المارد الإعلامي

ماكنتوش 1988

مراقبه عامه
إنضم
26 يونيو 2011
المشاركات
31,855
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
إن مفهوم الإعلام بشكل عام، يعني أنه نشاط إنساني يهدف إلى التواصل مع الآخرين، والتأثير فيهم والتأثر بهم، عبر وسائل اتصال متعددة، ويعتبر الإعلام اليوم، هو أحد أهم مصادر تشكيل الرأي العام، وأحد الوسائل البارزة لصياغة أنماط التفكير، ومعايير القبول أو الرفض لثقافات العالم، ولم يعد وسيلة للترفيه أو نشر الأخبار فحسب؛ بل غدا صانعاً للأفكار، منتجاً للقيم، مهندساً للنجاح أو صانعاً للفشل، وأصبح قوة هائلة، من يمتلكها بوعي وجدارة، يكون قد كسب إحدى أكبر جولات التأثير على الرأي العام، إنها قضية في غاية الأهمية والخطورة... قضية تأثير أجهزة الإعلام بجميع أنواعها، لما لها من أبعاد اجتماعية وسلوكية ونفسية وإنسانية عميقة تمس حياتنا، وتلمس مستقبل أطفالنا، وتؤثر في نفوسهم دون وعيٍ منا، ولا يختلف عاقلان على حجم وخطورة الإعلام على ثقافتنا وسلوكنا؛ حيث أصبح الإعلام في عصرنا الحالي هو الأخطر بين المؤسسات الاجتماعية المختلفة؛ لوجوده معنا طوال ساعات اليوم، ويعرض من خلال شاشاته كل شيء بلا استثناء: الثمين والغث، الطيب والخبيث، الخير والشر، الصالح والطالح، الواقع والخيال، الحق والباطل، الرقي والتخلف، ونستقبل من خلاله ما يسمو بالروح، أو يساهم في سقوطها، ونحن في خضم أعمالنا ومشاكلنا، وفي غمرة الأحداث اليومية التي نمر بها، وانشغالنا في توفير مستلزمات الحياة، قد نقصر في بعض الأمور، ونسهو عن أشياء لها أهمية أكبر على المدى البعيد؛ فتغيب عنا مهمة تعزيز القيم والمبادئ لفلذات أكبادنا؛ لأننا لم نمنحهم الوقت الكافي، ولا أبالغ لو قلت: إن تأثير بعض القنوات السلبي أصبح خطراً حتى على البالغين، ولكن خوفي الشديد ينصب على أطفالنا، عماد الوطن، وصانعي المستقبل الذين يمتلكون أجهزة استقبال خطيرة متيقظة متنبهة دقيقة تسجل كل ما يدور حولها، والأهم من ذلك، أن التقليد من خصائص نموهم؛ إذ يطبقون كل ما يرون ويسمعون، على اعتبار أنه الصواب والبطولة من وجهة نظرهم، وهناك العديد من المواقف التي يصعب على عقولهم فهمها فهماً صحيحاً ونحن في غفلة عنهم، ثم نفاجأ بتصرفات أبنائنا وتعبيراتهم، ونسمع أفكاراً وأقوالاً غريبة عنا، كما نجد مع مرور الوقت قيماً ترسخت في أذهانهم، وأفكاراً تسللت إلى عقولهم وسكنت ضمائرهم، وأدت إلى تسرب القيم والعادات الغريبة إلى بيوتنا، بجانب اكتسابهم للفهم الخاطئ لمعنى الحرية؛ نتيجة الظواهر الغريبة في السلوك والأخلاق، التي قد تدفعهم إلى متاهات بعيدة.

لقد باتت بصمة الإعلام اليوم على الأشخاص المولعين بالإنترنت أكبر من أن تُنكر، وأبرز من أن يتجاهلها المعنيون بمستقبل الأجيال، التي وإن ارتفع سقف خياراتها الاتصالية، إلا أنه لم يتزامن معها ارتفاع سقف الأداء التربوي، الذي ظل أداءً باهتاً في كثير من الأسر التي أصبحت عاجزة عن التكيف مع الثورة التكنولوجية، وعن ترشيد الاستخدام التكنولوجي، ولم تعرف كيف تصنع لأبنائها مظلة تقيهم من شرور الثورة الاتصالية. . وللحديث بقية. .


أميمة الزاهد