الهدية

سأكون بأمة

New member
إنضم
31 يوليو 2009
المشاركات
234
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الهدية
أنهيت دراستي في المعهد الصحي بعد مشقة..فلم أكن منضبطاً في دراستي ولكن الله سبحانه وتعالى يسر لي التخرج..
عينت في أحد المستشفيات القريبة من مدينتي..
الحمدلله أموري ميسرة..وأعيش بين والديّ..
قررت أن أجمع مهراً لزوجتي..وهو ماتحثني عليه والدتي كل يوم..
كان العمل يسير بشكل جدي ومرتب..خاصة أن عملي في مستشفى عسكري..كنت أحب الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحاً طيباً..مقارنة بدراستي النظرية المملة..
المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريباً..وكانت علاقتي بهم علاقة عمل..كما أنهم كانوا يستفيدون من وجودي معهم كابن للبلد..فأنا دليلهم للمناطق الأثرية..والأسواق..كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا..وكانت علاقتي بهم قوية..وكالعادة..عند نهاية عقد أحد الموظفين..كنا نقوم بعمل حفلة توديع له..
وفي أحد الأيام قرر أحد الأطباء البريطانيين السفر إلى بلاده لإنتهاء مدة عمله معنا..
تشاورنا في إقامة حفل وداع له..وكان المكان المحدد هو مزرعتنا..تم الترتيب بشكل عام..ولكن كان يأخذ جل تفكيري..ماهي الهدية التي سأقدمها له؟! وبخاصة أنني عملت ملازماً له لفترة طويلة..وجدت الهدية القيمة والمناسبة في نفس الوقت..هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية..
وبدون تعب ولامشقة..والدي لديه الكثير من هذه القطع..فكان أن سألته..وأخذت منه قطعة تراثية من صنع المنطقة قديماً..وكان إبن عم لي حاضراً الحوار مع والدي.
وأضاف:لماذا لاتأخذ له هدية كتاباً عن الإسلام؟
أخذت القطعة التراثية..ولم آخذ كلام إبن عمي على محمل الجد..إلا أن الله يسر لي الأمر بدون بذل جهد..ذهبي من الغد لشراء الصحف والمجلات من المكتبة..فوجدت كتاباً عن الإسلام باللغة الإنجليزية..
عادت كلمات إبن عمي ترن في أذني..راودتني فكرة شرائه خاصة أن سعره زهيد جداً..أخذت الكتاب..وفي يوم الإحتفال بتوديع زميلنا وضعت الكتاب وسط القطعة التراثية وكأني أخبئه..قدمت هديتي..وكان وداعاً مؤثراً..فهذا الطبيب محبوب من جميع العاملين..
سافر صاحبنا..مرت الأيام والشهور سريعة..تزوجت ورزقت طفلاً..
ذات يوم وصلتني رسالة من بريطانيا..قرأتها بتمهل فقد كانت باللعة الإنجليزية..مبدئياً فهمت بعض محتوياتها..والبعض لم أفهمه..وعرفت أنها من صديق قديم طالما عمل معنا ولكنني رجعت إلى ذاكرتي..إسمه أول مرة أسمعه..بل وغريب على سمعي(ضيف الله) ولكنني عجزت عن تذكر شخص بهذا الإسم سوى إسمي..فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى..بهدوء إنسابت الحروف ببساطة وسهولة..هذا جزء من رسالته:
الأخ الكريم ضيف الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..لقد يسر الله لي الإسلام وهداني على يديك..فلن أنسى صداقتك معي..وسأدعو لك..أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري..لقد قرأته ذات يوم وزادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الإسلام..ومن توفيق الله لي أنني وجدت على غلافه عنوان ناشري الكتاب..فأرسلت إليهم أطلب المزيد..فأرسلوا لي ماطلبت..والحمدلله شع نور الإسلام في قلبي..وذهبت للمركز الإسلامي وأعلنت إسلامي..وغيرت إسمي من جون إلى(ضيف الله) أي إلى إسمك..لأنك صاحب الفضل بعد الله..كما أنني أرفق لك صورة من شهادة إشهار إسلامي..وسأحاول القدوم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج..
أخوك في الإسلام..ضيف الله..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أغلقت الرسالة..بسرعة أعدت فتحها..بدأت أقرؤها من جديد..
هزتني الرسالة بقوة..لأنني أشعر بالصدق في كل حرف من حروفها..بكيت كثيراً..كيف أن الله هدى رجلاً إلى الإسلام على يدي وأنا مقصر في حقه..كتاب لايساوي خمسة ريالات يهدي الله به رجلاً..
أصابني حزن وفرح..
فرحت أن الله هداه للإسلام بدون جهد مني..وحزنت كثيراً..لأنني سألت نفسي:أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي؟! لم أدعهم إلى الإسلام..لم أعرفهم بهذا الدين..ولاكلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة..
لقد حادثتهم كثيراً..مازحتهم كثيراً..ولكنني لم أحدثهم عن الإسلام لاقليلاً ولاكثيراً..
هدى الله ضيف الله للإسلام..وهداني إلى محاسبة نفسي وتقصيري في طاعته..لن أحقر من المعروف شيئاً ولو كتاباً بريال واحد فقط..
فكرت قليلاً لو أن كل مسلم أهدى من هم حوله كتاباً واحداً فقط ماذا يكون؟!
لكنني صدمت مرة أخرى..من هول ما قرأت..
*بعض الحقائق عن أفريقيا تقول:
- تم جمع مبلغ 139 ألف مليون دولار أمريكي في أمريكا لأغراض الكنيسة.
- تم تجنيد 3968100 منصر خلال نفس السنة.
- وُزع من الإنجيل 112564400 نسخة.
- بلغ عدد محطات الإذاعة والتلفزيون النصرانية 1620 محطة.
تساءلت..أين نحن؟!
على أقل الأحوال..كم سائق لدينا غير مسلم؟ وكم خادمة لدينا غير مسلمة؟ كم..وكم..ألم تسبقه دمعة..ولكن يبقى السؤال..
أين العمل؟!
أين العمل؟!
-من كتيب الزمن القادم"المجموعة الأولى"للشيخ عبد الملك القاسم.