.. في نهار شهر رمضان من عام 1992، كنت متواجدا في الجريدة – في ذلك الوقت على غير عادتي في بقية شهور السنة بسبب الصدور المبكر لـ«الوطن» - عندما جاءني اتصال من دبلوماسي خليجي صديق يعمل في سفارة بلاده بالعاصمة الاردنية «عمان» قائلا: إن صحيفة «الجمهورية» العراقية التي كان يرأس تحريرها – في ذلك الوقت - «سعد البزاز- رجل كل العصور» قد نشرت مقالا على صدر صفحتها الاولى كتبه المقبور «برزان التكريتي» رئيس المخابرات العراقية وسفير نظامه لدى الامم المتحدة في جنيف – فيما بعد – والذي انفصل رأسه عن جسده بعد ان تدلى بواسطة حبل المشنقة عقب سقوط نظام شقيقه واسرته.. وحزبه!! كان المقال موجها الى الادارة الامريكية ويتضمن اقتراحات تدخل في صيغ افلام الخيال العلمي اذ يقول فيه «ان على واشنطن ان تسعى – من اجل مواجهة الاطماع الايرانية في المنطقة – الى ضم دولة الكويت للجمهورية العراقية، وضم مملكة البحرين ودولة قطر الى السعودية، وضم دولة الامارات العربية المتحدة الى سلطنة عُمان، ليصبح على الضفة الغربية للخليج ثلاث دول عظمى قوية العراق والسعودية وسلطنة عُمان في مواجهة امبراطورية ملالي بلاد.. فارس! وصلني مقال «برزان» بالفاكس من الصديق الدبلوماسي الخليجي، وتصادف – يومها – ان جاءني اتصال من مكتب ديوان صاحب السمو الأمير الوالد – رحمه الله – عندما كان رئيسا للوزراء ووليا للعهد يدعوني فيه لحضور اجتماع هام في العاشرة مساءً مع مجموعة من الشخصيات الكويتية من كافة التوجهات السياسية والاجتماعية والحزبية في «قصر الشعب»، وقد لبيت الدعوة وتوجهت في الوقت المحدد الى هناك مصطحبا معي الزميل الراحل الدكتور «أحمد الربعي» - رحمه الله – بعد ان شاهدته واقفا امام سيارته قرب بوابة جريدة «القبس» ينظر الى العجلة الخلفية.. المثقوبة، ومستعدا لتغييرها بنفسه فطلبت منه ان يتركها على حالها ويركب معي في سيارتي.. وقد تم ذلك! استمر لقاؤنا مع سمو الأمير الوالد – رحمه الله – حتى موعد السحور، وقد ابلغته بفحوى مقال «التكريتي» واعطيته صورة عنه فاهتم به كثيرا، وطلب من طاقم ديوانه تصوير عدة نسخ منه، ومن الذين اهتموا بالحصول على نسخة من ذلك المقال اكاديمي كويتي كثير الضجيج ويهرف كثيرا بما لا يعرف، وقد كتب عنه الزميل العزيز «سامي النصف» مقالا جميلا يوم امس الاول في جريدة «الانباء»، فعودوا اليه واقرؤوه.. واضحكوا على اطروحاته!! منذ ذلك الوقت – أي مساء اجتماعنا مع الأمير الراحل في شهر الصوم عام 1992 – وبعد ابلاغي للشيخ سعد بفحوى مقال «برزان»، وهذا الاكاديمي الكويتي يدور على الندوات والفضائيات وكل «ديوان به كاميرات»، متبنيا اطروحات «مفصول الرقبة – برزان» التي اوردها في مقاله قبل ثمانية عشر.. عاما، وبالطبع، مدعيا انها «خلاصة خبرته في العلوم السياسية وقدرته على استقراء المستقبل.. وكشف «المستخبي»!! من يدعي ان العراق سيبتلع الكويت في عام «2025» لابد انه ابتلع أكثر من «لتر ونصف» من «العرق العراقي المسيّح من نوع ابوكلابشه»، لان ايران – حاليا وحتى ما بعد عام 2025 – هي من «يلعب طوبة» بأرض الرافدين في شماله وجنوبه ووسطه، وتحولت «بغداد» الى «بيروت – طهران» مثلما صارت طهران هي «سورية – بغداد»!! لذلك نقول للاكاديمي الكويتي.. «على العراق ان يحمى.. من الابتلاع الايراني قبل ان يفكر بابتلاع.. الكويت»!