ضوى العيون
New member
- إنضم
- 7 أغسطس 2006
- المشاركات
- 5,999
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
الحلقة السادسة عشر..
( عربدة الطغيان وبداية الغليان )
اليوم رجعت إلى الكلية وأخذت في تسجيل مواد الفصل القادم .
كنت أنكر بقلبي كل شيئ أراه ! رجع إلي شعوري كما لو كنت أول مرة أطأ فيها هذه الأرض .
كنت أمقت الكثير من الأشياء هنا ، العري والاختلاط ،المصالح المقدسة ، النفاق السياسي في التعامل مع قضايا المسلمين .
كنت أرتدي شماغا فلسطينيا أهدانيه أخي نزار قبل مجيئي إلى هنا وكنت ألفه على رقبتي فقط .
رآني أحد الطلاب فطلب مني أن أنزعه سألته لماذا فقال :
إنه شعار عنصري !! علمت فيما بعد بأصوله اليهودية وتيقنت أن هذا الشماغ كان يمثل رعبا حقيقيا له ، آآه ما أجبن اليهود لو كان فينا رجال.
في كل يوم كانت كراهيتي لهذا المكان تزداد يوما بعد يوم ،كنت أتابع الأخبار والأحداث فلا أرى إلا القتل والظلم والطغيان .
حتى جاءت الفاجعة التي هزت العالم !! إنه مقتل الشيخ أحمد ياسين .
سمعت سيلين بعض الطلاب وهم يتحدثون عنه فسألت شاهد :
- من هذا الشيخ ؟
- إنه مؤسس المقاومة الاسلامية في فلسطين ضد الاحتلال .
سجين لأكثر من خمسة عشر عاما !! مقعد على الكرسي مشلول الأطراف لا يتحرك منه سوى رأسه .
لكنه كان الزعيم الروحي والوقود الإيماني لهذه المقاومة.
إنه شيخ وقور يشع النور من وجهه ،يرتاح إليه كل من يراه ، لكنه صلب عنيد أمام الأعداء ، لقد أحيا الأمل في المسلمين بعد سنوات من الذل والمهانة، كنا نعلم أنه سيموت شهيدا لكننا فجعنا بطريقة الاغتيال .
- يعرفه فارس ؟
- يعرفه كل مسلم ولا أبالغ !! كل من مات في سبيل مبادئه سيحيا ذكره بين الناس .
- أشعر بالرغبة في معرفة المزيد عن هذا الرجل .
- ابحثي عنه في مواقع الشبكة العنكبوتية وستجدين الكثير .
- حقا شكرا لك .
كدت أن ألملم جراحي لولا أن مقتل الشيخ بعثرها من جديد .
ألقيت خطبة الجمعة عن ذلك الرجل !، كنت أحكي عن معاناتنا بحرقه ، فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة .
كانت سيلين مع النساء وقد حضر الخطبة جمع من الطلاب غير المسلمين ،
بعد الصلاة تجمعنا في مسيرة سلمية للتنديد بالحادث ، خمسة وعشرون يوما هي زمن الجرح النازف والذي تفجر من جديد باغتيال المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .قبل أن تهدأ النفوس ويرقأ دمع العيون.
أحسست أن الأرض غير الأرض !، والناس غير الناس .
كنت أتصل بوالدتي باستمرار علمت منها أنهم اعتقلوا الكثير من الناس منهم أصحاب لي وجيران ، لم يكن سلاحهم الوحيد سوى الحجارة !!
وفاء لم تعد تخرج مع أمي لقطف الزيتون .. وحينما سألتها عن ذلك في الهاتف قالت :
- إنهم يستفزون الفتيات عند الحواجز،
إنهم يفتشوننا بطريقة غير مهذبة !! ويلقون علينا الشتائم الفاضحة ، لقد طفح كيلي يا فارس !!
أشعر أن باطن الأرض خير من ظهرها .
رحماك يارب !! ماذا تقولين يا وفاء ؟ إنني رجل !! وشهامة الرجال تأبى علي أن أتحمل مثل هذا .
بكيت يومها كثيرا وأنا أتصفح الأخبار وأرى الجثث ولأشلاء في مخيم جنين لم تهنأ حتى بالقبور ..
قتلوا الطفل في مهده ! والشيخ وعصاه بيده ! والعجوز التي اختبأت خلف جدار بيتها .
لقد بدأت يومها أفكر بأفكار غريبة ، لم أعد أرغب في إكمال دراستي .. أتمنى العودة إلى بلادي لأنتقم من القتلة بأية طريقة كانت .
كنت أتحدث إلى طاهر وأشكو إليه حالي ، قلت له بصراحة :
- إنني مللت من الحياة .. بل فقدت طعمها الحقيقي .
حاول طاهر أن يخفف من حدة توتري ، وقرر أن يزيد من مكافأتي لكن ذلك لم يغير من أفكاري شيئا .
بعد تسعة أشهر من عودتي قررت أن أعود ثانية .. لكن كيف أقنع أهلي بذلك ؟
حدثت خالتي عن رغبتي في الزواج والتي طارت فرحا وقالت لوالدتي التي بدأت بالبحث عن فتاة ربما من ذلك اليوم .
أرادوها هم أن تكون جامعية وأن تعود معي لإكمال دراستي .
اقتنع الجميع بهذه الفكرة ..
أخبرت زملائي بعزمي ففرحوا جميعا وشجعوني على ذلك .
الحلقة السابعة عشر.
( بل سأعود .)
اليوم كنت في مطعم الجامعة لم أشعر إلا بسيلين تقف بجواري ..
- كيف الحال؟ ما الأخبار السعيدة التي سمعناها !؟
- ماذا سمعت؟
- سمعت أنك ستعود لبلادك لتتزوج .
- هذا صحيح .
قلتها وأنا أحمل فنجان قهوتي وأجلس على إحدى الطاولات بينما تبعتني وجلست ..
- وهل أكملت الترتيبات لذلك ؟
- ربما أكملها هناك .
- أتمنى لك السعادة وأن تعود إلى هنا بخير ..
- ربما لا أعود .!
- ماذا ؟؟
- لدي مشروع خاص أستطيع إنجازه هناك !! يغنيني عن العمل والدراسة معا .
- ودراستك ؟؟
- لم يعد لها قيمة !! إن لم أحصل على الجنسية وأعمل بها عندكم فلن أعمل بها في أي مكان آخر ،لكي أكون إنسانا علي أن أستظل بظلكم وإلا فلن أكون .
نظرت إلي سيلين بتعجب وقالت :
- تبدو ثائرا اليوم !!
- بل كل يوم !!
- ولماذا لم تفكر في مشروعك هذا قبل أن تأتي إلى هنا ؟!!
- الأحداث تغيرت وثلاث سنوات كفيلة بأن تقلب المشاريع الخاصة بكل إنسان رأسا على عقب .
- بالنسبة لي، يكفي أنني عرفتك !! فهل ستتركنا بعد أن أحببناك ؟
- ربما نلتقي يوما ما !! عاجلا أم آجلا ..
- أنت جاد فيما تقول ؟
- بكل تأكيد !!
بدا الحزن عليها وأطرقت قليلا ثم قالت :
- أيمكنني أن أبوح لك بشيء ؟
- تفضلي !
( عربدة الطغيان وبداية الغليان )
اليوم رجعت إلى الكلية وأخذت في تسجيل مواد الفصل القادم .
كنت أنكر بقلبي كل شيئ أراه ! رجع إلي شعوري كما لو كنت أول مرة أطأ فيها هذه الأرض .
كنت أمقت الكثير من الأشياء هنا ، العري والاختلاط ،المصالح المقدسة ، النفاق السياسي في التعامل مع قضايا المسلمين .
كنت أرتدي شماغا فلسطينيا أهدانيه أخي نزار قبل مجيئي إلى هنا وكنت ألفه على رقبتي فقط .
رآني أحد الطلاب فطلب مني أن أنزعه سألته لماذا فقال :
إنه شعار عنصري !! علمت فيما بعد بأصوله اليهودية وتيقنت أن هذا الشماغ كان يمثل رعبا حقيقيا له ، آآه ما أجبن اليهود لو كان فينا رجال.
في كل يوم كانت كراهيتي لهذا المكان تزداد يوما بعد يوم ،كنت أتابع الأخبار والأحداث فلا أرى إلا القتل والظلم والطغيان .
حتى جاءت الفاجعة التي هزت العالم !! إنه مقتل الشيخ أحمد ياسين .
سمعت سيلين بعض الطلاب وهم يتحدثون عنه فسألت شاهد :
- من هذا الشيخ ؟
- إنه مؤسس المقاومة الاسلامية في فلسطين ضد الاحتلال .
سجين لأكثر من خمسة عشر عاما !! مقعد على الكرسي مشلول الأطراف لا يتحرك منه سوى رأسه .
لكنه كان الزعيم الروحي والوقود الإيماني لهذه المقاومة.
إنه شيخ وقور يشع النور من وجهه ،يرتاح إليه كل من يراه ، لكنه صلب عنيد أمام الأعداء ، لقد أحيا الأمل في المسلمين بعد سنوات من الذل والمهانة، كنا نعلم أنه سيموت شهيدا لكننا فجعنا بطريقة الاغتيال .
- يعرفه فارس ؟
- يعرفه كل مسلم ولا أبالغ !! كل من مات في سبيل مبادئه سيحيا ذكره بين الناس .
- أشعر بالرغبة في معرفة المزيد عن هذا الرجل .
- ابحثي عنه في مواقع الشبكة العنكبوتية وستجدين الكثير .
- حقا شكرا لك .
كدت أن ألملم جراحي لولا أن مقتل الشيخ بعثرها من جديد .
ألقيت خطبة الجمعة عن ذلك الرجل !، كنت أحكي عن معاناتنا بحرقه ، فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة .
كانت سيلين مع النساء وقد حضر الخطبة جمع من الطلاب غير المسلمين ،
بعد الصلاة تجمعنا في مسيرة سلمية للتنديد بالحادث ، خمسة وعشرون يوما هي زمن الجرح النازف والذي تفجر من جديد باغتيال المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .قبل أن تهدأ النفوس ويرقأ دمع العيون.
أحسست أن الأرض غير الأرض !، والناس غير الناس .
كنت أتصل بوالدتي باستمرار علمت منها أنهم اعتقلوا الكثير من الناس منهم أصحاب لي وجيران ، لم يكن سلاحهم الوحيد سوى الحجارة !!
وفاء لم تعد تخرج مع أمي لقطف الزيتون .. وحينما سألتها عن ذلك في الهاتف قالت :
- إنهم يستفزون الفتيات عند الحواجز،
إنهم يفتشوننا بطريقة غير مهذبة !! ويلقون علينا الشتائم الفاضحة ، لقد طفح كيلي يا فارس !!
أشعر أن باطن الأرض خير من ظهرها .
رحماك يارب !! ماذا تقولين يا وفاء ؟ إنني رجل !! وشهامة الرجال تأبى علي أن أتحمل مثل هذا .
بكيت يومها كثيرا وأنا أتصفح الأخبار وأرى الجثث ولأشلاء في مخيم جنين لم تهنأ حتى بالقبور ..
قتلوا الطفل في مهده ! والشيخ وعصاه بيده ! والعجوز التي اختبأت خلف جدار بيتها .
لقد بدأت يومها أفكر بأفكار غريبة ، لم أعد أرغب في إكمال دراستي .. أتمنى العودة إلى بلادي لأنتقم من القتلة بأية طريقة كانت .
كنت أتحدث إلى طاهر وأشكو إليه حالي ، قلت له بصراحة :
- إنني مللت من الحياة .. بل فقدت طعمها الحقيقي .
حاول طاهر أن يخفف من حدة توتري ، وقرر أن يزيد من مكافأتي لكن ذلك لم يغير من أفكاري شيئا .
بعد تسعة أشهر من عودتي قررت أن أعود ثانية .. لكن كيف أقنع أهلي بذلك ؟
حدثت خالتي عن رغبتي في الزواج والتي طارت فرحا وقالت لوالدتي التي بدأت بالبحث عن فتاة ربما من ذلك اليوم .
أرادوها هم أن تكون جامعية وأن تعود معي لإكمال دراستي .
اقتنع الجميع بهذه الفكرة ..
أخبرت زملائي بعزمي ففرحوا جميعا وشجعوني على ذلك .
الحلقة السابعة عشر.
( بل سأعود .)
اليوم كنت في مطعم الجامعة لم أشعر إلا بسيلين تقف بجواري ..
- كيف الحال؟ ما الأخبار السعيدة التي سمعناها !؟
- ماذا سمعت؟
- سمعت أنك ستعود لبلادك لتتزوج .
- هذا صحيح .
قلتها وأنا أحمل فنجان قهوتي وأجلس على إحدى الطاولات بينما تبعتني وجلست ..
- وهل أكملت الترتيبات لذلك ؟
- ربما أكملها هناك .
- أتمنى لك السعادة وأن تعود إلى هنا بخير ..
- ربما لا أعود .!
- ماذا ؟؟
- لدي مشروع خاص أستطيع إنجازه هناك !! يغنيني عن العمل والدراسة معا .
- ودراستك ؟؟
- لم يعد لها قيمة !! إن لم أحصل على الجنسية وأعمل بها عندكم فلن أعمل بها في أي مكان آخر ،لكي أكون إنسانا علي أن أستظل بظلكم وإلا فلن أكون .
نظرت إلي سيلين بتعجب وقالت :
- تبدو ثائرا اليوم !!
- بل كل يوم !!
- ولماذا لم تفكر في مشروعك هذا قبل أن تأتي إلى هنا ؟!!
- الأحداث تغيرت وثلاث سنوات كفيلة بأن تقلب المشاريع الخاصة بكل إنسان رأسا على عقب .
- بالنسبة لي، يكفي أنني عرفتك !! فهل ستتركنا بعد أن أحببناك ؟
- ربما نلتقي يوما ما !! عاجلا أم آجلا ..
- أنت جاد فيما تقول ؟
- بكل تأكيد !!
بدا الحزن عليها وأطرقت قليلا ثم قالت :
- أيمكنني أن أبوح لك بشيء ؟
- تفضلي !