الرحمة صفة الخير الجامعة ))~

حديث الروح

*مشرفة ساحة الابداع و المنتديات الإسلامية*
إنضم
30 سبتمبر 2011
المشاركات
10,233
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الكويت










الرحمة ...
هي الصفة الجامعة لكل صفات الخير ومستقرها القلب ..
وتنعكس آثارها على سلوك المرء وطباعه..
هي انفعال وتعاطف قلبي .. يترجم لعمل إنسانيّ .. تجاه مخلوق ما ...
لكن الرحمة من الله سبحانه تعني ..
العطاء والإفاضة لرفع الحاجة..



الرحمن .. الرحيم :
ذهب بعض المفسرين إلى أن :
(الرحمن) تعني ذو الرحمة الشاملة...
رحمة تعمّ المؤمنين والكافرين وسائر المخلوقات ..
وهي على وزن " فعلان " الذي يدل على الكثرة والمبالغة ..

أما(الرحيم) فهو ذو الرحمة الدائمة ،
وتختص بالمؤمنين وحدهم ..
وهي على وزن "فعيل" وتدل على الثبات والدوام ..


فالرحمن إذن صفة تشمل عامة المخلوقات..
لكنه اسم خاص فلا يطلق على غير الله تعالى،
والرحيم يعبر عن صفة خاصة وهي الرحمة الثابتة بالمؤمنين فقط.
ولكنه اسم عام لأنه يطلق على غير الله تعالى أيضاً،
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة الشاملة بالقول :

( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً )
( فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ ) ..

وما أكثر آيات الرحمة المتلألئة في بديع آي القرآن ..!
سبعاً وخمسين مرة ذكر اسم ( الرحمن ) في الآيات الكريمة ..
وذكر ( الرحيم ) مائة وأربعة عشر مرة بعدد سور القرآن ..


من بلاغة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
قوله بأن رحمة الله لاتوصف بالرقة
وفي تفسيره .. أن الرحمة .. منها : شفقة ومنها جود..
وإن رحمة الله ثوابه لخلقه ..
وللرحمة من العباد شيئان :
أحدهما يحدث في القلب الرأفة والرقة تجاه من وقع عليه الضر والبلاء..
والآخر ما يحدث منا بعد الرأفة واللطف عليه.. والمعرفة منا بما نزل به،
وقد يقول القائل: انظر إلى رحمة فلان..
أي الفعل الذي صدر عن الرقة في قلبه ..
وأما المعنى الذي في القلب فهو منفي عن الله كما وصف عن نفسه
فهو رحيم لا رحمة رقة ..



ومن الطبيعي أن من يخلو قلبه من الرحمة ينطبع ذلك على سلوكه وخلقه
وينعكس ذلك في مواقف تعامله مع الناس ..
يقول الرسول الكريم ..
وأحاديث الرحمة تجري منه سلسبيلاً متدفقاً سائغاً :
( من لايرحم الناس لايرحمه الله )
من لايرحم العباد .. يغلق الله تعالى باب الرحمة في وجهه ..
ولماذا ؟؟ .. لأن الرحمة المنفذ إلى كل صفات الخير..!

والرسول هادينا إلى سبل الرحمة .. وهو أسوتنا الحسنة..
وهل من قدوة أعظم ممن ( كان خلقه القرآن ) ..؟
كان على خلقٍ كاملٍ قبل النبوة .. ثم صار على خلقٍ آعظم بعد النبوة ..
زاد الله قلبه نوراً بما يتنزل عليه من أنوار الوحي .. مرة بعد مرةٍ ..
بما كان يتلقاه على يد جبريل عليه السلام من دروس القرآن الكريم..
على مدى سنوات التنزيل .. ليكون ذلك تربية له وتنمية لمواهبه وتثبيتاً لقلبه ..
( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً )..
فزاد قلبه به نوراً .. وازداد على الحق ثباتاً .. وازداد في الخلق رفعة ..
ولذا كان هو الرحمة المرسلة المشعة من مكارم أخلاقه ولألاء صفاته ..

قال تعالى :
(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
صفة برزت وفاقت في اتساعها وشمولها إلى أعلى درجات الرحمة
بنسبة ماتحتمله الصفات البشرية !
الرحمة تتماوج في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم ..
موجة إثر موجة في بحر متسعٍ لاحدود له .. وتسري على جميع مراتب الناس ..
كان الرسول الكريم يغمر بها كل من حوله .. مع صرف النظر عن نوعية قلوبهم .
صفة الرحمة كانت تسري في خلقه عطاءً لاينضب كما البحر يجود .
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
( ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا )
ليس هذا من المنهج ولا من الطريق الذي يرتضيه نبينا الكريم لأمته ..

هي الرحمة .. تحيط الصغير بالإرشاد والتوجيه .. بالتربية والتعليم ..
باللطف وحسن المعاملة ..بالحنو والاحتواء ..
رحمةً .. تشعر الصغير بكيانه .. وتزرع في قلبه حب الخير..
فينمو ويترعرع معه طبع الرحمة والتراحم ..
ليقدم لمجتمعه من عطاء قلبه ماامتلأ به إناؤه من عوامل الخير التي نمت في خلقه..

وهي الرحمة .. تجري على الكبير .. حتى لاتترك في قلبه حسرة وأسى وأسفاً
على مجتمع أعطاه من جهد شبابه .. فجحده في كبره ..وتنكر له ..
بل هي تحيل أيامه إلى رضى وتضفي على نفسه قيمة وأهمية ..
وتملؤه امتناناً لمجتمع أكرمه ولم ينس جميله ..
هناك يتوجه الكبير بقلبه مبتهلاً إلى ربه داعياً بالبركة والتوفيق..
لكل من حفظه في نفسه ..وفي كيانه ..



( ورحمتي وسعت كل شيء)
أي رحمة تسع وتشمل ... لا نهاية لها ..
وسعت كل شيء من الخلق حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها
قال بعض المفسرين :
طمع في هذه الآية (كل شيء) حتى إبليس فقال : أنا شيء..
فقال الله تعالى : (( فسأكتبها للذين يتقون ))
فقالت اليهود والنصارى : نحن متقون
فقال الله تعالى : (( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ))
فخرجت الآية عن العموم .. واختصت المؤمنين ..

وتفيض علينا أحاديث الرحمة من منبع لاينضب .
.لتوسع أمامنا معاني ماتحمله تلك الصفة..
فها هي جوامع الكلم تتدفق في حديث رسولنا الكريم :

( الراحمون يرحمهم الرحمن )
حديث له وقع يرتاح الفؤاد له ، وينشرح الصدر ..
سلسبيل يتتابع ..كأمواج رحمة ... موجةً إثر موجة ..
وتتسع هنا معاني الرحمة .. لتشمل الإنسان والحيوان والطير ..
ويخبرنا الحديث الشريف .. أنّ أصحاب تلك القلوب التي تدفقت منها هذه الصفة ..
لهم نصيب متجددمن الرحمة الإلهية ..
لايتوقف .. ولا ينضب ..لأنهم انتظموا مع نواميس الله ..
وثبتت حياتهم على هذا النهج..
إن الرحمة الإلهية أنزلها الله إلى الخلق ليتراحموا فيما بينهم ..
فمن انضم إلى لوائها نعم بآثارها ..
ومن خرج عنها حرم من آثارها ..

أختي الكريمة :
القلوب الرحيمة هي هبة من الله .. والواجب علينا تعهدها
وترجمتها إلى واقع يمثل مواقف الرحمة ..
لتزداد عطاءً وتمتدّ جذور الرحمة فيها ..
وتصبح جزءاً من حياتنا ومعاملاتنا وسلوكنا ..


- حديث الروح -
ولي نبض آخر