الوسوسة فى دين الله

إنضم
24 مارس 2023
المشاركات
849
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الوسوسة فى دين الله
وسوس يقال إن الجذر فيه وسس وهو من الجذور التى ورد ذكر مشتقاتها قليلا فيما بين أيدينا من كتاب الله
وفى حياتنا لا نستعمل كلمات الجذر إلا قليلا ككلمات:
الوسوسة والغالب أن الكل يقصد بها وسوسة إبليس بينما هو شيطان النفس وهو الهوى وهو الشهوات كما قال سبحانه :
" ونعلم ما توسوس به نفسه "
فإبليس منذ خرج من الجنة حبسه الله فى النار مذءوما مدحورا كما قال سبحانه :
"قال فاخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين"
ولا يمكن أن يتواجد فرد وهو إبليس فى مليارات البشر فى نفس الوقت وفى أماكن متناثرة متباعدة ولكننا نضحك على أنفسنا حين ننسب إليه أنه من وسوس لنا بينما نحن فى الحقيقة من نوسوس لأنفسنا ومن ثم يكون دخول بعضنا النار على حق
كل الحكاية فى إبليس أنه أول من عصى الله وكلنا نقلده عندما نرتكب الذنوب ولا نتوب منها محتجين على الله بحجج لا وزن لها كما احتج هو بأنه أفضل من آدم (ص)بسبب مادة الخلق النار
وقد استعار علماء النفس كلمة من الجذر فأطلقوها ما سموه مرض الوسواس القهرى وهو أن يتخيل الفرد أن شىء ما يأمره بعمل باستمرار فيكرر فعله مدعيا أنه مقهور والمقصود مكره على فعله وهو كلام لا حقيقة له واخترعه علماء النفس الغربيون بالاتفاق مع المحامين لتبرئة متهمين بجرائم قتل أو سرقة متكررة أو...وهم أغنياء أو أولاد أغنياء أو يهمون الأغنياء
فالقاتل يا عينى مريض وليس قاتل والسارق يا عينى مريض وليس سارق
الموسوس ونقصد به كثير النسيان لما يفعله وهو الشكاك فى الوضوء أو فى تنظيف الشىء أو غير هذا ونقول إن عنده وسواس
وأما فى كتاب الله فنجد التالى :
الوسوسة للأبوين فى الجنة :
أخبر الله الخلق أن الشيطان وهو هوى وهو شهوة النفس وسوس لهما والمقصود جمل لهما الأكل من الشجرة حتى يبدى لهما ما ورى عنهما من سوءاتهما والمقصود أن يعرى لهما الذى غاب عن ناظريهما من عوراتهما حيث قال الهوى لهما :
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة والمقصود ما حرم عليكما إلهكما أكل ثمر هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين والمقصود حتى لا تصيرا من الملوك كما قال سبحانه:
"يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"
وشرح القول بأن يكونا من الخالدين وهم الباقين الذين لا يفنون
وفى المعنى قال سبحانه:
"فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "
وكرر الله نفس المعنى في التالى :
أخبر الله رسوله(ص) أن الشيطان وهو الهوى الضال والمقصود الشهوات وسوست وبكلمة مغايرة جملت له الحرام فقالت :
يا أدم هل أدلك والمقصود هل أعرفك شجرة الخلد وهى ثمرة البقاء وهو عدم الفناء وشرحت بالقول أنه ملك لا يبلى والمقصود حياة لا تنتهى وإنما تدوم
وفى المعنى قال سبحانه:
"فوسوس إليه الشيطان قال يا أدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى "
علم الله بوسوسة الإنسان لنفسه :
أخبرنا الله أنه خلق الإنسان والمقصود أنه أنشأ الفرد وهو يعلم ما توسوس به نفسه والمقصود وهو يدرى الذى تتحدث به نفسه والمقصود الله يعلم الذى تزين للإنسان نفسه كما قال سبحانه :
"إن الله يعلم ما فى أنفسكم "
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد والمقصود ونحن أدرى به من معرفة النفس به إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد والمقصود حين يدون الكاتبان عن اليمين وهو مدون الخير وعن الشمال وهو مدون الشر جليس والمعنى أن الكاتبين يسجلان وهم لا يتركون مراقبة نفس الفرد فما تلفظه من قول والمقصود فما تتحدث به من حديث يوجد لديه رقيب عتيد والمقصود يتواجد له مدون متربص للكتابة وهى التسجيل
وفى المعنى قال سبحانه:
"ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
شر الوسواس:
أمر الله رسوله(ص) أن يقول للخلق :
أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس والمقصود احتمى باتباع وحى الله خالق الكائنات حاكم الكائنات رب الكائنات من شر الوسواس الخناس والمقصود من ضرر المتحدث الخفى الذى يوسوس فى صدور الناس وهو الذى يتحدث فى نفوس الكائنات الباطل من الجنة وهم الجن والناس وهم البشر
وفى المعنى قال سبحانه:
قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس"
ونجد الروايات ذكرت كلاما عن الوسوسة ومنها تلك الروايات:
"روى أبو داود عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ـ يعرض بالشيء ـ لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به
فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. "
الرواية تتحدث عن الأمور الخطيرة التى تخطر على بال الإنسان كشتم الله أو تخيل صورته أو سب الناس أو القتل أو السرقة...
والعبارة الأخيرة في الرواية " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة"ليست سليمة المعنى فالمفروض رد كيد الوسوسة وأما رد كيد إبليس كما يقصد الوضاعون للوسوسة فقط فهو لا يملكها لكونه محبوس في النار يعذب وهو مشغول بوجعه هناك
وفى رواية :
"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَارِثٌ النَّقَّالُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُسْوِسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكُنْتُ فِيمَنْ وُسْوِسَ فَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَلَّمَ عَلَيَّ فَلَمْ أَرُدَّ عَلَيْهِ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَشَكَانِي إِلَيْهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ :
مَرَّ بِكَ أَخُوكَ فَسَلَّمَ عَلَيْكَ فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ
قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا شَعُرْتُ بِتَسْلِيمِهِ عَلَيَّ وَإِنِّي عَنْ ذَلِكَ لَفِي شُغْلٍ
قَالَ : وَمَا شَغَلَكَ ؟
قَالَ : قُلْتُ : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنَّ أَسْأَلَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الْأَمْرِ
قَالَ : فَقَدْ سَأَلْتُهُ
قَالَ : فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقْتُهُ وَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَحَقٌّ بِذَلِكَ ؟
قَالَ : قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ : مَنْ قَبِلَ الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُهَا عَلَى عَمِّي عِنْدَ الْمَوْتِ هِيَ لَهُ نَجَاةٌ رواه المروزى في مسند أبو بكر الصديق والعقيلى في الضعفاء ورواه أحمد فى مسنده
والرواية معارضة لكتاب فقول لا إله إلا الله عند الموت لا تنجى قائلها وإلا كانت أنجت فرعون عندما قالها وهو يموت :
"وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون"
ففرعون فى النار وهو من يقود قومه لدخول جهنم كما قال سبحانه : "وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا فى هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود"
وفى رواية :
6664- حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –يَرْفَعُهُ- قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ. رواه البخارى
وفى الرواية السابقة أن الوسوسة إذا لم يتم عملها وهو فعلها أو الكلام بها وهو قولها للناس كشتمهم أو سبهم لا يعاقب الإنسان بها
وفى رواية :
"عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ ﷺ ـ:
مَن وَجَد من هذا الوسواس فليَقُل: آمنَّا بالله وبرسُله ثلاثًا، فإن ذلك يذهب عنه. رواه مسلم
والقول فى الرواية آمنَّا بالله وبرسُله ثلاث مرات لا يذهب وسوسة الشيطان وإنما ما يذهبه هو عصيان الفرد للوسوسة مطيعا وحى الله
فقول جملة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لا يحمى أحد من الوسوسة لأن معناها احتموا بطاعة أحكام الله من طاعة الهوى الملعون فالترديد لو بلغ آلاف المرات لن يحمى الإنسان وإنما يحميه طاعة الله كما فعل يوسف(ص) عندما جرى من أمام المرأة حتى لا يطيع هم نفسه بالزنى معها فهذا هو الهروب من طاعة الهوى وطاعة الله بعدم القرب من الزنى وكما فعل موسى(ص) بنسف العجل ...