شذى الزهوور
New member
- إنضم
- 20 أبريل 2008
- المشاركات
- 31
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
:0bee2e8d89:جاوب المدير
بقلم / عبده فايز الزبيدي السعودية _القنفذة
رن .. ررن ... رررررن ن ن .........رررررررررررررررن ن ن
يدفع غطائه بقوة يحاول الهرب ... صوت شاحنة ... صوت قطار قادم ....
يا الله ..... أنت أيتها العجوز الشمطاء .... يضع يده عليها كأنما يحاول إطباق فم إمراءة ثرثارة ... و أقفل جرس الساعة ..... يحس بقدم الشتاء القارص البرودة تضغط بقوة على جسمه فينسل لداخل الفراش ........
بابا .. بابا بابا ..هات ريال .... بابا هات ثلاثة ريالات .... بابا بابا ..يسحبون الغطاء ... و يزيدون من ثرثرتهم اللذيذة فينظر إليهم و يبتسم ابتسامة بريئة تعكس براءة المشهد الملائكي حوله ... يرتمي أصغرهم خلفه كعصفور صغير ...!
بدأت تتلاشى تلك البسمة تدريجيا و تذوب في عبوس أعتاد عليه كل صباح كما يذوب النهار في الليل ... حينما تذكر ذلك الوجه الجغرافي المتخدد ...........
صباح الخير أستاذ ..... صباح الخير يا شباب .... صباح الخير يا ........ يسمع تمتمات و لا يميزها جيدا ....
يهرول مسرعا نحو ذلك الركن الكئيب ... هناك جسد مطروح كالجنازة ... جنازة فرعون الغريق من دعوة سيدنا موسى عليه السلام ...
يرى الزملاء ينحنون له و يطيلون التذلل ... هل نقل الحجر الأسود هنا كما نقلته القرامطة لهجر ..... لا...لا..لا..لا...... إنه دفتر الدوام..........!
... يسطر اسمه و يضع توقيعه ... لا يستطيع أن يرفع بصره .. حيث الكرسي ... عرش الإدارة ... تحدثه نفسه بالهروب .... يسرع الخطوة ... فيسمع صوتا كتساقط الحجارة يرتطم بطبلة أذنه ... فيطرق مستمعا ... حتى إذا انجلت الجلبة .. أدرك أنها تعاليم المدير اليومية ...اوكي ..أقصد حاضر ....
يدلف لغرفة المدرسين ... وبمجرد ان نظرهم بنظرة باسمة تذكر حالة العمال متكدسين في حوض السيارة التي يقابلها كل صباح ... أجسادهم متلاصقة و عقولهم بينها بعد المشرقين ....
تقل المساحات الفارغة بالحجرة كلما اقترب الطابور ... فيمر به طائف يهمس ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) ....
يشغل نفسه بالتحضير ..... اليوم ... التاريخ .... الدرس .....!!!!
ررررن ... ررررن ... رررن .. فيصيبه حالة ذعر شديدة ... يهم بالخروج هاربا .. و حينما انتصب قائما ... سقطت عينه على إصبع الوكيل ضاغطة على جرس الحصص ..... قوموا ... خافوا الله ... قوموا ... يا .....
على عتبة غرفة المدرسين .. يرمي ببصره نحو الباب الأسود العتيق ... يشعر أن الزمن ينفذ في داخله قبل أن يصل ... خوف ... عدم ثقة ... صوت الفراش من جهة المقصف يقترب و تكبر موجات الاهتزاز من حوله ... شاي ... شاي ... ما فيه قهوة ... قهوة .. لو سمحت ... يسمع رشفات عميقة ... إنها المهدئات التي اعتادوا على تعاطيها .....يستجمع قواه و ينفخ في نفسه عنجهية جوفاء ... يسير نحو الباب ... ينفتح قبل أن يلمسه ... فتظهر تلك الرؤوس السوداء الصغيرة .. آه آه آه ... تلك الخفافيش اللعينة التي يعلمها لتكون قوية ... و اعتادوا على الفتك به ... افنوا حياته ... قضوا على شبابه .....
يخرج من االحصة ... و هو محمر الوجه ... خائر القوى ... بعد أن مصت تلك الخفافيش ما يرضي نهمها من دمه .....
يدخل غرفة المساكين أقصد المدرسين ... يسمع كلمات تتطاير ..أشوف عندك بندول ... خذ .. الكحة ذبحتني تعرف دكتور ممتاز .. و هناك أبو احمد مستلقي على مكتبه من الإعياء ... فتمر به أطياف أفلام الرعب و تلك الوجوه المبيضة من الأمراض المستعصية .... أعوذ بالله ... أعوذ بالله ... فيدس رأسه بين أكوام الدفاتر يصحح هذا و يصوب هذا .....
ورقة صفراء صغيرة تسقط على مكتبه كورقة الخريف الذابلة ... يلتقطها ... ينظر بصمت إلى الهيكل الذي انغرس أمامه في فرشة الغرفة فلا يكاد يرى في عينه نورا كأنه تمثال فرعوني متقن ... فيبتدره الشاخص بصوته الأجش ..و كأنما أطلق رياح الخماسين من فمه قائلا : ( جاوب المدير ) .....
تهدأ العاصفة ..... يلتقط ورقة الخريف .. ورقة المدير ... يخرج خلف السجان أقصد العامل ... و في منتصف الطريق ... يسمع جرس الحصة الثانية .. فينظر نحو الخفافيش على الباب .. صوت الوكيل ثانية .. قوموا .. قوموا .. يلتفت نحو غرفة الزملاء ينظر حالهم و قيامهم محملين بالطباشير و الكراريس ( كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) .... السجان يا أستاذ بسرعة ( جاوب المدير ) ... يسمع طرقات على مكتب ... اعتاد احد زملائه على تطبيلها لتخبر عن سوء مزاجه ... فأكتمل عنده مشهد عوام الصوفية .. فاخذ يزيد من سرعة الالتفات يمنة و يسرة مع تسارع نغمات الطبول ... مرة نحو الخفافيش .. مرة نحو صوت الوكيل .. غرفة المدرسين .. الإدارة ... ( حي ... حي .. الله ... حي ... الله ... حي ...).
بقلم / عبده فايز الزبيدي السعودية _القنفذة
رن .. ررن ... رررررن ن ن .........رررررررررررررررن ن ن
يدفع غطائه بقوة يحاول الهرب ... صوت شاحنة ... صوت قطار قادم ....
يا الله ..... أنت أيتها العجوز الشمطاء .... يضع يده عليها كأنما يحاول إطباق فم إمراءة ثرثارة ... و أقفل جرس الساعة ..... يحس بقدم الشتاء القارص البرودة تضغط بقوة على جسمه فينسل لداخل الفراش ........
بابا .. بابا بابا ..هات ريال .... بابا هات ثلاثة ريالات .... بابا بابا ..يسحبون الغطاء ... و يزيدون من ثرثرتهم اللذيذة فينظر إليهم و يبتسم ابتسامة بريئة تعكس براءة المشهد الملائكي حوله ... يرتمي أصغرهم خلفه كعصفور صغير ...!
بدأت تتلاشى تلك البسمة تدريجيا و تذوب في عبوس أعتاد عليه كل صباح كما يذوب النهار في الليل ... حينما تذكر ذلك الوجه الجغرافي المتخدد ...........
صباح الخير أستاذ ..... صباح الخير يا شباب .... صباح الخير يا ........ يسمع تمتمات و لا يميزها جيدا ....
يهرول مسرعا نحو ذلك الركن الكئيب ... هناك جسد مطروح كالجنازة ... جنازة فرعون الغريق من دعوة سيدنا موسى عليه السلام ...
يرى الزملاء ينحنون له و يطيلون التذلل ... هل نقل الحجر الأسود هنا كما نقلته القرامطة لهجر ..... لا...لا..لا..لا...... إنه دفتر الدوام..........!
... يسطر اسمه و يضع توقيعه ... لا يستطيع أن يرفع بصره .. حيث الكرسي ... عرش الإدارة ... تحدثه نفسه بالهروب .... يسرع الخطوة ... فيسمع صوتا كتساقط الحجارة يرتطم بطبلة أذنه ... فيطرق مستمعا ... حتى إذا انجلت الجلبة .. أدرك أنها تعاليم المدير اليومية ...اوكي ..أقصد حاضر ....
يدلف لغرفة المدرسين ... وبمجرد ان نظرهم بنظرة باسمة تذكر حالة العمال متكدسين في حوض السيارة التي يقابلها كل صباح ... أجسادهم متلاصقة و عقولهم بينها بعد المشرقين ....
تقل المساحات الفارغة بالحجرة كلما اقترب الطابور ... فيمر به طائف يهمس ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) ....
يشغل نفسه بالتحضير ..... اليوم ... التاريخ .... الدرس .....!!!!
ررررن ... ررررن ... رررن .. فيصيبه حالة ذعر شديدة ... يهم بالخروج هاربا .. و حينما انتصب قائما ... سقطت عينه على إصبع الوكيل ضاغطة على جرس الحصص ..... قوموا ... خافوا الله ... قوموا ... يا .....
على عتبة غرفة المدرسين .. يرمي ببصره نحو الباب الأسود العتيق ... يشعر أن الزمن ينفذ في داخله قبل أن يصل ... خوف ... عدم ثقة ... صوت الفراش من جهة المقصف يقترب و تكبر موجات الاهتزاز من حوله ... شاي ... شاي ... ما فيه قهوة ... قهوة .. لو سمحت ... يسمع رشفات عميقة ... إنها المهدئات التي اعتادوا على تعاطيها .....يستجمع قواه و ينفخ في نفسه عنجهية جوفاء ... يسير نحو الباب ... ينفتح قبل أن يلمسه ... فتظهر تلك الرؤوس السوداء الصغيرة .. آه آه آه ... تلك الخفافيش اللعينة التي يعلمها لتكون قوية ... و اعتادوا على الفتك به ... افنوا حياته ... قضوا على شبابه .....
يخرج من االحصة ... و هو محمر الوجه ... خائر القوى ... بعد أن مصت تلك الخفافيش ما يرضي نهمها من دمه .....
يدخل غرفة المساكين أقصد المدرسين ... يسمع كلمات تتطاير ..أشوف عندك بندول ... خذ .. الكحة ذبحتني تعرف دكتور ممتاز .. و هناك أبو احمد مستلقي على مكتبه من الإعياء ... فتمر به أطياف أفلام الرعب و تلك الوجوه المبيضة من الأمراض المستعصية .... أعوذ بالله ... أعوذ بالله ... فيدس رأسه بين أكوام الدفاتر يصحح هذا و يصوب هذا .....
ورقة صفراء صغيرة تسقط على مكتبه كورقة الخريف الذابلة ... يلتقطها ... ينظر بصمت إلى الهيكل الذي انغرس أمامه في فرشة الغرفة فلا يكاد يرى في عينه نورا كأنه تمثال فرعوني متقن ... فيبتدره الشاخص بصوته الأجش ..و كأنما أطلق رياح الخماسين من فمه قائلا : ( جاوب المدير ) .....
تهدأ العاصفة ..... يلتقط ورقة الخريف .. ورقة المدير ... يخرج خلف السجان أقصد العامل ... و في منتصف الطريق ... يسمع جرس الحصة الثانية .. فينظر نحو الخفافيش على الباب .. صوت الوكيل ثانية .. قوموا .. قوموا .. يلتفت نحو غرفة الزملاء ينظر حالهم و قيامهم محملين بالطباشير و الكراريس ( كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) .... السجان يا أستاذ بسرعة ( جاوب المدير ) ... يسمع طرقات على مكتب ... اعتاد احد زملائه على تطبيلها لتخبر عن سوء مزاجه ... فأكتمل عنده مشهد عوام الصوفية .. فاخذ يزيد من سرعة الالتفات يمنة و يسرة مع تسارع نغمات الطبول ... مرة نحو الخفافيش .. مرة نحو صوت الوكيل .. غرفة المدرسين .. الإدارة ... ( حي ... حي .. الله ... حي ... الله ... حي ...).