الدليل
فإن ثبت قطعاً أن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على المعذبين ومساكنهم، فضلاً عن الجلوس والصلاة في تلك الأماكن ، إلا أن يكون الرجل باكياً، فإن لم يكن باكياً ، فلا يدخل عليهم ، ولا يمر بديارهم . وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم " وقد قال صلى الله عليه وسلم ذلك في ديار ثمود قوم صالح ، ويلحق بهم كل قوم أهلكوا بعذاب من عند الله ، ومنهم قوم لوط ، هذا إذا ثبت أن البحر الميت هو مكان عذاب قوم لوط ، ولكننا إلى الآن لم نجد ما يشهد لثبوت ذلك ، بل الغالب على الظن أن كل ما ورد مما يتصل بهذا الموضوع قد أخذ عن أهل الكتاب ، وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم فيما ليس في شريعتنا ما يشهد بصدقه أو كذبه .
وما دام الأمر كذلك ، فإن مثل ذلك لا يثبت به حكم شرعي ، بحيث يأخذ البحر الميت حكم ديار ثمود ، إلا أن الأورع للمرء أن يبتعد عن الانتفاع بمنتوجات هذا البحر ، وعن زيارته ، وذلك اتقاءً لمواطن الشبهات. والله أعلم.