- إنضم
- 5 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,112
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 0
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني اعلموا وتنبهوا وتيقظوا : إن شؤم المعاصي وتأثيرها لم يتوقف على الدنيا فقط ، بل عم شؤمها الدنيا والآخرة ، بل إن شؤمها في الآخرة ينسي شؤمها في الدنيا0
فشؤم المعصية يلحق العاصي والكافر في قبره ومحشره وفي النار أجارنا الله وإياكم من النار0
فأسألكم بالله مالذي جعل القبر يضيق على صاحبه حتى تختلف أضلاعه ، ويشتعل عليه نارا ، وبضرب بمطرقة من حديد ، ويأتيه من صنوف العذاب والأهوال ، ما تشيب منه مفارق الأطفال إلا المعاصي والذنوب 0
بل لقد وردت عقوبات خاصة لبعض الذنوب في تلك الفترة التي يلبث الناس فيها في قبورهم وهي فترة البرزخ ، فمن تلك العقوبات عقوبة الشرك بالله الذي هو أعظم الذنوب ، وأظلم الظلم ، وأطغى الطغيان ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) غافر46
ومن العقوبات : عقوبة النفاق الذي هو من أخطر الأمراض ، وأشرها ، وهو إظهار الإسلام ، وإضمار الكفر ، قال عليه الصلاة والسلام ( وأما المنافق والكافر ، فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فقال له لا دريت ولا تلوت ، ويضرب بمطرقة من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين) البخاري ومسلم2200-2201
ومن العقوبات في البرزخ : عقوبة الذي يرفض القرآن وينام عن الصلاة والمكتوبة ، فقد روى سمرة بن جندب أن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى رؤيا ، ورأى فيها أنواع من العقوبات والعذاب على بعض المعاصي ،وأتى في الحديث (00وأما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة) البخاري 7047
ومن العقوبات : عقوبة آكل الربا ، ففي حديث الرؤيا السابق ، قال عليه الصلاة والسلام (وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم بالحجر فإنه آكل الربا) ، فجزاء أكلهم أموال الناس بالباطل أنهم يخوضون في ذلك النهر السيء ، كما خاضوا في الحرام ، ويلقمون الحجارة لأنهم شبعوا من الربا في الدنيا ، جزاء وفاقا ، نعوذ بالله من الخسران والخذلان0
ومن العقوبات التي تلحق العصاة في البرزخ : عقوبة الزنا ، وعقوبة الكذاب ، ،و عقوبة النميمة ، وعدم الاستبراء من البول ، ومن جر ثوبه خيلاء ، والغلول ، ومن خلط عمل صالحا وآخر سيئا ، وغير ذلك من عقوبات وردت في الشرع ، تنال مقترفيها في تلك الفترة التي يلبث فيها الناس في قبورهم إلا يوم البعث والنشور0
أما يوم القيامة وما فيه من أهوال وفظائع ، يشيب منه الصغير ، ويسكر منه الكبير ، وتضع ذوات الأحمال أحمالهن ، فالشمس تكور ، والنجوم تنكدر ، والبحار تسجر ، والجبال تسير ، والأرض تدك ، والقبور تبعثر ، والخلائق تحشر ،فلا إله إلا الله من يوم مقداره خمسين ألف سنة ، يقف الناس فيه على أقدامهم لا يأكلون أكلة ، ولا يشربون شربة ، الشمس تدنو فوق رؤوسهم مقدار ميل ، فيجري العرق منهم كل بحسب معاصيه وذنوبه ، فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبيه ومنهم إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من يبلغ إلى فخذيه ، ومنهم إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ، ودعاء الأنبياء في ذلك اليوم اللهم سلم سلم0
وفي تلك الأهوال هناك من زادت حسرته ، وعظمت كربته ، وتميزت عقوبته ، فهو في الدنيا تميز بمعصية رب الأرباب ، فتميز في الآخرة بالعقوبة والنكال والعذاب 0
فمن تلك العقوبات عقوبة الظالمين ، قال سبحانه ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) أبراهيم42
ومن العقوبات في يوم الأهوال عقوبة المرائين ، قال سبحانه ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) ، قال عليه الصلاة والسلام ( يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ) البخاري
1905 ، ومن العقوبات في ذلك اليوم المهول عقوبة المصورين ، قال عليه الصلاة والسلام ( من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله )البخاري ومسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام ( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) البخاري ومسلم
ومن العقوبات في ذلك اليوم العظيم : مسلم987
ومن العقوبات في يوم الشدائد عقوبة المتكبرين ، قال عليه الصلاة والسلام ( يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يقال له بلوس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال )الترمذي 2494 وأحمد ،
ومن عقوبات المعاصي في ذلك اليوم عقوبة المسبل والمنان والكاذب في بيعه : قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : ثلاث مرات ، ثم قال : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) مسلم 106
ومن العقوبات عقوبة الشيخ الزاني والملك الكذاب والفقير المتكبر ، قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر) مسلم107
وعقوبة العاق لوالديه ، و المرأة المسترجلة والديوث ، قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والديوث ) ، أحمد والنسائي وصححه الألباني ، والديوث من يقر الفاحشة في أهله0
ومن العقوبات عقوبة مانعي الزكاة ، وعقوبة النائحة ، وعقوبة مانع فضل الماء ، والمبايع إمامه للدنيا ، وعقوبة من أحدث في الدين ، ومن عصى وارتد وبدل ، وغير ذلك من عقوبات وردت في شرع الله ،نسأل الله العافية منها والعصمة من أسبابها0
ويصل بنا الحديث أيها الأحباب إلى نهاية طريق الذنوب والعصيان ،والعقوبة العظمى للخطايا والطغيان ، والنتيجة المؤلمة لمن أعرض عن طاعة الديان ، إنها النار ، النار ، دار البعد عن العزيز الغفار ، دار عذاب الله ونقمته ، دار أبعدها عن كرامته ورحمته0
يأتى بها يوم القيامة تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ، حرها شديد ، وقعرها بعيد ، وطعام أهلها الزقوم والغسلين والصديد ، ولباسهم النار والقطران والحديد0
سوداء مظلمة شعثاء موحشة دهماء محرقة لواحة البشر
فيها العقارب والحيات قد جعلت جلودهم كالبغال الدهم والحمر
( هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم من مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) ، (إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما ) ، ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بأس الشراب وساءت مرتفقا) ، ( تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ) ، (لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ) ، في عذاب دائم ، وشقاء لا ينقطع ، وألم يتزايد ، ( لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ) ، أغلى أمانيهم الموت والهلاك ، وليس لهم من النار مهرب ولا فكاك ، ينادون مالك خازن النار ، يا مالك قد أثقلنا الحديد ، يا مالك قد نضجت منا الجلود ، يا مالك قد تفتت منا الكبود ، يا مالك العدم خير من هذا الوجود ، يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود ، فيرد عليهم هذا عذاب دائم لابد فيه من الخلود ، عندها ينقطع الأمل في مالك ، فيرفعون أيديهم إلى رب مالك ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، قال اخسئوا فيها ولا تكلمون )
، فعندها تزداد الحسرات ، وتعظم الكربات ، وتحترق القلوب أسفا وندما وآهات ، وأعظم عذاب لهم ، أن رب العالمين ، وديان يوم الدين ، وأرحم الراحمين ، لا يرحمهم ، محتجبا عنهم ، لا يستجيب دعاءهم ، ولا يكشف بلائهم ، ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار 0
إخواني مالذي أوصلهم لهذا العذاب ، وشديد العقاب ، إنها معصية الملك الوهاب ، الذي أحصى ما اقترفوه في كتاب ، ثم أخرجه منشورا أمامهم يوم الحساب0
فهذا نداء لمن يريد الصيانة لدينه ،و النجاة لنفسه ، و السلامة لقلبه ، والعافية لبدنه ، والصلاح في ذريته ، والبركة في رزقه ، والقبول لعمله ، والأمن لمجتمعه ، والرفعة لأمته ، والنصر لإخوانه ، و السعادة في دنياه وأخراه ،و أن يطمئن في قبره ، ويأمن في حشره ، وينجو من النار ، ويدخل الجنة ، ويرافق النبي الأمين ، وينظر إلى وجه الرحمن الرحيم ، إياك والذنوب ، مفسدة القلوب ، ومهلكة الشعوب ، ومسخطة علام الغيوب 0
إخواني يا من تريدون العز والرفعة والتمكين ، في دنياكم ويوم الدين ، إن أول خطوة نحو العز الدنيوي والأخروي ، والفلاح العاجل والآجل ، هي التوبة والرجوع إلى الله ، الإقلاع عن الذنوب والمنكرات ، والخطايا والمحرمات ، قبل أن تحل بنا اللعنات ، وينزل غضب رب البريات ، قبل أن نغرق يا عباد الله ، قبل أن يغرقنا الطوفان ، و يغشانا الحرمان ، ونذوق الشقاء والخسران ، ونتجرع مرارة البؤس والخذلان
اللهم فرج الهم ، ونفس الكرب ، واستجب الدعاء ، وارفع البلاء ، وعجل بنصرك ، على عبادك ، يا سميع الدعاء ، اللهم اعصمنا من الزلل ، واجعلنا منك على وجل ، ووفقنا لحسن القول وصواب العمل ، اللهم ردنا إليك ردا جميلا ، واهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهتدين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
تحياتي لكم
منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
