(((وما علمناه الشعر)))

دار (هيا)

New member
إنضم
31 يوليو 2007
المشاركات
1,870
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
( وما علمناه الشعر )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد :
• الشعر قبل الإسلام :
لقد كان للشعر قبل الإسلام منزلة رفيعة ومكانة عالية ، فقد كان ميدانا يتبارى فيه الشعراء ، وأقيمت لأجل ذلك النوادي وعقدت المجالس ، وكان كل ذلك لأجل التنافس للتنافس والتباري بين الشعراء، وإظهار ما لكل واحد من قدرة وتمكن، كما كان للشعر مكانة مرموقة ، فقد استخدموه في الحروب المعنوية النفسية وربما كان لوقع الشعر - سيما الهجاء - وقعا أبلغ أحيانا من وقع الأسنة والسيوف . فقد كان الشاعر المشهور إذا هجى إنسانا أو قبيلة طارت به الركبان قدحا وذما وملامة ، وإذا مدح آخر ارتفع بين الأنام وصار له شأن بين أهله وجيرانه وخلانه .

• إقرار الجاهلية بوجود الله :
وقد أثر عن بعضهم أبياتا تدل على إقرارهم بوجود الله وقدرته مع كونهم جاهليين ، فها هو عنترة الشاعر والفارس المعروف ولم يكن إذ ذاك مسلما ، يقول :
يا عبل ليس من المنية مهرب ... إذا كان الذي في السماء قضاها
والآخر يقول :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل شيء لا محالة زائل
ابن انثى لو تطاول عمره ... إلى الغاية القصوى فللقبر آيل

• وما علمناه الشعر :
فلما جاء الإسلام وجاء رسولنا صلى الله عليه وسلم وكان قد نشأ في بيت أبي طالب وهو ابن لعبد المطلب الذي عرف عنه وعن أبنائه جميعا أنهم كانوا شعراء ، ومعلوم ما للتأثير النسبي والوراثي من أثر في فتق قريحة الشاعر وتيسيره لإتقان ما كان عليه آباؤه وأجداده غالبا ، ولكن الله اختار لنبيه ما هو أعظم من الشعر قال تعالى عن نبيه (( وما علمناه الشعر وما ينبغي له )) سورة يس 69 . ففي هذه الآية دليل عن أن الله نزه نبيه عن قول الشعر ، لأن الله علمه ما هو خير له من الشعر ، ألا وهو القرآن الكريم ولهذا قال بعد قوله ( وما علمناه الشعر ) قال ( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) وليقطع الله على الكفار اتهامهم لرسول الله أنه شاعر، وأن ما جاء به من القرآن إنما هو من الشعر الذي وزنه وسبكه وجود وزنه وقوافيه ، ولهذا رد الله عليهم بقوله ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) فبين سبحانه أن الشعر ليس من طبعه ولا من جبلته ، وأنه لا يحسنه بل ولا يحبه، ولذلك لما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله يتمثل الشعر؟ قالت : إنه كان أبغض شيء إليه. بل وكان عسيرا عليه عليه الصلاة والسلام حتى إنه قال مرة للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه : أأنت القائل : أجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينه.فقال العباس بل( بين عيينه والأقرع ) فقال عليه السلام : الكل سواء .
وكان قد أنشد مره بيت طرفه بن العبد : ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار ما لم تزوده . فلم يزنه ولأن أصل البيت ( ما لم تزود )

• إشكال وجوابه :
وما أثر عنه صلى الله عليه وسلم من التمثل ببعض أبيات الشعر فقد وقع اتفاقا بغير قصد لوزن الشعر ، كقوله في الخندق :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... إن الألى قد بغوا علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا ... إن أرادوا فتنة أبينا .
وقوله يوم حنين : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ، وفي أحد قال : هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت .

• الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح :
يجب أن يعلم أن الشعر منه ما هو حسن ومنه ما هو قبيح ، قالت عائشة رضي الله عنها : الشعر منه حسن ومنه قبيح ، فخذ الحسن ودع القبيح .
وبين صلى الله عليه وسلم أن الشعر منه حكمه فقال : " إن من الشعر لحكمة " رواه البخاري في الأدب المفرد . وقد جاء أن الله تعالى عز وجل في سياق ذم الشعراء أتى بالمدح على بعضهم فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ) (الشعراء : 227 )

• متى يكون الشعر محمودا :
1- إذا كان فيه هجاء لأعداء الله تعالى وتثبيط لعزائمهم ، كما جاء عن شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم كحسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أجمعين ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحث حسان على هجاء أعداء الله بقوله " اهجهم وروح القدس يؤيدك" متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام :« إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده ، لكأنما ترمونهم نضح النبل » رواه ابن حبان .
2- إذا كان فيه مواعظ وآداب وحكم ، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض من استخدم شعره فيما ينفع من غرس الخلق والحث على الفضيلة والتذكير بالموت ، كأميه مع أنه لم يسلم وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " آمن شعره وكفر قلبه " رواه وقد أنشد بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضا من أبياته حتى أوصلها إلى مائة بيت يقول صلى الله عليه وسلم عقب كل بيت : " هيه " يعني زد ، أو وقد كان يستطعمه .

• مفاسد الشعر والشعراء :
جاءت النصوص في الكتاب والسنة بذم الشعر والشعراء .. فمن ذلك :
* قول تعالى : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) والغاوون هنا يشمل ضلال الإنس والجن ، فهم غالبا أتباع الشعراء الغاوون ، وهم أتباع الشيطان ، كما قال تعالى عن الشيطان ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) الحجر 42 .
وقال عكرمة عن ( الغاوين ) : كان الشاعران يتهاجيان فينتصر لهذا فئام من الناس . ولهذا فئام الناس 0
* قال تعالى : ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ) قال ابن عباس :أي في كل لغو .
* قال الحسن : قد رأينا والله أوديتهم التي يهيمون فيها مرة في شتيمة فلان ، ومرة في مدح فلان .
* قال قتادة : الشاعر يمدح قوما بباطل ويذم قوما بباطل .
* وقد جاء في السنة ما فيه ذم الشعر في قوله صلى الله عليه وسلم : " لئن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خيرا له من أن يمتلىء شعرا " رواه البخاري.
ومن المفاسد :
1- نسيان ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فمن ، أكثر من الشعر كان ذلك على حساب الذكر وقراءة القرآن ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا " رواه البخاري .
بوب البخاري : باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن .
وقال الشنقيطي : محمول على أنه أقبل على الشعر واشتغل به عن الذكر وتلاوة القرآن وطاعة الله تعالى ، وعلى الشعر القبيح المتضمن للكذب والباطل .
2- أن كثيرا من الشعراء واقعهم أبعد ما يكون عن شعرهم وصدق الله إذ قال ( وأنهم يقولون ما لا يفعلون )
فتجد الواحد منهم يتحدث عن الكرم وهو من أشح الناس ، ويزن الأبيات في الشجاعة وهو من أجبن الخلق ، ويتكلم بالعفة وهو من أفجرهم ، ويصيغ الأبيات في الوعظ وهو من أبعد الناس عن أداء الفرائض .
3- المبالغة في مدح الآخرين في وجوههم ، وما نسمعه من المبالغة في كلمات الإطراء والمدح ، حتى وصل الأمر أحيانا إلى أننا أصبحنا نسمع من يُشبه الخلق بالملائكة وربما أكثر من ذلك . عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ : قَامَ رَجُلٌ يُثْنِي عَلَى أَمِيرٍ مِنْ الْأُمَرَاءِ فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ وَقَالَ" أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحْثِيَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ " رواه مسلم .
ولما سمع بعض الناس وهو يمدح غيره قال : " ويحك قصمت ظهر أخيك " رواه البخاري في الأدب المفرد .
4- ويزداد الأمر سوءا إذا كان يمدح طلبا للمال ورغبة فيه ، فهذا يدل على ضعف التوكل على الله ، وقلة المروءة وذل المرء لنفسه .
5- ومن المفاسد كذلك ما نسمعه من كثير من الشعراء من الطعن في الأنساب والسخرية بالقبائل وهجائها .
وهذا من أفعال أهل الجاهلية التي ذمها صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام : " أعظم الناس فرية رجل هاجى رجلا فهاجى القبيلة بأسرها " رواه ابن ماجه .
ولا يخفى ما قد يولده هذا الأمر السيئ من إيغار وزرع بذور الفرقة والضغينة بين المسلمين ، كل ذلك بسبب قصيدة لشاعر جاهل قد استعمله الشيطان للتحريش بين المسلمين ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ" رواه أبو داود .
6- ومن المفاسد كذلك ما يحصل من اختلاط الرجال بالنساء في منتديات الشعر وأماكنه ، من مقدمي البرامج أو الحضور ، فتجد الصالات تكتظ بالرجال والنساء فتسمع المرأة كلمات الغزل والإعجاب والفحش أحيانا فيؤدي الأمر إلى وقوع الفتنة ، وذهاب الحياء وقتل الغيرة .
7- ما يحصل من ذكر بعض الشعراء لمحاسن النساء الأجنبيات ، وربما وقع بعضهم في كلمات يجاهر فيها بمعصية من المعاصي التي تستوجب حدا ، حتى ذكر غير واحد من أهل العلم أن من أقر في شعره بما يستوجب حدا إنه يحد ، كإقراره مثلا بشرب الخمر أو الزنا ونحوه . ومن أراد أن يتغزل في شعره فليتمثل وصية ابن عباس لشاعر حيث قال له: إن رابك منه شيء فأشبب امرأتك وامدح راحتك . لأن هذا هو حدود ما يجوز للمرء التغزل والتشبب به .
8 - ومن المفاسد تضمين الشعر شيئا من القرآن ، فإن هذا مدعاة لامتهان القرآن وذهاب هيبته من قلوب الخلق ، وأعني بهذا الاقتباس المذموم الذي يضع الشاعر نفسه مكان الله تعالى ، فينسب إلى نفسه ما هو من اختصاص الله تعالى كقول يعضهم : إنا إلينا إيابهم ... ثم علينا حسابهم . ومنه تضمين الشعر شيئا من كلام الله على سبيل الاستهزاء أو ذكر المجون والهزل ، ومثله كذلك إذا كان الغالب هو القرآن مع تغيير بعض الحروف أو الكلمات اليسيرة ، أما الشيء اليسير أي تضمين الشعر كلمة أو كلمتين حتى لا يغلب على الشعر القرآن فموضع خلاف ، والأولى تركه واجتنابه .

• التصويت على الرسائل :
ما يجري من التصويت لبرامج شعرية تذكى فيها روح العصبية القبلية والجاهلية المنسية ، وتصرف لأجل ذلك الأموال الطائلة لهذا الشاعر أو غيره .
وللأسف أصبح المسلم يستغل في هذه البرامج استغلالا تافها من حيث لا يشعر ، عبر إقامة هذه البرامج التي يتكسب أصحابها من ورائها الملايين .
وهذا الإنفاق لا يخرج من كونه إسرافا أو تبذيرا ، وكلاهما مذموم ، فالإسراف صرف المال الكثير عادة في مباح لغير حاجة ، والتبذير صرف المال في المحرم ولو كان قليلا ، وقد ذم الله الأمرين فقال : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) الأنعام 141 . وقال تعالى : ( ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) الإسراء 26 ، 27 .
فمبلغ هذه الرسالة تكفي لإطعام مسلم جائع ، أو كسوة عار ، أو إنقاذ مسلم من ضياع ، وتأمينه من خوف ، فبالله عليكم هذا هو الحقيق بأنه تصرف فيه هذه الأموال أم التصويت لهؤلاء للشعراء ؟؟
وفق الله الجميع لطاعته ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
سئل الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة عن التصويت لهذه البرامج ؟
فقال : لايجوز وهو من أكل أموال الناس بالباطل

منقووول للافادة

وفق الله الجميع لطاعته،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
:hearting::hearting::hearting: