المعلمين والمعلمات !!

إنضم
22 أغسطس 2015
المشاركات
1,475
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أصبح التّعليم من أصعب المهن وأشقها في الوطن العربي عموما في الأردن خصوصا فهي ليست بالمهنة الجاذبة للباحثين عن عمل على الرغم من نزر الوظائف وشحها وتدني المستوى المعيشي لهم فهم يفضلون الأعمال الحرة على ممارسة التدريس  فأصبحت مهنة التعليم بذلك  من المهن الطاردة  للكفاءات _خصوصا الذكور _ و ذلك بسبب ما يتلقونه من إساءة مجتمعية متكررة واصطدامهم بواقع مادي محزن جعل الهجرة بغيتهم فتوجهوا للعمل خارج أوطانهم وخصوصًا في ظل وجود السوق الخليجي الذي ليس بأفضل حالا من بلدانهم في نظرته إلى المعلم إلا أن الجانب المادي طغى على ذلك. فالتعب الوظيفي الذي يعانيه _المعلم _  بعدد الطّلبة الكبير وكثرة الأعمال الروتينية والكتابية المرهقة في ظل وجود قوانين وأنظمة وتعليمات جائرة وظالمة  أخرته وقدمت عليه غيره  فاندثرت بذلك هيبته  وضاعت حقوقه وأصبحت مهنته  من المهن الطاردة غير المرغوبة  إذ أن جميع المهن والوظائف تنتهي بانتهاءالدوام وبعودة الموظفين إلى بيوتهم إلا مهنة المعلم مهنة ممتدة لا تنتهي إلا بانقطاع النفس .ومع ذلك نرى الموظفين في القطاعات الأخرى _الحكومية والخاصة منها _ وبتناقض عجيب يرون أن في مهنة التّعليم  الراحة و السعادة المتمثلة بعطل كثيرة وساعات دوام أقل ومنهم من يتعمق بجمع تراكمي للعمل و يحسبها على المعلمين بالساعة والدقيقة واصفا ذلك بنتيجة قد خلص إليها بقوله : (  نصف دوام المعلمين عطل والنصف الآخر لا يداومون ربعه ولا يذكر في حسبته هذه ما يصيب المعلم من حرق وظيفي ونفسي واجتماعي  ومادي وذهني يؤثر عليه سلبا  فدائما الجمع التراكمي لأي شيء يعطي نتيجته المذهلة فمثل هؤلاء لا يعيشون اللحظات التي يحسبونها على المعلمين دفعة واحدة ولو عاشوها لحظة بلحظة لتغيرت النظرة و تبدلت..وكيف للمعلم أن يكون مبدعا و ومتميزا  وهم يوقعون عليه  ضغوطات يقتلون الإبداع والإنجاز فأصبحت العملية التعليمية برمتها عندهم ربح وخسارة وتحول المعلمون بذلك إلى آلات تتحرك من غرفة صفية هنا إلى أخرى هناك وساحة هنا وساحة هناك  وهذا من شأنه قتل الإبداع والعطاء وانعكس سلباً على العملية التعليمية بمخرجاتها فمن يحسد المعلم على دوامه وكثرة العطل فيه نقول لهم تأملوا معنا دوام الممرضين في نظام a.b c  فالممرض الذي يداوم في الليل يأخذ بعدها استراحة مدة يومين وينتهي دوامه ولا يتذكره إلا في لحظة العودة إليهوغيرها الكثير الكثير من الوظائف على شاكلتهم.فالأعباء الوظيفية لمهنة التعليم كبيرة وكثيرة   وكل هذه الأعباء تهون مقابل العمل مع فريق هدفه النهوض بالجيل والرقي بأمته وفي نفس الوقت هذه الأعباء تختلف من مدرسة إلى أخرى ومن محافظة إلى أخرى نذكر منها ما يأتي:أولا : الأعباء الإدارية  والمتمثلة بالإذاعة المدرسية المناوبات بأنواعها  داخلية وخارجية والإشغالات التي تأخذ وقت فراغ المعلم والأنصبة الزائدة  وإدارة المقاصف وعضوية اللجان المدرسية بكل أنواعها ومتابعتها علاوة على المراقبة وتعدد الجهات المشرفة على المعلم بالمتابعة من  مدير  ومشرف ومساعد ومنسق ماده ومدير تربية وتقارير ….الخ حيث إن تعدد الواجبات على المعلمين وتنوعها لها دورها الكبير في تشتيت  تركيز المعلم بما يحول بينة وبين  تحقيق أهداف عملية التعليم والتي هي أساس العمل وبناؤه.وتجدر الإشارة هنا أن من الأعباء الإدارية على المعلم وجود مدراء غير مؤهلين وزملاء غير مسؤولين في وقت نحن بأمسِّ الحاجة إلى مربين لا معلمين وبوجهة نظري المتواضعة   ليس كل من يحمل الشهادة الجامعية يتمتع بصلاحية أن يكون معلما .ثانيا : الأعباء الكتابية الروتينية المرهقة والتي تنتهي دائما كأوراق ملقاة  في سلال المهملات كالتحضير اليومي والأسبوعي للدروس و فلسفة الإدارة وتدخلها بتفاصيله بحيث جعل ذلك  منالمعلمين ناسخين وكتبة وما بين الفينة والأخرى تصدر  تعليمات  جديدة بخصوصه _ مثل لا تحضر لأكثر من حصة في المذكرة ، لا تستخدم التحضير الالكتروني، استخدم التحضيرالإلكتروني ، واسرد كل ما ستنفذه في الحصة إلى آخره ؛  فالمعلم المتمكن من مادته لا يحتاج لذلك و بعض المدارس لا يتوفر فيها دفاتر تحضير للمعلمين فيجبرون على  شرائها من جيوبهمالخاصة ناهيك عن الأنصبة الزائدة التي أثقلت كاهلهم بالظلم الواقع عليهم  في توزيعها والناتج أصلا عن سوء تقدير وتدبير في التشكيلات المدرسية.  ومن الأعباء الكتابية أيضا الخطط الفصلية وتحليل المحتوى لها  وسلالم التقدير والأداء ومنظومة الأود ويف والاوبن إيمس والامتحانات اليومية والشهرية والفصلية وإجراءاتها وسجلات الحضور والغياب اليومية والشهرية والجداول وكتابتهاومشاكلها وصولا إلى الخطة التطويرية للمدرسة و التي يكلف فيها بعض المعلمين من مدرائهم. ولا ننسى التقارير السنوية وإشكالاتها والاختبارات التشخيصية وتحليل نتائجها  ووضع خطط علاجية واثرائية لها وتحليلها و الاختبارات اليومية والشهرية والنهائية وتحليلها وما يتبعها من خطط علاجية واثرائية و ملفات واستراتيجيات التدريس والدروس الإلكترونية وتنزيل العلامات وحضور الطلاب وغيابهم وملفاتهم الورقية المتمثلة ببياناتهم  المتعددة من الوزنوالطول وفحص النظر و سجلاتهم المرضية.وفي ظل استحداث ما يسمى بوحدة المساءلة والتفتيش زادت الأعباء الكتابية بمسميات أخرى مثل: (  دفتر نادي معلمي المواد، دفتر منسقين المواد، ودفتر الأسرة الصفية، ودفتر متابعة أمور الطّلبة وزيارة أولياء الأمور، التنوع في استراتجيات التقويم، ودفاتر للأنشطة والنوادي العلمية والثقافية مما يضيع وقت المعلمين في تعبئة هذه الدفاتر و لو أن هذا الوقت يتم استثماره فبما يفيد الطلبة لكان  أفضل لان هذه الكتابات مصيرها في  سلة المهملات و لو اقتصدنا في الكتابة على الورق في وزارة التربية والتعليم دون الوزارات الأخرى لقضينا على عجزالميزانية بذلك .  وفي المقابل عندما يطلب المعلم تصوير امتحان  للغة العربية أو الانجليزية لصعوبة كتابة فقرات الامتحان على السبورة بتفصيلاتها  لا نجد أحدًا يعطيه قصاصة ورقة واحدة متعذرين بالقول له: (دبر حالك، صور عحسابك).ثالثا : الأعباء المادية والتي بها يوفر الأدوات المساندة في عملية التعليم والتقويم مما يضطره _ أي المعلم _ في كثير من الأحيان إلى تغطيتها من جيبه الخاص مثل شراء الأقلام بأنواعها وطباعة الورق  والملفات وأوراق عمل الاختبارات التشخيصية وتحليل نتائجها ووضع خطط علاجية لها.رابعا : الأعباء النفسية الناتجة عن ضغوط العمل في المدرسة المتمثلة بالأنصبة العالية وازدحام الشعب مما يولد ضغط عمل كبير وبذل  جهد أكبر تستنزف من خلاله القدرات والطاقات وأصبح المعلم يخشى على نفسه لكثرة الاعتداءات عليه من الطّلبة وأولياء الأمور عليه فأصبح الطالب هو صاحب الكلمة والمعلم ضعيف أمامه ومن الأعباء النّفسية أيضا انتشار الحقد والكراهية  ما بين المعلمين بسبب ما يلحق بهم من ظلم وفساد وخصومات وما يرافق ذلك من ضغط وتعب نفسي  ولا ننسى هنا رواتب المعلمين المتدنية إذ إن بعض المعلمين و بمجرد استلامه لراتبهيذهب أغلبه سداد قروض وديون والتزامات ويتأكد هذا التدني للأجور أكثر في المدارس الخاصة وبشكل مقيت غير مقبول إلا لمن هو محتاج للعمل.خامسا : الأعباء الذهنية المتمثلة بوجود بيئة مدرسية غير آمنة فلا يأمن المعلم على نفسه داخل مدرسته ولا تتوفر له وسائل الحماية الكافية بمظلة قانونية ثابتة تمنع أو تقلل الاعتداء فالمعلمركن أساس في المجتمع وحمايته  واجبه داخل الدولة كحماية الدبلوماسيين.ووجود بيئة مجتمعية ناقمة حاقدة تنظر للتعليم على أنه من المهن الدونية ويتأكد العبء الذهني أكثر فأكثر  بتراكم العمل المستمر وزخمه الدائم فالمنجز أعمال كثيرة ضمن طلبات أكثرمرهقة ومتعبه تجعل المعلم في شرود ذهني لا يتوقف. وكذلك ضغوط العمل الهائلة والتي بالكاد ينسق المعلم بينها وبين مهام حياته؛ فيبقى في شرود ذهني دائم ومستمر فينشغل بها عن وظيفته الأساسية.سادسا : الأعباء الاجتماعية فالمعلم عمله ليس محصورا في المدرسة فقط بل ممتد خارج الدوام من خلال متابعته للطلاب واستفساراتهم وأولياء أمورهم  وهذا كله له أثره الكبير عليه  ويتأكدهذا الأمر أكثر إذا كان المعلم من نفس المنطقة التي يعمل فيها بمعاناة دائمة مع اقاربه.سابعا: الأعباء الصحية والمتمثّلة بالإجازات المحدودة وصعوبة الحصول عليها والتشكيك فيها والانتفاع المحدود للعلاج والخصم العالي للتامين الصحي وتوظيف معلمين يعانون أصلا من مشاكل صحية ويتم تخفيف أنصبتهم أو عدم تكليفهم أصلا بأي نصاب ويكلفون بمهمات بسيطة وبالمقابل يتحمل معلمون آخرون القيام بكافة المهام عنهم، ومن الأعباء الصحية أيضا  الافتقار إلى كادر طبي متخصص داخل  المدرسة للإسعاف الطارئ للطلبة والمعلمين ووجودهم هنا ضرورة ملحة وليس رفاهية ناهيك عن الطباشير الرديئة ومشكلة التحسس منها. ثامنا : العبء المتمثل بالبيئة المدرسية غير الآمنة: فالبيئة المدرسية لا سيما الصفية يرثى لها فهي لا تخدم أدنى حقوق الطالب والمعلم والمتمثلة بالمباني المستأجرة غير المهيأة وخاصة في فصل  الشتاء ببرودة المباني ورطوبتها ولا تدفئة وفي الصيف حرارة عالية في ظل عدم وجود مراوح وكوندشينات والمختبرات فيها غير مؤهلة للدروس الإلكترونية وعدم توفر كراسي ومكاتب للمعلمين وخزائنهم أكل عليها الدهر وشرب.تاسعا  : توظيف الواسطة والمحسوبية بحيث يجري توظيف معلمين  ممن لا يعاني من شيء أصلا بتقارير طبية وتحت بمسمى حالات خاصة وإنسانية ، كل هذه الأعباء جعلت التدريس نفسهعبئا ثقيلا لدى المعلمين سواء أكان نفسيا أو جسديا وغيره مما ذكرنا من أعباء.وللخروج من تلك الأزمة  يجب الاهتمام والتركيز في مهنة التعليم على عدة أمور وهي:– تحسين الوضع المادي للمعلمين بزيادة رواتبهم وإيجاد بيئة مدرسية  آمنة والتخلص من المباني المستأجرة وإيجاد البديل عن الأمور الكتابية كالإلكتروني.–  وثقافيا توعية المجتمع بأهمية دور المعلم واحترامه وتقديره  بتفعيل التشريعات التي تصون كرامته وتحفظ هيبته وتحديد نصابه بحصص أقل وإلغاء التحضير للمعلمين على الإطلاق أو يحدد تحضيره بسنوات خبرة محددة في التدريس، والتزام المعلمين بتخصصاتهم– العمل على تحسين البنية التحتية لغرف المعلمين وتوفير المواد التي يحتاجونها وعمل مكافآت وحوافز لأنشطتهم ودعم الإبداع والتميز لديهم عبر إجراءات سهلة ومرنة لخلق  جو نفسي مريح ينعكس أثره على المعلم نفسه والطالب والمدرسة والمجتمع برمته.