- إنضم
- 29 ديسمبر 2008
- المشاركات
- 849
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0

الحمد لله الذي جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، وأمد في آجالهم فهم بين غاد للخير ورائح،
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :

في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(ما العمل في أيام أفضل منها في هذه قالوا :ولا الجهاد؟ قال :ولا الجهاد؛ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء)
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب
إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه الطبراني في المعجم الكبير
وكان سعيد بن جبير إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه وقال لا تطفئوا سُرجكم ليالي العشر( كناية عن القراءة والقيام)
قال ابن الحجر – رحمه الله – في الفتح (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة :لما كان اجتماع أمهات العبادة فيه،
وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأنى ذلك في غيره)
وقال ابن رجب - رحمه الله – في اللطائف (لما كان الله - سبحانه – قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام
- وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام – فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره وجعل موسم العشر مشتركا
بين السائرين والقاعدين)
فبادر أخي المسلم إلى اغتنام الساعات، والمحافظة على الأوقات، فإنه ليس لما بقي عملاك ثمن، وتب إلى الله، من تضييع
الأوقات، واعلم أن الحرص على العمل الصالح في هذه الأيام المباركة هو من المسارعة إلى الخير ودليل على التقوى ..
(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج 32

1- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما : لقوله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر...) يستحب في هذه الأيام الفاضلة : الإكثار من أي عمل صالح يقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، لأن هذه الأيام - كما في حديث ابن عباس - أيام فاضلة تضاعف فيها الأجور ، فمن لم يمكنه الحج أو الصوم في هذه الأيام فعليه أن يشغل أوقاته بكل ما يقرب إلى الله سبحانه من الطاعات : من قيام الليل ، والإكثار من الدعاء والصدقة ، وصلة الأرحام ، وبر الوالدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الأعمال الصالحة .
2- الصلاة : يستحب التبكير إلى الفرائض والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات
عن ثوبان - رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك اليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة) رواه مسلم وهذا عام في كل وقت.
3- الصيام : لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي
وقال عليه الصلاة والسلام (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه
يستحب صوم أيام العشر ما عدا العاشر لأنه يوم عيد ، ويوم العيد لا يجوز صيامه لما ثبت عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة » رواه أبو داود وصححه الألباني .
وأفضل هذه الأيام التي ينبغي صيامها لغير الحاج : يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة .. فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : « يكفر السنة الماضية والباقية » أخرجه مسلم .
لكن من كان في عرفة – أي حاجا – فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرا
5- أداء الحج والعمرة : لقوله صلى الله عليه وسلم (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) رواه مسلم
ولقوله صلى الله عليه وسلم (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري
6- الأضحية : التقرب الى الله بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها و بذل الأموال في سبيل الله
7-الاكثار من ذكر الله : التكبير والتهليل والتحميد , لما ورد في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)
قال الإمام البخاري رحمه الله (كان ابن عمر وأبو هريرة - رضي الله عنهما – يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما)
والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده , وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع ولم تأت به السنة .

ومن بعض صفاة التكبير :
1- الله أكبر-الله أكبر (مرتين)-لا إله إلا الله ,, الله أكبر-الله أكبر (مرتين)-ولله الحمد
2- الله أكبر-الله أكبر-الله أكبر-لا إله إلا الله ,, الله أكبر-الله أكبر (مرتين)-ولله الحمد
3- الله أكبر-الله أكبر-الله أكبر-لا إله إلا الله ,, الله أكبر-الله أكبر-الله أكبر-ولله الحمد
ولها صيغ متعددة واردة في السنة
وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد ضاعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الخير والصلاح
بخلاف ما كان عليه السلف الصالح

ليحرص كلا منا على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء وليقدم لنفسه عملا صالحا يجد ثوابه أحوج مايكون إليه , ان الرحيل قريب والطريق مخوف والاغترار غالب ,والخطر عظيم, والله تعالى رقيب وإله المرجع والمآب (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره , ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )الزلزلة
لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والأكثار من ذكر الله ..
والله أعلم .. نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام عملا صالحا خالصا لوجهه الكريم
المصدر : مقتبس من سلسة العلامتين ابن باز والألباني بتصرف
.