قال الامام مسلم رحمه الله(218:1)
249 حدثنا يحيى بن أَيُّوبَ وَسُرَيْجُ بن يُونُسَ وَقُتَيْبَةُ بن سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بن حُجْرٍ جميعا عن إسماعيل بن جَعْفَرٍ قال بن أَيُّوبَ حدثنا إسماعيل أخبرني الْعَلَاءُ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e أتى الْمَقْبُرَةَ فقال السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إن شَاءَ الله بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قد رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا قالوا أو لسنا إِخْوَانَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لم يَأْتُوا بَعْدُ فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ من لم يَأْتِ بَعْدُ من أُمَّتِكَ يا رَسُولَ اللَّهِ فقال أَرَأَيْتَ لو أَنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بين ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ قالوا بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ قال فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ من الْوُضُوءِ وأنا فَرَطُهُمْ على الْحَوْضِ ألا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عن حَوْضِي كما يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ ألا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قد بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين .. أمابعد :
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَرِدُ عَلَيَّ رِجَالٌ أَعْرِفُهُم وَيْعرِفُونَنِي ، فَيُذَادُونَ عِنَ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَك ) .
فقال أصحاب الشبهات: أن المتمعن في هذه الأحاديث العديدة التي أخرجها علماء أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم ، لا يتطرق إليه الشك في أن أكثر الصحابة قد بدلوا وغيروا، بل ارتدوا على أدبارهم بعده صلى الله عليه وآله وسلم، إلا القليل ولا يمكن بأي حال من الأحوال حمل هذه الآحاديث على المنافقين لأن النص يقول: فأقول أصحابي .
فأبدأ مستعينا بالله بذكر أبرز صيغ الأحاديث الواردة في هذا الباب :
1 - قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( يَرِدُ عَلَيَّ رِجَالٌ أَعْرِفُهُم وَيْعرِفُونَنِي ، فَيُذَادُونَ عِنَ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) 1
2 - وجاء بصيغة أخرى وهي : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ أُنُاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ يَارَبِّ مِنِّي وَمِن أُمَّتي، فَيُقَالُ: أَمَا شَعَرَتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللهِ مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمِ , قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ أَحَدُ روَاةِ الْحَدِيثِ: ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا )2 .
3 - وورد كذلك : ( أَنَا فَرَطُكُم عَلَى الْحَوْضِ ، وَلَأُنَازِعَنَّ أَقْوَامًا ثُمَّ لَأُغْلَبَنَّ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيُقُالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدثُوا بَعْدَكَ )3 .
4 - وورد كذلك : ( ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوض، حتى عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أُصيحابي، فيقول: لا تَدْري ما أحدثوا بعدك)4
5 - وورد أيضا : ( إني فرطكم على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يُحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني. فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي )5
الرد على هذه الشبهة :
أولاً : المراد بالأصحاب هنا هم المنافقون الذين كانوا يظهرون الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى (إِذَا جَاءَكَ الْـمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْـمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) {المُنَافِقون: 1}
وهم من المنافقين الذين لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم بدليل قوله تعالى (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْـمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) {التوبة: 10}
فهؤلاء من المنافقين الذين كان النبي صلى لله عليه وسلم يظن أنه من أصحابه ولم يكونوا كذلك .
ثانياً : كذلك يدخل معهم من ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وماتوا على ردتهم ومن المعلوم أن هناك الكثير ممن ارتد .
ثالثاً : المراد من الأصحاب المعنى العام أي كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم وليس المعنى الاصطلاحي ودليل هذا الكلام هَذَا أَنَّ رَأْسَ الْـمُنَافِقِينَ عَبدُ اللهِ بْنُ أَبَيِّ بْنِ سَلُولٍ لَـمَّا قَالَ: ( لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْـمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) {المُنَافِقون: 8}.
فنُقِلَ لِعُمَرَ هَذَا الْكَلَامُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْـمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ) 6 .
فجعله النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه ولكن على المعنى اللغوي لا على الاصطلاحي ومن المعلوم نفاق عبدالله أبي سلول .
رابعاُ : قَدْ يُرَادُ بِكَلِمَةِ أَصْحَابِي كُلُّ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَلَوْ لَم يَرَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا رِوَايَةُ، ( أُمَّتِي ) أَوْ ( إِنَّهُمْ أُمَّتِي ).
وأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أَعْرِفُهُمْ )، فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَعْرِفُ هَذِهِ الْأُمَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: ( يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَعْرِفُهُم وَلَم تَرَهُمْ؟ فَيقُولُ: إِنِّي أَعْرِفُهُمْ مِنَ آثَارِ الْوُضُوءِ )7 .
ويُؤَكِّدُ هَذَا فَهْمُ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ عِنْدَمَا قَالَ: ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا ) وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ
خامساً : س: ماللذي يخرج علياً والحسن والحسين وغيرهم من أهل البيت رضوان الله عليهم من هذا الحديث ؟؟ ونحن لانسأل هذا السؤال ونحن موقنين به بل نحن نعتبرهم أئمة لنا ونقول بأنهم من أهل الجنة ولكن نسأل هذا السؤال إفحاماً لأن ماسيذكر من الفضائل لهم سيذكر مثله للصحابه رضي الله عنهم جميعا .
سادساً : من آمن بالقرآن آمن بفضائل الصحابة من المهاجرين والأنصار فالقرآن حفظ لهم حقهم وتبرأ من كل معيب يعيبهم
وينقص قدرهم .
سابعأً : من الملاحظ أن من رووا هذه الأحاديث هم الصحابة أنفسهم !!! ولو كان فيها قدح لهم لكتموه .
ختاما أسأل الله بمنه وكرمه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يلحقنا بسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم وبأهل بيته وصحابته أجمعين .. آمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين