- إنضم
- 29 يونيو 2008
- المشاركات
- 28,471
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 0

لتهدئة آلام الولادة وسائل عديدة. منها المسكنات (أي العقاقير المزيلة للإلم) وهي تؤخذ عبر الفم أو الحقن أو التنشق.
ومنها مخدّر ما فوق الجافية Epidural analgesia الذي يزيل الألم في النصف السفلي من الجسد وهو يعطي عبر إدخال عقار تخديري في منطقة ما فوق الجافية التي تحيط بالعمود الفقري، ولا يتم إدخاله في السلسلة الفقرية.
فهذا ما تخشاه النساء عموماً، إذ يعتقدن بأنه يتم غرس حقنة في الظهر، تترك فيه طيلة فترة المخاض.
وهو اعتقاد خاطىء. الحقيقة أن العقار يحقن بواسطة قثطر بالغ الدقة، بقُطر الشعرة، يثبت في الظهر بشكل آمن، ولا تشعر المرأة بوجوده. غير أنها قد تحس أحياناً بالثقل في ساقيها وبصعوبة في تحريكهما، فتتطلب بعض المساعدة في تغيير وضعها.
والجدير بالذكر أن هذا المخدّر لا يستلزم الاستلقاء بوضع واحد حتى انهاء المخاض، الأمر الذي تخشاه أغلبية النساء.
ومن شأن تخدير ما فوق الجافية أن يكون ذا فعالية كبيرة في حالات المخاض الطويل، حين يكون الطفل مستلقياً بوضع خلفي القفا مثلاً، كما أنه غالباً ما يستخدم في العمليات القيصرية.
وتكمن فائدته في تلك الحالة في أن الأم تبقى في كامل وعيها خلال الولادة لتسمع الصرخة الأولى وتحضن طفلها فوراً، فتكون "حاضرة" عند ولادته.
ولكن تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه يتم حجب العملية بكاملها، عبر ستار ثابت، عن ناظري الأم أو الأب، في حال شاء هذا الأخير الحضور لدعمها والتخفيف عنها ومشاركتها تلك اللحظة العظيمة، لحظة ولادة الطفل. ولكن ليس له أن يشعر بالذنب أو بالفشل إن لم يتمكن من ذلك.
والواقع أن هذا الشعور ينتاب أحياناً بعض النساء. فقد صادفت في حياتي العملية كثيراً من الحوامل اللواتي يصنعن معايير يعقدن العزم على يلوغها خلال المخاض.
ولا زلت أذكر جيداً سيدة كانت مصممة على عدم تناول أي مسكن للآلام.
لقد أرادت أن تقوم بالمهمة "بنفسها" وأكدت لي، على غرار كثيرات قبلها، "لا أريد تناول أية أدوية، أريد للولادة أن تتم بشكل طبيعي وأن أتمها بنفسي".
بيد أنه من شأن هذا الموقف أن يجرّ عليها المشاكل. ذلك أنه في حال تزايد الألم، مع تقدم المخاض، لدرجة صار من الصعب تحمله، قد يؤدي التصميم المسبق بعدم اللجوء إلى المساعدة إلى توتر جسدي يصعّد بدوره الألم، الذي ينتج عنه توتر أكبر، وهكذا تستمر الحلقة بالتصاعد.
وإن تطلبت الحالة تلقي مسكنات، تشعر المرأة التي بدأت المخاض برفض قاطع لأي نوع من المساعدة، بالفشل والخيبة، وتترك فيها تلك التجربة ذكريات تعيسة.
وعندما أطلعت هذه السيدة على طريقة التنفس وشرحت لها مدى فعاليتها في حالات الألم والخوف أجابتني قائلة: "جيد، سألجأ إليها حين أزور طبيب الأسنان، وأضطر لتلقي حقنة".
فسألتها: "هل تأخذين حقناً لدى طبيب الأسنان؟". قالت: "أوه، أجل فأنا لا أحتمل الألم كما أنني أكره الحقن".
فضحكت قائلة: "تقبلين المساعدة من طبيب الأسنان وترفضينها خلال الحمل". فلاحظت المفارقة.
والواقع أن آلافاً من الحوامل اللواتي علمتهن وضعن أطفالهن معتمدات كلياً على تقنيات التنفس والإسترخاء. بالمقابل فإن آلافاً أخريات كنّ شاكرات لحصولهن على مساعدة المسكنات. ونصيحتي لكلّ حامل هي أن تخوض تجربة المخاض بذهن منفتح.
تيسير الولادة بالرياضة
1_ الولادة وظيفة بدنية من وظائف الأعضاء، وليست مرضا.
وتساعد رياضة البدن على تمام هذه الوظيفة (الولادة) دون عناء.
والولادة عمل أو تمرين بدني عنيف، يحتاج من الوالدة إلى جهد عضلي مركز منظم شديد.
ويجب الاستعداد لهذا التمرين العنيف (الولادة) بإعطاء عضل الجسم مرونة كافية قبل موعد الولادة بوقت كاف.
2_ والإنسان الرياضي، والذي يشترك في سباق رياضي (مثل العدو أو السباحة أو الكرة) يمرن جسمه تمريناً يكسب عضله المرونة الكافية قبل موعد السباق، استعداداً لمجهود هذا اليوم العنيف.
وهذا واجب الحامل المستنيرة.
أما إذا وصلت المرأة الحامل إلى ساعة الولادة دون أن تكسب عضلها المرونة المنشودة بالتمرينات الرياضية البدينة، فإنا تشبه الرياضي الذي يذهب إلى المباراة دون تمرين، فيلعب في كسل وخمول وتخبط، دون استعداد وتخطيط، وينهزم في المباراة.
3_ وينبغي أن تتعلم المرأة كيف تستريح جيداً بين الأشواط، حتى تحفظ طاقتها المطلوبة للشوط الأخير من المباراة (الولادة).
تتم الولادة على أشواط من الانقباض العضلي (الطلق)، تعقبها راحة، ثم أشواط أخرى، حتى نهاية المباراة حين يبزغ الطفل الجديد إلى الوجود، ويستنشق هواء الحياة، وتتيسر الولادة على اللاعبات اللائي يمارسن رياضة البدن أكثر مما تتيسر لامرأة مترهلة مرتخية، لا تمارس ألعاب البدن، ويعجز عضلها عن الانقباض الماهر القوي الفعال.
4_ ولابد أن تعلم الحامل شيئاً عن عضل الرحم القوي، وانقباضه المنتظم الذي يدفع الجنين خارج الرحم خلال قناة الولادة إلى العالم الخارجي.
وإذا عرفت قيمة هذا الانقباض المنتظم أدركت قيمة رياضة البدن ودورها في تيسير الولادة.
5_ والواقع أن عضلات الرحم تظل طوال مدة الحمل تستعد للمخاض. (والمخاض هو انقباض الرحم انقباضاً منتظماً ليتمدد عنق الرحم، ويخرج منه الجنين إلى الدنيا).
وطوال مدة الحمل تتقلص عضلات الرحم، ثم ترتخي. والانقباض هو التقلص الذي يعقبه ارتخاء.
6_ وتكرار الانقباض لا يحدث للحامل ألماً في الظروف الطبيعية، وقد لا تشعر به. ولكن هذا الانقباض المتكرر يشتد في أواخر الحمل بدرجة قوية تشعر بها الحامل ويسمى هذا الانقباض المتكرر القوي "المخاض الكاذب" ولكن يلاحظ أنه غير منتظم.
وعدم انتظامه يميزه عن المخاض الحقيقي المنتظم.
والمخاض الحقيقي يمتاز بانقباضات قوية منتظمة في عضل الرحم.
وتزداد هذه الانقباضات قوة وعدداً مع تقدم الولادة. وتشعر المرأة بعضلات الرحم وهي تنقبض ثم ترتخي إذا وضعت يدها على بطنها.
7_ تعود رياضة الحوض النسوي على المرأة بمهارة حسية تنفعها في أثناء الولادة بقدر ما تنفعها في أثناء الملامسة.
وعضلات قاعدة الحوض ذات تأثير ثانوي محدود، ولكنها قد تؤدي إلى تمدد أو توسيع نشيط، يعاون الولادة معاونة فعالة، ويحفظ "العضلات المحيطة بالمهبل" من الضرر.
8_ وتعرف كل مولدة، وكل طبيب من أطباء التوليد أن "التقلص الشديد أو الانكماش التشنجي في قاعدة الحوض، عند الانفعال بآلام الولادة، قد يعوق خروج رأس الطفل، ويؤخره تأخيراً طويلاً".
9_ وطول مدة الولادة ليس شيئاً مرغوباً، وإذا طالت مدة الولادة، انتاب الوالدة ضعف وتعب وإعياء، ووهن وإنهاك، بدرجة تعجزها عن التحكم الذاتي في أنسجة قاعدة حوضها، وبذلك قد يتعرض طفلها لخطر الموت قبل أن يرى نور الدنيا.
وينبغي أن تتعلم كل امرأة طريقة "إرخاء قاعدة الحوض" حتى يمكن الاستغناء عن الجفت في ولادات كثيرة، وبالتالي يمكن تجنب كل المساوىء والمضار التي تهدد الأم والطفل نتيجة استعمال الجفت، كما يمكن منع تراكم الألم، ومنع إطالة مدته بدون داع.
منقول للفائدة