رجب ومافيه من عجب

حديث الروح

*مشرفة ساحة الابداع و المنتديات الإسلامية*
إنضم
30 سبتمبر 2011
المشاركات
10,233
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الكويت
رجب 
الأيام تمضي بلا هوادة ..
يُنحي الليلَ النهار  ، ويغرق الصبح في أجفان المساء
وهاهو رجب أحد الأشهر الحرم يميل نحو الزوال ..
غابت سماء قمره واضمحل وذاب ..
وكلما غربت شمس يوم في رجب اقتربت أطياف  رمضان 
تلوح للمشاعر الظامئة فتثير في فضاء الروح الأشواق  ..  
وبين غياب رجب واقتراب رمضان ..
غرة شعبان تلوح من بعيد ..
زهرة نور تبشرنا بالحبيب المنتظر !
➰
داهمني مثلٌ غاب عني زمناً..
وكان  قد عبر يوماً إلى سمعي خلال حديث دار بين الكبار ..
وعلّق بذاكرة الطفولة.. فحفظته ولم أفهم مقصده
وما كان ليسترعي انتباهي لولا جدية وحماسة المحاورة  
وانعقاد أسارير الدهشة ،  وضرب الكفين أسفاً ..
أدركت حينها أنه  أمرٌ  يستدعي عجبا !!
  
➰
واليوم خطرلي أن أقلب صفحات رجب 
لأعرف سر العجب !!
➰
(عش رجباً ترى عجباً )‼
هو مثلٌ  عربي  ٌمعروف ..
وعلمت الآن أن جذوره   تمتد إلى الجاهلية ..
لكنه صار يضرب مثلاً في تحول الدهر وتقلبه
وتغير أحوال العباد ! أي : 
كلما أدركت رجباً بعد رجب وتعاقبت الاعوام 
فسيظهر لك من الحياة العجب !
➰
أما لماذا رجب ، وما قصة لصوق العجب به ..
فيروى عن أبو عبيد البكري..
أن أهل الجاهلية كانوا يرفعون مظالمهم إلى شهر رجب، 
ثم يأتون فيه الكعبة فيدعون الله عز وجل 
فلا تتأخر عقوبة الظالم، 
فكان المظلوم يقول للظالم ( عش رجبا ترى عجباً)
وقد سئل عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ..
عن صحة معتقد  الناس فيه 
فقال : نحن اليوم مع الإسلام ،
ندعو على الظالم فلا نجاب في أكثر الأمر .
إن الله عز وجل لم يعجل العقوبة لكفار هذه الأمة ، 
ولا لفساقها ، 
فإنه تعالى يقول : 
( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) 
القمر / 46
➰
ومن المؤكد أن لامزية لرجب في تخصيصه بالدعاء
فإن الله يجيب دعوة المظلومين والمضطرين 
في كل حين ..
وهذا ماجاء في تاريخ ابن الأثير ، وقد عقب بقوله :
أن العرب كانوا يؤخرون دعواتهم على الظالم إلى شهر رجب كونه من الأشهر الحرم عندهم
 فيوقف فيه السلب والنهب ويكثر الخير الذي فيه.
 
➰
وهناك قصة تروى في أول من قال ذلك ..
وسأذكرها :
يقال أن الحارث ابن عباد ..
وكان ذا مكانة وملك في قومه..
طلق إحدى زوجاته من بعد ما تجاوز في العمر 
فتزوجها بعده رجل كانت تظهر له من المودة والحب 
ما لم تكن تظهره للحارث من قبل، 
فلقي زوجها الحارث ذات يوم ..
فأخبره بمنزلته الكريمة من زوجته ومودتها 
فقال له  الحارث: 
(عش رجباً... ترى عجبا ً)
أي عش عاماً بعد عام ، حتى تبلغ من الكبر عمراً..
وسترى حينها  العجب منها ..!!
➰
وروي المثل أيضاً رواية أخرى وبهذا المعنى فقيل :
( عش رِحباً ترى عجباً) ..!
أي إذا امتدت بك الأيام وعشت عمراً واسعاً
فسترى عجباً ..‼
[ الرِحب بكسر الراء : ممتداً  واسعاً ].
➰
هذا المثل السائر يظل يتجدد  في حياتنا ..
وقد تقصر سنين العمر   
ويسرع في عدوه  الزمان 
ومع ذلك ..
يأتينا الزمان كل يومٍ بالعجب  .. !
فالأيام صارت حافلة بالتغيير بين عشية وضحاها 
لابين رجب ورجب .. 
 ومسيرة الحياة المتجددة تحمل العجائب 
من كل الجوانب ..
تغيرات أجتماعية .. وعقائدية .. ودينية ..وغيرها 
منها سالب ٌ ، ومنها موجب ..
ولكن جوهر الإسلام  في نفوس المؤمنين ..
لايخضع لسالب التغيرات ، مهما حفّت بها المغريات 
ولايقر ماينكره الشرع 
من مظاهر تستدعي العجب ..
وأحوال وغرائب تستثير  الأسى والأسف ..!
  
➰
حديث الروح / ولي نبض آخر