الإنسان بين قوة الروح وقوة الجسد

L I L Y

New member
إنضم
10 سبتمبر 2012
المشاركات
65
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
in the sky


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

هذا موضوع عن الروح والجسد اتمنى ان تستفيدوا منه .

..طويل ولكن مفيد جداً ....


يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}, وقال الرسول عليه الصلاة السلام {اعملوا, فكل ميسر لما خلق له}.

لقد شاءت قدرة الله تعالى أن يخلق البشر على الشكل الذي نعلم, إنسان مركب من مادة وروح: الروح عُلوية والمادة سُفلية. الروح نفخة ربانية, والمادة طينة أرضية, فهذا هو تكوين الإنسان. فلنبحث في سر هذا الخلق العجيب, وما السر في كونِ الإنسان مركباً من عنصرين متقابلين المادة والروح؟

قبل أن يخلق الله الإنسان في صورة أبينا آدم ويخلق من نفسه زوجه في صورة أمنا حواء ثم يكون التناسل من هاذين الزوجين إلى يوم القيامة, خلق الله تعالى (قبل ذلك) مخلوقات أخرى, منها الملائكة. وطبيعة الملائكة أنها مخلوقات نورانية, خلقت من نور الله تعالى, فقد ورد في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم". والملائكة عباد مكرمون, لا يوصفون بالذكورة ولا بالأنوثة بخلاف ما يعتقده النصارى من أنهم إناث, فيصورون الملك في صورة فتاة ذات جناحين, وقد رد الله هذا المفهم الخاطئ بقوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا, أؤشهدوا خلقهم, ستكتب شهادتهم ويسألون}. فالملائكة من نوع آخر, مجبولون على العبادة, لا اختيار لهم ولا حرية, بل خلقوا للطاعة فقط, قال تعالى في رده على من قال إن الملائكة بنات الله: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا, سبحانه, بل عباد مكرمون, لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}. وقال سبحانه في وصف وظيفتهم والعمل الذي خلقوا من أجله: {…لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون}.

فيتلخص من هذا أن طبيعة الملائكة طبيعةٌ روحانية كلها, وليس فيها شيء من المادة الترابية, بل هم مخلوقات نورانية مكلفة بطاعة أمر الله تعالى وتنفيذ أوامره فقط, وليست لهم إرادة حرة واختيار كما عند الإنسان.

وفي مقابل هذا الخلق الكريم النوراني خلق الله تعالى خلقا آخر هو على النقيض من الأول في تركيبته, وأقصد الحيوان مما نعرفه فوق هذه الأرض, فالحيوانات كلها مخلوقات طينية وليس لها تفكير, فقد يصل ببعض الحيونات أن تكون لها ذكاء خارق ولكن ليس لها تفكير وتعقل, وليس لها شرف النفخة الروحانية ولا الومضة النورانية, بل الحيوان كله غرائز, يتصرف وفق غريزته وشهواته, ولا يحاسب على أفعاله, لأنه لا عقل له ولا تكليف عليه. وقد ضرب الله الأمثلة بالحيوان في معرض التنقيص من الكافرين فقال تعالى: {إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا}.

بعد أن تعرفنا على طبيعة مخلوقين مختلفين متقابلين, يسهل علينا إذا أن نعرف طبيعة الإنسان وتكوينه, فالإنسان مركب من جزءين: جزء ملائكي, وجزء حيواني بهيمي. فالروح التي اصطفاه الله بها وكرمه بها وأسجد له الملائكةَ بسببها هي من عالم الملائكة القدسي السماوي, والجسد المادي الترابي من عالم الحيوان الأرضي الطيني, فكان الإنسان وفق هذه الإرادة الإلهية: مخلوقا مركبا, يحمل عنصرين مختلفين, وهذا هو سر التكليف وبه حصل الابتلاء والاختبار.

يقول الله تعالى في معرض الحديث عن تكوين الإنسان: {وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}, فنص سبحانه وتعالى على عنصر الطين الترابي وعلى النفخة الروحانية في تركيب أبي البشر آدم عليه السلام.

لما كان الإنسان مركبا بهذا التركيب السالف الذكر, تنازعته قوتان: القوة الأولى وهي قوة الخير, ومصدرها من الروح, وتجلياتها تكون في الحب والعمل الصالح. والقوة الثانية هي قوة الشر, ومصدرها من الجسد المادي, وتجلياتها تكون في الكره والعمل السيء. ولا زالتا هاتان القوتان تتصارعان في الإنسان منذ سن البلوغ إلى أن تخرج الروح من الجسد, وأي قوة منهما غلبت الأخرى وكثر عملها كان الإنسان تابعا لها في معاده, فإن غلبت الروح بخيرها كان من المفلحين, وإن غلب الجسد بشره وغرائزه كان من الخاسرين. قال تعالى: {فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون, ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون}.

لقد علمنا كيف اختلف خلق الإنسان عن خلق الملائكة والحيوان, وينبغي أن نعلم أن هذا الاختلاف في التكوين له علاقة باختلاف نوع التكليف أيضا, فالملائكة كلهم طائعون, لم يُبْتَلُوا بتكليف, والحيوانات كلها غرائز وشهوات ولم تبتلى بالتكليف, أما الإنسان فهو الذي حُمل الأمانة بالتكليف بعد أن خلقه الله مهيئا لذلك, قال تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها, وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا}.

والإنسان وفق هذا التركيب الفريد العجيب ليس كغيره مجبرا في تصرفاته, بل له الاختيار التام والحرية الكاملة في أن يمتثل لأمر الله وفي أن يتمرد عليه, وهذه الإرادة الحرة بها يتميز الإنسان, فهو مخير في تصرفاته مما يدخل في إرادته من باب الفعل والترك. وقد جاء التعبير بهذه الحرية في الاختيار في قوله تعالى: {لا إكراه في الدين, قد تبين الرشد من الغي}, أي أنه لا إجبار على طاعة الله تعالى, بل المراد أن يختار الإنسان بمحض إرادته إما أن يدين بمنهج الله أو لا يدين, ولكن هذه الحرية لها ضريبتها وعواقبها, والحرية –أيها الإخوة- دائما غاليةٌ ومكلفة في الوقت نفسه. لهذا قال الله تعالى مباشرة في نفس الآية: {فمن يكفر بالطاغوت ويومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}.

هكذا شاء الله أن يخلق الإنسان, فلم يخلقه ملكا حتى يكون دائم الطاعة, ولم يخلقه بهيمة حتى يكون دائم الغريزة والسلكَ البهيمي, بل خلقه مركبا من الإثنين, وأمره بالطاعة والعبادة فقال تعال: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}, وإذا ضعفت نفسه وتدنس بالتراب جذبته الروح إلى الأعلى فيغتسل من نجاسة التراب, وطالما الإنسان له منبه حي من الروح ينتشله من براثين التراب فإنه على خير وإلى خير إن شاء الله.

وبهذا التكوين المزدوج للإنسان علمنا أن الخطأ من طبيعته, وطالما فيه غرائزُ وشهواتٌ فهو لا محالة يخطئ, والعصمة لا تكون إلا للأنبياء الذين اجتباهم الله تعالى, أما باقي البشر فإنهم مجبولون على الخطأ, والإسلام تعامل بواقعية مع هذه الطبيعة الإنسانية, فلم ينكر على المسلم المعصية, ولكن أنكر عليه التمادي فيها والإصرار عليها, فقد روى ابن أبي شيبة وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "كل ابنِ آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون", فنسب النبي عليه السلام الخطأ لكل ابن آدم, ولفظ "كل" من ألفاظ العموم كما هو معروف, فعم الخطاب كل البشر. وارتباطا بهذا المعنى يقول الله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب}.

فاللهم تب علينا توبة نصوحة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا, ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك يا كريم.
 

L I L Y

New member
إنضم
10 سبتمبر 2012
المشاركات
65
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
in the sky
هل الموضوع ممل لهذه الدرجه توقعت ان اجد رد واحد على الاقل :(
 

شادن33

New member
إنضم
20 أكتوبر 2011
المشاركات
9,859
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
لا حبيتي الموضوع حلو
جزاج الله خير