دور كليات التربية في إعداد المعلمين

إنضم
22 أغسطس 2015
المشاركات
1,475
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
مكانة المعلم: يحتل المعلم مكانة هامة عند كافة أفراد المجتمع ، على اختلاف مستوياتهم ، فهو مؤتمن على الأبناء ، فهم أهم ما يملكه المجتمع من ثروة ، وتكمن أهمية المعلم في كونه الشخص الذي يقوم بعملية التعليم ويرعى هذه الثروة ويسهم في تنميتها لتحقيق أهداف المجتمع وطموحاته. 
وتبرز مكانة المعلم في قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه: « إنما بعثت معلماً »  ويقول الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وبقدر الاهتمام والتطور الذي يلحق بمستوى المعلم ، بقدر ما يؤدي إلى نمو التلاميذ وتطورهم ، فالأطباء والمهندسون ورجال الأعمال وغيرهم من فئات المجتمع ، يتأثرون في خلفياتهم المعرفية ومهاراتهم وسلوكهم إلى حد كبير بسلوك معلميهم ، وما بذله هؤلاء المعلمون من جهد طوال سنوات التعليم. ولا شك أن العلماء والبارعين في مختلف مجالات الحياة ، قد عاشوا خبرات تربوية وفرها لهم معلمون متميزون طوال مراحل تعليمهم ، الأمر الذي أثر في بناء شخصياتهم وصقل تفكيرهم على نحو مكنهم  من التفوق والتميز في مجتمعهم ، وتوصلوا إلى الاكتشافات والاختراعات المؤثرة في حياة البشرية وتقدمها. 
والمعلم عنصر مهم في العملية التعليمية ، فهو الذي يخطط ويبعث النشاط في التعليم ويضفي على الكتاب والمحتوي والأنشطة والوسائل والتجهيزات ما يكمل نقصها إذا كان ثمة نقص ، ويوظف هذه العوامل لخدمة التلميذ . فتوافر الكتب والتجهيزات والمعامل والمكتبة والوسائل التعليمية لا تؤتي ثمارها المرجوة إلا بتوفر المعلم الكفء القادر على توظيفها واستثمارها وتهيئة البيئة المناسبة لعملية التعلم. 
ونؤكد أيضاً أن المعلم جزءً من نظام التعليم ، وما لم يستند هذا النظام على أسس ومبادئ تربوية واضحة يعرفها المعلم فسوف يكون عمله مشتتاً غير واضح الهدف ، وغير مكتمل الأثر في مخرجات العملية التعليمية. وعرفاناً بالجميل وتقديراً لدور المعلم ومسئوليته أصبح العالم يحتفل كل عام بمناسبة تعرف بـ "اليوم العالمي للمعلم" ، وتشارك فيها كل المجتمعات بالتعبير والتقدير لكل معلم مخلص أمين صادق في رسالته. وكان اهتمام علماء المسلمين كبيراً باختيار أفضل المعلمين التعليم ، وتحديد خصائص المعلم الفعال ومسئولياته وواجباته. 
ومن المفيد أن نتعرف على صفات المعلم فيما يلي: صفات المعلم:  أولاُ: الصفات العقائدية والخلقية: (1) الإيمان بالله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فالعقيدة الإسلامية توجه أفكار المعلم وتصرفاته ، وهذا سينعكس على سلوكياته وأدائه وتجعله يقوم بمسئولياته في ضوء تلك العقيدة. (2) الرغبة في الدعوة وفهمها وربط الدين الإسلامي بطبيعة العلوم وفروعها ، وهذا يدفع المعلمين إلى نشر العقيدة من خلال عملهم بمهنة التدريس. 
ثانياً : الصفات الجسمية والصحية : ينبغي أن يتمتع المعلم بصحة جيدة ، وأن يكون سلم البنية والحواس ، خالياً من العيوب والعاهات والأمراض المزمنة أو الخطيرة التي تعوق أداءه لمهمته على خير وجه ، وأن يكون قادراً على تحمل مشاق التدريس ، فالتدريس مهنة شاقة تتطلب جهدا فكرياً وجسميا ، وهو مما يجعلنا نؤكد على أهمية الرعاية الصحية الدائمة للمعلمين. 
ثالثاً: الصفات العقلية والنفسية: (1) ينبغي أن يتمتع بقدر مناسب من الذكاء الذي يمكنه من التصرف بسرعة ، ولباقة في المواقف الصعبة ، وكذلك في مساعدة تلاميذه على النمو العقلي. (2) الإلمام بالثقافة العامة لمجتمعه ، والثقافة العامة في مختلف مجالات الحياة ، ومعرفة مصادر المعرفة المختلفة وكيفية الحصول على المعلومات والمعارف ، وأن يكون قادراً على إثارة عقول التلاميذ ، وتنمية خيالهم وتوسيع مجالات اهتمامهم. (3) أن يتصف بالاتزان الانفعالي محباً لمهنته وللتلاميذ ولمجتمعه. (4) أن يتصف بالقدرة على فهم ذاته وفهم الآخرين وظروف الحياة ، ويؤدي رضا الفرد عن ذاته ونظرته الإيجابية إلى الاستقرار النفسي ، والعمل على مساعدة الآخرين والتعاون معهم.
رابعاً: الصفات الخلقية والاجتماعية: (1) أن يكون مخلصاً في قوله وعمله متقناً له قدر استطاعته. (2) أن يكون متواضعاً لله عز وجل متذللاً له سبحانه وتعالى. (3) أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر متصفاً بالعقل والروية وحُسن التصرف والحكمة في أمره ونهيه.. (4) أن يكون المعلم حسن المظهر. (5) أن يكون المعلم صابراً على معاناة مهنة التدريس ومشاقها ، قادراً على مواجهة المشاكل الطلاب ومعالجتها بحكمة دونما غضب أو انفعال .(6) أن يكون محبا لطلابه مشفقاُ عليهم ، مشاركاً لهم في مختلف أحوالهم ومشكلاتهم. (7) أن يكون عادلاً في معاملة تلاميذه ويحرص على تحقيق المساواة بينهم. (8) أن يكون قدوة حسنة في قوله وعمله وسره وعلانيته وأمره ونهيه. (9) أن يكون صادقاُ وموضوعياً في معاملة التلاميذ. 
خامساً : الصفات المهنية: (1) أن يتمتع المعلم بمعرفة واسعة وعميقة في مجال تخصصه والمادة التي يقوم بتدريسها والمعلومات الرئيسة في فروع العلوم ذات الصلة بمادته ، وأن يعرف طبيعة العلم ، وأساليب البحث العلمي ، وأن يكون لديه الاستعداد لمزيد من التعلم في فرع أو أكثر من فروع التخصص. (2) أن يكون ذا شخصية قوية يتصف بطلاقة التعبير ووضوح الأفكار. (3) أن يكون ماهراً وحساساً في تنظيم الأنشطة التعليمية وتخطيطها. (4) الإلمام بأسس ومبادئ التعلم ونظرياته مثل : التحفيز والتشجيع والدافعية ، ونشاط المتعلم ، والفروق الفردية.. إلخ . (5) معرفته بأهمية التربية في تطوير المجتمعات ، ومعرفته بالخصائص النفسية للمتعلمين.(6) الإلمام بأساليب ومداخل وطرق التدريس وتوظيفها في مواقف التعلم المختلفة. (7) الالتزام بآداب المهنة ، معتزاً بانتمائه إليها ، قادراً على قيادة تلاميذه. 
أهمية إدراك المعلم لأدواره (مسئولياته وواجباته) :إن أدوار ومسئوليات المعلم عديدة ومتباينة ، فالمعلم الكفء يؤدي دوراُ يتغير دوماً تبعاُ للمواقف التعليمية المختلفة ، فهو تارة يكون أباً ، وتارة يكون موجهاً ، وتارة يكون مربيا ، وتارة أخرى يكون ناقلاً للمعرفة ، وتارة يجمع بين ذلك كله . لذلك أصبح من الأمور الهامة أن تراعي النظم التعليمية الجوانب المختلفة لخصائص وصفات المعلم وأدوره ، إذا أرادت أن يؤدي المعلمون الحاليون ، ومعلمو المستقبل مسئولياتهم على قدر كبير من الفعالية.ويرى الكاتب أن هذا لا يكفي ، إذ لابد من إبراز وإيضاح تلك الأمور والمسئوليات لكل من يود التشرف بالعمل في هذه المهنة ، لأن البعض قد يختارها دون وعي كامل بمسئولياتها ، مما يجعله يفاجأ بأمور لم تكن في حسبانه عندما يمارس العمل ، والسبب عدم معرفته لما هو مطلوب منه داخل المدرسة وخارجها ، إذا أن اختيار البعض لهذه المهنة لا يتم بناءً على اقتناع بأهميتها ، ومعرفة بمسئولياتها ، بل لأسباب أخرى كمزاياها المادية التي يحصل عليها المعلم دون غيره من الموظفين في القطاعات الأخرى ، أو لعدم حصوله  على النسبة المؤهلة لدخول كليات أخرى ، ولعل هذا مما ينذر بحدوث خلل في مستوى التعليم ، وبالتالي سيؤثر بشكل واضح على المتعلم ومستقبله. 
لذا فإن مسئولية المعلم هنا تأتي من قدرته على التميز والاختيار ، المبنى على الفهم والإدراك لم يقع عليه اختياره ، مما يساعده على تحمل أعباء هذه المسئولية ، والتطلع إلى المستوى الأفضل لكي تتحقق الأهداف ، وذلك من خلال تعرفه على أدواره ومسئولياته وواجباته والقيام بها على أكمل وجه. وقد ورد في التوصية رقم (4/ج) الصادرة عن مؤتمر التربية الدولي الخامس والثلاثين لعام 1975م ما نصه: يجب أن يكون المعلمون مدركين للدور الهام المطلوب منهم في المجتمع المحلي كمهنيين ومواطنين ، وكعوامل تغيير ، كما يجب أن يمنحوا الفرصة لممارسة هذا الدور". ومما يدعو الكاتب إلى التأكيد على ضرورة معرفة المعلم لأدوراه قبل التحاقه بالمهنة أن التعليم ليس أمراً سهلاً ، بل هو رسالة صعبة ، لا تعتمد على نقل المعلومات فقط ، بل تتعداها إلى مسئوليات أخرى لا تقل أهمية عن نقل المعرفة والتراث ، ذلك أن مهمة التربية هي: إعداد الجيل للعمل والحياة المستقبلية داخل إطار المجتمع وخارجه ، وتحمل المسئولية وتعريفه بالطريق الموصل إلى هدف وجودنا في هذه الحياة ، لذا كان من الضروري جداً لكل من يقدم على التدريس أن يسأل نفسه عن مدى قناعته بهذا العمل وتحمسه للقيام بواجباته ومسئولياته المتعددة. 
مفهوم دور المعلم ، والعوامل المؤثرة في أداء المعلم ، وأدوار المعلم: أدى التطور السريع لاحتياجات المجتمع خلال السنوات الأخيرة إلى ضرورة تطوير مفهوم التعليم ومحتواه ، وهذا يستلزم تطوير المقررات الدراسية وأساليب التدريس وإعداد المعلم ، والأدوات والتجهيزات والمباني المدرسية وغيرها. فاحتياجات المجتمع المتغيرة والمتزايدة دائماً تستلزم تطويراً مستمراَ لعناصر العملية التعليمية ، مما يترتب عليه تغيير مهام ومسئوليات المعلم لأداء أدواره المختلفة على المستوى التخطيطي والتنفيذي للمنهج. ويعمل المعلم في مهنته في إطار عدد من العوامل التي تؤثر على مستوى أدائه في تلك المهنة ، ولما كانت العوامل التي تؤثر على أداء المعلم دائمة التغيير بسبب حركة المجتمعات وتطورها ، فإن أدوار المعلم دائمة التغيير أيضاً. 
ويمكن توضيح مفهوم الدور (Role) في العملية التعليمية ، حتى يمكن تحديد أدوار المعلم المختلفة في ضوء هذا المفهوم ، كما يلي: (1) مفهوم الدور (Role) : يعرف الدور بأنه "مجموعة من القواعد السلوكية المحددة لسلوك الفرد في موقف معين تفرض على هذا الفرد مسئوليات محددة".كما وأن الدور الذي يقوم به المعلم لا يتحدد بما لهذا المعلم من توقعات وآمال فقط ، وإنما يتحدد بالنظام الشامل الذي يحدد هذه الآمال ، ويعطي المعايير التي يتحدد على ضوئها سلوك المعلم عند مستوى معين في النظام التعليمي. ويعرف الدور أيضاً بأنه "الواجبات والمسئوليات المتوقعة التي يواجهها المعلم في الفصل الدراسي ، أو ما يتوقعه منه المجتمع ، والتي يؤدي فهمها إلى تمكين هذا المعلم من التخطيط للخبرات التعليمية التي سوف تزيد من كفاءته في توجيه عملية التعليم ، وبالرغم من أن هذا الدور دائم التغير ، كما يختلف اختلافاً كبيراً بين المعلمين ، إلا أنه يمكن التعرف على بعض العوامل المشتركة في عمل كل المعلمين. ومن التعريفات السابقة لمفهوم الدور ، يمكن استخلاص ما يلي عن طبيعة الدور وخصائصه: (1) أن الدور عبارة عن مجموعة من الأنشطة والواجبات والمسئوليات. (2) أنه يمثل توقعات لجهات متعددة تحيط بالمعلم.(3) أنه يوجد سلوك المعلم في ضوء أسس معينة. (4) توجد أدوار مشتركة بين المعلمين. (5) يتغير الدور بتغير العوامل التي تؤثر على مستوى أداء المعلم. (6) يتم تقويم المعلم والحكم على مستوى أدائه في ضوء الأدوار المختلفة التي يجب أن يقوم بها. ومن التعريفات السابقة توصل المؤلف إلى تعريف مفهوم الدور المطلوب من المعلم كما يلي: - يعرف الدور بأنه: "مجموعة المسئوليات والواجبات التي يجب أن يقوم بها المعلم سواء أكانت في داخل الفصل الدراسي أم في خارجه ، والتي يؤدي قيامه بها إلى تحسين مستوى أدائه والارتقاء بمستوى العملية التعليمية ككل". وحيث أن الأدوار دائمة التغير ، فيجب مراجعة برامج إعداد المعلمين دائماً ، لمواكبة التغييرات التي تحدث في النظام التعليمي بفلسفته وأهدافه ، وتمكين المعلمين من أداء أدوارهم المتوقعة منهم. وبعد أن تم تحديد مفهوم الدور ، يمكن توضيح العوامل المؤثرة في أداء المعلم لنبين تأثر أدوار المعلم من فترة إلى أخرى بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية  والسياسية كما يلي: (2) العوامل المؤثر في أداء المعلم: يتضمن التدريس مجموعة من العمليات سواء ما يتعلق منها بالمستوى التخطيطي أو بالمستوى التنفيذي للمنهج ، وأدوار المعلم وثيقة الصلة بهذه العمليات. ويعمل المعلم في مهنته في إطار عدد من العوامل التي تؤثر على مستوى أدائه في تلك المهنة ، وبقدر إدراك تلك العوامل المؤثرة يكون تحديدنا لأدوار المعلم ، ومن الإطلاع على كتابات بعض الخبراء والمتخصصين العرب والأجانب الذين تناولوا تحديد العوامل المؤثرة في بناء المنهج ، وكذلك أداء المعلم ، أمكن التوصل إلى العوامل التالية: (1) التغيرات في المناهج الدراسية: تتعرض محتويات المناهج للتغيير والتبديل ، فقد مرت المناهج المختلفة لمراحل التعليم بتغييرات سريعة في السنوات القليلة الماضية نتيجة لعدد من المتغيرات التي طرأت خلال هذه الفترة ، منها ما يتعلق بتطور في النظرية التربوية ، أو في الفلسفة الإجتماعية ، أو طبيعة المعرفة والتقدم العلمي ، أو طبيعة عملية التعليم وشروطها. ففي مجال العلوم أدخلت تغييرات ، بل طفرات على هياكل المناهج ومحتوياتها في مراحل التعليم بدأت منذ أطلق الاتحاد السوفيتي (سابقاً) أول جسم من الأرض يتخلص من جاذبيتها ويدور في فلك حولها ، وذلك بإطلاق القمر الصناعي Sputnik)) عام 1957م ، وقد أدى ذلك إلى تغيرات متميزة في تاريخ مناهج العلوم إذ قامت مشروعات عالمية وإقليمية في مختلف المواد ، كما حدثت تغييرات متتالية ومستمرة إلى أن حدث التغير في فلسفة وأهداف التعليم الإلزامي ، والذي إستلزم تغيير محتوى المناهج الدراسية لمواكبة فلسفة وأهداف التعليم الأساسي.
 ويمكن القول: إن معلم العلوم بإعداده الحالي غير قادر على أن يقوم بتنفيذ المناهج المستحدثة التي تبني على التكامل بين مادة أو أكثر من مواد المنهج.والمعلم  في ظل المنهج الجديد ، بل وقبل البدء في تعميم استخدامه في المدارس ، يحتاج إلى دراسة شاملة له بكل أبعاده ، فقد يحتاج المنهج الجديد أسلوباً في التدريس ، وقد يتطلب استخدام أجهزة ليست مألوفة بالنسبة للمعلم ، وقد تتطلب نوعا جديداً من الوسائل التعليمية أو أسلوباً جديداً للتقويم ، وبذلك يمكن القول: إن المعلم لا يستطيع أن ينفذ المنهج الجديد بكفاءة ، إذ أنه لا يملك كفايات خاصة يتطلبها المنهج الجديد.(2) توقعات المجتمع ومتطلبات المؤسسات الاجتماعية: يتوقع المجتمع من المعلم والمنهج المدرسي أن يحققا آماله وتطلعاته في أبنائه ، فالمجتمع يحتاج إلى شخصيات مفكرة قادرة على التجديد والابتكار وتنقية الثقافة مما علق بها من شوائب نتيجة للاحتكاك الثقافي.ويسعى المجتمع إلى تزويد أبنائه بالمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات التي تتفق مع مفاهيم وقيم المجتمع في مختلف المجالات ، كما يسعى المجتمع إلى إعداد أبنائه ليكونوا قادرين على الاضطلاع بمسئوليات مختلفة في كافة مجالات العمل والإنتاج ، وبذلك يتحمل المعلم مسئولية إعداد الأفراد – أي تربيتهم – من عدة جوانب ، فهناك الجانب الاجتماعي ، وهناك الجانب الثقافي ، والجوانب المهنية والصحية والنفسية ، وبذلك  فإن المعلم مطالب بإحداث نوع من التوازن بين جميع الجوانب بحيث لا يلقى جانب اهتماماً كبيراُ مما يقلل نصيب الجوانب الأخرى من ذلك الاهتمام. ولعل ذلك يوضح ما يتطلبه المجتمع ويتوقعه في سلوك أفراده ، كما يبين المسئوليات والواجبات التي يحملها المعلم ، أو التي يجب أ، يحملها حينما يكون بصدد تنفيذ المنهج ، ولكن يوجد من المعلمين من لا يشعرون بأهمية هذا الأمر ، ويتخيلون أن مسئولياتهم تنحصر في تدريس المقرر ، وبذلك يوجد إهمال لتوقعات المجتمع وقصور في أداء الواجب المهني. 
 كما أن المؤسسات الاجتماعية تمثل ضغوطاً معينة على عملية التربية عامةً وعلى مسار عمل المعلم ومسئولياته ، فلتك المؤسسات تحتاج إلى خريجين يملكون كفايات معينة ضرورية لقيامهم بمسئوليات تحدد مجالات العمل ، وتكوين تلك الكفايات يتم من خلال سنوات الدراسة أو بعد الانتهاء من مرحلة تعليمية كاملة. وقبول الخريجين بمجالات العمل يتوقف على مستوى الكفايات التي تمكن منها الفرد بعد الانتهاء من الدراسة ، وهذا يتطلب ضرورة تطوير المناهج الدراسية بحيث تساعد الخريجين على الالتحاق بمجالات العمل المختلفة ، وهذا يؤثر على أداء المعلم لأدواره ويتطلب أن يكون واعياً بنوعية الكفايات المطلوبة على جميع المستويات ، فضلاً عن وعيه بأساليب تعليمها وتنميتها. 
 وهذا يستلزم استجابة برامج إعداد المعلم قبل الخدمة وتوفيرها للكفايات اللازمة للمعلم ليكون على مستوى المسئولية عند تنفيذ المنهج. 
(3) تطور المعرفة والتقدم التكنولوجي: يتميز العصر الذي نعيش فيه بسرعة التغير ، وأهم مظاهر هذا التغير هو ما يعرف بالانفجار المعرفي ، أو ثورة المعرفة ، فلم تعد المعرفة ثابتة ، ولكنها أصبحت متطورة ومتغيرة . والتغيرات التي حدثت ، بعضها متعلق بالمعرفة ذاتها ، وبعضها الآخر متعلق بطبيعة عملية التعلم وشروطها ، وعوامل تيسيرها ، وكذلك نتائج التجارب ، والبحوث العلمية والتربوية التي يجب أن تنعكس آثارها على العملية التعليمية ، كما أن التقدم التكنولوجي لم يعد بعيداً عن المجال التربوي. فلقد غير التقدم التكنولوجي وجه الكون الذي يعيش فيه الإنسان ، ففي كل مكان يمكن أن نلحظ آثار التقدم التكنولوجي في المأكل والملبس ووسائل المواصلات والاتصالات ، وغير ذلك ، وبتقدم التكنولوجيا استطاع الإنسان الهبوط على الأقمار والكواكب التي حولنا. كما قدمت التكنولوجيا من منافع وأدوات كثيرة لرفعة الإنسان ، فقد طرحت أيضاً عدداً من المشكلات التي يكون فيها فناء العالم وتدميره. كما أدت الاكتشافات الحديثة وما توصل إليه الإنسان من أسرار الشفرة الوراثية والتكنولوجيا البيولوجية إلى أن أصبحنا في مرحلة تفوق مرحلة اكتشاف القنبلة الذرية في أهميتها وخطورتها على حياة الإنسان. وبناء على ذلك ، فإن المعلم لا يستطيع الانعزال عن تلك التغيرات المتجددة ، إذ أن تلك هي طبيعة العصر التي تفرض نفسها على أساليب تنفيذ المناهج الدراسية ، الأمر الذي يقتضي أن يكون المعلم واعياً وملماً بكل ما يستجد في مجال تخصصه حتى يستطيع تطوير ذاته علمياً ومهنياً ، مما تنعكس آثاره بصورة مباشرة على أدائه التربوي ، وهذا يستلزم من المعلم الإطلاع المستمر بعد تخرجه وفي أثناء التحاقه بالمهنة ، ويقوم المسئولون بإدارات التعليم بعقد دورات تدريبية تزوده بأحدث المعارف والتطورات في مجال تخصصه ، وكذلك توفر له الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة ، والاهتمام بإنشاء مراكز خاصة للمعلمين (Teachers Centers) ومراكز مصادر التعلم Centers of Learning Resources)) ، وهي كلها مراكز تقدم خدمات تعليمية للمعلم. 
 ومن ثم يصبح المنهج الدراسي أحد مصادر التعلم إلى جانب مصادر أخرى كثيرة ، ولذلك تصبح قضية تطور المعرفة والتقدم التكنولوجي من القضايا الأساسية التي يهتم بها المعلم ، وهو أمر يحتاج إلى عناية واهتمام في برنامج إعداد المعلم ، حيث يجب التركيز على بناء اتجاهات إيجابية نحو التعلم الذاتي والتعلم المستمر وتجديد الذات ، الأمر الذي يؤثر على مستوى أداء المعلم.
طبيعة خصائص نمو التلميذ: إن فهم طبيعة التلميذ وخصائص نموه أمر ضروري لواضعي المنهج ، وهو أمر يؤثر على بناء المنهج ، ويعدهم بمفاهيم تثري المواقف التعليمية وتجعل إجراءات التعلم قائمة على أساس علمي واقعي ، وهذا يتطلب التعرف على الظروف والشروط التي يتعلم بها الفرد ، مما يؤدي إلى التخطيط السليم للمواقف التعليمية ، ويجعل التعليم أمراً ميسوراً ويرجع الاهتمام بدراسة التلميذ إلى أنه محور العملية التعليمية وجوهرها ، وبالتالي فإن تقديم الخبرات التعليمية له دون معرفة خصائصه وحاجاته وميوله ومشكلاته إنما يؤدي بصورة أو بأخرى إلى عدم بلوغ الأهداف التي يسعى إليها المنهج ، ومن ثم فإن دراسة التلميذ تعد أساساً ضرورياً يفيد من يتناول المنهج على المستوى التخطيطي أو التنفيذي. 
 ويمثل المتعلم بعداً من ضمن الأبعاد الكثيرة التي تؤثر في مستوى أداء المعلم في المهنة ، بمعنى أن المعلم في أدائه للمهنة يتأثر بطبيعة المتعلم وخصائصه ، فذلك المتعلم من بيئة لها ثقافة معينة ، واكتسب العديد من المعارف ، وتكونت لديه مفاهيم معينة قد تكون بعضها صحيحاً وبعضها الآخر غير صحيح ، كما تكون لديه إطار من الاتجاهات والقيم كما توجد فروق بين المتعلمين في المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم ، وهذا يجعل الموقف على درجة كبيرة من التعقيد بالنسبة للمعلم ، فهو مطالب بتوظيف مضمون المنهج المدرسي. 
 وهذا يتطلب من برامج إعداد المعلمين بكليات التربية تزويد الطلاب المعلمين بالكفايات التي تساعدهم على فهم طبيعة خصائص نمو المتعلم ، واختيار الخبرات التعليمية التي يتناسب مستوى نضج التلاميذ وتفيدهم في حياتهم في التعامل مع البيئة التي يعيشون فيها. 
(4) المستوى الفني للمعلم: يعتبر المعلم من المدخلات الهامة في التعليم ، ويتوقف نجاح العملية التعليمية وتحقيق أهدافها بالدرجة الأولى على المعلمين واقتناعهم بمهنتهم. لذلك يتوقف نجاح أي منهج على مدى فهم المعلم له وإلمامه بالكفايات التي تساعده على تنفيذ المنهج ، وقدرته واستعداده لتنفيذه. فنجد أنه من الصعب على معلم العلوم الذي تخرج من كليته دون دراسة لمقرر أو أكثر في العلوم المتكاملة أن يقوم بتدريس العلوم المتكاملة بمرحلة التعليم الأساسي. وكذلك من الصعب على معلم العلوم أن يقوم بتدريس بعض الموضوعات الخاصة بالبيئة ، وكيفية المحافظة عليها وحمايتها من التلوث دون تقديمها له في برامج ا لإعداد.وأيضاً من المستحيل استخدام الكمبيوتر في إجراء بعض العمليات الرياضية اللازمة للتعرف على خصائص ومكونات الكون بمفهومه الواسع دون الإلمام بالعمليات الأساسية للكمبيوتر ، ومعرفة أجزائه وتركيبه وكيفية استخدامه. وذلك يتطلب ضرورة أن تشتمل برامج إعداد المعلمين بكليات التربية على التطورات العلمية ومتابعة التغيرات في محتويات المناهج ، وتزويد الطلاب المعلمين بالمعارف والمهارات التي تساعدهم على التعامل مع التقنيات التربوية الحديثة، 
(5) التجهيزات والإمكانات المتاحة : يتأثر مستوى أداء المعلم عند تنفيذ المنهج بمدى توافر التجهيزات والإمكانات فالأسلوب التقليدي في تنفيذ المنهج لا يستخدم أكثر من الكتاب المدرسي والمعلم القادر على نقل محتواه للتلاميذ والسبورة الطباشيرية ، ولكن هذه المناهج إذا توفرت لها الإمكانات المادية والأدوات والأجهزة والوسائل التعليمية ومصادر التعلم المختلفة والأنشطة المتنوعة ، فلابد أن يؤدي هذا إلى تنفيذ المنهج بصورة أفضل وتحقيق الأهداف المنشودة له. كما إذا استندت المناهج على فلسفات وأفكار تربوية متطورة ، فالأمر يحتاج إلى إمكانات وتكاليف أكثر ، حيث تتطلب عند تنفيذها استخدام وسائل تعليمية مثل التليفزيون ، والفيديو ، والسينما ، والآلات التعليمية ، والحاسبات الإلكترونية. 
 وبناء على ذلك فإن المعلم عند تنفيذ المنهج يحتاج إلى إمكانات معينة ، وبقدر توافر تلك الإمكانات وبقدر تمكنه من كفايات استخدامها يتحدد مستوى أدائه ، وهذا يستلزم أن تتضمن برامج إعداد المعلمين وسائط الاتصال والتقنيات التعليمية الحديثة.