فارس الأحلام الذي لم يأت

q8awya

New member
إنضم
4 فبراير 2011
المشاركات
177
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يقولون إنني أنتمي إلى أسرة كل بناتها من الجميﻼ‌ت.. ذلك الجمال العربي المميز.. باﻹ‌ضافة إلى الذكاء المميز للعائلة، فكنت متفوقة جداً في دراستي.. بل كنتُ أكثر إخوتي وأخواتي تفوقاً. فازداد اعتزاز أبي بي وتدليله لي.. فكان دائماً يردد مدى افتخاره بابنته (سارة) الجميلة الذكية وبنظرة اﻷ‌ب وعطفه هو يرى دائماً مميزات ابنته وﻻ‌ يحاول أن يرى عيوبها مع أن أحداً ﻻ‌ يخلو من العيوب. في الجامعة كان غروري بالغاً.. وكنتُ أشعر أنني أستحق الزواج من رجل مميز شكﻼ‌ً وموضوعاً.. فأنا إنسانة مميزة فلم ﻻ‌ أحظى برجل تغبطني عليه كل الفتيات وهن أقل مني جماﻻ‌ً وذكاء؟

كان أبي يرفض كثيرين تقدموا لخطبيتي وﻻ‌ يراهم جديرين بي، وكان أحياناً يخبرني بأمرهم وكثيراً ما يرفضهم دون أن يخبرني، بينما أسخر أنا من هؤﻻ‌ء «المتواضعين» الذين فكروا ولو لحظة في الزواج مني.. أنا سارة المتميزة شكﻼ‌ً وموضوعاً..
كنتُ انتظر رجﻼ‌ً صنع له خيالي صورة مشرقة.. ذلك الرجل الوسيم الذي تنطق مﻼ‌محه وأخﻼ‌قه بالرجولة.. الكريم الذي يراني أغلى من أموال الكون.. الذي يشغل منصباً رفيعاً ولديه من الجاه ما يجعلني فخورة بانتسابي إليه زوجة أمام عائلتي ومجتمعي، لكن من تقدموا لخطبتي كانوا مختلفين تماماً عن ذوقي في اختيار الرجل المناسب.. فهذا رجل ﻻ‌ يجيد التعامل مع المرأة فيبدو جافاً متجهماً.. وهذا رجل ﻻ‌ يجيد استخدام الشوكة والسكين بل يأكل حتى «المانجو» بيده.. وهذا بخيل لم يقدم الهدايا الﻼ‌ئقة.. وهذا منصبه أقل من أحﻼ‌مي بكثير.. وهذا رجل من عائلة ريفية وأنا من بنات المدينة.. وهذا يعيش مع أمه في مسكن متواضع وأنا أحلم «بفيﻼ‌» راقية في حي راقٍ.. حسناً سأنتظر الرجل الذي

تطابق صورته أحﻼ‌مي ولن أتعجل.. فسيأتي هذا الرجل إن شاء الله الجدير بحبي وقلبي.
أنهيت دراستي الجامعية بتفوق ولم يأت الرجل المناسب ﻷ‌حﻼ‌مي وبدأت اﻹ‌عداد للماجستير وﻻ‌زال لديّ أمل في أن يتقدم لخطبتي رجل اﻷ‌حﻼ‌م وفارس القلب المنتظر.. في هذه الفترة أهداني والدي شقة فاخرة تقديراً لتفوقي فكانت سعادتي ﻻ‌ توصف.. وفجأة توفي أبي الرجل الحنون الذي كم حلمت أن يرزقني الله بزوج في مثل صفاته الرائعة.. وأصابني الحزن العميق الذي وصل لﻼ‌كتئاب الشديد وﻻ‌ سيما أن إخوتي جميعاً وأخواتي تزوجوا وتركوا البيت وبقيت وحدي مع أمي.. وبينما كان أبي فخوراً بي كانت أمي حزينة ﻷ‌ني أقترب من الثﻼ‌ثين دون زواج.. لكني كنت أؤكد ﻷ‌مي أني مثل الجوهرة تزداد قيمتها مع الزمن.. وأن فارس اﻷ‌حﻼ‌م سيأتي وسيسعى إليّ سعياً.
كانت أمي أكثر واقعية من أبي رحمه الله. فطلبت مني أن أتنازل عن شروط كثيرة في فارس اﻷ‌حﻼ‌م.. وأن أرضى برجل عادي وليس من الضروري أن يكون متميزاً.. لكني

رفضتُ منطق أمي.. وصممت أن أنتظر حتى أحظى بالفارس المنتظر. وفعﻼ‌ً.. تقدم لي الرجل الذي كنت أحلم به.. رجل وسيم من عائلة طيبة ذو منصب وجاه.. أنيق جداً.. متحدث ذكي وجذاب.. حرصت في ذلك اليوم الذي جاء أخي اﻷ‌كبر لكي يلتقي به.. حرصتُ أن أكون جميلة الجميﻼ‌ت.. أن أبدو في جمال فتاة الخامسة عشرة رغم أني بلغت الثﻼ‌ثين.. في وجود أخي جلست قبالة الرجل الذي جاء لخطبتي، بدا عليه الغرور.. بينما ظهرت عليّ اللهفة واﻻ‌نجذاب إليه.. يبدو أني لم أحظ بإعجاب الرجل الذي واجهني بصراحة مؤلمة أنه يعتذر عن اﻻ‌رتباط بي.. لعدم التوافق.. فسألته وما معنى عدم التوافق؟ قال إني أتحدث كثيراً بما يشبه الثرثرة وهو ﻻ‌ يحب المرأة كثيرة الكﻼ‌م.. وأن كل اهتمامي بجمالي دون اﻻ‌هتمام بأعماقي وبأن أرقى بتلك اﻷ‌عمال وجدانياً وثقافياً.. وأضاف الرجل الصريح: آسف يا آنسة سارة.. أنا أحب الجمال صحيح ولكني أحب جمال الشخصية أضعاف حبي لجمال المﻼ‌مح.. وانسحب الرجل وترك في نفسي جرحاً عميقاً.. إنه الرجل الوحيد الذي تمنيت من كل قلبي أن يتزوجني.. فيرفضني وبهذه الصراحة.. تملكتني رغبة شديدة في البكاء.. كان حزني وأمي شديداً.. لكني قررت أن أخرج من هذه اﻷ‌زمة فعدت ﻹ‌كمال دراسة الماجستير وتفوقت فيه.. ثم بدأت اﻹ‌عداد للدكتوراة وفي هذه الفترة تقدم لخطبتي رجل يعمل أستاذاً بالجامعة.. قال إنه معجب بجمالي لكنه ما إن عرف أني تجاوزت الخامسة والثﻼ‌ثين حتى اعتذر بصراحة شديدة إنه يريد من هي أصغر لتنجب في وقت مناسب وتربي أبناءه في وقت مﻼ‌ئم.

وبعد هذا بدأ يتقدم لي أشخاص غير مناسبين مطلقاً وأصابتني الحسرة على أحﻼ‌مي القديمة.. أنا سارة دكتورة الجامعة يتقدم لخطبتها مثل هؤﻻ‌ء، ﻻ‌ وألف ﻻ‌.. عدم الزواج والعنوسة أفضل ثم توفيت أمي.. واضررت لﻼ‌نتقال إلى بيت أخي الذي قال لي إن بيته صغير وأن اﻷ‌فضل أن ننتقل جميعاً أنا وهو وزوجته وأبناؤه إلى الشقة الفاخرة التي أهداني إياها أبي قبل رحيله.. ومضطرة وافقت أن أعيش مع أخي وأسرته في شقتي الجميلة.. وعانيت أشد المعاناة من المنغصات في التعامل ومن شقاوة أبناء أخي ومن تلميحات زوجته عن عنوستي لدرجة وصولي سن اﻷ‌ربعين، بينما هي تزوجت أخي وهي في «العشرين» وتضيف زوجة أخي في اختيال إنه تقدم لخطبتها الكثيرون قبل أخي، فالرجال يفضلون الزواج من الصغيرة وليس من «الدكتورة» التي قاربت اﻷ‌ربعين!
كنتُ أكظم غيظي فزوجة أخي تعيش في شقتي وتتطاول عليّ ولو شكوت ﻷ‌خي لما حرك ساكناً، فزوجته أهم بكثير من أخته ورغم أن أني قاربت اﻷ‌ربعين إﻻ‌ أنني أكثر جماﻻ‌ً من زوجة أخي بكثير.. لكن زواجها المبكر من أخي هو الذي جعلها تتفاخر أمامي وتعيرني بتأخير زواجي..
إنني ﻻ‌ شك سعيدة بعملي ومنصبي ومحبوبة من الجميع بل وتغبطني زوجة أخي على منصبي العلمي.. لكني أعود فأقول إن الرجل مهم جداً للمرأة بكونه زوجاً.. وأن العلم وإن كان قيمة عظمى في حياة المرء.. إﻻ‌ أن الرجل بكونه زوجاً يحفظ للمرأة كرامتها ويخفف عنها وحدتها ويرعى أمورها.. إن الزواج ضرورة للفتاة أضعاف العلم.. أوجه رسالتي لكل أب وأم وابنة أن ﻻ‌ يكون الجمال والذكاء وسيلتين لغرور المرأة وأسرتها حتى تضيع كل فرص الزواج من بين يدي المرأة.. على اﻵ‌باء أن يتذكروا ويتذكروا بناتهم بأهمية زواج الفتاة في عمر مناسب وبأن تتنازل الفتيات عن الصورة الخيالية لفارس اﻷ‌حﻼ‌م، حيث إنها في كثير من اﻷ‌حيان تظل صورة خيالية ﻻ‌ تمت للواقع بصلة.
إن مجتمعاتنا ﻻ‌ تقبل مطلقاً المرأة التي تعيش وحدها ولو حصلت على أكثر من دكتوراه فتضطر هذه المرأة للحياة مع أخيها وأسرته أو عم أو خال وتﻼ‌قي الكثير من العناء في مثل هذه الحياة.. بينما تكون في بيت زوجها أكثر إكراماً ورعاية، فهي تخدمه وترعى شؤونه وهو يفعل الشيء نفسه يخدمها ويرعاها.. لقد اكتشفتُ خطأ حياتي الجسيم وهو الغرور بالجمال والعلم والعائلة وكيف إن أبي أيدني في هذا الغرور وكنتُ أتمنى لو نهرني وأعادني لصوابي.. لكنه رحمه الله نظر ﻻ‌بنته نظرة الرضا والتأييد رغم أن لي عيوبي.. إن مصارحة اﻵ‌باء واﻷ‌مهات لبناتهن بالعيوب أحياناً تفيد في إعادة الفتاة لصوابها ومقاومة غرورها وبحثها عن رجل بﻼ‌ عيوب.. وربما شعور الفتاة أن والديها على قيد الحياة يمنحانها كل الحب والعون والتدليل.. ربما من هذا المنطلق تعتقد الفتاة (دوام) بقاء الوالدين لكنها تصدم صدمة مروعة مع رحيلهما تباعاً وتفاجأ أنها وحيدة ثم تفاجأ أنها كالضيف الثقيل، فهي عبء على من تعيش معهم.. والمشكلة اﻷ‌خرى أن الزوجات اﻷ‌خريات يشعرن بالخوف من المرأة الوحيدة خشية أن تزلزل أمام بيوتهن وهكذا يغلقن اﻷ‌بواب في وجهها، وهذا ما حدث مع أكثر صديقاتي.. تجنبن تماماً استمرار عﻼ‌قتهن بي مادمتُ وحيدة.
كلمة أخيرة.. ﻻ‌ المال وﻻ‌ الجمال وﻻ‌ المنصب وﻻ‌ العلم يغنيان المرأة عند وجود رجل (زوج) في حياتها.. وأقول لكل زوجة حافظي على زوجك وتنازلي كثيراً ﻹ‌رضائه وﻻ‌ تضيقي بخدمته، فهذا أفضل كثيراً من اضطرارك لخدمة آخرين مقابل حياتك في حمايتهم أو كنفهم.
إني أعترف بالخطأ الكبير أني كان من اﻷ‌فضل لو قبلت الزواج من رجل يرضى عنه أهلي في دينه وخلقه كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم.. لكن أحﻼ‌مي لﻸ‌سف كانت بعيدة جداً عن هذا الحديث النبوي الشريف.. فضاعت أحﻼ‌مي مثل أيامي، لكني من فضل ربي ﻻ‌ أحب الندم وﻻ‌ البكاء على الماضي.. إنني فقط أسجل تجربتي لتستفيد منها كل الفتيات واﻷ‌سر.. بقي أن أقول: إني والحمد لله مؤمنة بأن اﻹ‌نسان يعيش قدره فعليه أن يرضى به.. وأحياناً أضيق بوحدتي فﻼ‌ أجد ملجأ إﻻ‌ الله ثم أتذكر نعم الله عليّ من مال ومنصب وعلم وصحة.. فيطمئن قلبي أن حياتي مليئة بالنعم وهي تستحق الشكر لله عز وجل في كل صﻼ‌ة ..
منقوووووول
 

q8awya

New member
إنضم
4 فبراير 2011
المشاركات
177
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الله يعاافيج حبيبتي ونورتينا