حوار مع الدكتورة سميرة السعد حول مرض التوحد

ماكنتوش 1988

مراقبه عامه
إنضم
26 يونيو 2011
المشاركات
31,855
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أمل نصرالدين حاورت دكتورة سميرة عبداللطيف السعد، مديرة مركز الكويت للتوحد ونائب رئيس منظمة التوحد العالمية (wao) لتحدثنا عن التوحد، الذي هو إحدى الإعاقات التي يعاني أصحابها من عدم القدرة على التواصل الاجتماعي، فكونوا معنا..

* بداية د. سميرة السعد ما المقصود بالتوحد؟

التوحد أحد الإعاقات التي تعرف علميًا بأنها خلل وظيفي عصبي في المخ، حيث تظهر آثاره خلال السنوات الأولى من عمر الطفل من خلال السلوك، فنجده يعاني من القصور والتأخر في النمو الاجتماعي والإدراكي والتواصل مع الآخرين، مع عدم وجود أية مؤشرات لهذه الإعاقة عند الولادة، حيث يولد الطفل بشكل طبيعي دون أية إعاقات جسدية أو خلقية.

* كيف يمكن اكتشاف الطفل المصاب بالتوحد؟

تبدأ المشكلة بملاحظة ضعف التواصل لدى الطفل، ثم يتطور مستقبلا بعدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية وميله للعزلة مع ظهور مشاكل في اللغة ومحدودية فهم الأفكار.

* ما الفرق بين التوحد والتخلف العقلي؟

يختلف الطفل المصاب بالتوحد عن الأطفال المتخلفين عقليًا بأن البعض منهم يمتلك قدرات ومهارات فائقة تبرز في المسائل الرياضية أو الرسم أو الموسيقى، في حين أن الطفل الذي يعاني من التخلف العقلي يتفوق على طفل التوحد من الناحية الاجتماعية.

هل يمكن قياس مستوى التوحد؟

هذه أيضا أحد الاختلافات بين التوحد والتخلف العقلي حيث يمكن قياس مستوى التخلف العقلي باختبارات الذكاء بسهولة، بينما يصعب ذلك في التوحد لاختلاف كل حالة في المهارات والقدرات.

* ما مدى انتشار المرض عالميًا؟

تشير الإحصاءات العالمية الأخيرة إلى ظهور حالة توحد واحدة لكل مائة مولود، ويظهر في كل الأطفال بغض النظر عن الجنس أو اللون أو المستوى الاجتماعي أو التعليمي أو الثقافي للأسرة. كما أنه يظهر في الذكور أكثر من الإناث بنسبة 1:4 وتظهر أعراض التوحد بشكل واضح بعد 30 شهرا.

* ما الأسباب التي تؤدي للإصابة بالتوحد؟

لم يتم التوصل حتى الآن إلى الأسباب التي تؤدي للإصابة بإعاقة التوحد، حيث كان الاعتقاد السائد لسنوات أن إعاقة التوحد سببها وجود خطأ في العلاقة الاجتماعية التي تربط ما بين الأم والطفل وأن سببها نفسي بالدرجة الأولى.

إذن ما السبب في الإصابة بالتوحد؟

حديثًا وبعد البحوث والدراسات في هذا المجال فقد ثبت أن التوحد سببه خلل بيولوجي وليس خللا نفسيا، وقد تكون الإصابة بالحصبة الألمانية أو تعرض الجنين للحرارة العالية أثناء فترة الحمل السبب في الإصابة، أو ربما يكون السبب تكون غير طبيعي للكروموسومات والتي تحمل جينات معينة أو تلفًا في الدماغ.

هذا يعني أنه حتى الآن لا يوجد سبب محدد للإصابة؟

على الرغم من كثرة تلك الاحتمالات إلا أن إعاقة التوحد لا تزال أمرًا محيرًا لدى العلماء والباحثين، وتعكف الولايات المتحدة على إنفاق ملايين الدولارات على أبحاث التوحد للتوصل لأسباب الإصابة.

* هل التوحد درجات؟

نعم، فهناك الدرجة الخفيفة والمتوسطة والشديدة.

* هل للوراثة دور في الإصابة بالتوحد؟

حتى الآن لم يثبت ذلك علميًا ومازالت الأبحاث جارية للوصول لأسباب الإصابة.

مشكلة التوحد

* كيف تتعرف الأم على وجود مشكلة التوحد لدى طفلها؟

من صفات الطفل الذي يعاني من التوحد أنه قد لا يحب الحضن أو الحمل وهو صغير، ولا يتجاوب مع أغاني الأطفال التي تصدرها الأم أو الابتسامات أو المناغاة، أو ملاحظة تحديقه في أشياء معينة لدرجة الاعتقاد أنه لا يبصر.

كيف؟

كالتحديق في إضاءة الغرفة أو المروحة الموجودة في السقف، كما أن بعض الأطفال لديهم حركات استثارة داخلية كرفرفة اليد أو التحديق في الأصابع وهي تتحرك لساعات طويلة، وتختلف كل حالة عن الأخرى فليس هناك قاعدة للجميع ولكن أغلبهم يشتركون في القصور في ثلاث مناطق تطورية للطفل.

* ما مناطق القصور الذي يشترك فيها الطفل المصاب بالتوحد؟

أولا: القدرة على التواصل.

ثانيا: قصور في تكوين العلاقات الاجتماعية.

ثالثا: قصور في التعلم من خلال اكتشاف البيئة من حوله، ولهذا تكون شخصية الطفل المصاب بالتوحد مختلفة ومتأخرة وبالتالي نصنع حواجز وعوائق للنمو الطبيعي وللذكاء والقدرة الاجتماعية والعاطفية.

* ما العلاج في حالة الإصابة بالتوحد؟

التوحد إعاقة وليس مرضا لذا فهو يلازم صاحبه طوال حياته كما في حال أية إعاقة أخرى، وكلمة علاج بالمعنى الطبي المعروف لا يوجد في حالة إعاقة التوحد، فلا توجد علاجات دوائية أثبتت فعاليتها تجاه إعاقة التوحد.

ولكننا نسمع مؤخرا عن وجود بعض الأدوية التي تساهم في العلاج؟

ما نسمع عنه من نجاح بعض العلاجات لا تتعدى حالات فردية تنجح مع طفل ولا تنجح مع غيره غالبًا، وأغلب ما هو متوافر في هذا الشأن هو استعمال الفيتامينات أو الحمية أو التدريب السمعي وغيرها، وكلها أمور تعالج أمورا مصاحبة للتوحد نفسه قد تساعد في هدوء الطفل وزيادة مناعته، ولكن لا يوجد حتى الآن ما يغير التوحد نفسه.

هل يمكن التعايش مع إعاقة التوحد؟

أنا دائما ما أشبه التوحد بداء السكري فيمكن أن تكون صديقه وتتعايش معه بسعادة، وبالإمكان أيضا أن تهمله وتتعرض لمضاعفاته من الإصابة بأمراض الضغط والقلب والغرغرينا.

* كثيرا ما يخلط البعض بين التوحد وإعاقات أخرى فكيف يتم التشخيص الدقيق؟

التشخيص السليم لإعاقة التوحد يقوم به فريق متخصص وليس فردًا واحدًا وذلك لأنه وحتى الآن لا يوجد تحليل معين مثل تحليل الدم أو البول لإثبات الإصابة بالتوحد، كما لا توجد أشعة أو اختبار طبي محدد يبين إصابة الطفل الذي يعاني من التوحد.

كيف بالإمكان الجزم بالإصابة؟

من خلال تلك الفحوصات التي يقوم بها الفريق المتخصص يقومون بعمل عدد من الفحوصات الغرض منها استبعاد ما هو شبيه بالتوحد حتى يتم التأكد من الإصابة الفعلية بالتوحد وعدم الخلط بينه وبين التخلف العقلي مثلا، أو ضعف السمع أو غيرها من الأمراض والإعاقات الأخرى.

دور كبير

* ما دور الأسرة تجاه طفلها الذي يعاني من التوحد؟

الأسرة بالتأكيد يقع عليها دور كبير وفعال تجاه طفلهم المصاب بالتوحد، ولقياس وتحديد مدى تقدم الطفل المصاب بالتوحد فإن ذلك يعتمد على أضلاع المثلث الثلاثة وهي:

– القدرات الفعلية التي وهبها الله للطفل.

– البرامج التدريبية التي يتلقاها الطفل ومدى فعاليتها.

– الأسرة وما تقوم به من متابعة للتدريب الذي يحصل عليه الطفل في مدرسته.

ما الواجب على الوالدان تجاه طفلهما التوحدي؟

مهما طال الوقت الذي يمضيه الطفل في المدرسة يظل الوقت الذي يمضيه مع أسرته أطول، لذا فمن الضروري جدا أن يثقف الوالدان وأفراد الأسرة كافة أنفسهم بكيفية التعامل مع طفلهم الذي يعاني من التوحد سواء بالقراءة والاطلاع، أو حضور دورات تدريبية حتى يكونوا مؤهلين لمساعدة هذا الطفل.

* ما الصعوبات التي قد يواجهها الأهل في تعاملهم مع طفلهم التوحدي؟

ضعف المعرفة بالتوحد والذي قد يؤثر في تعاملهم بالشكل الصحيح مع الطفل، بالإضافة لصعوبة التعامل مع الطفل نتيجة للجهل بطرق التعامل الصحيح، أو التعرض لعدم الوضوح، أو معرفة الجهات التي من الممكن أن تقدم خدمات بعد التشخيص لطفلهم، وعدم الثبات في طريقة التعامل مع الطفل مما يطيل فترة تدريبه.

* كيف يمكن التعامل مع التوحد في فترة المراهقة؟

التوحد مثله مثل أي اضطراب آخر يحتاج لمعرفة بتفاصيل كل مرحلة على حدة، ومشكلة التوحد هي وجود اضطرابات في التواصل لدى الطفل، وفي حالة عدم إدراك المشكلة مبكرًا وبدء التدريبات الخاصة بهذا الاضطراب فإن النتيجة أننا سنحصل على مراهق بكل المشاكل التي تواجه المراهق في أسرته وفقًا لجيناته، بالإضافة لوجود اضطرابات في التواصل بسبب التوحد.

وما الحل لهذه المشكلة؟

إن لم يتم الإعداد والتدريب المسبق لهذا المراهق في فترة الطفولة فإنه سيعاني من مشاكل واضطرابات أكثر من المراهق التوحدي الذي تلقى تدريبًا أثناء فترة طفولته.

* فترة المراهقة على من يعاني من اضطراب التوحد أكثر صعوبة على الفتاة أم على الفتى؟

كلاهما سوف يواجه بعض المشاكل التي سوف تعترضهما في حياتهما نتيجة لتغير الهرمونات في تلك الفترة، وكل حالة تختلف عن الأخرى، وقد تحتاج الفتاة لعناية أكبر.

لماذا؟

لأنه بالنسبة للفتيات فإن ما يزيد عليهن هو عبء وصدمة نزول الدورة الشهرية، لأن هذا تغير مادي ملموس وأمر يحتاج لتدريب خاص وتهيئة، خاصة مع ما يصاحبها من آلام تصيب المراهقة إما بالصداع أو في أماكن مختلفة في الجسم، بالإضافة لكيفية التعامل الشهري مع هذا الحدث والتدريب عليه فهذا ضروري جدا.

وماذا عن المراهق الشاب؟

بالنسبة للمراهق فالأمر يقتصر على التغيرات الهرمونية فقط التي تحدث داخل جسمه، وعموما فإن فترة المراهقة تستلزم تفهما زائدا من قبل الوالدين والأسرة خاصة الأم وكذلك المعلم، وأيضا تفهم وتدريب من قبل المراهق نفسه.

كيف يكون التعامل الأمثل مع المراهق الذي يعاني من التوحد؟

علينا في هذه المرحلة تفهم وإدراك أن المراهق قد انتقل من مرحلة الطفولة للمراهقة، وأنه اليوم لن يتلقى الأوامر لأنه لم يعد طفلا بل أصبح فتى على أعتاب الشباب، فطريقة وأسلوب التحاور والتدريب سوف يختلف تبعا لذلك، فهو في هذه المرحلة يحتاج لوجود صديق مقرب، وتفهم من قبل جميع أفراد الأسرة ليساعدوه على اجتياز تلك المرحلة تماما كما في حالة المراهق العادي.

هل بإمكان المراهق التوحدي استكمال دراسته الأكاديمية؟

هذا الأمر للأسف تغفل عنه كثير من الأسر التي لديها طفل يعاني من التوحد، فمن الضروري جدا التفكير والتخطيط لمستقبل هذا المراهق تماما كما يخطط الوالدان لمستقبل أبنائهم من اختيار المكان الذي سوف يكملون فيه دراستهم والمتوافق مع قدراتهم، فكما أن الأبوان يكونان شديدي الحرص على أبنائهم وعلى مستقبلهم فهذا الحق يجب أن يمنح بنفس الدرجة للطفل المصاب بالتوحد من قبل أسرته، والتعامل بجدية في حضور المدرسة حتى لا يفوته شيء من تفاصيل اليوم الدراسي في كافة مراحله.



مدراس التعليم الخاص

* هل يمكن للطفل الذي يعاني من التوحد أن يلتحق بمدرسة عادية غير متخصصة في التوحد؟

هذا يختلف من حالة لأخرى، فهناك بعض الحالات ممن يعانون من اضطراب التوحد البسيط قد يمكنهم الاستمرار في التعليم العادي، ولكن علينا تقديم أفضل اختيار لهم بما يتلاءم مع احتياجاتهم.

وهل تقبل المدارس أبناء التوحد في فصولهم؟

اليوم هناك العديد من مدراس التعليم الخاص التي توفر فصولا خاصة بالتوحد إما منفصلة أو مدمجة، فيجب أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين إدارة المدرسة والأهل والمؤسسة التعليمية بالكامل لدراسة الحالة ومعرفة احتياجاتها وتوفير تلك الاحتياجات، وهناك بعض المدارس التي تتبع مؤسسات حكومية ضمت فيها حالات من أطفال التوحد، وهذا إنجاز بحد ذاته أن يكون في الكويت عدة مدارس تغطي متطلبات أولياء الأمور تجاه أطفال التوحد وتوفر لهم مكانا مؤهلا للتعليم.

* وكيف يمكن معرفة أفضلية المدرسة واختيارها؟

هذا دور ولي الأمر في ضرورة البحث والتقصي لاختيار المدرسة الأفضل التي تناسب حالة ابنه.

وعلى أي الأساس يمكنه الاختيار؟

حين كنت أنتقل من ولاية إلى ولاية مع ابنتي كنت أذهب للمنطقة التعليمية في هذه الولاية لمعرفة المدارس المتاحة، وأقوم بأخذ إذن كتابي بزيارة تلك المدارس والتعرف عليها، وكنت أزور المدرسة لمدة 3 أيام متتالية أجلس فيها لساعات لأتعرف على الأنسب، وأحدد اختياري لأني أنا المسؤولة عن ذلك، وبالتالي حين تأتي النتيجة في نهاية العام ويتبين عدم استفادة الابن من التدريبات التي تلقاها فإن المنطقة التعليمية تلقي باللائمة على ولي الأمر لأنه لم يحسن اختيار المدرسة التي تلائم ابنه، فهم لم يفرضوا عليه ذلك. وكل ولي أمر بإمكانه وضع أسس الاختيار بما يتلائم مع حالة ابنه.

* ما الصفات التي يجب أن تتوافر في المعلم أو الأخصائي الذي يتعامل مع فئة التوحد؟

بفضل الله لدينا هنا في المدرسة التي تتبع مركز الكويت للتوحد رقابة عالية جدا ودقة متناهية في كل التفاصيل التي تتعلق بالطلبة، فيتم متابعة المدرسين والأخصائيين الذي يتعاملون مع الطلبة باستمرار وعن كثب، وهم مطالبون بالالتزام بالبرنامج وتقديم التقارير الدورية عن الطلبة.

وما أكثر ما يجب أن يتميز به هؤلاء المعلمين لهذه الفئة؟

يجب أن يتمتعوا بالقدرة على التطوير وتعلم كل ما يخص فئة التوحد وكيفية التعامل مع أي سلوك يصدر من الطفل، ويكون متفهما لمراحله العمرية وإن لم يكن ذلك المدرس والأخصائي يحب هؤلاء الأطفال بالفعل ويعطيهم أقصى ما لديه بحب وإخلاص فإننا بالتأكيد نستبعده من فريق العمل، لأن هذا الطفل يحتاج لصبر وطبيعة شخصية مختلفة ليحسن التعامل مع هؤلاء الأطفال.

ولكن قد يعترض هؤلاء المدرسين بعض العقبات الاجتماعية الخاصة بهم فكيف يمكنهم أن يعطوا وهم لديهم ما يشغلهم؟

هؤلاء الأطفال أمانة في أعناقنا لذلك دائما ما نكرر على المدرسين والأخصائيين أنه قبل الدخول للفصل الدراسي عليك إفراغ ذهنك بالكامل من كل شيء وإلقاء مشاكلك وهمومك بالخارج والتركيز على الطفل بنسبة 100% لأن هؤلاء الأطفال يحتاجون لمراقبة ومتابعة وتيقظ مستمر، حتى إننا نمنح الحق للمدرس أو الأخصائي أن يصارح إدارته في بداية اليوم إن كان لديه مشكلة تخصه وغير قادر على العطاء أن يعتذر، أو يأخذ فترة استراحة لتصفية ذهنه حتى لا يؤذي هؤلاء الأطفال.

فترة الصدمة

* لماذا تتفاوت الأسر في تقبلها لطفل في الأسرة يعاني من التوحد؟

لا أحب أن أخص اضطراب التوحد بالأمر، فمسألة تفاوت التقبل بين الأسر ليس مقصورا على التوحد بل يشمل ذلك وجود أي خلل في الطفل تعتبره الأسرة أمرا شاذا عليها، كأن يكون الطفل يعاني من أية إعاقة أو يكون الطفل متأخرًا دراسيًا أو يعاني من قصر أو سمنة وذلك بحسب كل أسرة ومعتقداتها.

وما الفرق بين أسرة وأخرى؟

فعدم تقبل الوالدين لأي مشكلة تواجه الأبناء يعتمد على مدى رضاهم بالقضاء والقدر وتقبلهم لعطية الله، ومعرفة أن الاعتراض والرفض والتذمر إنما هو اعتراض على قدر الله سبحانه.

وما نتئج عدم التقبل؟

في حالة عدم تقبل الأسرة لأي مشكلة تواجه أطفالهم فبالتأكيد سوف يجعل معاناة الطفل تزيد أيّا كانت هذه المعاناة، لأنهم في هذه الحالة يظلون يحيون فترة الصدمة لزمن طويل فيتأخر بحثهم عن العلاج وبالتالي يتأخر الطفل.

* ما المقصود بفترة الصدمة؟

الصدمة لا يقصد بها التعرض لحالات وفاة أو فقد عزيز ولكن نقصد بها أي مشكلة كبيرة تعترض الإنسان تحدث تغييرًا في حياته، وهي عبارة عن عدة مراحل مختلفة.

ما هذه المراحل؟

لدينا مرحلة الإنكار، ومن ثم المواجهة وأخيرا البحث عن العلاج، وبحسب قدرات الشخص نفسه ومدى قوته وإيمانه بالله وقدرته على التكيف مع الظروف وما يجده من دعم في البيئة المحيطة يتجاوز هذه المراحل ويجتازها بنجاح، وبالفعل هناك بعض الأمهات يعشن مراحل الإنكار لمعاناة طفلهم من التوحد أو أي إعاقة أخرى إلى أن يشب الطفل ويصبح شابا، وهناك أمهات في خلال شهرين يتجاوزن المرحلة وينطلقن في البحث عن حلول ويبدأن تدريب أطفالهن.

وما النتائج لتجاوز الأم مرحلة الصدمة بهذه السرعة؟

يظهر نتائج ذلك إيجابية على الطفل، ففي خلال 5 سنوات من التدريب نجده قد انتقل انتقالا كبيرًا، وهذا يعتمد على السمات الشخصية لأفراد الأسرة وخصوصا الأم، وكلما كان الأشخاص أكثر مرونة وتقبلاً وتكيفاً للأوضاع انعكس ذلك بالإيجاب على الطفل، وبتجاوز الأم لتلك المرحلة سوف يتجاوز الطفل معها ويخطو للأمام، ليس فقط في حالات التوحد ولكن في حالة وجود أي مشكلة لدى الابن أيا كانت نوعها.

* كيف يمكن للوالدين أن يتدربا على التعامل الصحيح مع طفلهما الذي يعاني من التوحد؟

لا بد من الخضوع لدورات تدريبية والقراءة والاطلاع والتعلم باستمرار، فلا يوجد أحد يولد متعلمًا بالفطرة.

وأين يمكن أن يجدوا تلك الدورات؟

في بداية افتتاحنا لمركز الكويت للتوحد كنا نقوم بعمل دورات مفتوحة لكل من المدرسين وأولياء الأمور ليستفيد الجميع، والآن تم تطوير البرامج التدريبية ليختص بعضها بأولياء الأمور فقط، ونقسمها لمراحل ما قبل 5 سنوات وما بعد 5 سنوات وهكذا، حتى يستطيع ولي الأمر أن يحدد ما يحتاجه وفقا للمرحلة العمرية التي يمر بها ابنه، بالإضافة إلى أننا قمنا بعمل دورات تدريبية باللغة الإنجليزية للخدم.

لماذا؟

نظرا لأنه في كثير من الأسر يكون الخادم مرافقًا دائما للطفل، وسوف نقوم هذا العام بتكرار تلك الدورات باللغتين الإنجليزية والهندية لنساعد قدر استطاعتنا كل من له حاجة في الحصول على التدريب المناسب في كيفية التعامل مع أطفال التوحد.

هل هناك إقبال مكثف على تلك الدورات؟

للأسف فمازالت الأعداد المشاركة قليلة ومحدودة، بالإضافة للدورات التدريبية أيضا لدينا العديد من الكتب باللغة العربية التي تساعد الوالدين على فهم احتياجات ابنهما، وكثير من القصص التي تفهمهما كيف يعلمان باقي أفراد الأسرة التعامل مع أخوهم المختلف، كذلك لدينا مجلة “صرخة صامتة” التي تصدر شهريا والتي تستعرض من خلالها كل شهر تجربة أسرة مع طفلها الذي يعاني من التوحد، ويمكن من خلال قراءة تلك القصص الاستفادة من خبرات الأسر الأخرى، وفي الوقت ذاته لم يعد التوحد أمرًا تخجل منه الأسر وهذا مكسب لتقبل المجتمع للتوحد.

منهج أكاديمي

* ما المناهج التي يتم تدريسها لطفل التوحد؟

هناك عدة مناهج يتم اختيارها بحسب قدرات الطفل التي منحاها الله له، فكما ذكرنا نحن لدينا 120 طفلا كل طفل حالة مستقلة بذاتها، ففي بعض الحالات وبعد تأهيل الطفل للتعليم نقوم بتدريسه أجزاء من المنهج الأكاديمي التابع للوزارة.

هل بإمكان الطفل التوحدي دراسة اللغة الانجليزية؟

بالفعل فقد قمنا بافتتاح فصول ثنائية اللغة للأطفال الذين يستطيعون تعلم كل من اللغة العربية والإنجليزية، أيضا هناك مراحل التدريب المهني بالإضافة للمنهج الذي نعده منذ 15 سنة ليصدر ويكون هدية الكويت لأطفال التوحد في الوطن العربي كافة، والذي سوف نصدره ونطبعه في المؤتمر العالمي للتوحد الذي سيعقد في الكويت عام 2014 بإذن الله، وسوف يكون حدثًا مهمًا على مستوى الكويت والعالم العربي بالكامل.

* ما حكاية ذلك المنهج؟

نحن نعمل في ذلك المنهج منذ 15 سنة وهو ليس إصدارا منقولا أو مترجما أو مطبوعا من كتب أجنبية، وإنما هو وليد دراسات وعمل دءوب نقدم من خلاله طريقة شرح تفصيلية سواء للمعلم أو لولي الأمر حتى يتم إيصال المعلومة للطفل بالشكل الصحيح. وبإن الله قريبا يصدر للنور لنسد طلبات كثيرين من الناس على المستوى الخليجي والعربي الذين كانوا يرغبون في انضمام أبنائهم إلينا. لكن السعة الطلابية تحتاج لإعداد كوادر مؤهلة للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وبتقديم ذلك المنهج نساعدهم في تأسيس مراكز في بلادهم وقريبة منهم أفضل من انتقال أولادهم للكويت وتعرضهم للاغتراب.

* هل يمكن لمن يعاني من التوحد أن يتزوج؟

حتى الآن لم أشاهد مثل تلك الحالات في مجتمعاتنا العربية، ولكن في المجتمعات الأجنبية موجودة بالفعل، وأعتقد أن الأمر يختلف باختلاف جنس الشخص.

كيف ذلك؟

في مجتمعاتنا العربية لا يمكن للفتاة التي تعاني من التوحد أن تتزوج لأنه لا يوجد رجل شرقي يرضى بوجود مثل هذا القصور في زوجته، لكن العكس يمكن أن يحدث فوجود رجل يعاني من التوحد لا يمنعه من الزواج.

لماذا؟

لأنه لم يثبت علميا حتى الآن انتقال التوحد وراثيا، فمن الممكن أن ينجب أبناء أصحاء، وهناك بعض النساء يقبلن بذلك طلبًا للأجر الأخروي، أو في بعض الحالات تتكفل المرأة برعايته كزوجة ومعلمة لحاجتها المادية. والأمر أيضا يختلف من حالة لأخرى حسب الاحتياجات الفردية لكل شخص، فهناك من لديهم رغبة في الزواج وآخرون لا يشكل لهم الأمر أية أهمية.

د. سميرة السعد الأم الروحية لأطفال التوحد جميعا ما الكلمة الأخيرة التي تودين أن تختمي بها هذا اللقاء؟

الحمد لله أشعر بالسعادة لما حققناه من إنجاز، واستكمالا لمسيرة الإنجاز نحن بصدد توجيه العمل لبناء مبنى جديد ملاصق للمبنى الأساسي سوف يخصص لفئات التوحد لمن هم فوق سن 21، ولكن يداً واحدة لن تستطيع التصفيق فنحن بحاجة لتضافر الجهود لدعم هؤلاء الأطفال، وتقديم العون لهم والله سبحانه وتعالى يقدرنا على استكمال تلك المسيرة.