قصة واقعيةة

مستكي*

Member
إنضم
18 يونيو 2009
المشاركات
118
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
عابرة سبيل
نظر الطبيب إلى الجرح المتقيح في قدم الشيخ لبيب وقال : هذا الجرح يحتاج

لعناية خاصة ، لذا أرى أن تدخل إلى المستشفى .

رد الشيخ الكفيف : وكم سأبقى بالمستشفى ؟

قال الطبيب : هذا أمر غير معروف ، فجروح القدم السكرية تلتئم ببطء وصعوبة .

قال الشيخ : لا يمكنني أن أتغيب عن القرية لمدة طويلة ، فليس هناك إمام

للمسجد العمري غيري ، وليس هناك أحد في البيت غيري ، وليس بوسعي

أن أترك أهلي وحدهم .

قال الطبيب : أخشى إن لم تدخل المستشفى أن تسوء الأمور بشكل

لايمكن تداركه ، فأنت تحتاج لتحليل السكر مرتين يومياً على الأقل ،

وأخذ الإنسيولين مرتين يومياً حسب التحليل ، وكذلك الغيار المعقم

مرتين يومياً ، وكل ذلك لا يمكن توفيره في البيت.

رد الشيخ : لنستبشر خيراً يا دكتور ، فأنا متفائل بأن الله

سوف يشفيني بإذنه تعالى .

تردد الشيخ بعد ذلك على العيادة عدة أيام ، وكان الجرح يتحسن أحياناً ،

ويتأخر أحياناً أخرى ، أما تحليل السكر في الدم فكان غير مبشر في أغلب

الأوقات ، ثم تغيب الشيخ عن العيادة لعدة أسابيع ثم رجع إلى الطبيب ،

وبعد أن فحصه الطبيب قال : لقد ساءت الأمور كثيراً ، لا يمكنني تدبر الأمر

خارج المستشفى ، لابد من دخولك إلى المستشفى .

في المستشفى أجريت التحاليل والأشعات وتبين أن الحالة العامة للمريض

متدهورة ، وأن نسبة السكر مرتفعة جداً ،وأن وظائف الكلى في تدهور ،

كما تبين أن التخمر في القدم قد وصل إلى العظام وارتفع إلى مسافة

بعيدة في الساق . . . .، ، عندما دخل الطبيب إلى غرفة المريض

كان صوت القارئ ينطلق رقيقاً من المذياع ، بادره المريض قائلاً :

هذا القارئ الشاب له مستقبل باهر إن شاء الله ، أنا أتصيد مواعيد

إذاعة تلاوته من المذياع لأستمتع بتلاوته الجميلة ،

ولكن هل ظهرت نتائج الأشعة والتحاليل ؟

حاول الطبيب أن يتلطف وهو يزف الخبر المزعج ، أكمل الشيخ :

لعله خير إن شاء الله ، لماذا سكتَّ ، هل في الأمر سوء ؟

أجابه الطبيب : خير إن شاء الله يا شيخ لبيب، قضاء الله كله خير .

قال الشيخ : قضاء الله ؟! هل ستقطعون رجلي ؟

قال الطبيب : الجرح بدأ يؤثر على حالة الكلى ، وإذا تلكأنا أكثر

من هذا فربما نصل إلى الفشل الكلوي .

قال المريض : وما علاقة القدم بالكلى يادكتور ؟

قال الطبيب : السموم التي تخرج من الجرح تصل إلى الدم

وتؤثر على الكلى والكبد أيضاً ، وكذلك الأدوية التي تتعاطاها ،

فالكلى السليمة تتحملها أما الكلى المريضة فإنها يمكن أن

تتداعى تحت تأثير الأدوية .

قال الشيخ بانزعاج : وهل كليتي مريضة ؟

قال الطبيب : لاتنس أنك مريض بالسكري منذ سنين ،

ومعظم مصابي الفشل الكلوي هم من مرضى السكري ،

كما أنك عولجت من البلهارسية عدة مرات ،

وهذا يترك تأثيراً على الكبد والكلى .

رد الشيخ : وماذا تنوون أن تفعلوا بي ؟

رد الطبيب : لم أكن أود أن أزعجك ، ولكن الأمانة تقتضي

أن أبلغك بأن البتر السريع قد أصبح هو الحل الأوحد حالياً ؟

رد الشيخ بانكسار : وهل ستقطعون رجلي كلها أم الأصابع المصابة فقط ؟

قال الطبيب : بتر القدم أو أجزاء منه لا يحل المشكلة ،

بل ينقلها إلى الجرح الجديد ، ولن تتحمل صحتك ذلك ،

الأفضل أن يكون البتر من فوق الركبة ؟

اعترض الشيخ قائلاً : المشكلة كلها في القدم ، فلماذا تقطعون ساقي ؟


قال الطبيب : التجارب الطبية عبر آلاف المرضى أثبتت أن الخلل الرئيسي

يكمن في شرايين الساق ، وإذا بترنا القدم فقط فلن يلتئم الجرح لوجود

قصور في شرايين الساق ، وسنضطر بعد معاناة مماثلة إلى بتر الساق أيضاً ،


ولن تتحمل صحتك كل ذلك .

رد الشيخ : دعني أفكر ، فليس من السهل أن تتخذ قراراً بموت نصف جسدك .

رد الطبيب : حسناً ، سوف أنتظر إلى الغد ، ولكن التأخير أكثر من ذلك سوف

تكون له عواقب وخيمة ، والأفضل الاستسلام لقضاء الله.

في صباح اليوم التالي دخل الطبيب وألقى التحية ،

رد عليه الشيخ لبيب بهدوء ، قال له الطبيب : ل

قد أحضرت معي الإقرار القانوني اللازم للعملية .

رد الشيخ بنفس الهدوء : لن أبصم يادكتور .

رد الطبيب باستغراب : لماذا ؟ لقد أخبرتني الممرضة أنك رفضت تناول العلاج .

رد الشيخ : نعم ، لن أجري العملية ولن أتناول العلاج ، ولن آكل .

احتج الطبيب : هذا انتحار !

قال الشيخ : ألم تقل من الأفضل الاستسلام لقضاء الله ،

لقد قررت أن أموت .

قال الطبيب : ليس هذا استسلام لقضاء الله ، إنه انتحار ، والانتحار محرم .

قال الشيخ : هذا قراري النهائي .

ذهبت كل محاولات الأطباء والأقارب لإقناع الشيخ

بتناول الطعام والعلاج سدى ،

وبعد سبعة أيام تم دفن الشيخ لبيب في قريته .