أنوار من سورة فاطر

حديث الروح

*مشرفة ساحة الابداع و المنتديات الإسلامية*
إنضم
30 سبتمبر 2011
المشاركات
10,233
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الكويت
[*]


* تناسب خواتيم سبأ مع فواتح فاطر*
ذكر في خاتمة سبأ عاقبة الكافرين (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)) هذا الكلام كله في الآخرة وفي أوائل فاطر قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5))، لما قال (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)) ذكر عاقبتها والآن حذرنا من أن نقع في ذلك الموقع وفي أن نقف في ذلك الموقف (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) ذكر العذاب الشديد في خاتمة سبأ وقال (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) فالتناسب في العذاب والعقوبة في الموقفين.
**هدف السورة: الإستسلام هو سبيل العزّة**
سورة فاطر مكيّة نزلت قبل هجرة الرسول r. الإستسلام هو كمال الطاعة والإستسلام ليس مذلة وأنما هو عزّ فالعبودية للبشر ذلُ وصغار والعبودية لله تعالى رفعة وعزّ، فالعزّة تبدأ بالإستسلام لله تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) آية 10، والناس مهما كانوا وتعاظموا هم الفقراء والله تعالى هو الغني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) آية 15.


ثم تتحدث آيات كثيرة في السورة (الآيات 1، 2، 3، 9، 11، 12، 13، 27، 28، 41، 44) عن آيات الله تعالى في الكون ودلائل القدرة والسيطرة على هذا الكون الفسيح وكأنما في هذا تأكيد أن الإستسلام لخالق هذا الكون وما فيه ومن فيه لا يمكن أن يكون ذلاً أبداً إنما هو عزُ ما بعده عز أن أستسلم وأخضع لمن خلق السموات والأرض وخلق الأكوان والخلق والكائنات على اختلافها وكل هذه المخلوقات تشهد بعظمة الخالق وتنطق بعظمة الواحد القهّار فتبارك الخالق رب العالمين. وأن كان أحدنا يستسلم لرأي طبيبه ويرى أنه هو الصواب وعليه أن ينفّذ التعليمات كما وصفها وهو بشر لا يملك أن يضر او ينفع إلا بإذن الله ولا أسأله ما الحكمة من وراء هذا العلاج بالذات أخضع لأمره دون مناقشة ثم أعترض على خالق الخلق بأن لا أستسلم بالكلّية لأوامره وهو القدير الحكيم العليم؟ يا لجهالة البشر بخالقهم وصدق تعالى (وما قدروا الله حق قدره).
سميّت السورة بـ (فاطر) لذكر هذا الإسم الجليل في طليعتها لما يحمل هذا الوصف من دلائل الإبداع والإيجاد من عدم ولما فيه من التصوير الدقيق الذي يشير لعظمة الله وقدرته الباهرة وخلقه المبدع في هذا الكون.