نعرف كلنا أن المال عرض زائل ،وأن الحال لايستقر على حال ، وأن من الخير في طلب العرض المادي ..أن لايخضع المرء لعبودية المال فيسترقه .. فيصير ذلك هدفه في الحياة ..فيفقد هدوء البال والأمان والسلام الداخلي ..وليوقن أن امتلاء النفس بالرضا هو باب الغنى والسعادة فكم من غني بات شقياً ، وكم من فقير بات قانعاً ..و ليس هذا حكم عام ولكن إشارة إلى أن المؤمن الحق الذي يسلم أموره إلى الله وهو محسن في عبادته يستقر في صدره الغنى فيقنع برزقه إن كان فقيراً ..ويذكر حق الله في ماله إن كان غنياً فيفوز إلى جانبسعة عيشه ، سلامة القلب من أمراض الجشع يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس ).والعرض وهو المتاع المادي الزائل ..أما غنى النفس فهو ملازم للمرء حتى آخر شوط من عمره ..وفي هذا الحديث دعوة إلى ذكر الله في الشدة والرخاءوالإيمان أن الله هو الغني المغني ..فلنتجه إليه تعالى ليمدنا بهذا الرزق القلبي ..إن عالمنا هذا عالم صراع على المادة بوجه عام ..الأفراد يتسلقون على أكتاف غيرهم ..غير مبالين أن يسحقوهم ليحققوا مطامعهم والأمم تسيطر على الأمم لأجل المادة ..فالسمة الغالبة في العالم هي : الصراع من أجل الثراء المادي ، وليس فقط الاكتفاء الذاتي ..لذلك تسود أمم ، وتسحق أمم بأنياب الطمع ،ويشعلها فتيل الحرب فتراها تشهد الصراعات بين أفراد الشعب الواحد ..ليزداد الضعيف ضعفاً ، والفقير فقراً ، والغني غنىً ..ويُمحى الأمان ، وتسود الفرقة ، وتطغى الحاجة ...كل ذلك بسبب الطمع وافتقار النفوس ..! كلنا نعرف أن في داخل النفس الإنسانية غريزة حب التملك ..وهذا الطبيعة كلما غذيناها كلما تقوّت ..وإن لم نسيطر عليها استولت علينا..كالنار تزداد اشتعالاً كلما مددتها بالوقود ..وهنا ينبهنا ديننا إلى أن الله وهب لكل إنسان نصيبهولم يعطه أكثر من ذلك لحكمة إلهية تعلم قابلية كل نفسوالتقدير الصادق من الإنسان لما عنده يجعله يتقبل الموجود ويرضى بما قسم الله له .ورغم ذلك فالبعض حتى وإن كان متديناً ومعتدلاً ورصيناً ..لايزال في نفسه عروق .. تنبض بالأنانية المادية ، وتظل تتطلع إلى الاستزادة من المال والجاه والعرض .. فالرضا هنا لاينبع من جوهر ذاته ،بل من مقارنة وضعه نسبة إلى العالم المحيط به ، ولن يقنع مادام واقعاً تحت تأثير تلك الأنانية ..فهو بهذه الحالة ليس محسوباً من أهل الغنى القلبي .
لنقرأ من تاريخنا الإسلامي ..هذا المشهد الذي يترجم ببساطة ونصوع بعض معاني الغنى : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله :ألسنا من الفقراء ؟فسأله عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم .قال : ألك مسكن تسكن فيه ؟ قال : نعم .قال : فأنت من الأغنياء .فقال الرجل : فإن لي خادماً . قال : فأنت إذن من الملوك .يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
من بات آمناً في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ،فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ).لقد فهم الأول معادلة الحياة ، فلم تجزع قلوبهم لفوات لذة أو متعة .. أو حسرة لضياع مال ..أدركوا ان السعادة والسكينة وراحة البال ..هي الغنى الحقيقي <span style="****-align: right;]( حديث الروح / ولي نبض آخر )
لنقرأ من تاريخنا الإسلامي ..هذا المشهد الذي يترجم ببساطة ونصوع بعض معاني الغنى : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله :ألسنا من الفقراء ؟فسأله عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم .قال : ألك مسكن تسكن فيه ؟ قال : نعم .قال : فأنت من الأغنياء .فقال الرجل : فإن لي خادماً . قال : فأنت إذن من الملوك .يقول الرسول صلى الله عليه وسلم