- إنضم
- 3 فبراير 2019
- المشاركات
- 3,948
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
حين يشعر المرء بالسعادة يرى كل شيءٍ جميلاً، ويرى شريك الحياة أو شريكة الحياة منة لله الرائعة التي وهبها الرحمن له لتؤنس حياته بالحب، وحتى إن رأى بعض عيوبها، فإنه لا يراها ذات أهمية تُذكر، بل يرى أن من واجبه أن يغفرها، في مقابل الكثير من الخصال الحسنة فيه أو فيها. أمّا حين يكون المرءُ غاضباً، فإنه يشعر عدم الرضَا عن شريك الحياة، وبالتالي فإنه لن يدع أمرًا - ولو صغيراً - يمر دون أن يحلله، ويفكر فيه طوال الوقت، ويصبح التواصل بينه وبين شريك الحياة شبه مستحيل، ذلك أن هذه الحالة المزاجية السيئة تُظهر له الأخطاء بصورة مبالغ فيها. ومن هنا يصبح من المفيد إذا كان شريك الحياة غاضباً، أن يُؤجل حكمه على الأمور، ومن ثم ردود فعله تجاه ما يحدث. ولاشك أن هذا ليس أمراً يسيراً، ولكنه في غاية الفائدة، "لأنه إذا لم يكن الإنسان سريع الغضب، فإنه يصبح أقل توتراً، وأكثر تقبلاً لشريك حياته، وللأحداث التي تمر بحياته، وأكثر حباً لكل من حوله.. ونحن لا نريد أن يتخلص الرجال والنساء من الغضب تماماً، ولكن المقصود هو: إيجاد طريقة للتواصل يتم من خلالها تحويل هذه الحالة من الغضب، مثلما تُستخدم الألواح الشمسية في تحويل الحرارة، عن طريق أخذ الحرارة الشديدة التي تجعلنا نشعر بالسخونة في لحظة، ثم بالبرودة في لحظة أخرى، وتحويلها إلى طاقة لتشغيل أجهزة التدفئة التي تحفظ الدفء والحرارة طوال الوقت". (النساء لا يسمعن ما لا يقوله الرجال، د.وارين فاريل، ص: 30). انتبهوا أيها الأزواج: إنَّ التنبه إلى الغضب حال وقوعه والتعامل معه بطريقة بنّاءة، سيؤدي إلى علاقة زوجية أكثر استقراراً وراحةً، بينما تجاهل الغضب أو التعامل معه بطريقة هادمة، سيؤدي إلى الكثير من المعاناة في العلاقة الزوجية. ولكي نجعل الغضب قوة بنّاءة في علاقتنا، علينا أن نعترف أولاً بأن مشاعر الغضب جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا معاً، ثم علينا أن نتعلم الطرق الصحيحة في التعامل معها عندما تحدث. إنه حتى إذا كان أحد الزوجين غاضباً وحده، فإن المسئولية تقع على كلا الزوجين للتعامل مع هذا الغضب، ونحن هنا نعترف بحقيقة "نحن غاضبان من بعضنا البعض، ونحتاج أن نعرف لماذا؟" وعندها سنبدأ التشارك في المشاعر، وتصبح أحاسيس التعاطف والود سبيلنا للشعور بالثقة والأمن، وبالتالي نجد القدرة على كشف ما يُؤلمنا أو ما نخاف منه.. ذلك أننا إن لم نكشف عن هذه المشاعر سيظل الألم كامناً، ومن ثَمَّ يكون الحزن والإحباط، فنكون في مواجهة مواقف تثير الغضب، وننتهي من موقف لنواجه على الفور موقفاً آخر مماثلاً له. "إن الغضب لا يعالج المشاكل الزوجية، وإنما يعالجها الصبر والحكمة، فإذا تصرف أحد الطرفين أي تصرف يُغضب الآخر؛ فيجب أن يتحلى الآخر بالصبر والتفكير في كيفية علاج الموضوع، أما الصراخ والصوت العالي فإنه لا يُغيّرالطرف الآخر، بل قد يزيد في عناده، فيزيد التوتر بين الزوجين. ولهذا ينبغي للزوجين أن يبحثا عن مواطن الرضى لكلا الطرفين، وأن يتحمل أحدهما الآخر، فإن ذلك من المعاشرة بالمعروف كما أمر الله تعالى. وحتى لو انفجر أحد الزوجين غاضباً، فإن من حكمة الطرف الآخر أن يلتزم الصمت، أو يحاول تخفيف غضب شريك الحياة بالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية حتى تنتهي موجة الغضب". (الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع، ص :39، بتصرف). الصمت الدواء الناجع: يمكن أن يكون الصمت ولو للحظة - بدلاً من الاسترسال في الصراخ -، يمكن أن يكون ذا مفعولٍ عظيمٍ في تقليل الغضب والصراخ، أما إن نجحنا في تحويل الصمت إلى ابتسام فقد بلغنا الأمل، وتحولت الحياة الزوجية بذلك من حياة مليئة بالبؤس والكآبة والحزن، إلى حياة مليئة بالفرح والسرور والحب بين الزوجين. إن الصمت علاجٌ فعَّال لتهيئة الإنسان للتفكير السليم، والحكم الصحيح على الأمور، ومن ثَم فهو سببٌ قريبٌ لاعتراف المخطئ بخطئه، وسبيل جيد لإنهاء المشكلات قبل تطورها. فالعاقل لايكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان. ولقد أكد النبي أنّ الشدة والقوة ليست في الصرعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الذي يملك نفسه عند الغضب» (متفق عليه). وعن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي كان عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادمة، فسقطت الصفحة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصفحة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصفحة، ويقول: "غارت أمكم" ثم أتى بصفحة من عند التي هو عندها، فدفع الصحيحة إلى التي كسرت صفحتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه» (رواه البخاري). وأظن أنه لو أنْ أحداً منا فعلت زوجته ذلك أمامه، لم تسلم من شتمه، أو ربما ضربه أو.. بينما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "غارت أمكم".
التعديل الأخير: