غزل في الطائرة

white ro0oz

مراقبه عامه
إنضم
24 يونيو 2015
المشاركات
28,528
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
غزل في طائرة

الشاعر العراقي يحيى السماوي

وقـفــتْ وحـيَّـتْ بـالسلام الأمـثـلِ
و أنـا شـريـدٌ فـي دروبِ تـأمّـلـي**

أعــدو وراء الـذكـريات يـقـودنـي
طيـفٌ لـه أرخـيتُ حـبـلَ تـوسّلـي

قالـت: أتسمـح لـي؟ فـقلت مرحباً:
يـا جـارتـي عبـر الفضـاءِ تفضَّـلـي

جـلَسـتْ بـجـانب شـاعـر متـشـرِّدٍ
هـو عـن مطارحةِ الحديثِ بمعزل ِ
**
جلسـتْ وألفُ سحابةٍ مـن حـولها
تـندى بـأشذاءٍ و عـطر سَـفـَرْجـَل

نفضتْ عليّ الطيبَ حين تحدّثتْ
فـأفـقـتُ مـفـتونـاً بلـثـغــةِ بـلـبـل

قالتْ: رجاءً لـو ربـطـتَ لمـقـعـدي
هــذا الـحـزامَ فــإنـهُ لــم يُـقـْـفـَـل ِ

فـأجـبـتها: ما غـيـّرتْ أقدارَنا
أقـفـالُ أحـزمــةٍ فــلا تـتـوجَّـلـي

٭٭٭٭٭

مـن أين أنتَ؟ أنا أبـنُ ألفِ مدينةٍ
رضعتْ بنيهـا من مضاغ ِالحنظل

وأنا الـغدُ المجهولُ.. قـافلتي على
نـار ٍ تـسـيـرُ ولـيس لـيْ من مَنهـل ِ

وأنـا مـزاجُ الأمـس ِ خالط َ يومَـهُ
في كأس ِ مائدةِ الغــدِ المـتـبـدّلِ
**
عـبـثـتْ بـه الأيامُ فـَهــو حثالـة ٌ
فـي قـاعِـهـا لـكـنـه لــم يـثـمَــل

أنا مَنْ سكبتُ على الدروب ِطفولتي
وأتـيـتُ أجـمـعـها زمـانَ تكـهُّـلـي

مـاذا سأجـمـعُ والـبـقـيَّـة لـم تـعـدْ
تغـري ولا يغوي الملـيحة َمحملـي

أفِـلتْ شموسُ الأربعـينَ ولم يزلْ
نـجـمُ التـشـرُّدِ ساطعـاً لـم يـأْفـَل

أمضيتُ نصفَ العمر ِمغتربَ الخطى
فالسهدُ حقلي و الصَـبابة جدولي

الشوقُ أدمـاني.. أذلَّ رجــولـتــي
وأنـا عـن الوطـن ِالحـبيـب كيذْبـُل

لا.. لستُ بالضيف ِالغريب ِ فأهلكم
أهـلـي.. ولـكـنَّ الـمـنى لـم تـعــدل

قد كان لي فيما مضى وطـنٌ وليْ
حقلي.. وكنت ظننتُ ليْ مستقبلي

وظننـتُ أنَ غدي بلـون ِ قصائدي
وبـدفءِ أحلامي و حجم ِتخـيّـلي

لا تسألـينـي عـن مسار سـفينـتـي
فالحزنُ ليْ أهـلٌ وجرحي منزلـي

فدعي السؤالَ عن الهوى وشجـونه
وعن اغـترابي واحتراقي فاسألـي

وعن القـناديل ِالتي فُـقِـئـتْ وعـن
خـبــز ٍيــدافُ بــأدمــع ٍ وتــذلـــل ِ

وعن أغتيال الفجر ِعن سقط ِالورى
طـافوا علـى اعناقِنـا بـالفيصـل**

وعـن البطولات ِالرخيصـة ِأنجبـتْ
عـاراً ونصــرَ أرينـبٍ مسـتـفـحــل

حصــد الزمـانُ الغـرسَ قبل أوانـِه
من قال إن الدهـرَ ليس كـمـنْجـل ِ

نـاديتُ أحـبـابـي فلـمّـا لـم يُـجـبْ
غـيرُالصدى ناديتُ : ياموتُ اقـبـِل
**
لا بــارك الـلـهُ الــفـؤادَ إذا ســـلا
شعـباً على نار الـفجيعـةِ يصطلـي
*
قـايـضـتُ فـقـراً بـالـنـعـيم ِتـرفـعـاً
فالخِـيـش أثوابي وزندي مغـزلــي

وَسَمَوتُ في بئري زمانَ تساقطتْ
زمرُ الضلال ِعلى الموائد ِمن عَـل ِ
**
لا يـارعاك ِاللهُ .. مـا ذَبـُـلَ الـفـتى
لو كـانَ بـيـن ضلوعهِ قـلـبٌ خلـي

لا يــارعـاكِ اللهُ.. أذبـلـنـي الأسـى
والـبعـدُ عـن أرض ِالحـبـيب ِالأول
**
قاضـيتُ دهـري فارتـأيـتُ لحكمـةٍ
شـدّ الـرّحالِ وأن أفـارقَ مـوئـلـي

**

أخـتـاهُ مـا يُـبكـيك؟ كـان ِكـزهـرة
مـنـديـلــكِ الــورديُّ غـيـرَ مُـبَـلـل ِ

زَفَـرتْ.. وأحسبني رحقتُ زفـيرَها
فـتـنـفـستْ روحي عـبـيـرَ قـرَنـْفل

أخـتاه قد كشفَ الصُباحُ لـتكشفي
عن صبح ِوجهِك ِللـشـريدِ المُـثكل

كَـشَفَتْ لترشفَ قهوةً فـإذا الدُّجى
صبحٌ طريُّ الضوءِ غـضُّ المـنهـل ِ

وجـهٌ يـفـيـضُ عليـه نـهـرُ أنـوثــةٍ
ونـسـيمُ غـاباتٍ وشـقـرةُ سـنـبـل**

صـافٍ كـمـرآة ِالـصـبـاح ِنـعـومــة ً
ويكـاد يجـرحُه الوشاحُ المخمـلـي

ضَـجَّ العـبـيـرُ بـه فـَحـطـّم دورقـاً
للطيبِ من تحت ِالحجاب ِالمسدل ِ

وتـراقص الـفـنجـانُ بـيـن أصـابع ٍ
شـمـعـيـةِ الأطـرافِ لا كـالأنـمـل ِ

بالله ِ يا هـذا الـمُـضَـيّـفُ لحـظــة ً
زِدْنـي ولا تـبخـلْ علـيّ.. فـأجْـمِـل ِ

أنا لن أخـضُّ يدي.. سـأشـربُ دلة ً
إنْ كنتَ في فنجانِها سـتصـبُّ لي

*****

حسنـاءُ ياعرساً تـنـاسـلَ في دمي
أعـوامُـهــا العـشـرونَ لـمّـا تـكـمــل ِ

لا تطفـئـي قنـديل وجهِـِك .. إنني
عَـفُّ الـرؤى و القلب ِعـفُّ المِقْـوَل ِ

كيف اقـتحمتِ ربايَ وهي منـيـعة
فـدخـلت ِأحداقي وكهـفَ تـأمُّـلي

بالأمس ِحصّنـتُ الفؤادَ من الهوى
ومـن الجمال.. فكـيف لم يـتحـمّل ِ

خَتـَمَ الأسى قلبي وشرفة َمقلـتي
وطويـتُ من دهــر ٍ لـسانَ تغـزُّلي

حسنـاء: أشـرعتي حـبيسة َبحرِها
فَـَخُـذي بهـا نحو الأمان وأوْصلي

شـدّي حديثك ِبالحـديثِ وواصلي
عـزفَ اللحون ِبلـثـغـة ٍ.. لا تبخلي

***

هَـتفَ الـمُضيّفُ حانَ وقتُ هبوطِنا
فـكـأنـه أعــطى إشـارةَ مـقـتـلـي

قالتْ: أراكَ غـفـوتَ قـلت بحسـرةٍ
كيف المنامُ وأنـتِ ما أبقـيتِ لـي

أطـبـقـتُ أجـفـانـي عـليكِ لأنـنـي
أخشـى وداعَكِ ياجمـيلة ُ فانـزلي

حَزَمَـتْ حقائـبَها ولم أحزمْ سـوى
أوراقِ عـمري في كتابِ ترحُّـلـي

مضتِ الجميلة َ تزدهـي بعـبـيـرِهـا
وأنـا رجعـتُ إلـى رمـادِ تخـيُّـلي

***