نظر الطبيب إلى الجرح المتقيح في قدم الشيخ لبيب وقال : هذا الجرح يحتاج
لعناية خاصة ، لذا أرى أن تدخل إلى المستشفى .
رد الشيخ الكفيف : وكم سأبقى بالمستشفى ؟
قال الطبيب : هذا أمر غير معروف ، فجروح القدم السكرية تلتئم ببطء وصعوبة .
قال الشيخ : لا يمكنني أن أتغيب عن القرية لمدة طويلة ، فليس هناك إمام
للمسجد العمري غيري ، وليس هناك أحد في البيت غيري ، وليس بوسعي
أن أترك أهلي وحدهم .
قال الطبيب : أخشى إن لم تدخل المستشفى أن تسوء الأمور بشكل
لايمكن تداركه ، فأنت تحتاج لتحليل السكر مرتين يومياً على الأقل ،
وأخذ الإنسيولين مرتين يومياً حسب التحليل ، وكذلك الغيار المعقم
مرتين يومياً ، وكل ذلك لا يمكن توفيره في البيت.
رد الشيخ : لنستبشر خيراً يا دكتور ، فأنا متفائل بأن الله
سوف يشفيني بإذنه تعالى .
تردد الشيخ بعد ذلك على العيادة عدة أيام ، وكان الجرح يتحسن أحياناً ،
ويتأخر أحياناً أخرى ، أما تحليل السكر في الدم فكان غير مبشر في أغلب
الأوقات ، ثم تغيب الشيخ عن العيادة لعدة أسابيع ثم رجع إلى الطبيب ،
وبعد أن فحصه الطبيب قال : لقد ساءت الأمور كثيراً ، لا يمكنني تدبر الأمر
خارج المستشفى ، لابد من دخولك إلى المستشفى .
في المستشفى أجريت التحاليل والأشعات وتبين أن الحالة العامة للمريض
متدهورة ، وأن نسبة السكر مرتفعة جداً ،وأن وظائف الكلى في تدهور ،
كما تبين أن التخمر في القدم قد وصل إلى العظام وارتفع إلى مسافة
بعيدة في الساق . . . .، ، عندما دخل الطبيب إلى غرفة المريض
كان صوت القارئ ينطلق رقيقاً من المذياع ، بادره المريض قائلاً :
هذا القارئ الشاب له مستقبل باهر إن شاء الله ، أنا أتصيد مواعيد
إذاعة تلاوته من المذياع لأستمتع بتلاوته الجميلة ،
ولكن هل ظهرت نتائج الأشعة والتحاليل ؟
حاول الطبيب أن يتلطف وهو يزف الخبر المزعج ، أكمل الشيخ :
لعله خير إن شاء الله ، لماذا سكتَّ ، هل في الأمر سوء ؟
أجابه الطبيب : خير إن شاء الله يا شيخ لبيب، قضاء الله كله خير .
قال الشيخ : قضاء الله ؟! هل ستقطعون رجلي ؟
قال الطبيب : الجرح بدأ يؤثر على حالة الكلى ، وإذا تلكأنا أكثر
من هذا فربما نصل إلى الفشل الكلوي .
قال المريض : وما علاقة القدم بالكلى يادكتور ؟
قال الطبيب : السموم التي تخرج من الجرح تصل إلى الدم
وتؤثر على الكلى والكبد أيضاً ، وكذلك الأدوية التي تتعاطاها ،
فالكلى السليمة تتحملها أما الكلى المريضة فإنها يمكن أن
تتداعى تحت تأثير الأدوية .
قال الشيخ بانزعاج : وهل كليتي مريضة ؟
قال الطبيب : لاتنس أنك مريض بالسكري منذ سنين ،
ومعظم مصابي الفشل الكلوي هم من مرضى السكري ،
كما أنك عولجت من البلهارسية عدة مرات ،
وهذا يترك تأثيراً على الكبد والكلى .
رد الشيخ : وماذا تنوون أن تفعلوا بي ؟
رد الطبيب : لم أكن أود أن أزعجك ، ولكن الأمانة تقتضي
أن أبلغك بأن البتر السريع قد أصبح هو الحل الأوحد حالياً ؟
رد الشيخ بانكسار : وهل ستقطعون رجلي كلها أم الأصابع المصابة فقط ؟
قال الطبيب : بتر القدم أو أجزاء منه لا يحل المشكلة ،
بل ينقلها إلى الجرح الجديد ، ولن تتحمل صحتك ذلك ،
الأفضل أن يكون البتر من فوق الركبة ؟
اعترض الشيخ قائلاً : المشكلة كلها في القدم ، فلماذا تقطعون ساقي ؟
قال الطبيب : التجارب الطبية عبر آلاف المرضى أثبتت أن الخلل الرئيسي
يكمن في شرايين الساق ، وإذا بترنا القدم فقط فلن يلتئم الجرح لوجود
قصور في شرايين الساق ، وسنضطر بعد معاناة مماثلة إلى بتر الساق أيضاً ،
ولن تتحمل صحتك كل ذلك .
رد الشيخ : دعني أفكر ، فليس من السهل أن تتخذ قراراً بموت نصف جسدك .
رد الطبيب : حسناً ، سوف أنتظر إلى الغد ، ولكن التأخير أكثر من ذلك سوف
تكون له عواقب وخيمة ، والأفضل الاستسلام لقضاء الله.
في صباح اليوم التالي دخل الطبيب وألقى التحية ،
رد عليه الشيخ لبيب بهدوء ، قال له الطبيب : ل
قد أحضرت معي الإقرار القانوني اللازم للعملية .
رد الشيخ بنفس الهدوء : لن أبصم يادكتور .
رد الطبيب باستغراب : لماذا ؟ لقد أخبرتني الممرضة أنك رفضت تناول العلاج .
رد الشيخ : نعم ، لن أجري العملية ولن أتناول العلاج ، ولن آكل .
احتج الطبيب : هذا انتحار !
قال الشيخ : ألم تقل من الأفضل الاستسلام لقضاء الله ،
لقد قررت أن أموت .
قال الطبيب : ليس هذا استسلام لقضاء الله ، إنه انتحار ، والانتحار محرم .
قال الشيخ : هذا قراري النهائي .
ذهبت كل محاولات الأطباء والأقارب لإقناع الشيخ
بتناول الطعام والعلاج سدى ،
وبعد سبعة أيام تم دفن الشيخ لبيب في قريته .
لعناية خاصة ، لذا أرى أن تدخل إلى المستشفى .
رد الشيخ الكفيف : وكم سأبقى بالمستشفى ؟
قال الطبيب : هذا أمر غير معروف ، فجروح القدم السكرية تلتئم ببطء وصعوبة .
قال الشيخ : لا يمكنني أن أتغيب عن القرية لمدة طويلة ، فليس هناك إمام
للمسجد العمري غيري ، وليس هناك أحد في البيت غيري ، وليس بوسعي
أن أترك أهلي وحدهم .
قال الطبيب : أخشى إن لم تدخل المستشفى أن تسوء الأمور بشكل
لايمكن تداركه ، فأنت تحتاج لتحليل السكر مرتين يومياً على الأقل ،
وأخذ الإنسيولين مرتين يومياً حسب التحليل ، وكذلك الغيار المعقم
مرتين يومياً ، وكل ذلك لا يمكن توفيره في البيت.
رد الشيخ : لنستبشر خيراً يا دكتور ، فأنا متفائل بأن الله
سوف يشفيني بإذنه تعالى .
تردد الشيخ بعد ذلك على العيادة عدة أيام ، وكان الجرح يتحسن أحياناً ،
ويتأخر أحياناً أخرى ، أما تحليل السكر في الدم فكان غير مبشر في أغلب
الأوقات ، ثم تغيب الشيخ عن العيادة لعدة أسابيع ثم رجع إلى الطبيب ،
وبعد أن فحصه الطبيب قال : لقد ساءت الأمور كثيراً ، لا يمكنني تدبر الأمر
خارج المستشفى ، لابد من دخولك إلى المستشفى .
في المستشفى أجريت التحاليل والأشعات وتبين أن الحالة العامة للمريض
متدهورة ، وأن نسبة السكر مرتفعة جداً ،وأن وظائف الكلى في تدهور ،
كما تبين أن التخمر في القدم قد وصل إلى العظام وارتفع إلى مسافة
بعيدة في الساق . . . .، ، عندما دخل الطبيب إلى غرفة المريض
كان صوت القارئ ينطلق رقيقاً من المذياع ، بادره المريض قائلاً :
هذا القارئ الشاب له مستقبل باهر إن شاء الله ، أنا أتصيد مواعيد
إذاعة تلاوته من المذياع لأستمتع بتلاوته الجميلة ،
ولكن هل ظهرت نتائج الأشعة والتحاليل ؟
حاول الطبيب أن يتلطف وهو يزف الخبر المزعج ، أكمل الشيخ :
لعله خير إن شاء الله ، لماذا سكتَّ ، هل في الأمر سوء ؟
أجابه الطبيب : خير إن شاء الله يا شيخ لبيب، قضاء الله كله خير .
قال الشيخ : قضاء الله ؟! هل ستقطعون رجلي ؟
قال الطبيب : الجرح بدأ يؤثر على حالة الكلى ، وإذا تلكأنا أكثر
من هذا فربما نصل إلى الفشل الكلوي .
قال المريض : وما علاقة القدم بالكلى يادكتور ؟
قال الطبيب : السموم التي تخرج من الجرح تصل إلى الدم
وتؤثر على الكلى والكبد أيضاً ، وكذلك الأدوية التي تتعاطاها ،
فالكلى السليمة تتحملها أما الكلى المريضة فإنها يمكن أن
تتداعى تحت تأثير الأدوية .
قال الشيخ بانزعاج : وهل كليتي مريضة ؟
قال الطبيب : لاتنس أنك مريض بالسكري منذ سنين ،
ومعظم مصابي الفشل الكلوي هم من مرضى السكري ،
كما أنك عولجت من البلهارسية عدة مرات ،
وهذا يترك تأثيراً على الكبد والكلى .
رد الشيخ : وماذا تنوون أن تفعلوا بي ؟
رد الطبيب : لم أكن أود أن أزعجك ، ولكن الأمانة تقتضي
أن أبلغك بأن البتر السريع قد أصبح هو الحل الأوحد حالياً ؟
رد الشيخ بانكسار : وهل ستقطعون رجلي كلها أم الأصابع المصابة فقط ؟
قال الطبيب : بتر القدم أو أجزاء منه لا يحل المشكلة ،
بل ينقلها إلى الجرح الجديد ، ولن تتحمل صحتك ذلك ،
الأفضل أن يكون البتر من فوق الركبة ؟
اعترض الشيخ قائلاً : المشكلة كلها في القدم ، فلماذا تقطعون ساقي ؟
قال الطبيب : التجارب الطبية عبر آلاف المرضى أثبتت أن الخلل الرئيسي
يكمن في شرايين الساق ، وإذا بترنا القدم فقط فلن يلتئم الجرح لوجود
قصور في شرايين الساق ، وسنضطر بعد معاناة مماثلة إلى بتر الساق أيضاً ،
ولن تتحمل صحتك كل ذلك .
رد الشيخ : دعني أفكر ، فليس من السهل أن تتخذ قراراً بموت نصف جسدك .
رد الطبيب : حسناً ، سوف أنتظر إلى الغد ، ولكن التأخير أكثر من ذلك سوف
تكون له عواقب وخيمة ، والأفضل الاستسلام لقضاء الله.
في صباح اليوم التالي دخل الطبيب وألقى التحية ،
رد عليه الشيخ لبيب بهدوء ، قال له الطبيب : ل
قد أحضرت معي الإقرار القانوني اللازم للعملية .
رد الشيخ بنفس الهدوء : لن أبصم يادكتور .
رد الطبيب باستغراب : لماذا ؟ لقد أخبرتني الممرضة أنك رفضت تناول العلاج .
رد الشيخ : نعم ، لن أجري العملية ولن أتناول العلاج ، ولن آكل .
احتج الطبيب : هذا انتحار !
قال الشيخ : ألم تقل من الأفضل الاستسلام لقضاء الله ،
لقد قررت أن أموت .
قال الطبيب : ليس هذا استسلام لقضاء الله ، إنه انتحار ، والانتحار محرم .
قال الشيخ : هذا قراري النهائي .
ذهبت كل محاولات الأطباء والأقارب لإقناع الشيخ
بتناول الطعام والعلاج سدى ،
وبعد سبعة أيام تم دفن الشيخ لبيب في قريته .