقينا من شيطان التجار تقريره، وأغوى 9643 تاجراً، وتلقينا من شيطان القسس تقريره، وأغوى 1517 قسيساً، وتقدم شيطان الرهبان بتقريره، وأغوى 112 راهباً وراهبة، ثم كان تقرير شيطان القضاة ، وأغوى 3423 قاضياً، واستمعنا بعد ذلك إلى تقرير شيطان النساء، وأغوى 263753 فريسة من بينها 186315 امرأة متزوجة و 17438 فتاة.. ولم يبق سوى اثنين من الشياطين: شيطان موظفي المصالح الحكومية وشيطان الفلاحين.

كبير الشياطين: يبدو أنه ينبغي الانتهاء من التقارير الآن (مخاطباً الحاجب) أدخل التالي!

(يدخل شيطان موظفي المصالح الحكومية وينحني محيياً كبير الشياطين)

كبير الشياطين: ها كيف الأخبار؟ كيف تسير أحوالك؟

شيطان موظفي المصالح الحكومية: (يضحك طول الوقت ويفرك يديه حبوراً) بصفة عامة.. أحوالي لا تسر عدواً ولا حبيباً، ولكن الفريسة هذه المرة لا أذكر لها مثيلاً منذ بدء الخليقة..

كبير الشياطين: أفهم من هذا أنك أغويت عدداً كبيراً؟

شيطان موظفي المصالح الحكومية: ليست الأهمية في العدد.. فرغم أن العدد قليل.. وهو 1350 إنسياً فقط، إلا أنهم رجال بمعنى الكلمة.. نعم رجال يستطيعون حمل المسئولية نيابة عن الشياطين.. رجال قادرون على إيقاع الناس في أحابيلهم أفضل من الشياطين أنفسهم.. لقد علمتهم موضة جديدة.

كبير الشياطين: وأي موضة جديدة هذه؟

شيطان موظفي المصالح الحكومية: الموضة التالية.. كان الموظفون فيما سبق سبق يخدعون الناس تحت إشراف القضاة، أما الآن فقد علمتهم العمل وحدهم.. بصفة مستقلة عنهم.. وأصبح من يدفع لهم أكثر يلقى المزيد من اهتمامهم وسعيهم.. انهم يبذلون لمن يدفع لهم قدراً من الهد لدرجة أنهم يعملون من الحبة قبة ليكسبوا من وراء ذلك.. انهم يوقعون الناس في شراكهم أفضل بكثير من الشياطين ..

كبير الشياطين: حسناً سأتحقق من هذا بنفسي هيا.. انصرف .. (يتجه شيطان موظفي المصالح الحكومية ناحية اليمين)

كبير الشياطين: (مخاطباً الكاتب) ادخل الأخير!

(يدخل شيطان الفلاحين ممسكاً بشقة الخبز. يركع أمام كبير الشياطين)

شيطان الفلاحين: لا أستطيع العيش بعد الان.. أرجوك أن تعينني في مكان آخر..

كبير الشياطين: أعينك في مكان آخر؟! ما هذا الهراء الذي تهذي به؟! انهض وتحدث كما ينبغي أن يكون عليه حديث العقلاء.. هيا تقدم بتقريرك.. هل أغويت الكثير من الفلاحين خلال هذا الأسبوع؟
شيطان الفلاحين: (يبكي) .. لم أغوِ فلاحاً واحداً !

كبير الشياطين: ماذا تقول؟ لم تغوِ فلاحاً واحداً؟! كيف لم تغوِ فلاحاً واحداً؟! ماذا إذن كنت تفعل؟ أين إذن كنت تتسكع؟

شيطان الفلاحين: (يشكو باكياً) لم أكن أتسكع على الإطلاق.. كنت أبذل كل ما في طاقتي طول الوقت، ولكني لم أستطع تحقيق شيء.. ها قد سرقت شقة الخبز الأخيرة لدى أحدهم وأمام عينيه، ومع ذلك لم يسب أو يلعن، بل تمنى لمن أخذها أن ياكلها هنيئاً مريئا.

كبير الشياطين: ماذا تقول؟ ما هذا الذي تتمتم به؟ هيا تمخط وأفصح، فمن الصعب تمييز ما تقول.
شيطان الفلاحين: الحكاية أن فلاحاً كان يحرث الأرض، وكنت أعلم أن لديه شقة خبز ولا شيء غيرها ليأكله، فقمت بسرقة شقة الخبز هذه. وكان المفروض أن يلعن ويسب.. ولكن ما الذي حدث؟ لقد قال .. فليأكلها من أخذها هنيئاً مرئيا.. وها أنا قد جئت بشقة الخبز.. ها هي..

كبير الشياطين: حسناً فيما يتعلق بأمر هذا الفلاح.. وكيف الحال بالنسبة للآخرين؟

شيطان الفلاحين: كلهم على هذا النحو.. لم أستطع إغواء فلاح واحد.

كبير الشياطين: كيف تجرؤ على العودة إلي خالي اليدين؟ والأدهى من ذلك تجيء لي بشقة خبز لا تساوي قشرة بصلة.. هل قررت السخرية مني؟ هه؟ أتريد أن تأكل العيش في الجحيم مجاناً؟ الآخرون هنا يبذلون كل جهدهم ويسعون في عملهم. ها هم (يشير إلى الشياطين) منهم من أغوى 10000 ، وآخر أغوى 20000 ، وثالث حصيلته 200000 ، بل أغوى أحدهم 112 من الرهبان .. وها أنت قد عدت صفر اليدين، والأكثر من ذلك جئت بما تسميه شقة خبز.. ثم تحكي لي حكايات لا أصل لها ولا فصل.. انك في حقيقة الأمر ، تتسكع ولا تعمل، وهذا هو الذي جعل الفلاحين يشقون عصا الطاعة عليك.. مهلاً يا عزيزي.. سألقنك درساً لن تنساه.

شيطان الفلاحين: أتوسل إليك ألا تأمر بعقابي، واسمح لي بكلمة أقولها أولاً.. ان الشياطين الآخرين حالهم أفضل بكثير سواء كانوا يتعاملون مع السادة أو التجار أو النساء.. فالأمر هنا بسيط ولا يستغلق على أحد.. فما عليك إلا أن ترمي الطعم.. قبعة من فراء السمور وضيعة.. لهذا السيد أو ذلك حتى يقع في شباكك على الفور، وبعد ذلك لك أن تسيره كيفما تشاء... وكذلك الحال بالنسبة للتاجر.. أره المال وحرك فيه الحسد والحقد، وبعد ذلك سيره كما تشاء، بل مكنك أن تقوده كمن يقاد بحبل أحاطت أنشوطته بعنقه ولا يستطيع الافلات منها. ولا يخفى الأمر كذلك بالنسبة للنساء.. أغوِ المرأة بالملابس والحلوى، بعد ذلك تجدها طوع يديك.. أما الفلاحون، فليس وراءهم سوى التعب. كيف يمكن التغلغل إلى نفس الفلاح إذا كان يعمل من الصباح الباكر حتى الليل، بل ويعمل في بعض الأحيان بالليل كذلك، كما أنه لا يبدأ عمله إلا بذكر الله؟ أتوسل إليك يا أبتي أن تعفيني من هؤلاء الفلاحين، لقد أعياني التعامل معهم.. كما أنني أثرت سخطك عليّ..

كبير الشياطين: إنك تكذب أيها الكسول.. ليس هناك ما يدعو إلى ذكر الآخرين.. فإنهم لا يغوون التجار والسادة والنساء إلا لأنهم يعرفون كيف يخاتلون، ويخترعون سبلاً جيددة في الايقاع بالناس.. وعلى سبيل المثال.. ها هو شيطان موظفي المصالح الحكومية يخترع مدخلاً جديداً تماماً في تعاملاته.. وعليك أن تخترع أنت الآخر سبيلاً للسيطرة عليهم .. هه .. يا لها من معجزة أن سرقت شقة خبز! والأدهى أنه يفتخر بذلك! عليك أن تنثر عليهم شباكاً متنوعة، وسيقعون حتماً في أي منها.. ولكن بما أنك تلهو وتتسكع، وأطلقت لهم الحبل على الغارب، فانهم.. أي هؤلاء الفلاحون المسئول عنهم أنت.. قد استشعروا القوة ، فجثموا على صدرك.. والأكثر من ذلك أنهم لم يعودوا يبخلون بشقة الخبز.. وإذا حدث وتأصلت في نفوسهم هذه العادة وعلموها نساءهم فانهم، في هذه الحال، سيشقون عصا الطاعة كلية.. عليك أن تفكر وتدبر حيلة ما للتعامل معهم.. عليك أن تخرج من مأزقك هذا بالطريق التي ترتئيها.

شيطان الفلاحين: لا أدري ما الذي يمكن تدبيره من حيل؟ . أتوسل إليك أن تعفيني من العمل مع الفلاحين.. لم أعد أستطيع العمل معهم.

كبير الشياطين: (بغضب) ماذا تقول؟ لا تستطيع؟! أتعتقد أن أقوم أنا شخصياً بدلاً منك؟ هه؟

شيطان الفلاحين: لا أستطيع العمل معهم..

كبير الشياطين: لا تستطيع؟ ! إذن انتظر! أحضروا السياط وأجلدوه!

(يمسك الحراس الشيطان ويجلدونه)

شيطان الفلاحين: آه ! .. آه ! .. آه ! ..

كبير الشياطين: هل توصلت إلى حيلة جديدة أم لا؟

شيطان الفلاحين: آه.. ! آه .. ! لا أستطيع التوصل إلى شيء.

كبير الشياطين: استمروا في جلده!

(يجلدونه)
ها.. هل توصلت إلى شيء ؟

شيطان الفلاحين: آه.. نعم .. توصلت .. توصلت !

كبير الشياطين: هيا أخبرني بما توصلت إليه.

شيطان الفلاحين: لقد توصلت إلى وسيلة ستجعلني أحكم عليهم جميعاً قبضتي، ولكن اسمح لي فقط أن أعمل أجيراً لدى الفلاح.. ثم أنني لا أنوي الكشف عما سأفعله مسبقاً.

كبير الشياطين: لا بأس، ولكن عليك أن تتذكر دائماً وأبداً أنه لو لم تستحق عن جدارة كسرة الخبز التي تأكلها خلال ثلاث سنوات، سأحميك في الماء المقدس*.

شيطان الفلاحين: سيكونون جميعاً تحت سيطرتي خلال ثلاث سنوات.

كبير الشياطين: حسناً.. بعد ثلاث سنوات سآتي لأرى بنفسي.




* يقصد أنه سيسقطه في الماء المقدس فيحرق على الفور. والماء المقدس يستخدم في الكنائس بعد غمس الصليب فيه ويعتقد أنه يقي الانسان من الشرور.




:klhfl: يتبع... لما تقرونها اكمل :klhfl: انشاءالله بليل أو باجر احط التكمله :)
 

Shade

New member
إنضم
19 نوفمبر 2008
المشاركات
721
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يعطيك العافية

ناطرينك
 

Dark_Rain

New member
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
514
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الله يعافيج.. بس انشاءالله عجبتج :)
 

Dark_Rain

New member
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
514
مستوى التفاعل
0
النقاط
0

الفصل الثالث
المشهد الأول



(شونة. عربات محملة بالقمح)
(الشيطان في هيئة عامل أجير)
(يفرغ العامل القمح من العربة ويقوم الفلاح بتشوينه بالمكيال)


العامل: هذا هو المكيال السابع.
الفلاح: وكم ربعاً (1) بلغنا الآن؟
العامل: (ينظر إلى العلامات المبينة على باب الشونة) لقد بلغنا ستة وعشرين ربعاً بالضبط، وهذا هو المكيال السابع من الربع السابع والعشرين.
الفلاح: لن تسعها الشونة كلها. لقد امتلأت عن آخرها.
العامل: ذر القمح جيداً داخل الشونة فتتسع للمزيد.
الفلاح: كلام سليم.. (يدخل الشونة بالمكيال).



المشهد الثاني


العامل: (وحده، يخلع قبعته فيبدو قرناه) لن يخرج الآن بسرعة.. ينبغي تعديل القرنين ليستريحا بعض الشيء (يفرد قرنيه) ثم يجب خلع الحذاء كذلك، حيث من غير الممكن القيام بذلك في وجوده (يخرج رجليه من الحذاء فيظهر حافراه، يجلس على عتبة الشونة) ها هو العام القالق يمر، وتمضي الأحوال وفقاً للخط المرسوم.. محصول القمح يحجب عين الشمس بوفرته، ولم يبق سوى أن أعلمه آخر ملعوب، وبعد ذلك لك أن تأتي يا كبير الشياطين لترى بنفسك، فسوف يكون هناك ما يستحق الرؤية حقاً.. سأنتقم من الفلاح، وسيدفع ثمن تجاوزه عن شقة الخبز غالياً.
(يقترب أحد جيران الفلاح)



المشهد الثالث


(يخفي العامل قرنيه)
الجار: السلام والتحية!
العامل: ولك السلام والتحية!
الجار: أين صاحب الدار؟
العامل : دخل الشونة لذر القمح لتسع المزيد حيث ضاقت بالمحصول.
الجار: يا لنعيم صاحبك! لقد ضاق المكان بالتشوين.. الواقع أننا جميعاً نتعجب لوفرة محصول القميح لدى صاحبك للعام الثاني على التوالي.. وكأن أحداً يوجهه بارشاداته.. العام الماضي كان عام جفاف ، فزرع في أرض المستنقع، ولم تنبت الأرض للناس شيئاً، أما لديكم فقد امتلأ الجرن بالمحصول عن آخره.. أما صيف العام الحالي، فقد جاء مطيراً.. وفي هذه المرة زرع القمح في أراضي المرتفعات وكأنه قرأ المستقبل.. وأصابت العفونة محصول الناس نتيجة الرطوبة والحرارة، أما لديكم ، فقد ناءت السنابل عن حمل الحبوب.. ناهيك عن الحبوب نفسها.. يا لها من حبوب لا مثيل لها! (ينفض حبوب القمح في يده ويضع بعضها تحت أسنانه دليلا على إعجابه بها).



المشهد الرابع


الفلاح: (يخرج من الشونة بعد أن أفرغ الميكال ) أهلاً بك يا أخي!
الجار: طاب يومك!.. كنت أتحدث مع عاملك الآن في أنكم قد أحسنتم اختيار مكان الزرع هذا العام.. الناس كلهم يحسدونك.. يقولون.. يا لوفرة ما جمعه من محصول.. ويا لجودته.. محصول لا يمكن أكله في عشر سنوات..
الفلاح: الفضل في هذا يرجع إلى باتاب (يشير إلى عامله) انه هو الحسن الحظ.. كنت قد أرسلته للحرث صيفاً، فرأيت أنه قد حرث أرض المستنقع.. فنهرته على ذلك، ولكنه أقنعني ببذر البذور هناك، وبذرناها، كان خيراً ما فعلناه.. وفي العام الحالي أحسن كذلك اختيار الأرض وبذر البذور في أراضي المرتفعات..
الجار: يبدو أنه يعلم على وجه الدقة ما سيكون عليه طقس هذا العام أو ذاك.. يا له من محصول وفير جمعته!
(فترة صمت)
الواقع أنني جئت في طلب ثمن(2) من الجودار. لقد نفد كل ما عندي منه وسوف أرده لك في الصيف القادم.
الفلاح: لا مانع لدي.. خذ ما تريد.
العامل: (يكز الفلاحح وكزة خفيفة بكوعه) لا تعطه!
الفلاح: وهل هذا أمر يستحق الكلام.. خذ ما تريد يا أخي.
الجار: شكراً.. سأسرع الآن لإحضار جوال.
العامل: (يدير وجهه ويحدث نفسه) لا يزال على عادته القديمة هذه .. يعطي كل ما يطلب منه.. لا يزال لا يطيعني في كل الأمور بعد.. ولكن مهلاً .. سرعان ما يتوقف عن الاعطاء.
(يغادر الجار المكان)



المشهد الخامس


الفالح: (يجلس على عتبة الشونة) ما الذي يمنع إعطاء إنسان طيب ما يريد؟
العامل: يقول المثل.. الأخذ حلو والعطاء مر.. أن يعطي المرء فهذا أمر سهل، ولكن الصعب حقاً هو أن يسترد ما أعطى.. من يعطى الديون كمن يلقي شيئاً من فوق جبل، أما من يستردها فكمن يجذب حملاً ليرفعه إلى أعلى الجبل.. هذه هي الحكمة التي يرددها من هم أكبر منا سناً على ألسنتهم.
الفلاح: لا تعوقني عن فعل الخير.. فالقمح كثير.
العامل: وماذا في أنه كثير؟
الفلاح: انه يكفي لا حتى المحصول الجديد فقط، بل يكفي عامين كاملين.. فما حاجتنا إلى كل هذا؟
العامل: كيف.. "ما حاجتنا إلى كل هذا"؟ فمن هذا القمح .. الذي تقول ما حاجتنا إليه كله.. سأصنع لك شيئاً طيباً لذيذاً يجعلك لا تعرف سوى البهجة طول حياتك.
الفلاح: وما الذي ستصنع؟
العامل: سأصنع منه شراباً.. شراب لو عدم المرء قوته، لزاده قوة.. ولو شعر بالجوع، لأشبعه.. ولو لم يطرق النوم جفنيه، لنام على الفور.. ولو شعر بالملل، لأحس بنشوة المرح.. ولو شعر بالخجل، لنفخ فيه الشجاعة.. هذا هو الشراب الذي أنوي صنعه.
الفلاح: إنك تكذب!
العامل: ها هو يعود إلى نغمة "تكذب" من جديد! إنك لم تصدقني كذلك حين نصحتك بزرع القمح في أرض المستنقعات أولاً، ثم في أرض المرتفعات بعد ذلك.. وستدرك حقيقة ما أقوله بشأن الشراب كذلك.
الفلاح: ومم تنوي صنعه؟
العامل: أمر في منتهى البساطة.. من هذا القمح ولا شيء غيره.
الفلاح: ألن يكون هذا إثماً؟
العامل: هون عليك..! أي إثم هنا؟.. فلقد وجد كل شيء في الحياة من أجل بهجة الإنسان.
الفلاح: عجباً..! من أين لك يا باتاب بكل هذا القدر من العقل والحكمة؟!.. إني أنظر إليك.. فأرى أنك رجل بسيط محب للعمل، وأتعجب من أنك تعيش هنا عامين، ولكنك لم تخلع حذاءك مرة واحدة.. ولا تهتم بنظافتك وهندامك .. ورغم ذلك فإنك على علم بكل شيء.. كيف توصلت إلى كل هذا؟
العامل: المثل يقول.. من يسر في الأرض يعرف الكثير.. وليس هناك مكان لم أرتده..
الفلاح: تقول إن القوة تزداد منه.. أقصد .. من هذا الشراب؟
العامل: سترى هذا بنفسك.. إنه شراب كله فوائد.
الفلاح: وكيف سنصنعه؟
العامل: إن صنعه ليس معضلة ما دمت تعرف الطريقة. ولكن المهم إيجاد قزان وقدرين من حديد الزهر.
الفلاح: وهل طعم هذا الشراب لذيذ.؟
العامل: حلو كالعسل.. إذا تذوقته مرة واحدة، فلن تفترق عنه أبد الدهر.
الفلاح: وهل هذا كلام يعقل؟ على العموم سأذهب إلى جاري، فإني أعلم أنه كان لديه قزان.. لا مانع من التجربة.



ستار



(1) الربع: مكيال روسي قديم للحبوب يساوي حوالي 210 لترات.
(2) الثمن: مكيال روسي قديم للحبوب حوالي 105 لترات.






الفصل الرابع



المسرح عبارة عن مخزن دار الفلاح. في وسط المخزن يوجد على النار قزان ملطخ ذو صنبور وعليه قدر.


المشهد الأول


العامل: (يمسك بكوب تحت الصنبور. يشرب بعضاً من الخمر) هه.. يا صاحب الدار.. لقد أصبح الشراب جاهزاً تماماً..
الفلاح: (يجلس القرفصاء وينظر) يا للعجب! لقد تمخض العجين عن ماء.. لماذا تطلق الماء أولاً؟
العامل: إن هذا ليس ماء.. بل هو الشراب الذي حدثتك عنه.
الفلاح: هكذا.. لا لون له؟ كنت أعتقد أنه سيكون أحمر اللون مثل البيرة، أما هذا فلا يختلف في شيء عن الماء.
العامل: عليك أن تشم رائحته قبل أن تحكم عليه.
الفلاح: (يشم الشراب) أوه. إنه عطر الرائحة! أرني.. أرني.. كيف سيكون طعمه في الفم.. أعطينه لأتذوقه. (يحاول نزع الكوب من العامل)
العامل: مهلاً.. ستسكبه (يغلق الصنبور، ويشرب قليلاً من الكوب ثم يطقطق بلسانه) لقد نضح كلية..! ها .. اشرب.
الفلاح: (يرب قليلاً في بادئ الأمر ثم يزيد ويزيد حتى يأتي على الكوب كله. يناوله الكوب) أعطني مزيداً.. فمن الصعب تذوق الطعم من القليل..
العامل: (يضحك) أم تريد القول إنه أعجبك؟ (يصب له المزيد).
الفلاح: (يشرب) يا له من شراب رائع! ينبغي استدعاء زوجتي.. يا ماريا.. ماريا أقدمي.. لقد جهز الشراب.. هيا أقدمي.. هل ستقدمين أولا ؟



المشهد الثاني


(الفلاح، العامل، الزوجة، صبية)
الزوجة: هوه.. ماذا تريد؟ لماذا تصيح هكذا؟
الفلاح: هيا.. هيا تذوقي ما قمنا بتقطيره (يناولها) ها شمي رائحته.
الزوجة: (تشم) انه ذو رائحة حقاً! ورائحته طيبة!
الفلاح: هيا اشربي!
الزوجة: ألن أصاب بسوء منه؟
الفلاح: اشربي أيتها الحمقاء!
الزوجة: (تشرب) يا لطعمه اللذيذ كذلك!
الفلاح: (وقد ثمل بعض الشيء) إنه لذيذ حقاً.. انتظري حتى ترين ما الذي سيحدث .. يقول باتاب أنه يذهب بكل ما يعاني الجسم من تعب، ويصبح الشاب عجوزاً.. لا.. لا.. أقصد يصبح العجوز شابا.. وها أنا لم أشرب سوى كوبين فقط، ولكن أشعر أن كل عظامي قد استوت في مكانها (بنغمة من العجرفة) أترين؟ انتظري.. ما أن نشرب منه أنا وأنت كل يوم حتى نعود إلى شبابنا. هيه.. يا عزيزتي ماشينكا(1) !
( يحتضنها)
الزوجة: (بدلال) دعك من هذا! لقد ذهب الشراب بعقلك!
الفلاح: ألم أقل لك! كنت دائماً ترددين.. اننا نضيع القمح، أنا وباتاب، هباء، والآن هل ترين ما تفتق عنه مهارة أيدينا؟ هل يمكنك أن تنكري أنه شراب طيب؟ الحق أقول أم لا؟
الزوجة: وكيف لا يكون طيباً إذا كان يجعل من العجائز شباباً؟ ! انظر كيف أصبحت على هذا القدر من المرح! كما أن المرح بدأ يدب في نفسي أنا الأخرى. هيا صاحبني في الغناء! إيه.. إيه.. إيه .. (تغني)
الفلاح: حقاً.. حقا.. سنكون جميعاً شباباً وسنصبح جميعاً مرحين.
الزوجة: يجب دعوة حماتي، فإنها لا تتوقف عن الشتم طول الوقت، فضلاً عن أنها تشعر بالملل. يجب تحويلها إلى شابه هي الأخرى، وحين تصبح شابة، ستكون أطيب قلبا.
الفلاح: (وقد ثمل) هيا ادعي أمي.. ادعيها إلى هنا. ماشكا.. أنت يا ماشكا! أسرعي واستدعي جدتك، واطلبي من جدك أن يأتي كذلك.. قولي له أنني أطلب منه أن ينزل من على الفرن.. لا أدري ما الذي يجعله يتقلب من جنب إلى جنب على الفرن؟! سنجعل منه شابا.. هيا بسرعة.. بسرعة البرق.. هيا إجري..
(تسرع الصبية)
الفلاح: (مخاطباً زوجته) ها.. ما رأيك في كوب آخر؟
( يصب العامل الشراب ويقدمه لهما)
الفلاح: (يشرب) لقد أعاد الشراب الشباب لي من أعلى بادئاً بلساني أولاً، ثم امتد إلى يدي بعد ذلك، وأشعر الآن أنه وصل إلى رجلي.. أحس أن الشباب قد سرى في رجلي .. انظري.. انهما يتحركان وحدهما (يبدأ في الرقص).
الزوجة: (تشرب وتخاطب العامل) ها.. أيها الأستاذ الماهر في صنعته.. يا باتابوشكا (2) هيا اعزف لنا..
(يأخذ باتاب البلاليكا(3) ويبدأ في العزف . الفلاح وزوجته يرقصان)
العامل: (يعزف في مقدمة خشبة المسرح ويضحك، يغمز بعينه مشيراً إليهما، يتوقف عن العزف ورغم ذلك يواصل الاثنان الرقص) ستدفع لي ثمن تجاوزك عن شقة الخبز غالياً.. لقد وقعا الآن ولن يفلتا بحال من الأحوال.. والآن فلير كبير الشياطين.

(1)ماشينكا: اسم تدليل من ماريا.
(2)اسم تدليل من باتاب.
(3)البلاليكا: آلة موسيقية وترية شعبية مثلثة الشكل.




المشهد الثالث


(الفلاح، زوجته ، العامل، تدخل امرأة عجوز تبدو عليها النضارة، ويدخل عجوز طاعن في السن أشيب شعر الرأس والذقن تماماً)
العجوز: ما هذا الذي تفعلانه؟ هل فقدتما عقليكما؟ الناس يعملون، وهما هنا يرقصان!
الزوجة: (ترقص وتصفق بيديها) هه.. هه.. هه! (تمط الكلام على شكل لحن) لقد أذنبت أمام الله.. والمعصوم من الخطأ هو الله!
المرأة العجوز: يا لك من امرأة سافلة! لم ترتب الفرن بعد، وأراها ترقص!
الفلاح: مهلاً .. مهلاً يا أمي! أتدرين ما الذي يحدث هنا؟! اننا نجعل من العجائز شباباً.. ها خذي! ما عليك إلا أن تشربي! (يناولها كوباً)
المرأة العجوز: ذا كنت تقدم لي ماء، فالماء كثير في البئر (تشم رائحة الشراب) ما الذي أضفته إليه؟ يا لها من رائحة طيبة!
الفلاح وزوجته: الشم وحده لا يكفي.. هيا تذوقيه!
المرأة العجوز: (تتذوق الشراب) لا يعلى عليه! ولكن ألن أموت من ربه؟
الزوجة: لا على الإطلاق، بل، على العكس من ذلك ، سيبعث الحياة فيك وتصبحين شابة تماماً.
المرأة العجوز: عجباً.. هل هذا يعقل؟! (تشرب) يا له من شراب طيب! إنه أفضل من البيرة.. والآن جاء دورك يا أبي.. هيا تذوقه أنت كذلك.
(يجلس الجد ويهز رأسه)
العامل: دعوه وشأنه.. إني أرى تقديم كوب آخر إلى الجدة (يقدم لها كوباً).
المرأة العجوز: لشد ما أخشى أن يحدث لي شيء! أوه.. إنه يحرق الحلق.. ولكن النفس تتوق إلى المزيد منه.
الزوجة: اشربي .. وستشعرين كيف يسري في عروقك.
المرأة العجوز: يبدو أنه لا مناص من التجربة (تشرب الكوب).
الزوجة: هه.. هل وصل إلى الأرجل؟
المرأة العجوز: أشعر أنه في طريقه إليها.. ها هو.. هنا.. أشعر أن خفة الحركة تشمل جسمي كله.. أعطوني المزيد! (تشرب كوباً آخر) .. رائع! الحق أنني أصبحت شابة تماماً.
الفلاح: ألم أقل لك هذا؟
المرأة العجوز: يا للخسارة..! من المؤسف أن زوجي قد مات! أين هو ليلقي عليّ نظرة واحدة ويرى شبابي الآن!
(العامل يعزف ويرقص الفلاح وزوجته)
المرأة العجوز: (تبرز إلى وسط خشبة المسرح) وهل هكذا يكون الرقص؟ إني سأريكما الرقص على أصوله (ترقص هكذا.. خطوة هنا وأخرى هناك.. هكذا .. أرأيتما؟
(يقترب الجد من القزان ويسكب الخمر على الأرض)
الفلاح: (يلاحظ هذا فيندفع نحو الجد) ما هذه الحماقة التي ارتكبتها أيها الشرير؟ يا له من خير هذا الذي ضيعته ! تباً لك يا شيخ السوء! (يدفعه ويضع الكوب تحت القزان) يا للخسارة.. لقد ضيعته كله!
الجد: ليس هذا خيراً.. إنه شر.. لقد وهبك الله القمح لتطعم نفسك وتطعم الآخرين، ولكنك صنعت منه شراباً شيطانياً.. لن يعود هذا بالخير على أحد بالمرة.. دعك من هذا كله وإلا ستهلك أنت وتهلك الآخرين كذلك.. هل تعتقد أن هذا شراب؟ لا.. إنه نار.. نار ستحرقك (يأخذ عوداً مشتعلاً من تحت القزان ويشعل الخمر المسكوبة).
(تشتعل الخمر المسكوبة ويسيطر الفزع على الجميع)

ستار


بقو بعد فصلين قصار :eh_s(7):
 
التعديل الأخير:

Dark_Rain

New member
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
514
مستوى التفاعل
0
النقاط
0

الفصل الخامس
المشهد الأول


(دار الفلاح – العامل وحده بقرنيه وحافريه)



العامل: القمح موفور يحجب عين الشمس بكثرته.. وها هو الآن بدأ يشعر بلذة طعم الشراب وها قد قمنا مرة أخرى بتقطير شراب جديد وصببناه في برميل وأخفيناه عن أعين الناس.. لن نقدم الشراب للناس من الآن فصاعداً دون مقابل.. أما من نحتاج إليه منهم فسنسقيه على الرحب والسعة، وها أنا قد أوصيته بدعوة الشيوخ(1) المعروف عنهم أنهم يأكلون حقوق الناس ويسقيهم كي يفصلوا ملكيته عن ملكية الجد لصالحه، وبحيث يخرج الجد صفر اليدين.. وها قد انتهت المدة المحددة لي.. لقد انقضت ثلاث سنوات وأصبحت الأمور على خير ما يرام الآن، وليأت كبير الشياطين ليرى بنفسه، فليس هناك الآن ما أخجل من عرضه عليه.

المشهد الثاني
(يتنشق الأرض عن كبير الشياطين)



كبير الشياطين: ها قد انتهت الملهة! فهل تستحق الآن كسرة الخبز التي تأكلها؟ كنت قد وعدتك بالمجيء لرؤية ما تفعل بنفسي.. فهل أخضعت الفلاح لسلطانك؟

العامل: لقد أسلم لي القيادة تماماً.. ولك أن تحكم بنفسك، فانهم على وشك الاجتماع هنا الآن.. هيا ادخل الفرن واتخذ منها مخبأ لك، وانظر ما الذي سوف يفعلونه .. اني على يقين من أنك ستجد ما يسرك.

كبير الشياطين: (يدخل الفرن) سوف نرى.



المشهد الثالث



(يدخل الفلاح صاحب الدار وأربعة من الشيوخ وخلفهم زوجة الفلاح. يجلس الرجال إلى المائدة وتقوم الزوجة بإعداد المائدة للأكل وتضع عليها الجلانطين(2) والشطائر. يحيي الشيوخ العامل)

الشيخ الأول: كيف الحال.. هل أعددت كمية كبيرة من الشراب مرة أخرى؟
العامل: لقد قطرنا منه الكم المطلوب.. فالخير كثير ولا داعي أن يضيع عبثاً؟
الشيخ الثاني: وهل جاء شراباً طيباً؟
العامل: أحسن من المرة السابقة بكثير.
الشيخ الثاني: وأين تعلمت هذا؟
العامل: المثل يقول.. من يسر في الأرض يتعلم الكثير.
الشيخ الثالث: هذا صحيح.. صحيح.. انك واسع الخبرة.
الفلاح: تفضلوا!
(تقدم الزوجة الطعام لهم)
الزوجة: (تأتي بدورق وتصب الشراب منه) تفضلوا!
الشيخ الأول: (يشرب) في صحتكم.. يا له من شراب طيب! لقد بدأ يسري في مفاصلي.. يا له من شراب عجيب!

(يشرب الشيوخ الثلاثة مثله الواحد تلو الآخر. يخرج كبير الشياطين من الفرن، ويقف العامل بجانبه)

العامل: (مخاطباً كبير الشياطين (انظر ما الذي سيحدث الآن.. سأضع قدمي الآن أمام الزوجة لتتعثر وتسكب الكوب.. وإذا كان لم يبخل بشقة الخبز آنذاك، فسترى كيف سيكون تصرفه بسبب كوب صغير من الخمر..
الفلاح: هيا صبي لنا المزيد.. بالدور.. أولاً، صبي للإشبين(3) ، ثم بعد ذلك للعم ميخائيل.
الزوجة: (تصب الخمر وتدور حول المائدة، يضع العامل قدمه أمامها فتتعثر ويسقط الكوب من يدها) أخ .. يا للمصيبة!.. لقد سكبت الكوب (مخاطبة العامل) أي شيطان جاء بك إلى هنا هذه اللحظة؟!
الفلاح: (صائحاً في زوجته) ما هذا أيتها الشيطانة الخرقاء! انك نفسك كمن لا يد لها وتتهمين الآخرين بسوء فعلتك!.. يا للخسارة! يا له من خير هذا الذي سكبته..
الزوجة: ولكن لم يكن هذا عن قصد!
الفلاح: تقولين لم يكن عن قصد؟! سأقوم الآن وألقنك درسا في سكب الخمر على الأرض.. (صائحاً في العامل) وأنت أيها الملعون..! ما الذي يجعلك تتسكع بالقرب من المائدة؟! اذهب من هنا إلى الشيطان!
(تصب الزوجة الخمر من جديد وتعود بها لتقدمها)
العامل: (يقترب من الفرن ويخاطب كبير الشياطين) أترى الآن.. لم يبخل بآخر شقة خبز لديه آنذاك، أما الآن فكاد يضرب زوجته من أجل كوب صغير من الشراب، وأرسلني إلى الشيطان.. أي إليك.
كبير الشياطين: حسناً.. رائع.. رائع جداً.. لك مني الثناء!
العامل: مهلا.. مهلا.. دعهم يشربون الزجاجة كلها وبعد ذلك انظر ما الذي سوف يحدث غير هذا. انهم الآن يتبادلون كلاماً معسولاً ناعماً، وبعد لحظة سيبدأ كل منهم في تملق الآخر ويسيطر عليهم جميعاً الدهاء والخبث مثل الثعالب تماما.
الفلاح: ما العمل الآن أيها الشيوخ المبجلون؟ كيف ستحكمون في أمري؟ كان جدي يعيش عندي وكنت أطعمه. نعم كنت أطعمه.. ولكنه انتقل الآن إلى عمي ويريد أن يأخذ نصيبه من الدار ويعطيه لعمي.. ولكم أن تحكموا بما هو أصلح.. انكم أناس أذكياء.. فاننا بدونكم كأجساد دون عقل.. ولا يوجد في القرية كلها من هو أفضل منكم.. فلنأخذ مثلاً ايفان فيدوتش.. الكل يؤكدون هنا أنه كبير القرية.. واني أقول لك الحق الآن يا ايفان فيدوتش..
إني أحبك أكثر من أبي وأمي.. أما ميخائيل ستيبانيتش فهو صديق قديم.
الشيخ الأول: (مخاطباً صاحب الدار) يطيب دائماً الحديث مع الأخيار من الناس، حيث يزداد المرء عقلاً.. وهكذا الحال بالنسبة للحديث معك.. الحقيقة ما من أحد في القرية يمكن مقارنته بك.
الشيخ الأول: إني أحبك لأنك ذو عقل وحفاوة.
الشيخ الثالث: اني أشعر نحوك بمودة تعجز الكلمات عن وصفها.. ولقد كنت أتحدث اليوم مع زوجتي في هذا .
الشيخ الرابع: انك صديق حميم.. نعم الصديق.
العامل: (يكز كبير الشياطين بكوعه) أترى؟ كلهم يكذبون.. ان كلاً منهم يسب الآخر ما أن يتفرقوا.. وها هم، كما ترى الآن، يداهن كل منهم الآخر.. ها هم قد أصبحوا مثل الثعالب حين تهز أذيالها.. وكل هذا بسبب الشراب.
كبير الشياطين: شراب رائع! رائع جداً. طالما سيعملون الكذب على هذا المنوال، فإنهم سيكونون تحت سيطرتنا جميعاً.. لقد أجدت فعلا.. اني أثني عليك .
العامل: مهلاً.. فلندعهم يشربون زجاجة أخرى. وعندئذ نرى ما الذي سوف يحدث.
الزوجة: (تقدم مزيداً من الشراب) كلوا واشربوا هنيئاً مرئياً!
الشيخ الأول: ألن يكون هذا كثيراً؟.. في صحتكم! (يشرب) ان الشرب يطيب مع رجل متكامل الصفات.
الشيخ الثاني: من غير الممكن الامتناع عن الشرب.. في صحتك يا صاحبح الدار وانت يا صاحبة الدار!
الشيخ الثالث: أيها الأصدقاء الأعزاء! في صحتكم!
الشيخ الرابع: هكذا يكون الشراب على أصوله! اشربوا وامرحوا! سنفعل كل ما تريد لأن كلمتي هي العليا في كل الأمور.
الشيخ الأول: تقول .. كلمتك هي العليا..؟! ليست الكلمة كلمتك.. أين إذن كلمة من هم أكبر منك؟!
الشيخ الرابع: انهم أكبر مني حقاً، ولكنهم أقل عقلاً.. اذهب وأوجد لنفسك لعبة تناسبك والعب بها!
الشيخ الثاني: لماذا تتفوه بمثل هذا الكلام البذيء؟ يا لك من رجل أحمق حقا !
الشيخ الثالث: انه يقول الحق.. فإن صاحب الدار لا يضيفنا من أجل سواد أعيننا. انه في حاجة إلى أمر منا.. ويمكننا أن نحكم فيما يريده.. ولكن عليك يا صاحب الدار أن تضيفنا أكثر وأكثر، وأن تحيطنا بالمزيد من التبجيل والتكريم، لأنك في حاجة إلينا.. ولسنا نحن في حاجة إليك.. قل لي من أنت؟ لست سوى أخ الخنزير!
الفلاح: أنت هو هذا الخنزير ولا أحد سواك.. لماذا تصيح بالشتائم؟ انظروا.. ألا ترون؟ انكم لا تعرفون سوى التهام الطعام بشراهة وحسب.. هذا كل ما تفعلونه..
الشيخ الأول: ما الذي يجعلك تتعالى وتشمخ بأنفك معنا على هذا النحو؟ سأقوم الآن وأعدل لك أنفك ليأخذ وضعه الصحيح.
الفلاح: ليس من المعروف من الذي سيفعل هذا بالآخر.
الشيخ الثاني: هذا هو الذي يستوجب العجب حقاً! إلى الجحيم.. عليك اللعنة! لا أريد التحدث معك إني ذاهب.
الفلاح: (يمسك به كيلا يخرج) ما الذي يدعوك لتكدير صفو الجماعة؟
الشيخ الثاني: دعني وشأني! دعني وإلا دققت عنقك!
الفلاح: لن أتركك..! ما الذي يبيح لك مخاطبتي بهذه اللحجة؟
الشيخ الثاني: الذي يبيح لي هو هذا..! (يضربه).
الفلاح: (مخاطباً المشايخ) احموني منه.. قفوا بجانبي.. أدركوني!
(اشتباك بين الجميع، وفجأة يتكلم الفلاح والشيوخ في آن واحد)
الشيخ الأول: إذن لأننا نشـ..ـر..ب.. و.. نمـ.. ـر.. ح !
الشيخ الثاني: اني قادر على كل شيء!
الشيخ الثالث: هل من مزيد من الشراب؟
الفلاح: (صائحاً في زوجته) أحضري زجاجة أخرى!
(يجلس الجميع مرة أخرى إلى المائدة ويشربون)
العامل: (مخاطباً كبير الشياطين) أرأيت الآن؟.. لقد تأججت في عروقهم الآن دماء الذئاب.. لقد أصبحوا في شراسة الذئاب.
كبير الشياطين: يا له من سراب رائع حقاً ! ثنائي لك !
العامل: مهلا .. مهلا .. فليشربوا الزجاجة الثالثة ولنر ما الذي سيحدث غير كل هذا .







الفصل السادس



المسرح عبارة عن شارع في القرية. يجلس الشيوخ ناحية اليمين على كتل خشبية وبينهم الجد . في الوسط حلقة من المغنين والراقصين من النساء والفتيات والشبان. تعزف موسيقى شعبية راقصة ويرقص على أنغامها من هم في الحلقة. يسمع ضجيج وصيحات الثمالى من دار الفلاح. يخرج منها شيخ ويصيح صياح السكارى ومن خلفه الفلاح الذي يعود به إلى الدار.



المشهد الأول


الجد : يا لها من آثام هذه! وبئس الآثام! ما الذي يحتاج إليه الإنسان؟ يعمل أيام العمل وحين يحل يوم العطلة.. يستحم، ويحسن هندامه ويستريح.. يجلس مع أفراد أسرته أو يخرج إلى ملتقى الشيوخ في الشارع حيث يناقش الأمور العامة.. وإذا كان شاباً.. فليمرح.. ما من غضاضة في هذا.. ها هم يمرحون جيداً وبصورة تسر الأعين.. يمرحون طيباً شريفاًً..
(صياح في دار الفلاح)
انظروا.. ما هذا؟ أفعال تثير الخجل وتسر الشياطين.. وكل هذا نتيجة الافراط في الشبع.

المشهد الثاني



( يخرج السكارى وهم يترنحون من الدار ويتجهون نحو حلقة الغناء والرقص، يتصايحون ويحاولون الامساك بالفتيات)

الفتيات: ما هذا يا عم كارب؟!.. دعك من هذا..!
الشبان: فلنذهب من هنا إلى الحارة.. فمن غير الممكن المرح هنا ..!

(يغادر الجميع المكان عدا السكارى والجد ومن بجانبه من الفلاحين)

الفلاح: (يتجه نحو الجد ويخرج له لسانه) ها.. هل نلت شيئاً؟ لقد وعدني الشيوخ بالحكم لي بكل شيء.. أما أنت فنصيبك ها هو (يخرج له لسانه)! ها هو نصيبك.. لقد حكموا باعطائي كل شيء.. أما أنت فلا شيء.. وها هم على استعداد لقول هذا أمامك.
(الشيوخ الأول والثاني والثالث والرابع في آن واحد)
الشيخ الأول: ولهذا أستطيع الحكم بالحقيقة كلها.
الشيخ الثاني: إني قادر على جدال أي من الناس والفوز عليه لأنني لست أقل من غيري في شيء.
الشيخ الثالث: يا صاحبي! يا صديقي العزيز! يا أعز الأصدقاء!
الشيخ الرابع: البيت يدور.. والفرن يدور.. والدنيا تدور.. هيا بنا نلف وندور.. فلنمرح!

( يمسك الشيوخ كل بذراع الآخر مكونين زوجين ، ويبدأون في السير وهم يترنحون يخرج الزوج الأول، ثم يليه الثاني. يتجه الفلاح نحو داره، ولكنه يتعثر ولا يصل إليها، حيث يسقط على الأرض، ويهمهم بشيء ما غير مفهوم، فجاءت همهمته شبيهة بنخير الخنازير. ينهض الجد ومن حوله من الفلاحين ويغادرون المكان)

المشهد الثالث



( يدخل كبير الشياطين والعامل)

العامل: أرأيت؟ ها قد أفصحت دماء الخنازير عن نفسها. لقد تحولوا من ذئاب إلى خنازير ( يشير إلى الفلاح) ها هو يرقد الآن كذكر الخنزير وسط القاورات وينخز.
كبير الشياطين: لقد أديت مهمتك بكل جدارة! أصبحوا في بادئ الأمر مثل الثعالب، ثم تحولوا إلى ذئاب، وأخيراً صاروا مثل الخنازير.. نعم هذا الشراب!.. ألا تخبرني كيف صنعت هذا الشراب؟ لعلك مزجت فيه دماء الثعالب والذئاب والخنازير.
العامل: لا.. لم أفعل أكثر من العمل على زيادة محصول القمح.. وحين كان محصول القمح يفي باحتياجاته فقط، لم يكن يبخل بشقة الخبز.. أما حين أصبح المحصول يحجب عين الشمس بوفرته، سرت في عروقه دماء الثعالب والذئاب والخنازير.. لقد كانت دماء الوحوش كامنة أصلاً فيه، ولكنها لم تكن تجد متنفساً لها.
كبير الشياطين: شاطر! لقد أحسنت حقاً واستحققت بذلك كسرة الخبز التي تأكلها عن جدارة.. والآن المهم أن يستمروا في شرب الخمر.. وسيكونون في أيدينا دائماً.

" النــــهـــــــــــــــــــــــايـــــــــــــة
_ ستار _
__________________



:gathering: